الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين ازمة الكهرباء ومستنقع النزاهة

عزيز العراقي

2010 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



عندما شكلت هيئة النزاهة , كانت على أساس هيئة مستقلة , حالها حال القضاء , ترتبط برئاسة مجلس الوزراء بشكل إداري فقط دون التدخل في شئون عملها . وفي بداية تشكيل الدولة بعد إزاحة النظام السابق , كان الفساد اقل , والسرقات اقل بكثير , ولكن الهيئة كشفت اختلاسات , واستغلال نفوذ , ورشاوى , وجرائم عامة , واحالة مجرمين إلى المحاكم , وكان نشاطها يمتلك الحجم الذي يطمئن أمثالنا إلى وجود رقيب ( ضمير ) لهذه الدولة الناشئة .

قبل إقالة السيد راضي الراضي رئيس هيئة النزاهة السابق , ومطاردته من قبل رئيس الوزراء السيد المالكي وذهابه إلى أميركا , لم أكن اعرفه , ولكني كنت أتابع أعماله عند ترأسه لهيئة النزاهة . ولا تعني هذه الكتابة الدفاع عن شخصه , بقدر ما تمثله من انحدار أحدى المؤسسات التي كان يعوّل عليها لإنقاذ الدولة والبلاد , إلى مؤسسة لا تختلف عن جميع المؤسسات المنخورة بالتحاصص الطائفي المدمر , وتمارس عملها الآن بذات مواصفات الفساد المعمم في جميع أجهزة الدولة . وهي حالة توضح ما يتعرض له الموظف النزيه ان وقف يدافع عن سبب وجود وظيفته ( النزاهة ) المؤتمن عليها . وهذا لايعني ان النزاهة كانت في زمن راضي الراضي على درجة كبيرة من جودة العمل , ولكن الذي كشفه الراضي في حدود إمكانياته , وإمكانية الظروف التي احاطة به الشئ الكثير بالنسبة للواقع الحالي . وقد عطلت الكثير من تحقيقاته , وتم إيقاف الكثير من الدعاوى التي أقيمت على وزراء , ووكلاء وزارات , ومدراء عامين , بقرار من الوزراء , او من رئيس الوزراء, وبالذات عندما أوكل المنصب للسيد نوري المالكي . لقد حاولوا اتهام الراضي بشتى الوسائل , ولولا تمكنه من استغلال الوقت الضائع بالوصول إلى أميركا لكان الآن في خبر كان . وذهابه ليس بعيدا عن المساعدة الأمريكية , لكونه محمّل بمئات الملفات والدعاوى على مسئولين كبار في الدولة , حيث سيستخدمها الأمريكان عند الحاجة , ليس مع كل من تجاوز بحق العراقيين ونهب أموالهم , بل مع كل من تسول له نفسه للوقوف بوجه المشروع الأمريكي في جعل العراق احد حلقات السلسلة الأمريكية لإدارة وتنظيم السياسة الدولية .

وبعد ذهاب راضي الراضي , أصبحت هيئة النزاهة منتجع لتعافي وتبرئة ذمة كل فاسق وسارق , ولعل وزارة الكهرباء المثال الأقرب , والأكثر انحدارا , ففي الوقت الذي كان فيه أيهم السامرائي وزيرا للكهرباء في زمن راضي الراضي , والذي حقق معه لسرقته خمسة ملايين دولار ( فقط ) , وأودع السجن , وأحيل إلى المحاكمة . إلا إن قوات الاحتلال الأمريكي اختطفته من السجن وهربته إلى أميركا لكونه يمتلك الجنسية الأمريكية . بينما وزير الكهرباء الحالي المقال بالشهداء والجرحى الذين سقطوا أثناء المضاهرات , او المستقيل كما يدعي , ويروج له رئيس الحكومة المالكي كما روج لوزير تجارته الهارب الى لندن , فلا احد تعرض له طيلة هذه السنوات الأربعة الماضية , وقد صرفت وزارته سبعة عشر مليار دولار لحل مشكلة الكهرباء , والنتيجة كما يعرف كارثتها الجميع .

يحسب لرئيس الوزراء السيد نوري المالكي الجهود التي بذلها في مكافحة الإرهاب , ولكنه في الجانب الآخر فتح الباب على مصراعيه أمام الفساد , الوجه الثاني للإرهاب , بعد ان طارد رئيسها السابق راضي الراضي , وجعل من الهيئة دائرة تابعة له في كل شئونها الإدارية والفنية . ولا نعرف هل ان الصعقة الكهربائية التي ضربت هيئة النزاهة في مقتل , جاءت عن طريق احد كيبلات السبعة عشر مليار دولار , أم إنها ( الصعقة ) كانت نتيجة لكون النزاهة مفقودة في هيئتها , والنزيه الحالي الموالي للسيد المالكي يختلف عن النزيه السابق الذي لم يتمكن المالكي من تدجينه . وبات العراق حاضنة لكل المستنقعات الآسنة , والنزاهة واحدة من هذه المستنقعات الكبيرة .

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة