الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية في العراق الجديد والاصابة بانفلونزا السلطة المزمنة

حيدر نواف المسعودي

2010 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الديمقراطية في العراق الجديد والاصابة بانفلونزا السلطة المزمنة
لم تنجح أي من دول الشرق الأوسط من إفراز تجربة ديمقراطية ناجحة واحدة ، وكل ما هنالك كانت مجرد تطبيقات شوهاء مزيفة القصد منها استغفال الشعوب وإضفاء شرعي زائفة لأنظمة التصقت بالسلطة التصاقا لا يزحزحها عنها إلا الموت أو الانقلابات ، مما أنتج هجينا لأنظمة جمهورية ليس لها لون أو طعم أو رائحة بل هي لا تمت للحكم الجمهوري إلا بالاسم فهاهم روؤساء الجمهوريات العربية يورثون جمهورياتهم إلى أبنائهم لإنتاج أنظمة حكم جمهورية مضحكة يمكن تسميتها ب ( النظام الجمهو ملكي ) انفردت في ابتداعه الأنظمة العربية بعد أن تجاوزت تجارب البيعة القسرية إلى تجربة الانتخابات الديمقراطية المهزلة بعد أن تصنع هذه الأنظمة أحزابا كارتونية وعارضة كارتونية تحت عنوان ( الحزب الفلاني العلاني لصاحبه الحزب الحاكم ) ثم تهيئة انتخابات صورية وعارضة صورية وأحزاب صورية وجميعها بما فيها المعارضة تنتخب القائد الوحيد الأوحد .
وبرغم التغيير الذي أحدثه الأمريكان في العراق وهم أصحاب اعرق تجربة ديمقراطية ألا أن ثقافة الحزب الواحد والقائد الواحد ظلت هي السائدة والمسيطرة على عقلية ساسة وأحزاب السلطة والمعارضة في العراق وتحولنا من ديكتاتورية حزب البعث وصدام إلى ديكتاتورية ساسة وقادة عينوا بفرمان أمريكي مقدس منذ سن قانون تحرير العراق في 1992 أو قبل ذلك ودكتاتورية الأحزاب وأصحاب المليشيات التي لا تدع لأحد فرصة اختراق حدود إماراتها ومدنها المحرمة إلا على مواليها وأنصارها .
إن النموذج الصدامي في ممارسة السلطة والحكم والديكتاتورية هو النموذج المثالي وفارس أحلام كل ساسة وقادة الحكم والسلطة في العراق وكلهم يحلمون ببلوغ هذا النموذج والإنفراد بالسلطة والبقاء حاكما مدى الحياة مع سطوة واستيلاء حزب ذلك الحاكم ( حزب السلطة ) على كل المفاصل السياسية للبلد ولاباس من وجود قوى وأحزاب سياسية كارتونية معارضة تعتاش على فتات الحاكم وحزبه وتسبح بسلطانه وانجازاته وسطوته وتدور كالثيران العمياء في ساقية حكمه وبلاطه ونماذج هذا الحلم كثيرة في العراق الآن ولعل التجربة الأخيرة بعد انتخابات آذار / 2010 خير مصداق ، فالحاكم يرفض ترك السلطة ولو على قطع عنقه برغم أن هناك من هو أحق منها بحسب ما أفرزته الانتخابات ، وبقية القوى والأحزاب يرفضون التنازل ولو عن قيد أنملة مما يعتبرونه حق لهم في السلطة والوزارات والأرض والإمارة والأموال والبشر .
إن بعض المحللين يقولون أن أمريكا بعد تجربة السنوات السبع في العراق وفشل تطبيقاتها ومحاولات خلق دولة جديدة وديمقراطية فريدة في هذا البلد لتكون نموذج تحلم به وتتوق إليه شعوب المنطقة ويمكن أن تحذو حذوه بعض الأنظمة ولو على مضض ، كل ذلك قد فشل ولذلك فهي تسعى إلى إعادة خلق نموذج ديكتاتوري جديد في العراق ينجح في حكمه بقبضة حديدية ويعيد ترتيب أوضاعه إلى سابق عهدها قبل 2003 ويكبح جماح الإرهاب الفوضى والقتل والخراب والدمار الذي يعم البلاد ويتطاير شرره باتجاه كل الدول المجاورة ، ويؤمن في الوقت نفسه مصالح أمريكا وديمومتها في المنطقة .
ولكن المشكلة هي أن أمريكا لم تجد حتى الآن ذلك النموذج الذي تبحث عنه لان القوى المتنفذة والحاكمة في البلد الآن هي القوى الإسلامية الشيعية التابعة لإيران والمرتبطة بها وبسياساتها وأجنداتها المعادية لأمريكا ارتباطا وثيقا ، في حين إن القوى الليبرالية والديمقراطية والعلمانية تبدو اضعف من أن تقود دفة السلطة والحكم في العراق بسبب إمكاناتها المادية والبشرية المحدودة والتي لا تقارن مطلقا بإمكانات وقدرات الأحزاب الشيعية والتي تتلقى دعما متنوعا من إيران ، إضافة إلى ما يثار ضد هذه القوى من إنها ستعمل على فصل الدين عن السلطة وتقويض سلطة الدين أو منع الشعائر والطقوس الدينية كما أثير من قبل الأحزاب والقوى الشيعية في الانتخابات الأخيرة ضد قائمة إياد علاوي من أنها لو نجحت في استلام السلطة فإنها ستمنع وتحارب الشعائر والطقوس الشيعية كما كان يفعل نظام صدام .
إما بالنسبة للسنة فان واقعهم السكاني كأغلبية ثانية لا يؤهلهم لقيادة الحكم والسلطة في البلاد ثم هناك تخوف أمريكي من كثير من القوى السنية على اعتبار أن هذه القوى في مرحلة ما كانت متحالفة ومتعاونة وداعمة للتنظيمات الإرهابية كالقاعدة وأمثالها ، بل إن بعض من قادة ورموز هذه القوى لازال متعاونا وداعما لهذه التنظيمات وبعضهم قد وصل فعلا إلى البرلمان والسلطة وهم يقدمون الدعم والغطاء والمعلومات لهؤلاء من اجل مقاتلة الأمريكان وضربهم وضرب الحكومة والسلطة وأجهزتها المختلفة ، وهناك تخوف آخر من أن استلام قيادة الحكم والسلطة في العراق من قبل السنة العرب قد يؤدي إلى عودة البعثيين بشكل أوسع وأقوى إلى الحياة السياسية والى السلطة ، برغم أن القوى وأحزاب السلطة الشيعية تضم الكثير من البعثيين والذين شارك الكثير منهم في الانتخابات الأخيرة وبعضهم قد وصل إلى البرلمان ولم يطلهم الاجتثاث بسبب وجودهم ضمن قوائم القوى والأحزاب الشيعية ، وهناك الكثير من البعثيين موجودين الآن في حكومة المالكي الذي يتستر عليهم ويحميهم والبعض منهم في مراكز حكومية حساسة وكذلك في الأجهزة الأمنية وأجهزة الجيش والشرطة .
إذن إن بقاء الوضع العراقي في خضم هذه ( الفوضى الديمقراطية الأمريكية ) سيطول كثيرا حتى تجد البديل المناسب لها والذي تأمنه على وجودها ومصالحها في المنطقة ، وحتى الانتهاء من الملفات الأخرى التي تهدد مصالح أمريكا في هذه المنطقة وفي مقدمتها الانتهاء من إيران وتهديداتها التي أجد أنها مجرد مهزلة ممسرحة بين إيران وأمريكا القصد منها إدامة الاضطراب والفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة لإدامة بقاء أمريكا من جهة ومن اجل المزيد من الابتزاز (خاوة ) لأنظمة ودول الخليج بذريعة حمايتهم من الخطر الإيراني الموهوم .
ثم هناك الصراع االاسرائيلي الفلسطيني ولاسيما مع حماس المدعومة من قبل إيران ، ومشكلة حزب الله وتهديداته المستمرة ومشكلة أفغانستان وعودة طالبان إلى نشاطها وتجميع صفوفها ومعاركها المستمرة في أفغانستان والتي تشكل تهديدا حقيقيا للانتصار الأمريكي هناك وعلى نظام كرزاي ...الخ .
أخيرا فان استمرار الفوضى واستمرار الأزمة في العراق وحالة اللاستقرار واللامن واللا دولة واللا سلطة كلها في مصلحة امريكا وايران وجميع القوى والدول المحيطة في العراق والتي يهدد الأمن والاستقرار والسلام في العراق وجوداتها وحكوماتها ومصالحها ، وبالتالي فان امن واستقرار وسلام هذه القوى والدول جميعا قائم على أساس استمرار القتل والخراب والدمار وسفك الدماء وإزهاق أرواح العراقيين .
حيدر نواف المسعودي
[email protected]
http://www.facebook.com/?page=4&sk=messages&tid=1343312020609#!/profile.php?id=100000880466623








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-