الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحلام رهن الاعتقال/ الحرية شمس يجب ان تشرق

رويدة سالم

2010 / 7 / 8
الادب والفن


كانت طيور السنونو تعود لتعشش في بيتنا مع بداية كل ربيع ، كانت تبني أعشاشاً جميله في الجدران الطينيه .. لكم تمنيت أن تبقى ولا تغادرنا أبدا لموطنها الأصلي. كان بودي أن أوصِـد نوافِـذ و باب الدار لأمنعها من الهرب بعيداً. لكني رغم حداثتي آمنت بحقها في الحرية...
و في ليلة, و في أحد أحلامي الاشـدُّ غرابةً حلمتُ اني عصفورٌ أسير...
كان يعتني بي بشريٌّ متقلِّب الأهواء. يعزف لي أحياناً ألحاناً عذبة و يحرمني الطعام أحياناً أخرى.
و رأيتني غرا صغيرا, أعيش في قفص ضيق. هل كنت راضيا بمساحة الحرية التي وهبت لي ؟ ربما...
كنت أنظر عبر القضبان الى المرَج الممتَّد خلف النافدة و أحلم. و كلما يكبر الامل في نفسي, أحلِّق في سماء قفصي بجنون و أُغـرِّد للحرية و يكبر بروحي التوق للانطلاق و اللانهاية.
قال لي يوماً عصفورٌ عجوز يشاركني سجني :
- يجب أن تكون أقوى لتتمكن من كسر قيدك. فلتشتَّـد أجنحتُكَ لتحلق عالياً عندما يحين الخلاص. لا يجب أن تطالُكَ يد البشري اللعين المتحكم بمصائرنا. خذ نصيبي من الامل. صارع من أجل عالم أجمل و سأشاركك حيثما أكون الفرح...
علَّمني رفيقي كل ما يعرفه عن العالم الأخضر. حدَّثني عن الحقول و الحدائق و الازهار. علمني كيف أصير أقوى...

تمرنت على البقاء معلَّقاً في فضاء قفصي. صرت أقضي ليلي كله مرفرفاً حالماً. زادتني حكاياهُ وتماريني شعوراً بالقوة فصرتُ أُقضي كل وقتي أنقرُ أعواد سجني الخشبيه محاولاً كسرها كلّما تركنا البشري بسلام . كان عملاً شاقاً يدعو الى اليأس فقد أحكم هذا البشري صنع الواح السجن . لكني كنت مصراً يحدوني الامل.
رأيتني أكبر بسرعة. كبرت كما تكبر الامال و وُلِدَ بقلبي لحنٌ جميل. سأمتلك أمري و سأنشر لحني في الكون. سأنثره حُبا و كرامة على كل القلوب الكسيرة.

مع تواصل تفتت القضبان إعترى ذاك البشري الشك فصبَّ نقمته على رفيقيَ العجوز. أبعدَهُ عني و سجنه بقفص ضيق ليتركني سجين وحدتي و أسرِهِ . حرمه الحَب و الماء حتى وافته المنيّه. حاول أن يُرعبني بفعلته برفيقي ليقول بذلك لي :
- لا تفكر بفرد جناحيك لأنك ستبقى أسير قوانيني. أنا ربك بل رب الارباب و لَنْ تتجاوز تسلّطي ، و ستقبل ظلمي على أنه رحمة.
لكن اللحن الجميل كبر بقلبي ، و قويَ منقاري و ضعفَتْ مقاومة جدران سجني و غزى عالمي الامل. سأرحل. سأعانق الازهار في الحدائق التي طالما حدثني عنها رفيقي . سأُلامس الشمس و أقبِّل أشعتها الذهبية.
و ستغزل لي عشّاً رائعاً على أغصان دَوحةِ عاليه. و هناك سأنتظر الفجر و معه سأغرد أعذب الحان الحب و الحرية.
إشتد إيماني بنفسي فنجحت. كسرت القيد. فُتحتُ الباب أخيراً. رفرفت أجنحتي لأول مرة في فضاء رَحِبْ. كان الامر سهلاً بسيطاً مغرياً . أسرعتُ الى النافدة. عيوني لا ترف. تلتهم بنهم المرج الاخضر. لكن النافدة كانت مغلقة و أمسكت بيَ زوجتهُ البدينه البغيضه ... يدها كانت قاسية , فضة. سلَّمتْني له من جديد ..
قال لي وهو يضعني بالقفص الذي قتلَ به رفيقي العجوز :
- أنا السيد المطلق . لَنْ أسمح أن تتجاوز تشريعاتي التي يحميها منذ الأزل حَـرَسي البُلَهاء و ستخظع رغماً عنك.
أخد مقصاً حاداً و بدأ بقص جناحي الأيمن. صحت :
- لا أرجوك . خُلقتُ حُراً فأترك لي جناحايَ .....
صحوتُ مذعورةً خائفه .. ذراعي اليمنى كانت تؤلمني وتقطرُ دماً
يبدو أني قد حرّكتها بقوّه عند مقاومتي للمقص اللعين فأصابها سريري الحديدي بجرحٍ نازف ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في القفص
جهاد علاونه ( 2010 / 7 / 8 - 09:58 )
يصرخ بأعلى صوته وينادي

انقذوني انقذوني أريد أن أطير

يصرخ لكن لا أحد يسمعه ل

لأن صوته الجميل أصبح مبتور


2 - الحرية من الداخل
مرثا ( 2010 / 7 / 8 - 18:04 )
سلام لكِ عزيزتي
الحرية تبدأ من داخل الإنسان ، فيكسر قيود فكره وينطلق باجنحة الحق الذي ادركه
مقال جميل أختي
شكرا لكِ تقبلي محبتي واحترامي


3 - نيابةً عن أبنتي
سالم ( 2010 / 7 / 8 - 22:40 )

الأعزّاء : جـهاد علاونه ، مرثا
شكراً لمروركما الكريم على حُلم رويدة ،
أنها غائبه عن البيت الآن ولن تحضى بشرف الرد عليكما
لذا فقد أناطت تلك المهمه لوالدها ، فعسى ان أفيكما حقّكما في ما تستحقان عن تشجيعكما لأبنتي الغاليه
وافر شكري وأمتناني لكما

اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي