الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات جعفر هجول3

محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث

2010 / 7 / 3
سيرة ذاتية


في رحاب الكلية الجامعة (الجامعة المستنصرية)
في الأسطر الأخيرة من الجزء الأول بل الأسطر الثلاثة الأخيرة قلت : (تحقق الظفر بمقعد جامعي فتح لحياتي الشخصية والمعرفية آفاقاً رحبة وفضاءات ثقافية وعلمية كنت بأمس الحاجة لها ولأجنحتها في الطيران إلى ما أريد واطمح).
كان ذلك في الشهر العاشر من عام 1965 ، كنت ما أزال في الحلة ولا زال المحل مفتوحاً (سميراميس) ونشاطه التجاري المتواضع يغطي الحاجة لعازبين بلا مسؤوليات أنا وشريكي إسماعيل خليل كان لابد لي من تنظيم جديد ليومي ولابد من التوفيق بين العمل والدراسة لاسيما وان الدراسة يومية وفي بغداد بعد التحاقي بالدوام واطلاعي على الجدول الدراسي الأسبوعي لاحظت مسألتين مهمتين في الجدول الأولى ان الدوام هو خمس أمسيات في الأسبوع أي ان الخميس والجمعة عطلة أسبوعية والمسألة الثانية ان النحو باعتباره العمود الفقري في اللغة العربية لا يمكن الغياب عن أية حصة فيه وقد جاء مناسباً جداً إذ ان حصصه الثلاثة موزعة على الأيام الأولى من الأسبوع السبت والاحد والاثنين لذلك اتفقت مع شريكي على برنامج عمل استجاب له بحماسة وحب ووفاء للعلاقة وهو انني اذهب للدراسة ظهر كل سبت إلى بغداد واعود مساء كل اثنين أي اقضي ثلاثة أيام وليلتين في بغداد والبقية في الحلة ، أي كنت اغيب لامسيتي الثلاثاء والاربعاء من كل اسبوع كنت اعوضهما دراسياً من خلال بعض الزملاء المواظبين سواء أكانت التغطية محاضرات مكتوبة أم ملازم مطبوعة أم كتب مقررة وحتى لا اثير الانتباه إلى غياباتي الاضطرارية لهذا العام الدراسي 1965-1966 كنت اجلس في آخر الصف كما كان زملائي وأصدقائي يتلافون التسجيل الرسمي للغياب .
هكذا أنهيت العام الدراسي الجامعي الأول بالنجاح بفضل التخطيط وتعاون الأحبة من الأصدقاء سواء في الحلة أو من الزملاء في بغداد .

من الذكريات الطريفة للسنة الجامعية الأولى
* كان من مقررات السنة الأولى مادة الأدب الجاهلي وكان المحاضر فيه الدكتور علي الهاشمي (*) ، والدكتور الفاضل كان يتمتع بميزات محببة للنفس منشطة للعقل والتفكير فوجهه المشرق وبديهيته الحاضرة وتعليقاته المثيرة وتبسيطه الثرّ للمفردات الجاهلية ينقلك إلى أجواء المعلقات وشعرائها.
كان من زملائي في الصف (أ) طالب من منطقة الأعظمية يمتاز بتعليقاته البغدادية وبموهبة الخط ، كان يتطوع لخط اسم مادة الدرس واسم الدكتور المحاضر إضافة إلى الموضوع ويوم وتاريخ المحاضرة ليس لكل المحاضرات والمحاضرين وإنما لمن يحبهم ويميل إليهم وكان الدكتور علي الهاشمي من المحبوبين والمقربين إليه ، كان سعدي الأعظمي خطاطاً بارعاً وأعظمياً أصيلاً خلقاً وسلوكاً ومفردات .
في إحدى المحاضرات عن الأدب الجاهلي تطرق الدكتور الهاشمي إلى الشعر في العصر الجاهلي قائلاً : (يعتقد الناس في العصر الجاهلي بأن لكل شاعر آنذاك شيطان يلهمه الشعر) وإذا بسعدي يقاطع الدكتور وبصوت جهوري عالٍ وبلهجته البغدادية الأعظمية قائلاً : (دكتور رحمة على اهلك الشيطان هم نثية وفحل ؟) فأجابه مباشرة مقلداً لهجته المحببة قائلاً (نعم سعدي ، رافعاً يده اليمنى مؤشراً عليه وإلا شلون اتكاثْرَو) .
* أوائل العام 1966 أجريت امتحانات نصف السنة شاركت فيها واجتزتها بنجاح في المواد التسعة المقررة للسنة الأولى ، بعد انهاء العطلة الربيعية داومت ، استدعيت إلى إدارة القسم وابلغت بضرورة مراجعة دائرة التسجيل في الكلية لأمر هام ، في اليوم التالي ذهبت إلى مديرية التسجيل التي كانت آنذاك مجاورة لكلية التربية العريقة ، وعند استفساري عن سبب الاستدعاء كان الموظف الذي راجعته دمثاً خلوقاً عاملني بلطف واحترام بالغين سألني : اسمك وبعد ان اجبته وعرفته بقسمي ومرحلتي ومشاركتي في امتحانات نصف السنة ونجاحي وتسديدي للالتزامات المالية ، أجابني بهدوء ليس لدينا أي اشكال على كل ذلك انت طالب نظامي وكل ما تفضلت به صحيح ومثبت لكن الاشكال اننا لم نجد لك ملفاً خاصاً بالأوراق المطلوب تقديمها للكلية ، أسألك عند تقديمك هل قدمت ملفاً ؟ اجبته : نعم قال لمن سلمته ؟ اجبت : سلمته هناك في تلك الغرفة ، قال : اذهب إليها وفتش عنه بنفسك ، ذهبت إلى الغرفة ، عند دخولي إليها لم أجد احداً وإنما وجدت العديد من الملفات المبعثرة على ارض الغرفة وحرت بادئ الأمر كيف سأعثر على ضالتي وسط هذه الفوضى ، لكن حيرتي تبددت حين تعلق بصري بملفي الملقى على الأرض ، قفز قلبي سروراً ثم مددت يدي إليه رافعاً اياه مزيلاً عنه الغبار وعدت حاملاً اياه للموظف الذي حاورني ، حين رآني سأل : هل وجدته ؟ قلت : نعم هذا قال : بارك الله فيك ، استلم الملف واخذ يتفحصه ويقول الملف صحيح وكامل ، بادرته ما الموضوع وما سبب الفوضى التي رأيتها في غرفة الملفات أجاب : سأوضح لك الأمر ، اشيع قبل فترة بأن الإدارة البعثية للتسجيل قبلت عدداً من الطلاب البعثيين بدون شهادات تخرج من الإعدادية ونشرت بعض الصحف مثل هذا القول وقد تم تغيير المسجل العام (خالد عبد الحليم) وحل محله (خميس الحاج حسين) وقمنا بتدقيق كافة الملفات للعثور على ما يؤيد الاشاعة ، الآن اطمئن فسأدرج واثبت اسمك ضمن الطلاب المقبولين والمنتظمين في قسم اللغة العربية وليس هناك أي اشكال ، عرفت وقتها سبب الفوضى في الغرفة المذكورة وسبب الاستدعاء المستعجل والمهم لدائرة التسجيل .
أما حياتي العامة وحياة جميع الأصدقاء في ذلك العام فقد توزعت وانتشرت واختارت سبلاً متنوعة بعيدة عن الالتزام التنظيمي ومارست شتى المتع من لهو بريء في المقاهي الحلية والسفرات والسهرات والالتزامات الاجتماعية والقراءات الثقافية وكذلك اللهو غير البريء ولكن بكامل التكتم والسرية حفاظاً واحتراماً للذات والأهل والماضي السياسي الوطني وتقاليد المجتمع الحلي .
في نهاية العام 1966 وبداية العام الدراسي الجديد 1966-1967 انتقلنا إلى بغداد باقتراح من الوالد حيث تخرجت شقيقتنا الوحيدة من الإعدادية وتم قبولها في كلية البنات وضرورة التحاقها بالجامعة ، ورفض الوالد سكنها في القسم الداخلي بقوله لي : أنت في بغداد وأخوك في بغداد وأختك قبلت في الجامعة لماذا لا تصطحبون والدتكم معكم وتؤجرون داراً هناك حتى اطمئن على أختكم مادامت معكم ومعكم والدتكم وانتم أحق بها مني في هذه الظروف ، فرحنا بالمقترح واستأجرنا نصف بيت في الحرية منطقة الدبّاش ، لتنسيب أخي إلى مدرسة في الحرية بعد قبول انتقاله إلى مدينة بغداد بسبب كونه طالباً جامعياً في المستنصرية لدراسة القانون وأنا لازلت مفصولاً أي بلا عمل ، كنا نعتمد في حياتنا اليومية على راتب أخي ومعونة الوالد المنظمة ، في هذه السنة الدراسية كنت اكرر الذهاب إلى الحلة أيام الخميس والجمعة من كل أسبوع وفي إحدى السفرات وعند مروري على الوالد فاجأني بالآتي : أين استأجرتم السكن ؟ اجبته في مدينة الحرية قال : جيد قلت له لماذا السؤال ؟ ضحك واخرج من درج المنضدة التي أمامه مفاتيح بيت وورقة كتب عليها (مدينة الحرية – الدباش – قرب أحذية باتا مع رقم البيت واسم صديقه كريم الطريحي) قائلاً : جاء عمك كريم وسأل عنكم وحدثته بما انتم عليه فقال : أنا سمعت واتيتك قائلاً : لقد اشتريت بيتاً جديداً في مدينة الحرية وهو جديد (توه طالع منه البنه) واخاف عليه وليس هناك أفضل منهم يستحقه ، فخذ العنوان والمفاتيح واسكنوه بدل استئجاركم لنصف بيت واتفقت معه على الايجار وانتم غير مسؤولين عنه ، فرحت للحل الجديد المفاجئ وانتقلنا إليه بداية كانون أول 1966 .

(*) كان الدكتور ضمن الهيئة التعليمية الخاصة للاشراف على تعليم الملك فيصل الثاني ابن الملك غازي ابن الملك فيصل الأول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تقرر بالإجماع تجنيد الحريديم | #غ


.. مظاهرة في مارسيليا ضد مشاركة إسرائيل بالأولمبياد




.. الرئيس السابق لجهاز الشاباك: لا أمن لإسرائيل دون إنهاء الاحت


.. بلا مأوى أو دليل.. القضاء الأردني: تورط 28 شخصا في واقعة وفا




.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق