الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جبال قنديل العصية على فهم الغرباء

عبدالوهاب طالباني

2010 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



على الرغم من ادعاءات الحكومة التركية الحالية بالانفتاح على القضية الكوردية في الاناضول ، الا ان الامور تبدو تسير نحو الانغلاق على القضية الكوردية والاستمرار في النهج المتعالي المعتمد على تعمد ازهاق الارواح والاستمرار في نهج القتل والحرب المدمرة التي تحصد من الارواح الكوردية والتركية دون اي سبب حقيقي سوى ارواء العطش العنصري الذي بني عليه الجمهورية التركية. وفي حين هناك الكثير من الاساليب السلمية التي يمكن الركون اليها في سبيل معالجة الوضع الكوردي في الاناضول الا ان القيادات التركية ومنها قيادة اوردوغان لا تعرف في النهاية سوى لغة التهديد والوعيد والبحث عن السلاح الاكثر فتكا ، بل والبحث اخيرا عن قوات دولية تساندهم في خططهم الحربية في جبال قنديل . تلك الجبال الحصينة التي تعتبر قلب بلاد كوردستان وقلعتها المنيعة والتي تهم كل شعب كوردستان وليس حزبا او طرفا معينا في الحركة التحررية الكوردية ، لان اي محاولة لاحتلالها من قبل قوات نظامية تركية او غير تركية ستجعلها ضعيفة امام جماعات الارهاب العالمي التي تسيل لعابها من اجل الانتقال لها في حال ( وهذا يبدو مستحيلا) الاجهاز على الوجود الكوردي فيه . وبالتأكيد ان تمركز اية عصابات ارهابية عالمية مثل القاعدة في قنديل سيكون خطرا كبيرا جدا على الحركة التحررية الكوردية ، والخشية كل الخشية في ان تحاول جهات تركية دفع بعض تلك العصابات الى تلك الجبال للتخلص من الوجود الكوردي فيها ، وبالتأكيد ان تحقيق هذه الفرضية ليست سهلة بل يمكن ان اقول انها قد يكون مستحيلا ايضا لانها ستجابه ليس فقط من كورد شمال كوردستان بل من كل الشعب الكوردي اينما يكونوا ، كما يمكن ان يكون غير مقبولا من قبل اميركا والاوروبيين ايضا.

وفي حال استطاعة القوات النظامية التركية او غيرها احتلال بعض ممرات الجبل العتيق الا انها لن تستطيع الصمود والبقاء فيها ، امام هجمات مقاتلي حروب العصابات الذين يعرفون كل شبر من دروبها ويعشقون قساوتها ، ان جبال قنديل هي بمثابة مثلث الموت لكل من يحاول التمكن منها ، والمسألة في رأيي المتواضع لا تتعلق بمقاتلي العمال الكوردستاني ، بل تتعلق بالامن الكوردي بصورة عامة ، فسقوط قنديل المستحيل لا يعني الا سقوط الحلم الكوردي ، وليس من المعقول ان يعشعش في تلك البقعة العصية اية قوات غريبة عن اهل الجبل وتراب الجبل وهواء الجبل ، وقنديل بطبيعته القاسية هو القلعة التي تحمي الظهر الكوردي في اربعة اجزاء بلاده . المحتلون يبسطون الان ايديهم على الكثير من سهول كوردستان ومدنها ، وقد يستطيعون احتلال المزيد منها ، ولكن احتلال قنديل بكامله والبقاء فيه سيبقى حلما غير قابل للتحقيق مهما بلغت حجم القوات المغيرة ، هذا الذي اقوله ليس صادرا عن عاطفة قومية او اعتداد ، بل ان هذا كان ومازال رأي اكثر القادة العسكريين الاستراتيجيين في العالم ، وقد صدر الكثير من تلك الاراء ابان الهجوم التركي على اقليم كوردستان قبل عام او اكثر.وقيل ان تركيا لن تستطيع الصمود بين وهاد ونتوات وصخور تلك الجبال ، وفي الاخير يجب ان ترحل من هناك ، وفعلا حصل ما تنبأ به هؤلاء القادة ، الكورد وحدهم يستطيعون ان يلووا ذراع جبالهم ، وحدهم يعرفون اسرار غاباتها وممراتها وكهوفها ، منذ الاف الاعوام وبلادهم تتعرض للحروب والغزوات من الشرق والغرب والشمال والشرق ولكن صدر قنديل كان يحميهم ويبعد عنهم شرور الغزاة. الكل ذهبوا وبقي الجبل الاشم يحتضن اهله .

والاتراك عندما يساومون الغرب على قنديل ، يبدون غريبي الاطوار ، فهل من الممكن ان تصل العقلية الغربية الى درجة الغباء التركي كي يرسلوا اولادهم ليعلقوا بين شعاب الجبل العتيد ذي الطبيعة القاسية والصعبة. لذلك كان باشبوغ ( على ما اتذكر) قائد الجندرمة التركي صادقا عندما قال بصريح العبارة ان مقاتلي قنديل طيروا النوم من عينيه ..!

ان الغرب بدأ يعرف الان جيدا كنه الادعاءات التركية ونفاقهم ، ويعرف ان كلمات السلام والديمقراطية عند النظام التركي لا تعني الا المزيد من الحديد والنار ضد السكان المدنيين والاصليين لشعب قنديل وجبال زاكروس عموما ، لذلك اعلنت احدى عضوات البرلمان الاوروبي قبل اسابيع قليلة ان تركيا لن تستطيع الوصول الى الاتحاد الاوروبي الا عبر بوابة ديار بكر ، اي ان تركيا لن تستطيع ان تكون دولة متحضرة الا عندما تفهم مبادئ الديمقراطية والسلام وتعالج المسألة الكوردية ، وفقط ، وفق تلك المبادئ لا غيرها ، ويبدو ان الامريكان ايضا بدوا منزعجين من الاتجاهات التركية في استمرار الحرب في شمال كوردستان ، فقد نشرت وكالة ( به يامنير) خبرا يؤكد هذه الحقيقة ، يقول الخبر : ان اوردوغان طلب من الرئيس اوباما تزويد تركيا ببعض الطائرات المتقدمة كي تساهم في العمليات الحربية في جبال قنديل الا ان الرئيس اوباما رفض طلب اوردوغان ولكن بطريقة لبقة اذ قال له _ حسب الوكالة_ ان وضع تركيا عند اعضاء الكونغرس الاميركي حاليا سيء ويعاني من برود فليس من المعقول في هذه الحالة تقديم اي طلب من هذا النوع اليهم لانهم سيرفضونه "

وحسب مصادر اخرى ايضا فان الاتراك طالبوا بقطع الإمدادات العسكرية والمعيشية عن جبال قنديل، وكلها تمر عبر المناطق التي تسيطر عليها "حكومة" إقليم كردستان، بحسب ما تدعي الحكومة التركية.

من المعلوم لكل من يعرف الطبيعة الطوبوغرافية لتلك الانحاء ان ليست هناك قوة على الارض تستطيع ان تسيطر على منافذ جبال قنديل ، فمن المستحيل لقوات اية دولة ان تضع على مسافة كل عشرة امتار جنديا وخصوصا في فصل الشتاء حيث تنخفض درجات الحرارة في تلك المناطق الى دون الصفر بعشرين درجة ، الارض ليست سهلية وليست هناك طرق سالكة للسيارات وفي بعض المناطق لاتوجد طرق حتى لمرور شخص عادي ، الممرات ضيقة وعصية جدا ، واهل تلك الجبال وحدهم ادرى بشعابها! ثم اية عقلية وحشية هذه التي تريد قطع الارزاق عن اهل الجبل ، فالذين يعيشون بين شعابها اكثرهم من الناس المدنيين والقرويين الكورد الذين سكنوها منذ ان قالوا بلا ، اذن هل يريد الاتراك (تطهير!) الجبل من كل الكورد. الا يعني هذا ان اوردوغان ايضا في سفاهات الفكر العنصري وان كل الكلام الذي يردده عن الانفتاح ليس الا تخديرا للناس؟

وحول الاخبار التي نشرت حول طلب تركيا الاستعانة بقوات الاطلسي للتورط في قنديل سارع مسؤول تركي فورا إلى القول انه ليس المقصود بهذا التصريح الاستعانة بقوات "الأطلسي" بل قطع الدعم عن "الكردستاني". لكن مصادر غربية في تركيا ترى أن "الأطلسي" ليس في وارد التورط في جبهة جديدة وخسارة المزيد من أرواح جنوده في وقت تستعد القوات الأميركية للانسحاب من العراق. وترى مصادر أخرى أن طلب اردوغان المساعدة من الحلف يفضي إلى تدويل القضية الكردية، وهذا يعنى انسداد الأفق الداخلي للحل، وسقوط ما سمّي بالانفتاح على الكورد، وهذا لا يليق ولا يعكس الهيبة التركية كلاعب إقليمي مؤثر، كما ترى الدولة التركية.

لذلك كان السياسي الكوردي احمد ترك زعيم حزب المجتمع الديمقراطي الكوردي المنحل مصيبا عندا فال في تركيا يجب ان تكون سياسة الانفتاح ناتجة عن سياسة دولة وليست ناتجة عن سياسة حكومة سرعان ما تذهب.

مشاكل تركيا لن تنتهي باغلاق ممرات قنديل المستحيل ، وتركيا مع الاسف ليست في وارد ان تفهم اسرار الجبل الكوردي وتحترم رغبات اهل الجبل لذلك امامها سنوات عصيبة ، ولكن عسى ان تفهم اخيرا ان السلام والتفاهم والمحبة هي فقط الطرق السالكة التي تفتح لها قلب الجبل العتيد ، وتنتهي فصول المكابرة الفارغة ..ويتوقف سفك الدم التركي والكوردي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز