الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رئاسة الطالباني ليست الهم كله

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2010 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



مرت اربعة اشهر على اجراء الانتخابات التشريعية في العراق ، ولا زال الساسة العراقيون غير متفقين على تشكيل حكومة جديدة وفق النتائج التي افرزتها الانتخابات ، ويظهر بوضوح ولدى اغلب الكتل السياسية ان التكتل الطائفي والعرقي لا زال يسود المشهد العراقي وبكل قوة ، هذا من ناحية ، ومن الناحية الاخرى تبرز الدور الاقليمي والدولي البارز في التدخل بالشأن العراقي الداخلي وفي الاتيان بشكل معين من الحكومات . وكل اللوم لايقع على عاتق الدول الجارة او الولايات المتحدة الامريكية اذ ان اغلب الساسة العراقيون هم الذين بادروا لزيارة العواصم في الدول الجارة وطلب المساندة والعون منها وعلى اساس طائفي بحت ، فالقادة الشيعة توجهوا الى طهران فيما اتجه القادة من السنة الى الرياض وعمان والقاهرة وانقرة ، وقد فرض التكتل الطائفي نوعا من التحالف الهش والضعيف بين قائمة دولة القانون بزعامة المالكي والاتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم وبتاثير مباشر من التدخل الخارجي ، فيما تبذل الولايات المتحدة جهودها لمنع طهران من تشكيل حكومة عراقية وفق رغبتها ،و تحاول فرض تحالف بين القائمة العراقية وقائمة دولة القانون وتاتي زيارة نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن لبغداد لهذا الغرض تحديدا . ومع الحديث عن هذا التحالف الجديد يجري الحديث ايضا عن تولي المالكي او علاوي رئاسة الجمهورية .
ومع ان منصب رئيس الجمهورية استحقاق دستوري لكل عراقي بغض النظر عن المذهب والعرق القومي الا ان بعض الساسة لازالوا ينظرون الى الدستور بغير احترام ، بل لا يأبهون بقواعد المواطنة في هذا البلد الذي عانى الكوارث من جراء سياسة التمييز بين المواطنين فيدعون الى اختيار رئيس للدولة من القومية العربية حصرا ، وهذا يشكل استهانة بحقوق المواطنين من القوميات والاثنيات الاخرى في العراق ، فكما يحق للعربي العراقي ان يتولى الرئاسة يحق لغيره ايضا ، وطالما ضعف الانتماء الوطني امام الانتماءات الاخرى ظلت محنة الوطن كما هي .
من جانب اخر يبدو ان التحالف الكردستاني قد اطر كل حقوق الكرد وشروط مشاركته في الحكومة القادمة بتولي السيد جلال الطالباني رئاسة الجمهورية ، حتى ان بعض النواب من كتلة التحالف الكردستاني يعتبرون الحديث عن تولى عراقي اخر لهذا المنصب وكانه تجاوز للخطوط الحمراء او لحقوق الكرد او كان الدستور قد منح هذا الحق تحديدا الى التحالف الكردستاني ، لقد وصف احد نواب هذه الكتلة الحديث عن تولي علاوي او المالكي منصب رئيس الجمهورية بانها احاديث خيالية ! وهدد نائب اخر بان تجريد الكرد من هذا المنصب سيكون له عواقب . فيما صرح قيادي كردي لم يفصح عن اسمه لجريدة الشرق الاوسط ، ان الكرد قلقون من ضياعهم منصب الرئيس ، انا لا اشعر بهذا القلق لدى الكرد ولا اعد المنصب كنزا نخشى فقدانه ، انه مثل كل المواقع الاخرى في الدولة يجري تداولها سلميا وليس هناك موقع محدد لطائفة او قومية معينة .
في الانتخابات الاخيرة تقلصت نسبة الكرد في مجلس النواب مقارنة مع الدورة السابقة ، ومع ذلك اقامت جميع الاحزاب الكردية الفائزة احتفالات واسعة بالنصر والفوز ، ولم يتحدث احد عن قلق الكرد من فقدان مركزهم السابق في الحكومة العراقية ، ولكن حين يجري الحديث عن فقدان شخص معين لمركزه ومنصبه يجري الحديث عن القلق الكردي .
الاغرب من كل ذلك ان يعد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني السيد عدنان المفتي منصب الرئيس ( كاستحقاق قومي للكرد ) وقوله ان منح هذا المنصب لغير كردي يخل بالتوازن القومي . اذن مالفرق بين دعوة المفتي ودعوة الهاشمي الى تولي عربي لمنصب الرئيس ، الا يجد الاخوة العرب في العراق او التركمان او غيرهم ان الكرد يجردونهم من حق طبيعي لهم . واقول ان الكرد كغيرهم لهم الحق في تولي منصب رئيس الجمهورية ومنصب رئيس الوزراء وكل المناصب الاخرى اسوة بغيرهم من العراقيين ، وليس هناك منصب محدد لقومية معينة ، ان تصريحات هؤلاء السادة الكرد توحي بان ليس للكرد التفكير في الموقع الاول في الدولة وهو موقع رئاسة الوزراء الذي تولاه الكرد قبل عقود طويلة ، ان الاخلال بالتوازن القومي يجري عند التمييز بين القوميات العراقية وحصر منصب معين بقومية معينة مما يعني اللامساواة بين المواطنين . ان حصر المطالب الكردية بمنصب رئاسة الجمهورية يفقدهم منصب رئاسة الوزراء الى الابد ، فاي مصلحة في تغليب مصلحة فرد على مصلحة شعب ؟
من حق التحالف الكردستاني ان يحدد شروطه ويصيغ مطاليبه بالشكل الذي يروق له ، لكن لا اعتقد ان لا مصلحة للشعب الكردي في المشاركة بالحكومة المركزية الا مصلحة تولي السيد الطالباني شخصيا رئاسة الجمهورية . واعتقد ان المشاركة الحقيقية في الحكم واعادة الثقة بين الاقليم والحكومة المركزية وحل المشاكل دستوريا واشراك الاقليم عن طريق نوابه ووزرائه في بغداد في رسم السياسة العامة اهم من منصب بروتوكولي .
في بعض الاحيان نستنكر بوضوح الاصوات التي تدعو الى حرمان الكرد مبدأيا من منصب رئاسة الجمهورية وهذا من حقنا ، لكن ليس من حقنا ان نحتكر هذا المنصب ونعد تولى غير كردي لمنصب الرئيس اعتداء على حقوق الكرد واخلال بالتوازن القومي. الاخلال الحقيقي بالتوازن القومي هو في دعوة هؤلاء المسؤولين الكرد الى موقع تشريفي مقابل منح المناصب الحساسة الى القومية العربية حصرا وحرمان الكرد منها واعتبار ذلك كعرف دستوري .
ونرى ان من حق اية قائمة ان تطرح مرشحها لاي منصب في الدولة والحكومة وبالتالي يفوز المرشح الذي ينال ثقة مجلس النواب ، وهذا يعني ان للتحالف الكردستاني حق اختيار مرشحه ولكن لا يعني ذلك ان التحالفات الاخرى التي تقدم مرشحها لرئاسة الجمهورية تعادي حقوق الكرد او تود اقصائهم عن المشاركة في الحكم او تطرح مشروعات خيالية تتبعها عواقب.
يجب على التحالف الكردستاني ان يكون اكثر مرونة في مفاوضاته مع القوائم الاخرى خاصة وان نسبة تمثيلنا في مجلس النواب لا يمنحنا فرض شروط معينة ، نعم هناك مطالب كردية من دونها يتعذر المشاركة في الحكم ولكن ليس من بينها مناصب معينة واشخاص معيينين لهذه المناصب . انا لا اتحدث عن كفاءة السيد الطالباني او اهليته ولكن اتساءل عن هذا الاصرار على تولي منصب رئاسة الجمهورية ومن قبل الطالباني نفسه والذي كان قد صرح لجريدة تركية في وقت سابق انه ينتظر نهاية فترة ولايته ليقيم في استانبول ويتفرغ لكتابة مذكراته .
من الاجدر للتحالف الكردستاني ان يبحث في امكانية تكليف احد اعضائه بتشكيل الحكومة ، وامامه الفرصة المناسبة في ظل رفض القوائم الفائزة للمرشحين الحاليين .
لكن يبدو ان المطلب الاساسي هو نفسه ومن جميع الكتل الكردية الفائزة وحتى كتلة التغيير التي عارضت في البداية ترشيح السيد الطالباني ثم سكتت على مضض .
ان قراءة الخارطة العراقية السياسية تبين ان التحالفات ممكنة بعدة صور ، وان هذه التحالفات قد تبعد الكرد عن رئاسة الجمهورية .
فمن الممكن ان تتحالف القائمة العراقية مع دولة القانون لتشكيل اغلبية نيابية تسمح بتشكيل الحكومة من غير مساندة من اية قائمة اخرى وعلى اساس ان يتولى المالكي او علاوي رئاسة الجمهورية ومن الممكن ان يتوسع هذا التحالف ، فماذا سيكون موقف التحالف الكردستاني ؟ هل هناك اية ضمانات ان لا يدخل هذا التحالف اية كتلة كردية ؟ واذا قلنا فرضا نعم وبذلك نصل الى نتيجة انه لايمكن تشكيل حكومة من غير الكرد ، هذا ايضا لا يعني ان لا تكون للمفاوضين الكرد التباحث حول الحقائب التي تمنح الى القوائم الكردستانية . ما اود قوله في الختام هو اني اتمنى ان ارى السيد جلال الطالباني في سدة الرئاسة لاربع سنوات اخرى وباعتباره مرشحا عن الائتلافات الكردية ، لكن لا اتصور ان الكرد قد خسروا موقعهم في الدولة العراقية وجرى ابعادهم عن المواقع السيادية اذا لم ينل السيد الطالباني رضا التحالفات العراقية الاخرى . كما لا اتصور ان الائتلاف الكردستاني او الوفد الكردستاني المفاوض قد نجح في مهمته لمجرد انه تمكن من تمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية ، هناك معايير اخرى اكثر اهمية تحدد الحكم في هذا الشأن .
لقد قال نائب الرئيس الامريكي بوضوح شديد ان المصالح والطموحات الفردية هي التي تمنع تشكيل حكومة عراقية ،واذا كان السيد بايدن يقصد في غالب قوله الطموحات في تولي رئاسة الوزراء ، لكن ليس لشعب كردستان ايضا مصلحة في مجاراة الطموحات الفردية لبعض قادته ان وجدت اليوم او في المستقبل . وارى ان منصب رئيس الدولة البروتوكولي لا يشرفنا نحن الكرد اذا كان المنصب سببا لحرمان الكرد من منصب رئاسة الوزراء تلقائيا .













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم