الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الانتقال من معارضة تقليدية إلى معارضة ثورية ديمقراطية
بدر الدين شنن
2010 / 7 / 2العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
لم تخرج .. ولن تخرج سوريا من الحاجة للتغيير الديمقراطي ، طالما بقي الد ستور الذي يكرس حزب البعث قائداً للدولة والمجتمع ، وطالما بقيت ملحقات هذا الد ستور من آليات حكم الطواريء وا لأحكام العرفية معمولاً بها ، وطالما بقيت أجهزة الدولة الأمنية فوق القانون مطلقة الصلاحيات بالتصرف بحقوق وحرية المواطن ، وطالما كانت الدولة أداة التمايز الطبقي المتوحش ، الذي يؤمن مصالح البرجوازية السائدة المتمكنة من السيطرة على القرار السياسي والاقتصادي والأمني على حساب الغالبية العظمى من المجتمع .
والمشهد السوري الذي يتحرك فيه النظام بحرية في الحقل الاقتصادي والسياسي والأمني ، دون أن يواجه اعتراضات واعتصامات ومظاهرات ، لايعني أن مقومات النظام اللاديمقراطية قد أثبتت جدواها ، وثباتها ، وأحقيتها ، بتقرير وتحديد المستقبل ، وأن الشعب قد ا ستكان وا ستسلم لقدره ، أن يكون تابعاً .. موضوعاً .. لنظام " الحزب القائد " والاستئثار بالسلطة ، هو مشهد مخادع لايعبر عن حقائق الأمور . فالأسباب التي دعت المعارضات المتعددة القديمة والجديدة للتحرك من أجل التغيير الديمقراطي ماتزال قائمة ، بل وتعطي هذا التحرك ، مع تواصل تجريم الفعل الديمقراطي وقمعه بالاعتقالات والمحاكمات السياسية ، تعطيه مشروعية أكبر مما مضى ، وتحفزه إلى المزيد من التصميم على تحقيق هذا التغيير .
ما يحدث الآن ، هو أن مختلف أطراف الصراع السياسي في أزمة . بل في أزمات .. مستعصية .. إذ لم ولن تتوفر القناعة لدى النظام ، أن الشعب راض عن حكمه المتفرد بالسلطة وبتسخير الدولة ومؤسساتها الانتاجية والخدمية والأمنية في السير قدماً بنهجه الاقتصادي ، الذي عمق ووسع قاعدة الفقر ، وكرس طبقة برجوازية جديدة ـ قديمة تحتكر القرارالسياسي الاقتصادي الأمني ، وتنكر مصالح ملايين الفقراء ، الذين بات يعز عليهم الرغيف والدواء والكساء والسكن والعمل . بدلالة تمسكه بتكليف الأجهزة الأمنية والقضائية الخاضعة لسلطاته ، لتقوم بالإقناع الأمني القضائي ، لفرض الصمت الشعبي ، وعدم انطلاقة الاحتجاجات والاعتصامات والمظاهرات . ما يعني ، انه رغم مرور نحو خمسين عاماً على الخديعة الكبرى ، التي وعد النظام ، من خلالها ، الشعب بعهد تسوده الحرية والاشتراكية والوحدة ، لم يتمكن النظام من كسب الولاء الشعبي الذي ابتغى الحصول عليه ، وظلت مشروعيته مرهونة بحماية السيف .
ولم تتوفر بعد الأداة .. التنظيم .. القيادة .. القادرة على تعبئة وقيادة الحراك المعارض فكرياً وسياسياً وثقافياً إلى خواتمه الناجحة . لقد برزت قوى وشخصيات معارضة عديدة ، تحملت تضحيات كبيرة ، لكنها بسبب قناعتها بمفهوم الحشد الكمي ، لم تعط أهمية لتجانس بنيتها العضوية وتأثير ذلك على أدائها ، وبالتالي لم تستوعب ا ستحقاقات التغيير بأبعادها الاقتصادية الاجتماعية والسياسية كاملة متكاملة . كان الطرح المعارض ، كما قلنا في مقالات عدة سابقة ، كان نخبوياً يبحث في أغلب الأحيان عن حق الشراكة في السلطة . بل إن هناك فصائل تخلت أمام إغراءات الليبرالية الجديدة ، تخلت عن مرجعياتها الفكرية الطبقية ، وتخلت عن قناعاتها الاشتراكية ، وا ستقالت من النضال الطبقي الاجتماعي . وإذ هي حلمت وعملت على أن تكون أداة ليبرالية معبرة عن مصالح الطبقة الوسطى ، عزلت نفسها عن الطبقات الشعبية ، وأضعفت المعارضة ، التي هي ، في الظروف السورية ، سياسية واقتصادية واجتماعية في آن . وإذ هي اكتفت بالمعارضة السياسية ، على خلفية نزعات ليبرالية ، ليست هي بحال منتجة لنظام بديل مغاير ، لم تتمكن من بناء معارضة ذات وزن في مواجهة نظام يندمج فيه الاقتصاد بالسياسة وبالقمع .
ثمة طروحات مستجدة عند البعض تتمثل في الدعوة إلى الاهتمام بالهم الشعبي ، وبالعودة إلى الاشتراكية المشروطة بالليبرالية السياسية ، كبديل عن اقتصاد السوق السلطوي الأمني ، لكن دون أية محددات لهذه الاشتراكية .. هل هي ما جاءت به النظرية الماركسية .. أم هي اشتراكية بلدان أوربا الغربية ، التي تضم أحزاباً مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني والحزب الاشراكي الفرنسي وحزب العمال البريطاني وحزب العمل الهولندي ، التي تشكل مع أحزاب برجوازية أخرى آليات إدارة وحماية النظام الرأ سمالي وتقود حروبه اللصوصية وتدعم الكيان الاسرائيلي العنصري .. أم هي اشتراكية مفتوحة على الاجتهادات الليبرالية المحلية ، ودون أي ذكر للحوامل الاجتماعية لهذه الاشتراكية .
ومازال سائداً حتى الآن في الطيف المعارض ، عدا ا ستثناءات تبرز هنا وهناك ، يقين مفاده ، أن الخارج يتحمل مسؤولية التغيير في البلاد ، ويرصد بدأب المواقف الخارجية المتناغمة مع مصالح النظام وغير الداعمة للمعارضة ، وأن على هذا الخارج أن يحسم أمره بدعم المعارضة المطلق وبالعداء المطلق للنظام . إلى درجة المطالبة المتلاحقة بالتدخل الخارجي من أجل ناشط اعتقل أو حكم عليه ، وإلى درجة اعتبار مواقف الخارج معيار قوة أو ضعف المعارضة .. ما يعطي الانطباع لهذا الخارج أولاً ، كم هذه المعارضة من الضعف ، حتى لا تقوى على تحمل مسؤولية حماية نشطائها ومعتقليها بوسائل وطنية ، وكم هي السلطة من البأس الذي يسمح لها بإحكام القبضة السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد دون أن تشكل المعارضة وزناً معوقاً لهذا التحكم .
وهنا يتناقص رصيد المعارضة في الخارج . فالخارج لاتحركه المشاعر النبيلة وإنما المصالح . وعندما يجد الخارج أن النظام يؤمن له هذه المصالح بآلياته القوية الراسخة ، فعلام يغامر بعداء النظام تضامناً مع قوى معارضة لاتملك أفقاً منظوراً لاستلام السلطة أو تملك مايحرج السلطة . في أحسن الأحوال يحتفظ الخارج بالعلاقة مع رموز المعارضة المتواجدة في الخارج لاستخدام هذه العلاقة كورقة ضغط على النظام لتحسين أدائه لصالحه .
ومع ا ستمرارنهج النظام المترافق مع انفتاح الخارج عليه ، الذي يزيد في إحساسه المتنامي بالقوة بمواجهة الداخل ، تتضاءل القناعة بأن يجري النظام تحولاً إصلاحياً ، أو يجري اعترافاً بالآخر ويدعوه للمشاركة في السلطة . وهكذا ، فلا الخارج بوارد لديه تجاه المعارضة أكثر مما هو معمول به تحت سقف تحسين العلاقة مع النظام . ولا النظام بوارد لديه أقل مما هو يقوم به إزاء المعارضة للحفاظ على ا ستقراره وا ستدامته . وعلى خلفية هذه الوقائع يفهم الطرح اللافت الذي قدمه أحد قادة المعارضة ، قبل أ سبيع قليلة ، الداعي إلى الانخراط في العملية السياسية ، ضمن الشروط القائمة ، بالاشتراك بالانتخابات التمثيلية وبالحضور النقابي .. ألخ ..
كما لم تتوفر القناعة ، في الدوائر المعنية بالشأن السوري ، بعد سنوات من التنابذ والضغط ، أن النظام قد يتنازل أمام خصومه في المعارضة ، أو يبادر إلى القيام بالاصلاحات المطلوبة تحت ضغط الخارج ، بل تتوفر القناعة هناك ، أن نظاماً قوياً في دمشق ، في هذه لظروف المضطربة ، لاسيما بعد أن ا ستجاب النظام للكثير مما يريده الخارج منه شرق أوسطياً ، هو أفضل لمصالحها ، من أن تبقى هذه المصالح معلقة رهن تطور المعارضة إلى أجل غير معلوم .
ما يحدث الآن حقاً ، هو أن ثلاثي مفاعيل التغيير الديمقراطي في المرحلة الماضية ( المعارضة ، الخارج ، النظام ) قد عرفت واقعها وحدودها . وهي تتعاطى الآن مع الواقع السوري حسب هذه الحدود ، وكل يسعى لضمان وتوسيع حدوده مع الآخر . فالمعارضة التقليدية محكوم حراكها ونموها بدعم الخارج ، في وقت يقررفيه هذا الخارج وحده ، متى ونوع وحجم هذا الدعم ، شرط أن يخدم ذلك مصالحه أولاً . ومصالح الخارج محكومة بتعاون النظام إيجابياً لتأمينها . والنظام يملك قرار تأمين هذه المصالح . وحددت توازنات ومصالح هذه المفاعيل مصير التغيير الديمقراطي .. بأن جعلته مؤجلاً ..
بيد أن الشعب بكل قواه وطبقاته المنتجة الكادحة ، الفاعل الأكبر والأهم ، ضحية الخديعة التاريخية الكبرى ، وصاحب المصلحة الحقيقية في التغيير الديمقراطي ، مازال يعتبر أن التغيير الديمقراطي هو حاجة موضوعية .. آنية .. ملحة .. بل وتكبر عنده هذه الحاجة وتستدعي التعجيل في إنجازها ، كلما كبر همه المعاشي .. وا ستلب منه المزيد من حقوقه الإنسانية المادية والروحية .. وهو .. أي الشعب الذي سيفكك لعبة الخديعة الكبرى وا ستعصاء أزمات المفاعيل التي تتحكم بمصير التغيير الديمقراطي .. بحراكه .. وتضحياته .. وإبداعاته .. وسيعيد تشكيل الحضور المعارض .. ويحقق الانتقال من المعارضة التقليدية إلى المعارضة الثورية الديمقراطية .. التي تأخذ الهم الشعبي والعدالة الاجتماعية في صميم فكرها وحراكها وأهدافها ..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - العلمانية قبل الديمقراطية
فوزى عبدة
(
2010 / 7 / 4 - 21:58
)
لمازا لا نجد حزب يتبنى دستور للبلد علمانى لايخضع لاى مراجع دينية مرجعة الوحبد المواثيق الدولية التى تنص على الحرية والمسواة بين جميع افراد الشعب فى الحقوق والوجبات والمرأة والرجل وبناء على الدستور العلمانى تجرى الانتخبات الديمقراطية شعارها الوطن واحد للجميع الدين والمزهب يخص بعلاقة الانسان باللة ومدى قناعتة بالحياة بعد الموت والايمان شخصى ليس لاحد ان يقيم الاخر حسب مقايسة الخاصة كرامتى مصانة قدر حرصى على كرامة اخى فى الوطن عن قناعة كاملة وشكرا فوزى عبدة
.. رولكس من الذهب.. ساعة جمال عبد الناصر في مزاد
.. Socialism 2024 rally
.. الشرطة الألمانية تعتدي على متظاهرين مناصرين لغزة
.. مواطنون غاضبون يرشقون بالطين والحجارة ملك إسبانيا فيليب السا
.. زيادة ضريبية غير مسبوقة في موازنة حزب العمال تثير قلق البريط