الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفتوة الجزائرية مرة أخرى

بودريس درهمان

2010 / 7 / 7
السياسة والعلاقات الدولية



الفتوة الجيوسياسية التي جسدتها المملكة المغربية في شمال إفريقيا إبان هيمنة المحافظين الجدد انتهى زمانها و الجمهورية الجزائرية تريد إعادة تجسيد هاته الفتوة من جديد رغم انقضاء وقتها و زمانها. الفتوة الجزائرية الحالية مثلها مثل ذلك العمدة المصري المتقدم في السن الذي أراد الزواج بأرملة مسنة فأجابته بكل حكمة:"يا عمدة هل تريد أن نعيش زماننا وزمان غيرنا".
المشكل و هو أن الجمهورية الجزائرية لم تعش لا زمانها و لا زمن غيرها. لم تعش الفتوة زمن الفتوات و بالتالي لا يمكنها أن تعيش حاليا الفتوة لان الفتوات بكل بساطة انقضى زمانها و عهدها. رغم انقضاء عهد الفتوات فالجمهورية الجزائرية تريد آن تعيش هذه الفتوة و تريد أن تعيشها مزدوجة و دفعة واحدة؛ تريد أن تصبح فتوة الشريط الساحلي للمنطقة الغربية من قارة إفريقيا و تريد آن تصبح كذلك فتوة الشرق الأدنى من القارة الأسيوية.
الحكومة الجزائرية تريد أن تمارس فتوتها على دول ساحل الصحراء و هي لم تقم بواجبها الإنساني اتجاه مواطني هذه الدول كما تحث على ذلك نصوص القانون الدولي الإنساني التي صادقت عليها الحكومة الجزائرية...
بداخل المملكة المغربية، من بين7000 طالب أجنبي المسجلين خلال الموسم الدراسي 2005/2004 خمسة و ستون في المائة منهم هم من دول ساحل الصحراء بمعنى حوالي 4450 طالب جامعي يتابعون دراستهم الجامعية في جميع التخصصات. المملكة المغربية تقوم بتكوينهم تكوينا جامعيا عاليا و في جميع التخصصات و موزعين على 17 مدينة جامعية مغربية بدون أن تلجا الحكومة المغربية إلى احتجازهم بداخل مخيمات بدون هويات مضبوطة و رهنهم بايديولوجية تجاوزها التاريخ منذ سقوط جدار برلين.
يوم الأربعاء 14ابريل 2010تم التوقيع بالجزائر العاصمة على ثمانية اتفاقات تعاون و مذكرات تفاهم بين الجزائر و فيتنام بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفيتنامي نغويان مينه تريات إلى الجزائر. و يتعلق الأمر باتفاقية للتعاون القضائي في المجال الجنائي و اتفاقية تتعلق بإجراءات التسليم و أخرى حول التعاون القضائي في المجالين المدني و التجاري و مذكرة تفاهم بين وزارتي العدل لكلا البلدين. و قد تم التوقيع على هذه الاتفاقيات من قبل وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز و نظيره الفيتنامي ها هانغ كواونغ. كما قام الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية و الإفريقية عبد القادر مساهل و نائب الوزير الفيتنامي للفلاحة و التنمية الريفية غوان مينه كوانغ بالتوقيع على اتفاق للتعاون في مجال الصحة البيطرية و اتفاق أخر حول الحماية النباتية و الحجر النباتي و كذا مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الصيد البحري و تربية المائيات.
الاتفاقيات و المذكرات المبرمة واضحة و لكن الخلفيات الجيوسياسية التي وراء هذه الاتفاقيات لا يمكن فهمها إلا بمعرفة القدرة الشرائية للشعب الفياتنامي فهذا الشعب الأبي ينتج تقريبا جميع السلع التي يحتاجها و يقوم بتسويق بعض منها على المستوى الدولي ولو بواسطة السوق الدولية السوداء الشبه منظمة، لكن قدرة هذا الشعب الشرائية هي في أسفل السافلين على المستوى الدولي و لا يمكن لأي دولة من الدول أن تحقق معه أرباحا مالية مهمة. إذن ما هي الغاية الجيوسياسية من وراء جلب الفياتناميين إلى سوق المنطقة الجزائرية إذا لم تكن هنالك غاية الحصول على أرباح؟
الأرباح هي سياسية محضة مرتبطة بالبنية السياسية لدولة الفيتنام المتماثلة مع بنية الدولة الجزائرية، فرغم أن الحكومة الجزائرية تدعي أنها قطعت مع تجربة الحزب الواحد و تبنت التعددية السياسية إلا أن هذه التعددية هي على مستوى الواجهة الدولية فقط أما النواة الصلبة بما فيها الجهاز التنفيذي المنبثق عن صناديق الاقتراع فهي تخضع لسلطة الحزب الواحد التي هي سلطة الجنرالات. نفس الشيء بالنسبة لدولة الفيتنام؛ فرغم أن الشعب الفياتنامي مكون من حوالي 82 مليون نسمة فهذا الشعب لازال يخضع لسلطة الحزب الواحد. إذن فالأرباح المستخلصة من عملية إبرام اتفاقيات و مذكرات تفاهم لا تعدوا أن تكون تمويهات تجارية لدعم البناء السياسي الداخلي لدولة الجزائر المبني على العنف المجاني و الدوس على قيم حقوق الإنسان.
الحكومة الجزائرية أبرمت الاتفاقيات و المذكرات مع الحكومة الفيتنامية يوم الأربعاء 14ابريل 2010و يوم الجمعة 9 فبراير من نفس السنة أصدرت الحكومة الفيتنامية حكما قاسيا بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف على الكاتبة و المناضلة الحقوقية الذائعة الصيت السيدة Tran Khai Thanh Thuy. الحكومة الجزائرية لم تعبر عن أي أسف أو تنديد اتجاه مثل هذا الفعل اللاحقوقي الشنيع في حين الحكومة الفرنسية التي لديها مصالح متبادلة كثيرة مع الدولة الفيتنامية قامت على الأقل بالتعبير عن "انشغالها العميق بهذا الحدث".
الحكومة الجزائرية تريد إسناد أعمدتها السياسية الداخلية بواسطة صفقات تجارية مع دولة الفيتنام و لكن تريد كذلك ممارسة فتوتها على دول ساحل الصحراء. تجريب الوصفة الجيوسياسية التي واكبت بها المملكة المغربية جنون المحافظين الجدد خلال مدة من الزمن انتهت كل مبرراتها الواقعية حاليا؛ و الحمقى يقول المحللون النفسانيون هم من يسبقون زمانهم أو ياتوا بعده مباشرة و الجمهورية الجزائرية جاءت مقاربتها الجديدة بعد نهاية زمانها الذي هو زمن المحافظين الجدد.
إن أخطر ما يتهم به المجتمع الدولي دولة الفيتنام هو الاتجار في المواد النووية المحظورة و قد سبق للمنتظم الدولي أن وضع يده على صفقات دولية نووية محظورة أبرمتها دولة الفيتنام مع دول أخرى و هذه هي الصفقة المربحة التي تسعى الحكومة الجزائرية عقدها مع دولة الفيتنام. هل نسيتم بان وزير الخارجية الجزائري سبق و أن صرح سنة 2006بان الجمهورية الجزائرية هي بصدد الانتقال من المقاربة التاريخية التحررية إلى المقاربة النفعية و احد وجوه هذه المقاربة النفعية هو عقد مثل هذه الاتفاقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ