الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موضوعات الحزب الشيوعي السوري : مدخل لنقد اليسار الرائج

معتز حيسو

2010 / 7 / 3
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


المستوى النظري : مدخلاً للنقد
يمكننا مقاربة التناقض الإشكالي بين المستويين النظري والسياسي، في حقل الممارسة السياسية للحزب الشيوعي السوري( صوت الشعب) انطلاقاً من التحليل الملموس لواقع ملموس،و قراءتنا هذه تلامس لحدود معينة القوى السياسية التي تمثلت آليات نظرية وسياسية تعيّنت في سياق ممارسة سياسية أيديولوجية عقائدية مغلقة أرست مداميك البناء البيروقراطي.بذلك فإن تحديدنا لبعض الملاحظات الأولية والعامة على الموضوعات التي تقدمت بها قيادة الحزب الشيوعي السوري يستند على تجليات سياسية لأشكال وآليات نظرية.
تتجلى الممارسة السياسية للحزب الشيوعي السوري بكونها تعبيراً أحادياً على قاعدة تعيّن الفهم النظري للماركسية من بوابة العقيدة الستالينية. ويتعيّن هذا الفهم في سياق ممارسة سياسية نابذة ورافضة لأي خلاف نظري و سياسي، حتى لو كان على ذات الأرضية النظرية، ليتراجع في هذا السياق الفهم الديمقراطي الذي يجب أن يتحدد انطلاقاً من الجدل المادي (الديالكتيك) بكونه الأساس الأول للماركسية.ويأتي هذا في سياق افتراض القيادة السياسية للحزب بأنها (تناضل ضد التحريفية والانتهازية في الفكر والممارسة لتطهير الحزب من اللونيات المختلفة و التمسك بنهج خالد بكداش في الدفاع عن نقاوة اللينينية والكفاح ضد التحريفية والانتهازية والارتداد والتخاذل، وعلى أن المساس بالفكر الشيوعي العلمي هو تبجيل للفكر البرجوازي وإضعاف لنضال الحزب من أجل الاشتراكية. وإن التخلي عن المبادئ اللينينية في التنظيم الحزبي هو تخلي عن الفكر الماركسي اللينيني، لذلك يرفض الحزب التكتل الداخلي وتعدد المنابر). هذا المستوى من الممارسة السياسية يوضّح تجليات الفهم الأحادي في سياق سياسة بيروقراطية طاردة للديمقراطية توضّحها تحوّل الخلافات السياسية والنظرية إلى انقسامات سياسية تشتت جسد الحزب إلى فصائل متناحرة ومتناقضة، و اللافت بأن ممثلو ( صوت الشعب) يناصبون العداء لكافة هذه الفصائل كونها كما يدعون مرتدة عن الماركسية وخائنة لها، وكأن الماركسية نصاً مقدساً، وأي قراءة تخالف قيادة الحزب تعتبر تحريفاً وانتهازية وتخاذل وارتداداً وكفراً وإلحاداً تستوجب الطرد والتخوين، هذه الرؤية الأحادية الرافضة لأي تنوع واختلاف تؤكدها السيرورة السياسية في بناء كتلة حزبية صماء تتماهى مع شخصية الأمين العام وفكره في سياق تأكيد الأنا الفردية والذاتية المفرطة بذات اللحظة التي يتم فيها الاشتغال على تذويب الأنا الفردية للكوادر في الكتلة الحزبية التي يستغرقها شخص الأمين العام الممثل لضمير الحزب. ولا ينطبق هذا على شكل التعامل السياسي مع القوى السياسية المنشقة فقط، بل يطال أشخاص ورموز سياسية وفكرية حزبية وغير حزبية.
ويتجلى تماهي الحزب الشيوعي السوري ( صوت الشعب ) مع التحليل الستاليني القائم على نبذ الجدل المادي (الديالكتيك) اللذان يمثلان كنه الماركسية من خلال التطابق مع السياسة السوفيتية المعادية للإمبريالية، لكن على قاعدة التكيف السياسي في سياق تماهي قيادة الحزب مع التحول الليبرالي الجديد.هذا التكيف في سياق التحول أدى إلى تغييب جوهر التناقض الطبقي الذي يفترض أن تقوده الأحزاب الشيوعية في سياق ميولها السياسية التغييرية المستندة لفهم جدلية العلاقة بين البرجوازية الداخلية ببنيتها وأشكالها الجديدة ورأس المال الخارجي في طوره المعولم على قاعدة الترابط التي تؤكد أن البرجوازيات الطرفية تجليات للرأسمالية العالمية، و هي جزء(ميكروي) من الاقتصاد الرأسمالي العالمي الكلي(الماكروي)، و الجزء يعبّر عموماً في سياق الترابط الجدلي عن الكل، بهذا فإن التناقض الطبقي يجب أن يتحدد بالدرجة الأولى انطلاقاً من مواجهة تجليات الاقتصاد الرأسمالي على المستوى المحلي من خلال التصدي لسّياسات الاقتصادية القائمة على تحرير الاقتصاد والأسعار والأسواق وتعميق الخصخصة وتوسيع الاستثمارات الخاصة بأشكال تتنافى مع المصالح الاجتماعية، ولا تقود لمشاريع تنموية حقيقية تنعكس نتائجها الإيجابية على الفئات الشعبية، إضافة إلى السياسات التي قلصت منجزات الإصلاح الزراعي ( انتزاع الأراضي من المزارعين لإعادتها لأصحابها الأصليين/الإقطاعيين/ ، رفع سقف الملكية..) ومع كل هذه التحولات فإن مستوى الممارسة السياسية للحزب الشيوعي لم تتجاوز الأشكال المطلبية في حدودها الدنيا، مما ساهم في افتقاده الحوامل المادية لتّغير. وعلى هذا الأساس يتم التكيف مع الشكل السياسي والاقتصادي السائد في سياق تحجيم وضبط كافة المهمات السياسية التغييرية على قاعدة التحالف الجبهوي من خلال رؤية أحادية حتمية ترى أن الانتقال إلى الرأسمالية من مهام البرجوازية، البرجوازية التي بات واضحاً أنها مأزومة وعاجزة عن إنجاز مهامّها الديمقراطية بحكم تبعيتها البنيوية المرتكزة على سياسة شمولية بيروقراطية أمنية تصادر الحريات السياسية والمدنية... مما قلص مكانتها الاجتماعية و دورها التاريخي في انجاز مهامّها الديمقراطية التي هي بالضبط مهمات اليسار الماركسي تحديداً، و القوى الوطنية الديمقراطية .
وفيما يتعلق بالتحالفات فإن قيادة الحزب تؤكد على توثيق تحالفاتها مع الأحزاب الشيوعية العالمية وهذا صحيح، لكنها ترفض أي تقارب أو تحالف مع الفصائل السياسية الوطنية السورية حتى لو كانت ماركسية، لأنها حسب زعمهم تشكّل خطراً على الحزب وتضعف وحدة وإرادة العمل الحزبي، لكن السبب الحقيقي يكمن في تمسك القيادات السياسية العليا بالامتيازات المكتسبة في سياق تحويل الحزب لحزب عائلي وراثي تجبّه ذات الأمين العام المتضخمة التي ساهمت في إشاعة ثقافة الخوف و الطاعة والخضوع والتبعية والتقديس في سياق تكريس لغة القطيع وثقافته. وفي نفس السياق ورغم الهامشية وانعدام الفاعلية السياسية للحزب في سيرورة تحالفه الجبهوي، فإنه يرى أن الجبهة مرحلة إستراتيجية.
ـــ يتناقض موقف الحزب بين تعريفه لذاته على أنه فصيل طليعي يناضل من أجل العدالة وبناء مجتمع اشتراكي شيوعي، ويمثل مصالح العمال والكادحين وهو حزب الوطن، وبين توصيفه للاقتصاد على أنه اقتصاد وطني تسعى الإمبريالية لزعزعته. بينما التحولات الاقتصادية و أشكال تجليات السياسات الاقتصادية تميل بشكل متسارع إلى تطبيق اقتصاد السوق الحر المندمج بحركة الاقتصاد العالمي عبر منظمة التجارة العالمية. وهذه التحولات تتقاطع مع ما يراه الحزب في موقع آخر، من أن (القضايا الاقتصادية الراهنة وعمله في سبيل عقلنة التدابير الاقتصادية سيأتي في إطار اقتصاد السوق القائم في سوريا)، وهذا يتناقض مع ادعاء الحزب معارضته البرجوازية الكومبرادورية السورية المتمثلة في المشروع الاقتصادي الليبرالي الذي بات يفضي للإنهاك السياسي وإزالة قطاع الدولة عبر سيطرة الاحتكارات الأجنبية وممثليها المحليين. يطرح الحزب خياراً مرحلياً يتمثل في رأسمالية الدولة ذات الوظائف الاجتماعية ويؤكد بأن قطاع الدولة ما زال قوياً، وهذا يتناقض في سياق التحولات الجديدة مع الواقع الراهن( يشارك القطاع الخاص في العملية الاقتصادية بنسبة: 65 % في الصناعة عدا الصناعة الاستخراجية،و 75% في النشاط التجاري، و70% من الناتج الإجمالي، تدني المستوى المعاشي لغالبية المواطنين)، وأيضاً مع السياق الموضوعي لتحقيق (الاشتراكية في البلدان المتخلفة) الذي يفترض وجود يسار ماركسي/ ديمقراطي، يقود انجاز المشروع الديمقراطي المحدِّد لآفاق المشروع الاشتراكي. أما فيما يخص تحديد الدور الوطني فإن يتم بدلالة الموقف من المشروع الإسرائيلي فقط، ويبتعد عن تحديد مستوى تجليات حقوق المواطنة والحريات السياسية والمدنية ... التي تشكل الأسس الموضوعية والأولية لتحديد المستوى الوطني. وبمقدار تعيّن هذه المستويات واقعياً، فإن مفهوم الوطنية يكون أكثر وضوحاً وتبلوراً ورسوخاً في الممارسة السياسية اليومية، وهذا ما يعمّق البعد الوطني في مواجهة المشروع الإسرائيلي والإمبريالي. و يتساوق هذا المستوى مع نقد الحزب لبعض الدول العربية التي تزداد فيها وتيرة المعارك الطبقية مع خنق الحريات الديمقراطية، ويتجاهل بذات الوقت التناقضات الداخلية على المستويين السياسي والاقتصادي. ويتجلى التناقض أكثر عندما يطالب الحزب بإطلاق الأسرى السوريين والعرب في السجون الإسرائيلية، وهذا مطلب مشروع لكن اكتمال المعادلة يفترض عدم تغييب قضية معتقلي الرأي في الداخل.
فيما يخص موقف الحزب من المقاومة،فإنه يتناقض مع البنية السياسية والنظرية للماركسية التي تدعي قيادة الحزب تمثيلها نتيجة تمجيدها للمقاومة دون الاستناد إلى التحليل النقدي لبنيتها السياسية والنظرية والعقائدية، التي هي أحد عوامل عجزها عن انجاز المشروع الوطني الديمقراطي العلماني، مما يمكن أن يشكل ميلاً نكوصياًً في سياق حركة التطور التاريخي. وفيما يخص الحركات الرجعية المتسترة بالدين فإنها ليست فقط صنيعة أمريكية لضرب حركات التحرر كما تفترض الوثيقة، بل يوجد أسباب سياسية واقتصادية وثقافية تمّكن المد الديني الأصولي السلفي من اعتماده سياسية العنف للوصول للسلطة التي يعتبرها السلفيين بوابة لتغيير وجه المجتمع وبنيته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدعو سوريا -لاستغلال الهدوء- للتقارب مع المعارضة والتح


.. VODCAST الميادين | حمة الهمامي - الأمين العام لحزب العمال ال




.. غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي


.. نيران تأتي على البرلمان الكيني إثر اقتحامه من آلاف المحتجين




.. ماكرون: -برنامج اليمين واليسار سيؤديان الى حرب أهلية في فرنس