الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاركتي الاولى في حلقة نقاشية خارج العراق

دياري صالح مجيد

2010 / 6 / 29
سيرة ذاتية


قبل عدة اشهر ابلغتني مؤسسة ايرازموس الدولية , التي تتخذ من هولندا مقراً لها , بانه تم اختياري للتمتع بمنحة دراسية لمابعد الدكتوراه في المعهد البولندي للعلاقات الدولية , وهو بالطبع امرٌ يبعث على الغبطة والسرور بشكل كبير خاصة بالنسبة للباحثين في بلد مثل العراق يمتلأ بالمنغصات المختلفة التي تُضيق الخناق على امكانية تفجر عناصر الابداع المتنوعة في شخصية الاكاديمي العراقي , لان الابداع لابد له من اُسس وان وجدت فلابد له من ظروف مؤاتية لتطوره وانضاجه , والعراق مليء بالباحثين الذين كسروا الشق الثاني من هذه المعادلة ممن طَوروا عناصر الابداع لديهم في بيئة غير مناسبة وفي ظروف قاتلة لكل اشكال الابداع , وهو ما اعتبرهُ وبكل تواضع اسمى صور الابداع التي يتسم بها المثقف العراقي عموماً .

حال وصولي الى بولندا وبالتحديد الى العاصمة وارسو , حيث يقع المعهد في جامعة هذه المدينة العتيقة المليئة ببقع الاثار وعبق الماضي وتراجيديا الحرب العالمية الثانية , بدات التنسيق مع البروفيسور كوبا المسؤول عن فترة اقامتي , ولحسن الحظ كان هذا الشخص فاعلاً بشكل كبير في مجال عمله ومحباً بشكل شرهٍ للقاءات والنشاطات العلمية , مما جعلني بعد فترة ايام معدودة اتبادل التحية واياه بلغة محببة وبتسمية اخي كوبا , تلك التسمية التي بدأ يستسيغها كثيراً ويرسم ابتسامة كبيرة على وجهه حينما يسمعها اثناء حواراتنا المتعددة التي لا يخلو بعضها من التغزل بجمال بولندا الاخاذ .

عادة ما يتصل بي هذا الصديق المقرب للقول بان لدي موعداً اليوم معه وعندما نلتقي نبدأ بوضع خطة عمل الاسبوع القادم وفيها في بعض الاحيان لقائين في اليوم مع شخصيات اكاديمية مهمة في جامعة وارسو يمتد عمر اللقاء احياناً الى اكثر من ساعتين نضطر فيها كثيراً الى تغيير اماكن جلوسنا بين المعهد ومقهى قريب وهاديْ ليستمر الحوار الذي ينتهي بابتسامة عريضة من مضيفي او مضيفتي وتبادل كلمات الاعجاب والامنيات باللقاء القريب في احدى الفعاليات العلمية القادمة .

المهم طلب السيد كوبا المشاركة ( اذا رغبت طبعاً ) في حلقة نقاشية ستقام بتاريخ 23 – 6- 2010 عن نموذج الامن والتنمية في جنوب اسيا , فما كان مني الا تلبية هذه الدعوة التي جائتني قبل اسبوعين فقط من فترة انعقادها , بعدها باسبوع ابلغته عن المحور الذي ساتحدث فيه والذي سأعِدُ فيه ورقتي البحثية التي تناولت فيها العنوان التالي ( امن الطاقة في المحيط الهندي وانعكاساته الجيوبولتيكية على جنوب اسيا ) . على اعتبار ان الامن والتنمية في هذا الاقليم المهم من اقاليم العالم لا يمكن له ان يتحقق وتترسخ قواعده بقوة في هذه المجتمعات من دون ان يكون هنالك للطاقة دور مهم فيه , لذا لابد بالمقابل العمل على اظهار حقيقة الرغبة في اقامة هذا النموذج من التنمية وكذلك ابراز الاثار المترتبة على التنافس الدولي الخاص بالسيطرة على الممرات البحرية التي ينقل عبرها النفط الى دول الاقليم في المحيط الهندي لكي نخلص في النهاية الى التوصيات التي من خلالها نعزز رؤى التنمية والسلام في هذه المنطقة .

في صباح يوم انعقاد هذه الحلقة النقاشية , التي استمرت ساعتين , تم الاحتفاء بقدوم احد الخبراء المشاركين فيها بشكل شخصي على اعتبار انه خريج الولايات المتحدة الامريكية التي حصل من احدى جامعاتها على درجة الدكتوراه وعلى اعتبار انه الان المدير التنفيذي لاحدى مراكز الابحاث في كندا . قدم هذا الباحث في هذا اللقاء , الذي اقتصر حضوره حصراً على اساتذة معهد العلاقات الدولية البولندي اضافة لي باعتباري باحث زائر في هذا المعهد , نبذة تعريفية عن عمل مركزه ثم تطرق الى موضوع محاضرته الذي يتعلق بالعولمة وحالة الامن , وهو موضوع ملخص لكتابه الذي اصدره مؤخراً تحت ذات العنوان . على اية حال دارت بعض النقاشات وانتهى اللقاء على امل العودة مجدداً في حلقة نقاشية مفتوحة تقام في قاعة اخرى الدعوة فيها عامة وفي تمام الساعة 6 عصراً .

حضرت الى تلك القاعة مع بعض الزملاء باحثة من العراق و باحث من الاخوة و الاصدقاء الليبيين , وبدءت الحلقة النقاشية بافتتاحية لهذا البروفسيور القادم من كندا ومن ثم لاخر من الباكستان وبعدها جاء دوري لتخُتتم بدور البروفيسور البولندي . المهم انني كنت اشعر بنوع من التوجس قبل عقد هذه الحلقة النقاشية في ان اجلس مع هذه الشخصيات التي تملك باعاً طويلاً في مجال البحث العلمي ومُهيء امامها كل فرص الانتقال بين الجامعات والمؤسسات الاكاديمية والحصول على المصادر وغيرها من الامتيازات التي تجعل من امثالهم باحثين جيدين على اقل تقدير , اضافة الى تمكنهم من موضوع اللغة الانكليزية التي كانت وسيلة التخاطب بيننا والحضور في هذه الحلقة النقاشية . لكن كان اصراري اكبر من ذلك التوجس ليأتي دوري مليئاً بالثقة في طرح الافكار والاراء التي رسمتها في مخيلتي ووضعتها بطريقة البور بوينت التي اضفت على محاضرتي نوعاً من التمايز , لكن اكثر ما اسعدني في تلك اللحظات هو عندما همس في اذني البروفيسور كوبا قائلا ( بحثك رائع وهو افضل البحوث المقدمة في الجلسة ) كنت اتصوره يجامل ليس الا , لكن عندما انتهت الجلسة ومن ثم النقاشات الخاصة بالرد على اسئلة الحضور التي كان لي فيها نصيب موازٍ لنصيب بقية زملائي المشاركين , واذا باصدقائي يهنئونني على ما قدمت .... تلك كانت فقط البداية لانطلاقة اتمنى ان تستمر في تالق وابداع قادميين لنثبت للعالم اجمع بان العراق بلد ينجب المبدعين ويخلق من رحم الماسي عناصراً تمتاز بحبها للتطور والتجدد , وهي بحق عناصر تملاْ المشهد الاكاديمي العراقي ولا تحتاج الا ربما لالتفاتة بسيطة لا تكلف كثيراً في هذا البلد الغني , التفافة من قبل مسؤوليه ومؤسساته المتعددة وعلى رأسها وزارة التعليم العالي العراقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24