الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطة الفلسطينية وفرصة الضحك الأخيرة

محمد جمول

2010 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


على الرغم من كل الأخبار التي تدفع إلى البكاء والحزن والكآبة في مختلف الوسائل الإعلامية لما تحمله من صور الدمار والقتل إضافة إلى ما تفعله الكوارث الطبيعية وتخلفه نتائج التغيرات المناخية، يظل هناك مكان للضحك بصوت عال. فقد وجدت نفسي فجأة أضحك بشكل هستيري ومسموع جعلني أخشى أن يراني أحدهم من نافذة غرفتي ويعرف أني وحيدا ومع ذلك أضحك بهذا الشكل الغريب وأنا أنظر إلى شاشة التلفاز مع أن الشاشة لم تكن تعرض مشهدا سينمائيا أو مسرحيا كوميديا. لم يكن على الشاشة سوى صورة لكبير مفاوضي السلطة الفلسطينية صائب عريقات. ما كان يقوله دفعني إلى الضحك الهستيري من دون رغبة في الضحك. ولاحقا فكرت واقتنعت أن الأعضاء المسؤولة عن الضحك في جسدي هي التي اختارت هذا التصرف من دون إرادة مني أو حتى رغبة. وهذا ما جعل هذا الضحك يلفت انتباهي. فليست هذه أول مرة أضحك في حياتي.
ولكن حين فكرت في ما صرح به عريقات اقتنعت أن الضحك يمكن أن يكون له وظائف غير التعبير عن الفرح. كان عريقات يقول بجدية توحي لمن يراه لأول مرة أنه جاد ويعني ما يقول وأن ما يقوله يتمتع بأهمية بالغة. فقد أكد أن استمرار إسرائيل في ممارساتها من استيطان وتغيير لمعالم القدس لا تهدد المفاوضات غير المباشرة وحسب، وإنما يمكن أن تؤدي إلى انهيار العملية السلمية برمتها.
إنه كلام عجيب من رجل يقود المفاوضات مع إسرائيل منذ عشرين سنة تقريبا باسم حقوق لم تتوقف إسرائيل لحظة عن أخذ ما تحتاج إليه منها. فلم يكن للمفاوضات ولا لهؤلاء المفاوضين أي دور ولو في حماية عائلة واحدة من مئات العائلات التي تصادر أملاكها ومنازلها. ولم تستطع جهود هؤلاء الأبطال وقف الاستيطان طوال هذه الفترة، بل العكس تماما، فالعالم كله يعرف أن الاستيطان في ازدياد متواصل مع استمرار المفاوضات. ودائما كانت إسرائيل توحي للعالم أن عملية السلام مستمرة مع الفلسطينيين وأنهم قريبا سيحصلون على حقوقهم ما يعني أنها تشكل أفضل غطاء لما تقوم به. لذلك كنا دائما نسمع التصريحات الأمريكية والإسرائيلية عن قرب التوصل إلى حل الدولتين. وكان أبرز هذه التصريحات ما وعد به الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بأن يتحقق هذا الحل في العام2005. جاء ذاك التصريح في الفترة التي كان مطلوبا فيها تهدئة خواطر العرب، وليس الفلسطينيين فقط، مع بداية احتلال العراق والتمهيد لاحتلالات أخرى في المنطقة تحت يافطة ديمقراطية القتل والتدمير واليورانيوم المنضب.
لم يتأخر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان عن الرد على عريقات. ففي اليوم التالي صرح أن الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تولد قبل 2012. وبالطبع هذا لا يعني أنه يريد لها أن تولد بعد هذا التاريخ. لكن هذا قد يعني إيحاء لعريقات ومن معه أن لا يتسرع ويعلن أنهم يريدون وقف المفاوضات قبل ذاك التوقيت لأن إسرائيل قد تكون انتهت من هدم ما تريد من البيوت الفلسطينية وتهجير من تريد تهجيره وبناء المستوطنات على ما بقي من أرض للفلسطينيين.
ولم يتأخر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن توضيح الموقف الذي يخدم ليبرمان والحكومة الصهيونية ويرفع الحرج عنهم إذ صرح في اليوم التالي قائلا" أما نحن فسوف نستمر في المفاوضات". وبذلك يبدو محمود عباس وكأنه يعتبر المفاوضات قدرا لا خلاص منه أو واجبا قائما بذاته من دون السعي لتحقيق هدف محدد في زمن محدد، أو كأنه شعر أن وقت إعفائه من مهمته وإحالته على التقاعد قد اقتربت بعدما لم تعد إسرائيل بحاجة إلى هذا الغطاء الذي كاد يفقد قيمته. وبعدما استمرت المفاوضات عشرين سنة من دون تحقيق شيء للفلسطينيين سوى مجموعة من الوعود والمؤتمرات وزيارات الوفود بينما استطاعت إسرائيل قضم معظم الأرض الفلسطينية وتحويل قسم من أبناء الشعب الفلسطيني بقيادة السلطة الفلسطينية إلى حراس لأمن إسرائيل.
الجديد في هذه المرحلة أن ليبرمان يضن على محمود عباس حتى بتقديم الوعود. فلم يعد لدى محمود عباس ما يقدمه. ولم تعد إسرائيل بحاجة حتى إلى إعطائه المزيد من الأوهام والوعود التي كانت ضرورية له كغطاء لمواصلة المفاوضات. فهل بقي لنا ما يمكن أن يضحكنا في هذه الرواية سوى هذا الإصرار على الاستمرار في المفاوضات؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام