الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراحة ليبرمان وتناقض عباس وفياض

محمود عبد الرحيم

2010 / 7 / 5
القضية الفلسطينية


لا أستوعب منطق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس حكومته سلام فياض، ولا أجد تفسيرا لمواقفهما المرتبكة والمتناقضة، وفق أي قاعدة، غير الإضرار بالمصلحة الوطنية الفلسطينية.
فالرجلان يقران - علنا - بفشل المفاوضات غير المباشرة مع الكيان الصهيوني، ويعترفان أنه لا تقدم قد تم إحرازه، على مدى شهرين من المهلة الممنوحة، ناهيك عن ما يزيد عن العشرين عاما التى أُهدرت عبثا، وبلا طائل، على العكس يتواصل الإستيطان، والتهجير للفلسطينيين، والتهويد الممنهج للقدس، بشكل محموم، على وقع جولات ميتشيل، وووعود أوباما الخادعة، وإجتماعات الرباعية الدولية منتهية الصلاحية، وزيارات مبعوثها، وممثلي أعضائها.
ورغم كل ذلك، يواصل كل من عباس وفياض المشاركة في هذه اللعبة الشريرة، لعبة التسويف والجدل وإضاعة الوقت والحقوق، مع تصدير صورة مزيفة للعالم تصب في مصلحة إسرائيل، بشأن وجود عملية سلام ما تزال حية، لها طرفان إسرائيلي وفلسطيني، وراعي أمريكي، وأقصى ما يفعلان هو الشكوى من التعنت الإسرائيلي، أو التهديد بعدم الإنتقال إلى المفاوضات المباشرة، أو التلويح، بغباء سياسي، بإعلان دولة فلسطينية من طرف واحد، وهو أقصى ما يتمناه قادة الكيان، لأنه يجسد رغبتهم في دولة منزوعة السيادة، وبحدود مؤقتة، وعلى مساحة محدودة، وإنهاء القضية هذه النهاية السعيدة والمريحة لهم.
ولا يجرأ، لا عباس ولا فياض، على الإعلان للشعب الفلسطيني وللعالم كله، أننا وصلنا لطريق مسدود، لا يمكن أن نخطو خطوة بعدها، وأننا تعرضنا للخداع، ليس هذه المرة فحسب، وأنما عشرات المرات، سواء على يد واشنطن أو تل أبيب، أو الأثنين معا. وأن لعبة التفاوض ليست إلا إستهلاكا للوقت، لحين إكمال تنفيذ المخططات الصهيونية في الإستيلاء على كامل القدس، وإعلانها عاصمة موحدة للكيان، وإتمام عملية الترانسفير لفلسطينيي الداخل، وإكمال بناء جدار الفصل العنصري، وإقتطاع أجزاء من الضفة الغربية، وزرعها بالمستوطنات.
وإن الإنتظار لن يفضي إلى دولة فلسطينية، لا خلال عام، أو عامين، ولو بعد مائة عام، وأنما وضع الفلسطينيين بين خيار إبقاء السلطة كما هو الحال، أو العودة لطرح ارتباط كونفيدرالي ، لما تبقى من الضفة، مع الأردن، وترك غزة مع مصر، مع مواصلة السيطرة الأمنية الإسرائيلية على الحدود بحرا وبرا وجوا.
ربما علينا أن نحيي وزير خارجية الكيان أفيجدور ليبرمان، الذي كان من الشجاعة والصراحة بمكان، ليعلن بوضوح ، أنه لا دولة فلسطينية خلال عامين، كما نتوهم، أو يراهن بعضنا خطأ، وأن المطروح فقط لقاءات هنا أو هنا، ليفيق الواهمون.
وليت عباس وفياض يستوعبا هذه الرسالة الواضحة بلا لبث، التى كلما ذكرناهما بها نتعرض للإتهام بالمبالغة والتهويل، وأننا أعداء السلام، ودعاة الحرب، وأن ثمة فرص سانحة للتسوية، لا نراها، تستدعي التخلي عن خيار المقاومة المسلحة، والرهان على واشنطن.
ونأمل أن يمتلكا كل منهما نفس الشجاعة والوضوح في الموقف، الذي يتحلى به قادة اليمين الإسرائيلي، ليضعا نهاية لهذا المسلسل الممل والسخيف المسمى بالمفاوضات، و"عملية السلام"، التى لا يجوز وصفها سوى بإلاستسلام، وبدلا من الإنتظار إلى سبتمبر موعد نهاية المهلة الممنوحة لهذه اللعبة، على عباس، الذي بادر إلى طلب غطاء عربي للإنخراط في هذه المفاوضات العبثية، أن يبادر مرة أخرى إلى طلب التوقف عن هذا الإهدار للوقت والحقوق، ومواجهة الرأى العام الداخلي والخارجي بالحقيقة، ثم عليه أن يشرع في حل السلطة الفلسطينية فورا، ويشرع في مصالحة فلسطينية حقيقية على أجندة المقاومة، لا طروحات صهيوأمريكية، مع إنشاء قيادة فلسطينية موحدة، تنهض بالمشروع الوطني الفلسطيني من كبوته، بشقيه السياسي والنضالي، سواء فى إطار جديد، أو ضمن منظمة التحرير، بعد إصلاحها على أسس توافقية سليمة، وضم القوى، التى خارجها على نحو يحقق التوزان والمشاركة الجماعية، ويوقف سيطرة فتح عليها، مع التراجع عن خطوة شطب الكفاح المسلح من ميثاقها.
أظن أن هذا إختبارا حقيقيا للوطنية، وللزعامة، التي صدعنا بها كثيرا هو ورجاله، وبيانا عمليا أنه ليس ألعوبة في يد أمريكا وإسرائيل، لتصفية القضية الفلسطينية، وأنه صادق فيما يقوله بإستمرار، أنه زاهد في السلطة، وليس متثبثا بكرسيها وذهبها، ولو ذهبت القضية للجحيم.
لو أتخذ عباس هذه الخطوات، ولا أظن أن بمقدوره أن يقوم بها، لحدث تغير نوعي في مصير القضية الفلسطينية، ولأوقفنا نزيف الخسائر، والخصم من هذه القضية، ولتوحد الفلسطينيون على قلب رجل واحد، وعلى هدف واحد، ولاُجبر العرب في معظمهم على تغيير خياراته الإنهزامية ونهج التبعية، ومن لم يدعم منهم المطالب العادلة للشعب الفلسطيني في العيش بكرامة وإسترداد حقوقه المهدرة، فعلى الأقل سيمتنع عن العمل ضدها.
وساعتها، سيجد الكيان الصهيوني نفسه في موقف حرج، ليس ممسكا بكل خيوط اللعبة كما هو الحال الآن، ولن يجد من يخفف عنه أعبائه، خاصة الأمنية والإقتصادية، أو يتعاون معه، ويمنحه قدرا من الشرعية فلسطينيا وعربيا، و ستضيق حرية الحركة والمناورة الحالية، وسيتم العودة للصورة الواقعية لواقع الفلسطينيين، من أنهم شعب تحت الإحتلال، وليسوا أصحاب سلطة، ولديهم رئيس، ورئيس حكومة، ومؤسسات، ودولة فى إطار التشكل، وأن ثمة تنازعا فقط على بعض القضايا، في طريقه للحل إن عاجلا أو آجلا.
وبهذا الشكل سيتم وضع المجتمع الدولي، ومؤسساته أمام مسئولياته، التى يتنصل منها حاليا ، مكتفيا ببعض المساعدات الإنسانية، وكأن الفلسطينيين، لا قضية سياسية لهم ولا حقوق، وأنما لاجئون يستحقون فقط بضع مساعدات معيشية، تبقيهم على قيد الحياة، في مقابل التسليم بتوفير الأمن والأرض لإسرائيل.
بإلاضافة إلى أنه وفق هذه الوضعية، لن يجرؤ أحد، على التشكيك في شرعية المقاومة للإحتلال، وكيف أنها حق لا يقبل الجدل، ووسيلة ناجعة معترف بها، لتحرير الأرض، وسيعود للقضية زخمها المفقود، وللأمة العربية روحها من جديد.
وأظن أن على مصر بإعتبارها الدولة العربية الكبرى، التى قدرها أن تحتضن القضية الفلسطينية، وتدعمها بكل ما أوتيت من قوة، أن تحشد كل القوى العربية والدولية، وترعى هذه الخيارات، التى تستوجبها متطلبات اللحظة الراهنة، وضرورات المصالح الإستراتيجية، خاصة، أنها وكل الدول العربية، جربت دعم الخيار التفاوضي الفاشل والخاسر، وصار لديهم نفس القناعة في فشل خيار التسوية، وعدم جداوه، ويعلنون هذا غير ذي مرة.
وبدلا من الإيعاز لشيخ الازهر، بأن يفتي بتأثيم من يرفض المصالحة، دون تحديد مفهومها ولا أرضيتها، وأنما رغبة فقط في إلقاء اللوم على حماس، فى إطار الصراع المتواصل بين القاهرة وبينها، أولى بمصرالرسمية أن تطالبه بالفتوى بتأثيم التفاوض العبثي، والإضرار بمصالح الفلسطينيين، والتأكيد أن الجهاد فريضة، ونصرة المظلوم واجبة، وإن كانت هذه حقائق واضحة وإلتزام أخلاقي، لا يستوجب فتاوى، وإن كنا في الأساس ضد توريط الدين في السياسة، وإستغلال الدين لأغراض براجماتية متغيرة، وتوظيفه مع أو ضد، حسب أجندات معينة، ليس هدفها الصالح العام.
*كاتب صحفي مصري
Email:[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص