الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد السوري - المقدمة

فاضل فضة

2004 / 8 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في محاولة لإيجاد القواسم المشتركة لمشاكل المجتمع والدولة السورية، ومن أجل استقطاب الأفكار الخلاّقة غير المؤدلجة (للأحزاب القومية والعقائدية العربية التقليدية) في إطار زمني أو مكاني معين.
وفي محاولة فتح الباب أمام إجتهادات متمرّسة مبنية على منهجية واقعية وعلمية مشتقّة من خلاصة التجربة الإنسانية المتجردة من حساسية الأفق الثقافي والتباين وقضايا الفصل وما يتبع، بهدف الدخول في ساحة المطالب المشروعة للمواطن السوري و العربي، من حق للممارسة الديموقراطية الإجتماعية والسياسية والإقتصادية. الأسس الطبيعية في مفهوم الدولة الحديثة، وحاضنة الإبداع الإنساني في نشاطاته الفاعلة الدافعة لعجلة التطور والعيش المسالم في كون واسع يعتمد على التبادل النفعي في منتجاته ومفرداته، بدون فرض وصاية خاصة من أي فكر سياسي مكرّس بحقوق تاريخية أو مزايا معينة، لتصب الرغبة والأمنية في وعي وتحوّل جوهري في حياة المواطن.

ومن اجل بناء منهجية الحوار المسؤول الجدي والمعاصر على اساس حق المواطنة الإنسانية في وطن يستوعب كافة فئات المجتمع السوري، بقومياته واثنياته وتشعب المذاهب والأديان، ومن اجل الخروج من الأطر الضيقة المؤطرة في مفاهيم العشيرة والقبيلة والعرق والدين والجنس، لإغلاق الباب وبشكل نهائي على قضايا الفصل والتمييز ومايتبع عن هذا الفصل مباشرة أو بشكل غير مباشر، بشكل تتحقق به معايير حقوق الإنسان المتكاملة، المطلقة في معنى المواطنة والمساواة لكل أبناء الشعب.

ومن خلال إيماننا بمبدأ اللاعنف في حلِّ المسائل الصعبة والسهلة للمجتمع والدولة السورية، واعتبار السلم الإجتماعي كأساس لصيغة حديثة معاصرة، تتناسب ومعنى المواطنة الصلبة، المدعمة بالنتائج والتجربة، ومن اجل استخدام الكفاءات السورية داخلياً أو خارجياً، في مشروع وطني إستراتيجي يساعد على نقل سورية من وضع وحالة قلقة، وتهرّم مبكر، إلى حالة أخرى مستحدثة بفعل الإرادة الحقيقية للناشطين الصادقين في طروحاتهم الإستراتيجية لوطن أسمى وأرقى يقبل ويستوعب الجميع.

فإننا سنقدم المشهد السوري بمشاكله المتعددة، وجزء من بعض الإجتهادات والحلول التي نراها ممكنة ضمن صيغة إستراتيجية، نرجو أن يساهم بها كل مؤمن بوطن حقيقي للجميع.

وقد نكون حالمين، في هذا الطرح أو لانكون. لكننا كغيرنا من المعذيون في الأرض في مشاعر مترسخة بأماني الوطن الأمثل. من السوريين وغيرهم من أبناء هذا الوطن العربي الواسع، كنا ومازلنا في تساؤل جدلى حثيث ودائم عن شكل الإطار الحضاري وإلإنساني، المعبّر عن أصالة الشعب السوري وإنسانيته عبر التاريخ. هذا الشعب المسالم أساساً، الذي قبل بكل حضارات الأرض الدافئة والباردة، الغازية والمغامرة والمغتصِبة. هذا الشعب الذي قبل بكل زوّار العالم القديم وتفاعل معها في كافة ظروف تحولاتها من تقلّص وإنتشار من إنحسار أو تقدم، خسارة أو ربح، إستقرار أو هجرة، بقاء أو غياب.

وما يحصل اليوم من مشاكل وازمات وضغوطات وفساد وترهل لنظام رُكِّب بظروف تاريخية غريبة، لا في سورية فقط بل في معظم الدول العربية، ما هو إلا حقبة زمنية أخرى من هذا طبيعة الصراع على القوى في تطور تاريخ جيوسياسي وديموغرافي خاص بتجاربه القديمة جداً والأقل قدما، من إنحسار وتمدد، ومفاجآت في إنحطاطه أو رفعته الحلم والمطلوبة أخيراً في قلب كل مواطن محب لأرضه وبلده.

وكغيرها من الدول العربية تمرُّ سورية اليوم بظروف أكثر من صعبة. من الممكن تؤدي لو سارت الأمور، بانعطاف جذري غير مسيطر عليه، إلى حدوث هزّات، قد تكون كارثية على المستوى الإقتصادي والبشري والإجتماعي.
وقد نتساءل، ألا يملك الشعب السوري ومسؤليه بكل فئاته ونخبه الحيوية، التعقل والحكمة لتجنب المجهول وما يخبأه المستقبل من رياح قادمة، قد تكون كاعصارات الماضي الكبيرة جدّاً؟ ألا تملك السلطة السياسية الحالية المحاصرة من الفساد والترهل والبيروقراطية، القدرة على تغيير الوضع السئ، سياسياً واقتصادياً وإجتماعياً وتحقيق الحلم البسيط لأي مواطن في عيش إنساني إقتصادي وإجتماعي وسياسي غير محاصر، ومن ثم تحرر الدولة من بيروقراطية الفساد إلى دولة يطبق بها الدستور ويعمل بها بالقانون ودولة تفرغ السجون السياسية منها، ودولة تطلق الحريات وبلد ينحسر به دور الألة الأمنية نهائياً من حياة المواطنين.

وهل تملك المعارضة السورية الكامنة بالداخل، والمعلنة بالخارج القدرة على محاكاة الأمور بواقعية ومنطق عصري، بحيث تؤدّي المطالب السياسية والإقتصادية إلى تحوّل مفيد لجميع أبناء الوطن تحت هويّة المواطنة السورية وذلك عبر خطوات متدّرجة، يقوم بها النظام الحالي من إطلاق معتقلي الرأي العام، والقيام بالحريات السياسية، والسماح ببناء أحزاب سياسية جديدة، متحررة من عصر الإيديولوجيات الصعبة، لتكون احزاب ذات برامج عملية لتطوير البنى التحتية والفوقية للدولة والمجتمع السوري. مع الإصرار على إحترام الدستور والقانون، وبناء دولة المؤسسات، والعمل على تحقيق مطالب معنى المواطنة العصرية. ليعمل الجميع، أهل الحكم والمعارضة سواء على مشروع إستراتيجي واحد، همّه الأول في كل مفرداته الأدبية والفكرية المواطن السعيد في وطن أسمى واسعد؟

نعم قد نكون حالمين، في مواقعنا المتواضعة، البعيدة جدّاً عن هموم ومعاناة مواطن الفقر والأمل المفقود في الداخل، هذه المعاناة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، لكننا نعلم ان الطريق الوحيد للوصول إلى صيغة المواطن في شكلها الإنساني الأرقى يتم بتكاتف جهود الجميع، وذلك عبر الإيمان المطلق بهذه المواطنة، التي لاتفرّق بين أحمد وعمر وسلمى وشادية.

إنه أمل المستقبل لأجيال سورية القادمة، عبر الوعي والحكمة والتعقل لجيلنا الحاضر، وعبر معايير لالبس بها في العمل الوطني المتجرّد في معايير الأمانة والمصداقية والقدرة على قبول الإختلاف والإستطاعة على المشاركة في العمل الوطني بدون خلق شروخ عبر التمييز والإصرار على الإختلاف مهما كان شكله، ديني أيديولوجي فكري عرقي أو جنسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرار أميري بحل مجلس الأمة الكويتي وتعليق العمل بعدد من مواد


.. تسلسل زمني لأبرز الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله.. فما هي أ




.. دولة الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو بشأن المشاركة في إدارة قط


.. عبر الخريطة التفاعلية.. لماذا قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي ال




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في رفح جنوب قطاع غزة