الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في مشروع القانون الأساسي لموظفي العدل لسنة 2010 ┘ج 6└

اسماعين يعقوبي

2010 / 7 / 5
دراسات وابحاث قانونية


الضغوطات الداخلية وإصلاح أوضاع العاملين بقطاع العدل:


في ظل سياسة تجميد الاجور التي اتبعتها الدولة منذ تطبيق التقويم الهيكلي وعدم تغيرها على نحو يعوض العاملين في القطاع العمومي للخسائر التي يتكبدونها من جراء ضعف وتراجع قدرتهم الشرائية, فان ذلك قد أدى الى استشراء ظاهرة الرشوة والفساد الاداري, حيث يلجأ العديد من العاملين بالقطاع العام الى اسغلال المنصب والمسؤولية والسلطة المخولة لهم للحصول على دخول غير مشروعة لمواجهة موجة الغلاء وتدهور مستوى معيشتهم.

ويعتبر الجهاز القضائي من اكثر الاجهزة التي تعرضت للنقد ودعوات الاصلاح, حيث تجمع جل التقارير التي تصدر عن الجمعيات الحقوقية ومختلف الهيئات المدنية والاحزاب السياسية على غياب العدالة واستشراء الرشوة والفساد في اوساطه بالاضافة الى عدم استقلاليته عن الجهاز التنفيذي مما يحد من فعاليته ويجعله تحت رحمة جهاز كلف بتسيير الشأن العام المعروف بتشابك المصالح وتضاربها, كما يعرف اختلالات كبيرة يجب على القضاء اخذ دوره المناسب في التصدي لها. وينتج عن كل هذا أن مجموعة من القضايا والمحاكمات تعرف نهاية سياسية بدل ان تكون قضائية: صندوق التقاعد, تقارير المجلس الاعلى للحسابات التي لا تفتح فيها متابعات, ملف القرض العقاري والسياحي, الترحال السياسي وقضية ترضية حزب الاصالة والمعاصرة, المتابعات السياسية التي تكون احكامها جاهزة ومملاة اما بالمتابعة او الافراج تبعا للتوازنات السياسية...

واذا كانت الرشوة من اهم النقط السوداء التي تنخر جسم جهاز العدالة, فانه يجب التمييز بين وضعيتين:

─ وضعية ما يمكن نعته ب "التسول": فهاته الممارسات هي اقرب الى التسول منها الى الرشوة, وهذا ناتج بالدرجة الاولى عن كون 45 في المائة من موظفي القطاع لا يصل دخلهم الى الفي درهم وجلهم يتقاضى اقل من ذلك بكثير. ولنا ان نتصور موظفا بمدينة كبيرة او متوسطة يتقاضى هذا المبلغ الذي لا يكفي لتسديد واجب كراء شقة فبالاحرى تلبية ضرورات الحياة من مأكل ومشرب ودراسة الابناء ووو , مجموعة من الموظفون يلجؤون الى زملائهم في العمل او الى المحامين او الى القضاة الذين يشتغلون معهم او الى المواطنين الوافدين على المحاكم قصد الاستعانة بهم على التغلب على صعوبة الحياة. درهم من هذا, قهوة او سيجارة من اخر, وجبة فطور او غذاء من طرف ثالث... هذا هو واقع حال مجموعة من الموظفين لا يختلف يومهم عن اليوم الموالي, اجر زهيد لا يلبي مستلزمات الحياة, مساعدة من الزملاء قد يجود بها اليوم وقد لا يجود. هذا الوضع يؤثر على العمل والمردودية ويجعل من تحسين دخل والوضع الاجتماعي لهؤلاء اولوية قبل التفكير في التكوين او التخييم او التخليق...

─ وضعية الرشوة, وهي وضعية موظفين وسطاء في ملفات مقابل اموال طائلة تنقل وضعهم الاجتماعي من لا شيء الى كل شيء بين عشية وضحاها. وينتج عنه وضع صارخ ومتناقض بين اجرة لا تكفي لسد رمق الحياة ووضع اجتماعي راقي يوفر جميع متطلبات الحياة من فيلات وسيارات فارهة وسفريات منتظمة الى الخارج ومستوى عيش لا يحلم به من هم في وضعية متقدمة جدا.


الا ان هاتان الوضعيتان لا تنطبقان على كل الموظفين, فهناك من يلجأ الى القيام بأعمال اخرى خارج اوقات العمل لرفع اجرته لتفادي مد اليد او التعاطي للرشوة, ومنهم من غادر هذا البؤس وترك وظيفته متوجها الى الخارج او الى عمل يلبي حد ادنى من الحاجيات كما يلاحظ هروب اعداد كبيرة من العاملين بهذا القطاع في اتجاه قطاعات اخرى سواء بالقطاع العام: وزارة المالية, القضاء الاداري او العادي, المجلس الاعلى للحسابات, التعليم او القطاع الخاص او مهن المحاماة, التوثيق...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3