الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استخراج ملح الطعام وتخصيب اليورانيوم، قصة تحرر الشعوب

عمر شاهين

2010 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



يتعرض الأردن إلى الابتزاز الأمريكي الإسرائيلي، الذي وضع نفسه بنفسه في دائرته، بفضل قراراته في إدارة برنامجه النووي. لقد نجم هذا المأزق نتيجة تفضيله التعامل مع عدد كبير من الشركات لتنفيذ حلقات مختلفة من المشروع، معظمها تابعة للاحتكارات الأمريكية، بديلا عن مشروع واحد متكامل.

لقد ازدادت احتياجات الأردن للطاقة، وارتفعت قيمة فاتورته النفطية وأصبحت عبئا ثقيلا على الاقتصاد الأردني، وتنامت كذلك احتياجاته المائية. وبالإمكان الاعتماد على الطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر في آن، أي تلبية الحاجتين معا بأكلاف معقولة في ظل توفر خام اليورانيوم.

النفط والغاز ثروات ناضبة، وتتجه معظم الدول نحو البدائل وخاصة الطاقة النووية. الولايات المتحدة تريد الهيمنة على سوق الطاقة بأكمله وخاصة النووية، في ظل الحاجات المتنامية والمستقبل الواعد لهذا البديل، وهي تهيمن الآن على سوق النفط والغاز.

القانون الدولي يسمح لأي دولة بالسيادة على أرضها وثرواتها بما فيها اليورانيوم، ويسمح باستخراجه وتصنيعه مرورا بالكعكة الصفراء، ومن ثم تخصيبه واستخدامه للأغراض السلمية، وإعادة تدويره والتخلص من نفاياته على أراضيها... أي بامتلاك التكنولوجيا النووية من الألف إلى الياء.
وأمام الأردن خيارات أخرى، بشروط أفضل تتناول مسألة الطاقة النووية بشكل شامل، وهي الأنسب له. فالعروض الفرنسية والروسية متكاملة تضمن المساعدة في كافة الحلقات: البناء وإنتاج الوقود... وصولا إلى المساعدة في التمويل والتدريب وإعداد الكوادر الوطنية. وهي إن كانت أفضل من الأمريكية فلأنها تحاول كسر الاحتكار والهيمنة الأمريكية والحصول على دور وحصة لها في السوق النووية.

الولايات المتحدة تستغل سطوتها العسكرية والأمنية، وتريد لشركاتها القيام بعمليات البناء والتخصيب واحتكار الوقود النووي مما يزيد كلفة أي مشروع، لضمان الأرباح للشركات الأمريكية. وهي دائما تختبئ خلف شعارات أمنية واهية. فالأردن، على العكس من إسرائيل، من الدول الموقعة على معاهدة الحد من الأسلحة النووية، وهو لم يمانع أبدا الرقابة على برنامجه النووي السلمي من قبل وكالة الطاقة الذرية. الشركات الأمريكية التي تتمتع بحظ أوفر تخفي خلفها النفوذ والأطماع الإسرائيلية بنهش اللحم الأردني، الرامية إلى أن تصبح مركزا دوليا مربحا لتخصيب وتجارة الوقود النووي الأردني.

فمن غير المعقول أن ينتج الأردن اليورانيوم ويصدره شبه خام، ليجني غيره، كإسرائيل مثلا، القيمة المضافة جراء تخصيبه واحتكاره، ويستورده مجددا، منها أو حتى من غيرها، كوقود مخصب، ومن ثم إرساله إلى الخارج مرة أخرى لتدويره وإعادته مجددا لدفنه والتخلص منه إلى الأبد. فمثل تلك العمليات ترفع الكلفة وتعيق النمو الاقتصادي وتساهم في المزيد من التبعية للخارج. وإن رفض الأردن لهذه الصيغة والإصرار على التخصيب في الأردن، وحق امتلاكنا لكافة ما يتعلق بالتكنولوجيا النووية السلمية، لهو من أعمال السيادة الوطنية ولا يجوز التفريط بها.

وإنه لمن المستغرب موقف الحكومة الأردنية الباهت عما يجري من المحاولات الأمريكية والإسرائيلية للانتهاك الفعلي للسيادة الأردنية في هذا المجال، بينما تنافح الحكومة يوميا عن سيادة مزعومة تتعلق بمنع منظمات المجتمع المدني الأجنبية من الرقابة على الانتخابات، رغم تقاليد المعاملة بالمثل، لضمان نزاهتها حيال سجل حكومي أردني حافل بتزوير إرادة الشعب الأردني السياسية والمطلبية، وحقه في حكم نفسه بنفسه.

لقد شكل إصرار الشعب الهندي على استخراج الملح من مياه المحيط، وتحدي منع الإمبراطورية البريطانية، التي احتكرت شركاتها إنتاجه وتجارته في منتصف القرن الماضي، إحدى أنصع صفحات النضال السلمي من أجل الاستقلال. واليوم فإن الشعب الأردني لقادر على الدفاع عن سيادته على أرضه وثرواته وحقه في تخصيب اليورانيوم وبناء وإدارة منشآته النووية السلمية. فمن حق الأردن أن يصبح مركزا إقليميا لاستخراج وتخصيب وإنتاج وتصدير ومعالجة الوقود النووي. ومن حق الشعب الأردني أن يدير شؤونه بنفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص