الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدى ...وقليل من الحرية

سلمان محمد شناوة

2010 / 7 / 2
الصحافة والاعلام



لم افهم لغاية ألان لماذا تم رفع الدعوى على المدى بالذات , مع إن نفس الخبر تم نشره في العديد من الصحف والمواقع الالكترونية , فهذا يعني انه خبر مباح للجميع , ولم تدعى أية جهة أنها الناشر الأول للخبر , وفوق هذا كله الخبر منقول من موقع سوا , ولا يوجد في الخبر أي تهجم أو تحقيق أو حتى تعليق على الخبر من جهة جريدة المدى , إنما نقلته كما هو ...
الحقيقة الخبر صدمني , صدمني من ناحية الحرية المفترضة للصحافة والتي كلنا نعتقد إننا ننعم بظلها , لا بل نكتب ونمعن في الكتابة , وأحيانا تأتينا الجراءة وننتقد كل الثوابت والخطوط الحمراء من المجتمع إلى الدين إلى السياسية , إلى الفساد المستشري في جسدنا العراقي كسرطان لا خلاص منه , الحقيقة الخبر مرعب , لأنه لا يضع جريدة المدى فقط , تحت مطرقة القوانين المجحفة والتي لا تزال تدب بالجسد العراقي منذ عهد صدام ,لا بل يضع كل النظام السياسي والاجتماعي في البلد محل للتسأول , الخبر بحد ذاته يضع علامة استفهام كبيرة ....عن الذي تحقق , والمطلوب إن يتحقق فعلا ..هل هي الحرية , فان كانت الحرية هي المطلب الأساسي , إذن لماذا لم تتغير قانون الصحافة ...ولماذا هذا الاستهداف للأصوات الحرة ....
الذي يدهش أكثر ونقف منه موقف الاستغراب إن هناك كثير من القوانين تم تعديلها مع الوضع الجديد ... وان هناك الكثير من القوانين والتي تمس الحريات لم تتغير ..وكأننا لازلنا في تلك الأيام المتعبة ....الغارقة في ظلام التعسف وخنق الحريات ....
هناك أشكلية حقيقة بين حرية الكلمة والحريات الشخصية , ما هي مدى حرية الكلمة والى أي حد تقف , والى أي مدى تستطيع إن تمس الحريات الشخصية , أو العلاقات الاجتماعية للناس ... كذلك يجب إن نفرق في بحثنا هذا بين الصحافة الصفراء والتي تفتعل الأزمات في سبيل زيادة نسبة النشر وتؤدي إلى زيادة الأسعار .. والصحافة المحترمة وكلنا يعلم أن جريدة المدى من أكثر الصحف احتراما في العراق ...
الكلمة سلاح ذو حدين ..فهي من ناحية يراد بها إبراز الحقائق وكشف المستور , وإظهار بؤر الفساد في المجتمع , فتساهم وبشكل كبيرة لتنقية المجتمع .... ومن ناحية أخرى هي وسيلة للارتزاق غير الشريف , حيث يتم جمع المعلومات عن شخصيات عامة الهدف منها الابتزاز أو نشر إخبار كاذبة الهدف منه الربح غير الشريف وزيادة نسبة التوزيع على حساب الحريات الشخصية ... والحياة الاجتماعية للأشخاص موضوع الإخبار ....
في جلسة اجتماعية بين جمع من الأصحاب , انتقدت بطريقتي وزير الكهرباء بالوكالة لأسباب أعلنتها بحينها , فهاجمني احد الموجودين وقال لي هذه غيبة لا يجوز مهاجمة السيد , قلت له إن السيد هو شخصية عامة , ومتى ارتضى لنفسه إن يكون شخصية عامة , فيحق لي ولغيري إن ينتقده , لكن في الوقت الذي يتخلى عن منصبه ويتحول إلى إنسان عادي , فالتالي لا يجوز لي أو لغيري إن ينتقده ...لأنه ساعتها ستكون غيبة حقيقية ...
مشكلتنا هل نستطيع إن نفرق بين الشخصيات العامة والتي يحق لنا إن ننتقدها وبين الشخصيات العادية , والتي يحميها القانون ... القانون هو القانون .... الذي يحمي الشخصيات العامة هو نفس القانون الذي يحمي الشخصية العادية .... إلا إن الشخصية العامة معرضة للنقد لأنه أصبح محل الأضواء ...وعمله يمس قطاع كبير من الناس فلذلك يجب إن يكافئ إذا ساهم في منفعة الناس وان يعاقب ويحاسب إذا اضر بالناس ... الصحافة هي من تملك عين الرقيب وتؤشر دائما إلى مواضع الخلل ...لذلك نتساءل دوما ... ما مدى قدرة الصحفي للتجاوز على خطوطك حمراء كثيرة وأين الحد الذي يجب إن يقف عنده ...من ناحية أخرى ...إذا لم نسمح للصحفي وصاحب الكلمة بالانتقاد ...فكيف يتم محاسبة الشخصيات العامة ... وكيف نساهم بكشف الفساد ...وخصوصا إذا كان مثل الفساد في مجتمعنا تجاوز كل حدود ....
وزير التجارة مثال لذلك ...فهو من ناحية شخصية حكومية محمي بالقانون العام , ومحمي بالقوانين الإدارية التي تضفي على شخصه حماية كبيرة , وبالإضافة لذلك هو من المقربين من رئيس الوزراء نوري المالكي ...هذه الشخصية أصبحت معرضة للتساؤل بسبب قضية فساد عام بوزارته واتهم باستغلال المنصب لعقد صفقات من الطعام الفاسد تم توزيعه حسب البطاقة التموينية لمحافظة المثني ..وصدر بحقه مذكرة إيقاف ..وجلب وتم القبض عليه خلال سفره لدولة الإمارات ....
إلا إن الملابسات التي رافقت القصية , ووجع الجماهير التي اكتشفت انه هناك في السلطة من هو مسؤول عن أكل الناس وطعامهم , هو السبب المحتمل لإصابتهم بسرطان القولون ... كانت صدمتنا في وزير التجارة كبيرة , لكن مع وضع كهذا كيف نتصرف ..هل نسكت مقابل جريمة رأي عام , لا تمس شخص بعينه إنما تمس الالالف من البسطاء ...والذين لاحول لهم ولا قوة ..ويعتمدون بشكل كبير على البطاقة الغذائية في أهم مصدر من مصادر طعامهم .... اما نشر الحقائق كما هي حتى نعرف المخطئ فيحاسب ونعرف المحسن فيكافئ ....
الصحافة هي السلطة الرابعة ...ولكن السلطة الرابعة لمن ..للمجتمع الديمقراطي المبني على مؤسسات القانون والسلطات الثلاث هي (( التشريعية والقضائية والتنفيذية )) فهي رابعة السلطات ...ويسميها أهلها صاحبة الجلالة ... العالم قبل الصحافة لم يكن عالم ...اختلف بشكل جذري حين صدرت أول صحيفة ....الصحافة مهمتها الأصلية والحقيقية المراقبة ووضع إصبعها على موطن الخلل وتدعو إلى الإصلاح بقوة ...
لكن في المجتمعات الشمولية الصحافة لا تكون صحافه فهي بوق دعائي للسلطة وأصحاب السلطة ... اعتقدنا لوهلة إن هذا الوضع تغير , وفتحنا صفحة جديدة ...مع التغيرات الجذرية الطارئة في المجتمع ....لكن الصحفيين والإعلاميين بوجه خاص هم الذين وقعوا بين حجري الرحى بدون حماية ولا مساندة ولا حقوق حقيقية لهم ...كلنا يذكر شهداء الصحافة (( أطوار بهجت وغيرها )) والذين سقطوا على الطريق ..دولتنا مقصرة بحق تجاههم , لا بل هي ممعنة في التقصير ..بحيث أن الصحفي في العراق ...معرض للقتل والسجن والاهانة ..لماذا لأنه دائما إما يقف مع أو ضد ...أو في أحسن الأحوال يقول الحقيقة التي لا تعجب جهة ما ...
يقول احد المراقبين للوضع الصحفي في العراق , لا يوجد حياد حقيقي في الصحافة , لان الوضع على الأرض خطر جدا على الصحفي , فهو يحتاج بالضرورة إلى جهة تحميه ..فبالتالي لا يستطيع إن يعمل أي صحفي بصورة مستقلة ....وبالوضع هذا هناك حذر شديد لمعالجة أي موضع ...لأنه في كل الأحوال يجب إن يمس جهة ما .... وحين يمس أي جهة تقوم القيامة عليه ...خصوصا لا يوجد له أية حماية ...
ربما كانت المدى مست المحظورات , حين فتحت ملفات الفساد المنسية , ربما كانت المدى أخطئت حين اقتربت من الأوجاع الحقيقية لرجل الشارع والمواطن والإنسان البسيط ...وربما كانت المدى جنت على نفسها ..حين اقتربت من المناطق المظلمة في المجتمع العراقي ... ولكنها وبكل الأحوال ..لا تستطيع إلا إن تكون كذلك ..مثلي إنا القارئ الدائم لجريدة المدى , والمعجب بها ..لدرجة إني أحببت ذات يوم اكتب أشيد بيها وبالملاحق التي تصدرها الجريدة ... أو مثل العراقي الذي لا يستطيع إلا إن يكون عراقي بكل اشكالياته وكل التناقضات التي تحويه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحرروا من لطيف نصيف جاسم
خالد يوسف ( 2010 / 7 / 2 - 15:26 )
يحتج السيد الكاتب على دعوى ضد المدى وهو محق بذلك
ولكنه لم يحتج على دعوى صاحب المدى ضد مجلة الآداب وهو غير محق بذلك
لا نريد ان ندخل في التفاصيل المقرفة
ندعوكم فقط
الى التخلص من مناصرة انتهازية لصاحب الامتيازات ايا كان, صداميا( نسبة الى الدكتاتور المقبور) ام طالبانيا ( نسبة الى دمية المنطقة الخضراء) .. فلم ينفع هتافة لطيف نصيف جاسم نعيقهم وسوف لن ينفع نعيق هتافة صحافة الاحتلال اي نعيق كان , شيوعيا مزيفا ام اسلامويا معمما باي عمة كانت سوداء - خضراء ام بيضاء
كفوا عن الصراخ مدفوع الثمن .. اهتفوا باسم الشعب لا باسماء اللصوص

اخر الافلام

.. نور وبانين ستارز.. أسئلة الجمهور المحرجة وأجوبة جريئة وصدمة


.. ما العقبات التي تقف في طريق الطائرات المروحية في ظل الظروف ا




.. شخصيات رفيعة كانت على متن مروحية الرئيس الإيراني


.. كتائب القسام تستهدف دبابتين إسرائيليتين بقذائف -الياسين 105-




.. جوامع إيران تصدح بالدعاء للرئيس الإيراني والوفد المرافق له