الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسيه والدين2

ادم عربي
كاتب وباحث

2010 / 6 / 29
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


اذا كان ماركس بظريته العلميه البحته قد اعلن انتهاء الفلسفه ,من عصر اليونان حتى اليوم, حيث جميع العلوم عبر التاريخ تم تطويرها باستخدام العقلانيه, واكتشف النظريه الماركسيه القائمه على الماديه والحركيه الديالاكتيكيه , والتي هي نتاج لتطور فكري انساني , ولو ان ماركس لم يكتشف هذه النظريه لاكتشفها عالم اخر.

وقد نجحت الماركسيه نجاحا باهرا بتفسير التطور التاريخي والفكري للانسان منذ تميز الانسان عن باقي الحيوانت الى يومنا هذا
وما التفسيرات العلميه القائمه على اساس التجريب الا انعكاس للماديه في الفكر وصولا الى تفسيرات للظواهر الكونيه, فانت عندما تقوم باجراء تجربه مخبريه لتفسير ظاهره طبيعيه معينه , تتبع الاسلوب العلمي القائم على الملاحظه( انعكاس الظاهره في الفكر) ثم التجريب ثم تعميم النتائج , وهذا هو نفسه النظريه الديالاكتيه.

النظريه الماركسيه لا تؤمن بما هو غير محسوس او ميتافيزيقي , ولذلك فسرت الاديان بناءا على مراحل تطور فكري مادي للانسان , نابعه من حاجته لها , في الزمان والمكان معتمده على التطور المادي , ولاحقا الطبقي للانسان ,واعتبرت مراحل نشوء الاديان (الاديان التي جائت على شكل نصوص) اعلى مراتب التطور الفكري في زمانها .
فسرت الاديان على اسس طبقيه وبرجوازيه تارتا كما في الديانات الثلاث , وتارتا على اسس عدم فهم الانسان لما يدور حوله منذ اختلافه وتميزه عن باقي الحيوانات , فهناك الاف الاديان نشات واندثرت مع تطور الانسان, ولذلك اعتبرت في هذا السياق الدين هو البحث عن الذات او ذات الانسان الضائعه . , وتنبئت بتلاشي الاديان عندما يسيطر الانسان بالمطلق على جوانب المعرفة كاملة , عندها يكتشف ذاته , فلا يعود هناك حاجه للدين .
الاديان الثلاث والتي بها نصوص , او التي يدعون انها نزلت من الوحي , تعتبر من اهم الاسس لبقائها , كونها مكتوبه اولا , وكونها اتت في ظروف نشوء المجتمعات والدول والصراعات الطبقيه , فقد كانت حتميه تاريخيه في زمن يزخر بالقوى الغيبيه , وفي زمن نشوء الطبقيه , وما تبعه من ظلم واستبداد , فقد كان الدين يمثل الثوره على الواقع , او من اجل تغيير الواقع , عن طريق الاستعانه بالهه غيبيه , يجد معتنقوها الخلاص من خلالها , اذن نظريا تم تفسير نشوء الاديان وحاجة الانسان لها , عبر مراحل تطوره , لا يستطيع احد ومع تراجع الفكر الغيبي منذ بداية القرن الثامن عشر , ان يتوقع غير بقاء الاديان في مجتمعات الشرق الاوسط وهي مجتمعات لا زالت تعيش عصر الاقطاع , حيث الاسس الماديه موجوده للاديان .
وفي العصر الحالي عصر الحداثه, رغم تراجع الاديان الا انها لا زالت موجوده بقوه في المجتمعات الغربيه ,وان همش دورها لصالح دولة المواطنه , حتى انها موجوده اليوم وحاضره اكثر من الفتره السابقه القريبه, حتى اننا نرى اليوم في مونديال كاس العالم ان الصلاه عند اللعب او تسجيل الهدف او الخروج من الملعب او الدخول اليه لا تقتصر على المسلمين , بل ظاهره لجميع شعوب الارض .
وفي التجربه السوفيتيه حاربت الشيوعيه الدين وقطعت الروابط بين الاديان ومرجعياتها مثل مكه, الفاتيكان وغيرهما , الا ان الدين بقي موجودا بعد انتهاء التجربه السوفيتيه رغم طول المده , مما يدلل على ان الاسباب والاسس الماديه لبقاء الاديان ما زالت قائمه .

يمكن اعتبار اغتراب الانسان عن ذاته , وروحية روحه هي العباره البسيطه كاساس مادي لبقاء الدين , وكذلك يمكن اعتبار استخدام الدين في الصراعات الطبقيه والراسماليه وتوظيفه لهذا الغرض ايضا من الاسس الماديه لبقاء الدين , ولكن تبقى الارضيه الاساسيه هي القاعده التى يتم استغلالها, ولا عجب في هذا السياق ان نسمع من زعيم اكبر دولة متقدمه في العالم ان يقول في حرب العراق : انني انفذ ارادة الرب.

ان الماركسيه تنبهت لخطورة الاديان , خصوصا عندما يتعلق الامر بسيادة دين على اخر, لذا لم تنكر الماركسيه حرية الاعتقاد باي دين او معتقد او الحاد , مادام في خصوصيته الفرديه , ومن منطلق تقافة البوليتاريا التي غالبا ما كانت افرادها ذوي نزعات دينيه , فهي تعلم ان نضال البوليتاريا سيقود الى التطور الفكري حتما , لكن في الوقت نفسه قطعت كل المعونات الحكوميه الماليه وصادرت كل الممتلكات الخاصه بالمؤسسات والمدارس الدينيه , ولكنها لم تنكر الاعتقاد الشخصي باي دين , ودعت الى المواطنه الصحيحه حتى تم حذف الديانه من الوثائق الرسميه .

الاديان ما زالت موجوده و بقوه في المجتمعات المتقدمه والتي بلغت من العلم ما لم تبلغه باقي الدول , وهي موجوده ليست فقط كمعتقد شخصي , وانما موجوده ككيانات ومؤسسات مزدهره لها حضورها وتاثيرها .
هنا يمكن فهم الظاهره باسلوبين:

الاول ان الدين في هذه الحاله ذو نزعه برجوازيه استعماريه , بمعنى استخدام الدين كحالة في تبرير الحروب واستعمار الشعوب , وهو ما حدث ويحدث باستمرار عبر التاريخ حتى الحاضر , وما الادعاء بيهوديه اسرائيل الا مثال على ذلك ووعد الرب , ولا يبتعد الموضوع كثيرا عن ظاهرة الاسلاموفوبيا في الغرب , ولو كانت مناطق الثروات في العالم ذات ديانه بوذيه , ربما شهدنا ظاهرة بوذيفوبيا ايضا , فالدين في هذه الحاله حالة حرب يبرر الصراعات الطبيقيه والاستعماريه . واعتقد ان هذا اهم مبرر لوجوده , فالاديان اليوم هي خلايا نائمه , يمكن تنشيطها حسب الهدف منها , فقد تم تنشيط الاديان سابقا ضد الاتحاد السوفيتي وصرف على ذلك المليارات , في افغانستان وغيرها من مناطق العالم , من اجل تحقيق مصالح دوليه

اما الثاني فهو القاعده الاساسيه لمنطلق الاديان وتداعياتها وهو عجز الانسان فهم الذات والاغتراب الروحي , التى تتراجع كلما حقق الانسان انتصارا على الطبيعه وفهم ظواهرها باستمرار, وصولا ان الاديان ستنتهي من حياة الناس, وهذا الشيء لا يهم احد واقصد على المستوى السياسي العالمي , فهو لا يخدم مصالح الدول وخصوصا في عصر العولمه المتوحشه , فبقاء الاديان من بقاء الانسان على وجه الارض , بل يمكن القول ان امن الاديان اصبح اليوم من امن المجتمعات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال مميز
احمد حسين ( 2010 / 6 / 28 - 23:34 )
الاديان حسب النظريه ل .الماركسيه لا بد ان تذهب كما ذهبت الاف الاديان ’ لكن الطبيعه الاستعماريه المتمثله في لرىسماليه هي من تحافظ على وجود الاديان
شكرا للكاتب


2 - hgvhs
عقبل حسين. ( 2010 / 6 / 28 - 23:40 )
الاول ان الدين في هذه الحاله ذو نزعه برجوازيه استعماريه , بمعنى استخدام الدين كحالة في تبرير الحروب واستعمار الشعوب , وهو ما حدث ويحدث باستمرار عبر التاريخ حتى الحاضر , وما الادعاء بيهوديه اسرائيل الا مثال على ذلك ووعد الرب ,

اعتقد في ظل العولمه الحاليه سيزداد نفير الدين , كما ان هناك دول قاءمه باسم الدين
مثال ممتاز
تحياتي للكاتب


3 - الادعاء بيهوديه اسرائيل
كاره المذل المهين ( 2010 / 6 / 29 - 12:13 )
شكرا على هذا المقال الواضح الشامل


ملاحظة صغيرة لي على القول بدور الدين في (الادعاء بيهوديه اسرائيل)..

نعلم جميعا أن أغلبية (يهود) اسرائيل غير مؤمنين باليهودية..فكلمة ( بيهوديه اسرائيل ) هنا لا تعني في نظري الدين اليهودي بل تعني (القومية اليهودية) ومن هنا يخرج هذا المثال عن موضوع الدين والماركسية

قد يسأل السائل هل هناك فعلا (قومية يهودية)؟
نعم ...هذه حقيقة تاريخية واقعة...فبفعل الزمن ظل يهود العالم الشرقي والغربي مرفوضين من المجتمعات التي فيها عاشوا فتكوّن لديهم إحساس بأنهم مختلفون عن الباقين ومشتركين معا في صفات قاربت بينهم
اليهودي المغربي الذي قد يكون مختلفا عنصريا وجينيا عن اليهودي البولندي يشعر بالتماهي الكبير معه وهذا أهم من أي رابط آخر

فشلت وستفشل دعاوي إتحاد الناس بناء على النظريات الجافة العقيمة القائمة على دين أو لغة أو طبقة اجتماعية وسيبقى الرابط الأقوى هو إحساس الإنسان

(إحساس الإنسان وشعوره) بالإنتماء إلى عائلته أولا و من ثم إلى من اعتبرهم أهله و (أقاربه) سيبقى هو الأقوى دائما


4 - رد للقراء الاعزاء
ادم عربي ( 2010 / 6 / 29 - 18:00 )
السيد احمد حسين شكرا لك نعم ما ذكرت من يوفر الاسس الماديه للاديان
السيد عقيال شكرا لمرورك لكريم هناك دول تعتاش على الدين وشرا لمداخلتك
السيد كاره المذل المهين شكرا لمرورك الكريم سيدي لا يوجد قوميه يهوديه بل ديانه يهوديه, واعتقد ان اسرائيل قامت كدوله دينيه وهذا سبب تفضيلها ارض فلسطين على اوغندا , فكما قال بن غوريون لا معنى لاسرائيل من غير القدس
اسرائيل تفتح المدارس الدينيه وتعطي حوافز لمن يدخلها مثلها مثل باكستان او افغانستان والمجتمع الاسرائيلي يميل الى التطرف ولا تستطيع اسرائيل الا ان تكون دوله دينيه والدين من يتحكم بالسياسه عندهم . من قتل رابين؟
شكرا لك واتفق معك في الجزء الثاني من التعليق وان كنت بمناسبه القوميه ان اذكرك بقوميات ما زالت مظلومه مثل الكرد والفلسطينين


5 - .مقال مقبول ولكن
.ياسر. ( 2010 / 6 / 30 - 22:15 )
اخفلت نظرة الماركسيه للاديان من ناحية يمكن اعتبارها حركات تحرر
وقد لعبت الاديان هذا الدور
تحياتي

اخر الافلام

.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا


.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة




.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم مضخات الماء لتفريق متظاهرين طالبوا


.. بريطانيا.. الحكومة الجديدة تعقد أول اجتماع لها عقب الانتصار




.. اللغة والشعرعند هايدجر - د. دعاء خليل علي.