الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات في عيد الصحافة العراقية

أمير الحلو

2010 / 6 / 30
كتابات ساخرة


في عيد الصحافة العراقية تختلف سبل الاحتفال به والجهات التي تتمسك بالشرعية (الدستورية) لقيمومتها على الصحافة والصحفيين ، تقام مراسيم خاصة منذ عقود لتكريم الصحفيين (المتميزين) أو القدامى ، وهنا واذا أستعرضنا قوائم المكرمين لاكتشفنا أن (المحاصصة ) قديمة في العراق وأن معايير التقييم في مختلف العهود لها (شروطها) وامتيازاتها وقد تكون بعيدة عن (الموضوعية) .
وتخضع لحسابات مَن يقوم بعملية التقييم والارتباطات الشخصية و(الأكاديمية) !
هذا الحديث يقودنا الى مشاكل ومناقشات عقيمة وأحقاد دفينة ، لذلك فانا احتفل بعيد الصحافة على طريقتي الخاصة بذكر حادثة طريفة وقعت لي في بداية عملي الصحفي عام 1963، فقد كنت محرراً في جريدة(الوحدة) التي رأس تحريرها المرحوم باسل الكبيسي (أغتاله الموساد في باريس عام 1976) وكانت قضية الوحدة بين مصر وسورية والعراق مثارة بشكل حاد سياسياً واعلامياً، وقد طرح البعثيون من خلال مباحثات القاهرة فكرة وحدة ثلاثية بين البلدان الثلاثة ، في حين عارضنا نحن القوميين العرب ذلك وأعتبرنا ان الصحيح هو عودة وحدة مصر وسورية ويترك موضوع العراق لمباحثات أخرى لاختلاف ظروف العراق .
وكان السيد نايف حواتمة (الامين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الأن) يكتب أفتتاحيات الجريدة وهو عضو قيادة حركة القوميين العرب في العراق آنذاك .
وقد كتب إفتتاحية بالمعنى الذي ذكرته ، وكانت التعليمات الرسمية أن يطلع رقيب في وزارة الأرشاد (الاعلام ) على افتتاحيات الصحف قبل نشرها ، لذلك ذهبت الى مقر الوزارة في باب المعظم مقابل وزارة الدفاع وقدمت الافتتاحية الى الرقيب وهو شخصية سياسية معروفة آنذاك، وبعد ان قرأها بتأمل كتب شيئا ما بالخط الأحمر عليها ، وعندما قرأته وجدته ( لايسمح بنشرها)، ورجعت الى الجريدة وأخبرت نايف بالرفض ، فلم ينفعل وانما طلب مني أن اجمع له الكتب والمجلات الموجودة في الغرفة ، فقام باختيار سطر من كل مطبوع لا علاقة له بالضمون مع السطر الأخر بحيث اشتبك موضوع عن الحشرات في المجلة الزراعية مع موضوع سياسي في جريدة الحياة اللبنانية، ثم أعطاني (الحصيلة ) وقال لي هذه هي الافتتاحية الجديدة وأنشروها دون عرضها على الرقيب ، وبالفعل ارسلتها الى المطبعة وخرجت في اليوم التالي على حالها ، وبعد ساعات جرى ألقاء القبض على المرحوم باسل الكبيسي الذي لم يكن يعلم بالحادثة وجرى التحقيق معه بشدة لتفسير معنى كل سطر وما هو المقصود بالحشرات وزجها بالسياسة ، وهل لذلك علاقة بنظام الحكم القائم ؟ وغيرها من الاسئلة التي عجز عن الاجابة عليها .
قلت للاخ نايف الحواتمة أن هناك طريقة معروفة في(الرفض) وهي ترك مكان الافتتاحية أو المقال المرفوض فارغا بما يستلفت نظر وتساؤل القراء،ولكنه رفض وقال أن(إفتتاحيتنا) لها معنى ومعبرة وهي أفضل طريقة (لأغاضة) من رفض سابقتها.
كثيرة هي الذكريات التي تمر في خاطري عبر مسيرة طويلة في العمل الصحفي استمرت منذ عام 1963 حتى الآن فيها من الاحداث و(الهوايل) ما يشيب له الرأس(وقد شاب فعلا) ،كما دفعنا ثمن ذلك سلبيا وايجابيا،وقد تعلمنا من اساتذتنا ومن شعبنا في الميدان...وأملي أن(يعترف) البعض أنه تعلم من جيلنا شيئا ما بدلا من الادعاء بأنه خرج صحفيا(من بطن أمه) وأنه أخذ يكتب من دون أن يقرأ لغيره،وهي عبقرية لا تتوفر في الكثير من البلدان ،ولكنها موجودة لدينا والحمد لله بحيث تضطر وأنت تقرأ أن فلانا يقول على نفسه بأنه (صحفي كبير) أو أن فلانا أستلم (قلادة الصحافة) وتنافست جهات عديدة على توزيع (مكارمها) على(صحفييها) ،إلا أن تتساءل وأنت تقرأ الأسماء و على الطريقة المصرية (مين ده)!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وقفة لابد منها
محمد الرديني ( 2010 / 6 / 30 - 13:37 )
سيدي امير الحلو
يحتفل الصحافيون في العراق بعيدهم منذ سنوات طويلة ورغن تعاقب الانظمة البائسة ومحاولتها تكريم فلان وعلان واهدائه ساعة ملصق عليها صورة حكامنا الاشاوس الا ان الصحافيين الذين اقصدهم كانوا يحتفلون بعيدهم على طريقتهم الخاصة التي اعتقد انك تعرفها جيدا.. كانوا لايبالون بالاحتفالات الرسمية
ومع احترامي لشخصك والقصة التي ذكرتها الا انها بذرة صغيرة جدا ازاء بذور الصحافيين التي زرعوها وبنوا فيها صرحا اعلاميا يشار اليه رغم القمع والتنكيل
اليس كذلك ياسيدي العزيز؟؟؟


2 - المهندس الساعدي
محمد الرديني ( 2010 / 7 / 1 - 07:01 )
لم اكن اريد ان اصل مع السيد امير الحلو الى ماوصلت انت اليه لاننا نعرف البير وغطاه، المشكلة ان بعض الناس يعتقدون ان الاخرين بلا ذاكرة ويمكن ان تعبر عليهم بعض ما يريدون قوله
اشد على يدك ولا تغضب كثيرا فناسنا مايزالوا يتمتعون بذاكرة حديدية


3 - سنوات الخوف
الحارث العبودي ( 2010 / 7 / 1 - 10:26 )
الاخ أمير الحلوالمحترم:
في رأيي خير من عبر وعايش المرحلة السابقة من الصحفيين غير العراقيين هي الصحفية اللبنانية هاديا سعيد في كتابها(سنوات مع الخوف العراقي) طبعة2004دار الساقي- لندن, حيث أطلت في في مذكراتها عن سنوات الخوف في العراق, لتروي لنا مأساة بلد بأكمله, جعله صدام((مزرعة))له ولحاشيته,وأبتكر فيه ((فنونآ))في تعذيب العراقيين,فصاروا يأكلون ويشربون ويتنفسون الخوف والرعب, وتسخر الكاتبة ممن يسوق لعلمانية النظام العراقي,وتخبرنا من موقعها كصحافية,كيف تحولت الصحافة العراقية الى((بوق))للنظام,وكيف صار شعراء وكتاب وأدباء((كبار))مجرد موظفين في دوائر أجهزة المخابرات يشون ببعضهم البعض,وكيف أفرغت الثقافة من محتواها وأستخدمت ك((بروباغندا))مهمتها دعم((القائد))..تحياتي وشكرآ.


4 - انا كتبت وقرء من قرء
المهندس كاظم محمد الساعدي ( 2010 / 7 / 1 - 21:07 )
انا لم اتجاوز الخطوط الحمراء في الكتابة والسيد الحلو سمح بها وماكتبت استعراض لما كان يقوم به وتنبؤات الحاضر فالذاكرة العراقي كما كتب الاخ محمد الرديني المحترم حاضرة وخزينها لايغفر ابدا

اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-