الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفين في الارض

البتول الهاشمية

2004 / 8 / 18
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


عندما مثل سقراط المفكر والفيلسوف الشهير أمام المحكمة بتهمة عصيان الدين وإنكار آلهة المدينة لم يكن أمامه سوى خياران
إما أن يعترف بان كل ما دعا إليه هو بدعة وينحني أمام صنم الآلهة آنذاك أو الموت بكل بساطة
المشكلة إن تلاميذ سقراط كانوا في قصر المحكمة ووجد المفكر انه من غير اللائق أن ينحني وأمام كل هؤلاء وهو الذي دعاهم إلى غير هذا تماما وفضل أن يتجرع السم .
وجاء دور غاليليو بعد مئات السنين ووقف هذه المرة أمام الكنيسة بتهمة الزندقة ومخالفة ما جاء في الإنجيل على اعتبار انه ادعى أن الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس كما كان سائد , ولكن ما حدث هذه المرة إن العالم الإيطالي لم يخجل من طلابه و أنكر رأيه بعد أن أدرك إن سلطة الكنيسة لا تمازحه وان رقبته بين فكيه ووقفت ارض غاليليو إلى الأبد وخرج من قاعة المحكمة التي برأته وكما جاء على لسان احد تلامذته انه لما وصل مكان امن تلفت حوله فلم يجد أحدا عندها ضرب الأرض بقدمه وقال لها : قولي انك تدوري .
ها نحن أمام موقفان متشابهان إلا في الفصل الأخير ... فمن يا تراه كان الأكثر موضوعية وبمعنى أدق الأقرب إلى الصواب ,قبل الإجابة تعالوا نشير إلى نقطة هامة ألا وهي إن غاليليو بعد هذه الحادثة قدم الكثير من النظريات المفيدة وكان خلف اختراع البندول في حين صمت سقراط إلى الأبد ويبدو من المحاكاة الأولى إنني تحيزت إلى غاليليو منذ البداية وتلك ليست الحقيقة ولكني ضد مسار التاريخ الذي رفع سقراط إلى القمة وانزل غاليليو إلى الحضيض وأنا بهذا لا أنكر حق سقراط في التمسك برأيه لدرجة حبل الوريد غير إن الأمر لم يكن ليستحق كل ذلك التصفيق وخصوصا إن علمنا أن معظم تلامذته قد تفرقوا من بعده وبنفس المنطق على الآخرين أن يقدروا لغاليليو خوفه على رأسه دون أن يكون موضع سخرية أو تقريع فكثيرون هم من كانوا في عصر غاليليو واقروا بان الشمس هي التي تدور ومع ذلك ليس ثمة من أشار لهم ولو بالبنان لماذا غاليليو ؟ ألا انه كان مثقف عصره
ها قد وصلنا إلى الحبكة.
لماذا المطلوب من المثقف أن يكون بطلا ؟
عندما سقطت النازية في ألمانيا حكم آلاف المثقفين بالإعدام وكاد هايدغر فيلسوف النازية أن يفقد رأسه حتى اللحظة الأخيرة في الوقت الذي لم يسال فيه حرس هتلر عن أي شي والمفارقة إن طباخوه أكثر الناس قدرة على التخلص منه آنذاك أصبحوا مشهورين فيما بعده ومنهم من ألف كتب عن فن الطهي .
رومل – ثعلب الصحراء في الحرب العالمية الثانية – حتى الآن هو صاحب أقوى انسحاب بأقل خسائر ممكنة في تاريخ الجيوش ونظريته تلك تدرس في الأكاديميات والمعاهد العسكرية مع انه ضحى بالأرض والعتاد في سبيل حياته ومن معه, لماذا ينتهي كل هذا حين يتعلق الأمر بالمثقف
هل المطلوب منه أن يضحي برأسه حتى يرضى عنه التاريخ أما أن الثقافة صارت لعنة على أصحابها
آن الأوان لنحاكم المثقفين على أنهم بشر يخطئون ويخافون ومن أراد بطلا فليبحث عنه
حيث يتوافر الأبطال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود مصرية لتحقيق الهدنة ووقف التصعيد في رفح الفلسطينية | #م


.. فصائل فلسطينية تؤكد رفضها لفرض أي وصاية على معبر رفح




.. دمار واسع في أغلب مدن غزة بعد 7 أشهر من الحرب


.. مخصصة لغوث أهالي غزة.. إبحار سفينة تركية قطرية من ميناء مرسي




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف الطوابق العلوية للمباني السكنية بمدي