الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من رماد خلفته انتفاضة الكهرباء ؟

هادي الخزاعي

2010 / 7 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



ما حدث من حراك جماهيري على أجزاء شاسعة من مدن عراقية بذاتها إحتجاجا على شحة الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن ، وتحديدا الأنقطاع الدائم للتيار الكهربائي في عموم العراق . لم يكن حراكا عابرا ، أو متأت من فراغ . فتزامنه مع شدة سخونة الأزمة السياسية ـ المفتعلة كما أرى ـ الذي استعر فيها وطيس تبادل الأتهامات بين الكتل الفائزه في الأنتخابات الأخيرة والتي حصدت أغلب اصوات العباد ، بل أن هذا الصراع يحدث الآن ، وبقوة ، حتى داخل الكتلة الواحدة . فنسى الرؤساء الفائزون وعود قوائمهم الأنتخابية ، التي بشرت بالمن والسلوى ، وصار شغلهم الشاغل ينصب على : من سيكون رئيسا للوزراء ، علاوي ام المالكي !؟ فتركوا العباد والبلاد على شفير بئر الحاجة الى أي من الخدمات التي يمكن ان توفر الماء ، الكهرباء ؛ ومفردات البطاقة التموينية ، التي يصر البنك الدولي على وجوب إلغائها لأمر ما عاد خافيا على أحد ، بعد ان بشر السيد صولاغ وزير المالية بقرب أفتتاح احد فروع ذاك البنك ، الحوت ، في العراق .

هذا على صعيد الكتل التي حصدت أكثرية كبيرة من أصوات العباد . أما على صعيد الكتلة الواحدة ، بعد أن تحول الأتلافان ، دولة القانون والوطني العراقي إلى تحالف ، فالخلافات على أشدها بينهم من اجل كرسي رئاسة الوزارة الأثير ، أذ يتمحور كثير من الخلاف ،وأكثر من هذا الخلاف ، حجم ألإختلاف المتفاقم ، على من سيجلس فوق هذا الكرسي : المالكي ؛ ام الجعفري ؛ ام عبد المهدي !؟ اذ لا يزال مارثون هذا الأنتقاء ، بلا نتيجه .
وبسبب من هذه الأرادوية الرغائبية ، تركت البلاد بلا عمد ، او عماد .

وامام فزع هؤلاء العباد من خطر الفراغ الأمني والسياسي والخدماتي ، وخطر العديد من القرارات المحتمله التي ستلجأ اليها مجالس المحافظات ؛ بسبب هذا الفراغ . فقد وضعوا أياديهم على قلوبهم ، لأن حكام النجف ، كانوا سباقون في رفع تسعيرة الوحدة الكهربائية الى أعلى مستوى ، مما يعجز دخل المواطن معها من تسديد اثمان الفواتير ذات الأسعار الجديده ؛ لذا أحتج النجفيون سلميا على ما يتعلق بالكهرباء على الأقل ؛ بسبب التسعيرة الجديدة التي تثقل كاهلهم . فكأنت هذه المطالبة الحضارية ، المتسمة بالطابع السلمي التي قام بها النجفيون ؛ هي الشرارة التي اشعلت السهل كله كما قال المرحوم ماوتسي تونغ .
فثارت ثائرة العباد في مدن وحواضر عراقية مختلفة ، محتذيتا حذوا النجفيين ـ ولكن مع قليل من العنف ـ وهي تحمل اللافتات المنددة بسوء الأدارة وقلة الكهرباء ، وصولا الى رفع الرسوم التي تشير الى بتر الأصبع البنفسجي الذي أنتخب الفائزون ، وهو يمثل تعبيرعن ندم ، ولو متأخر ، ولكنه يشبه المفارقة ! فلو كان ذلك الرسم التعبيري الذي رفعته الجماهير الغاضبه ؛ ندم على الأنتخابات السابقة التي شاركوا فيها ، فتلك مصيبة ، واذا كان الندم على من انتخبوا هذه المره ؛ فالمصيبة اعظم ! وهنا تكمن المفارقة التي جلبت الويلات لكلاهما ، البلاد والعباد .
وبغض النظرعن صدقية من قال بأن هذه الجماهير الهابة قد عُبأتْ من قوى سياسية تقصد : إحراج رئيس الحكومة أمام الناس ، لاسيما وإن ولايته قد انتهت ، بحكم الدستور ، او عدم صدقية هذا الإدعاء .
لكن هذا الحراك أُحرجَ الحكومة ، ورئيسها ، والكتلة السياسية التي يقودها فعلا . فكان لابد من مخرج ، فكانت إستقالة السيد وزير الكهرباء ، وهي بادرة يشكرعليها كل من وقف خلفها ، سواء كان الوزير نفسه ، او رئيسه ، او هبة الجماهير ، لإنها تبقى بادرة حضارية ، رغم إن هناك الكثير من المسؤولين البارزين في الدولة ، ووزراء أيضا ، قد نهبوا وسرقوا ، بل وقتلوا ، ولم يبادر أي منهم حتى الى إعلان التوبة او الندم !
ولما جيء بالسيد الوزير البديل ، الشهرستاني وزير النفط ، الذي أدار ظهره للمختبرات والتجارب العلمية والشهادات العالية التي حصل عليها في حقول العلم ، والتي افنى عمره من أجلها ؛ ليقبل أن يكون وزيرا ! لماذا ؟! لا ندري . علما ان العراق بحاجة الى علماء ليخرج من تخلفه ، لا إلى وزراء ، فالوزراء على قفا من يشيل .
مشكلة السيد الوزير الشهرستاني أنه يعتقد نفسه ، عصا سحرية ، قادرة على حل كل المشاكل بضربة منها ، ناهيك عن الذكاء الذي يمنح تلك العصا كلما هو خارق ، فتستجيب له الحلول قائلة : شبيك لبيك ......
وبدلا من أن يضعنا السيد الشهرستاني ، أمام حلول واقعية لحل مشكلة الكهرباء ، أفتى بمقترح زيادة اسعار الوحدات الكهربائية ، ناسيا ما سيشكله ذلك من ضغط على دخل المواطن الذي لا يتجاوز المائتين وستة وستين دولارا حسب تقديرات مراقبين دوليين ، وناسيا أيضا ، أحتجاج النجفيين على الزياده في اسعار الكهرباء . فأتفق مع ما قاله رئيسه المالكي : بأن المشكلة سوف لا تحل بسرعة ، بل يحتاج الأمر الى سنتين على الأقل .

ولا ندري ماذا كان يفعل السيد كرومي خلال الفترة التي استوزر فيها الوزارة ، والتي دامت أربع سنوات ، كانت فيها مصاريف وزارته على الكهرباء : أكثر من خمسة عشر مليار دولار ، أكرر أكثر من خمسة عشر مليار دولار أمريكي ، وليس دينار عراقي ، ناهيك عن الملايين العديده من الدولارات ومليارات الدنانير التي صرفت هنا او هناك !
فإذا كان الأمر يحتاج الى سنتين فقط ، فيجب أن يحاسب السيد كريم ، وكل المسؤؤلين في وزارته على هذا الوقت الضائع الذي كلف ميزانية الدولة العراقية مئات الملايين من الدولارات الأمريكية ولم يتحقق من الكهرباء حتى ما يشبه شرارات أديسون الكهربائية الأولى .
خوفي ، او خوف أغلب العراقيين ، والذي هو خوف مبرر، أن يأتينا وزير جديد تتمخضه جبال الإستحقاقات ، الطائفية او التوافقية ، فيأتي الفأر بخرطوم فيل ، ليشفط هو الآخر بخرطومه مثلما شفط من كان قبله . أولئك الذين تمخضتهم الطاولات ، المستديرة والمستطيلة والمثلثة ، التي يمسك بأطرافها من وراء الحدود ، جيراننا ، الأخوة الأعداء . ومن وراء البحار أصدقائنا الأحباء !

قول مأثور تذكرته يرتبط بالموضوع الذي أتناوله ، فعرفت سبب ضرب الهابين من أجل الكهرباء وصولا للقتل
" من العجيب أن يكون أول ما يهتم به الأنسان ، أن يعلم الطفل الكلام ، ثم بعد ذلك يعلمه كيف يسكت ! " .........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا