الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات - في التيار الديمقراطي (1)

رضا الظاهر

2010 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تأملات

في التيار الديمقراطي (1)

رضا الظاهر

نسعى، في هذه التأملات، الى الاسهام في موضوعة التيار الديمقراطي، المطروحة حالياً للدراسة والتدقيق، بغرض المشاركة في تحديد أسس منهجية للنقاش والجدل.
وينطلق هذا الاسهام من تشخيص الملامح الأساسية كمدخل لاثارة أسئلة حول محاور ثلاثة نعتبرها أساسية، وهي، بايجاز، مفهوم التيار ووجوده ودوره أولاً، وأسباب ضعفه وتشتته ثانياً، وسبل استنهاضه ثالثاً، وهي محاور نسعى الى إضاءتها في تأملات لاحقة.
ولكننا سنحاول، في التأملات الحالية، طرح بعض الأفكار الأولية التي يمكن أن تمهد لمناقشة المحاور الثلاثة المشار اليها.
وفي هذا السياق لابد من التأكيد، ابتداءً، على أهمية تدقيق المفاهيم عبر المراجعة وإعادة النظر النقدية، حتى نتمكن من طرح الأسئلة الصحيحة والأساسية في إطار تحليلنا النظري وتجربتنا الثورية ومشروعنا التغييري.
ولعل من بين الأسئلة الملحة التي تواجهنا تلك المتعلقة بالقدرة الحقيقية للتيار الديمقراطي على أن يبلور مشروعاً اجتماعياً، سياسياً وثقافياً، بديلاً لمشروع القوى الممثلة للثقافة السائدة، والمهيمنة على المشهد السياسي والاجتماعي في بلادنا، وهو المشروع المستند الى نظام المحاصصات الطائفية والاثنية، مسبب الأزمات والمصائب للملايين، وخصوصاً الكادحين.
ويرتبط هذا بقدرة التيار الديمقراطي على صياغة خطاب يميزه عن خطابات التيارات الأخرى، ويحوله الى قوة مؤثرة في المشهد السياسي، ومتصدرة لتطلعات القوى الحية في المجتمع الطامحة الى التغيير.
ويتعين علينا أن ننظر الى موضوعة التيار الديمقراطي في اطار سمات واقعنا الراهن. فما آلت اليه التطورات السياسية في بلادنا منذ سقوط الدكتاتورية وحتى نتائج الانتخابات الأخيرة، يؤكد، من بين حقائق أخرى، على أهمية الدور الذي ينبغي أن تنهض به قوى التيار الديمقراطي.
ومن نافل القول إن تأكيد أهمية التيار الديمقراطي ليس مسألة جديدة في تاريخ وممارسة حزبنا الشيوعي. وهذا التأكيد ليس موقفاً تاكتيكياً عابراً، وإنما هو جزء من ادراك الحزب لضرورة موضوعية، وتجسيد لمسعى جوهري يتخذ صيغاً مختلفة، بينها دعوة قوى التيار للحوار المنفتح، المسؤول والعميق، حول أسئلة الواقع، والبحث عن أساليب العمل الملموسة، المفضية الى تنسيق وتوحيد جهود قوى هذا التيار في إطار برنامج مدروس وأهداف واضحة وآليات عمل فعالة.
وعندما نتحدث عن التيار الديمقراطي يتعين علينا أن نميز بين هذا التيار والتيار اليساري من ناحية، وبينه وبين تيارات المجتمع الأخرى الوطنية، ونعني بها، أساساً، التيار الاسلامي والتيار القومي العربي والكردي.
وتستدعي منهجية النظر في هذا التيار أن نشخص ارتباط عمله بموضوعة التحالفات السياسية، ونعني، على وجه التحديد، ضرورة حفاظ قوى التيار الديمقراطي على هويتها المستقلة ذات المضمون الاجتماعي، وهو ما يمنح السمة الديمقراطية الحقيقية لهذا التيار، والتوجه، في الوقت ذاته، الى العمل في إطار برنامج وطني عام مع القوى السياسية الممثلة للتيارات الأخرى. ولا ريب أن الاعتراف بالتنوع والتعددية يتوافق مع هذه الاستقلالية، ويوفر مناخاً للعمل المشترك مع القوى الأخرى.
ومن ناحية أخرى فان وحدة قوى التيار الديمقراطي ليست قضية إرادوية وإنما عملية مديدة مرتبطة بالواقع وتطوراته وآفاقه. ومن الطبيعي أن تتنوع وتتباين صيغ هذه الوحدة، دون أن يعني هذا، بالضرورة، الاندماج أو تطابق المواقف السياسية أو الفكرية، ذلك أن لسائر القوى المكونة للتيار مرجعياتها الفكرية والسياسية. غير أن المهمة الملحة للتيار تتجلى في القدرة على الربط المبدع والجدلي بين المهمات الوطنية والديمقراطية، وهو ما يفترض، أساساً، إبراز الطابع الاجتماعي ذي المحتوى الطبقي، ذلك أنه لا يمكن طرح بديل سياسي دون بديل اجتماعي.
وارتباطاً بأهمية الوضوح في تحديد طبيعة التيار الديمقراطي يتعين علينا الابتعاد عن مماثلته مع التيار اليساري، الذي ينتظر منه أن يلعب دوره الفعال في إطار التيار الديمقراطي (وهو ما قد نتصدى لمعالجته في عمود لاحق)، فهذه المماثلة، التي كانت موجودة لدينا في فترات سابقة، تضيّق حدود هذا التيار ومهماته الوطنية الديمقراطية.
فنحن عندما نشخص قوى التيار الديمقراطي فانما نعني، بالأساس، القوى والأحزاب والشخصيات والمنظمات النقابية للعمال واتحادات وجمعيات الفلاحين والمنظمات المهنية، والحركات الاجتماعية للشبيبة والطلبة والنساء، فضلاً عن المثقفين، ومنظمات المجتمع المدني، ذات المصلحة الحقيقية في انجاز المشروع الوطني الديمقراطي.
وينبغي أن نرى بوضوح حقيقة أن هذا التيار تيار مجتمعي وليس تياراً نخبوياً. ومن هنا تأتي الأهمية الاستثنائية لهدف بناء الوعي الاجتماعي الذي يتطلب، من بين أسس أخرى، توسيع دائرة التيار الديمقراطي ببعديه الاجتماعي والسياسي.
* * *
من المؤكد أن تشخيص طبيعة ومصاعب ومهمات التيار الديمقراطي بروح الوضوح والجرأة والمثابرة والطابع الانتقادي والنظرة البرنامجية هو الخطوة الأساسية في طريق مديد لاستنهاض هذا التيار وتفعيل دوره في الحياة السياسية، بالاستناد الى إرثه الكفاحي الغني وطاقاته الكامنة وآفاقه الواعدة.
ويتطلب هذا مواصلة الحوار المنهجي المعمق لدراسة الواقع المعقد، وقواه الاجتماعية والسياسية، وخصائص المجتمع ومعضلاته، بعيداً عن التفكير الرغائبي ووحدانية المرجعية الفكرية والأوهام الذاتية، وعلى النحو الذي يضمن إخراج هذا التيار من أزمته ذات الطابع البنيوي، وتحويله الى قوة استنهاض قادرة على طرح بديل اجتماعي حقيقي للتغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح