الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعاً عن الوطن أم دعم النظام

فهد محمود

2002 / 7 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


 



أواخر نيسان 1998 / السويد
[email protected]

تعقيب متأخر جدا
على المقال المعنون ( الموت المعلن لليسار الزائف في العراق )
ظهر في الآونة الأخيرة مقال على صفحات جريدة ( عبد الباري عطوان - القدس العربي) بنفس العنوان أعلاه , واستميح القراء عذرا لهذا التأخير في الرد على فحوى ما جاء في حيثيات المقال وذلك بسبب ما يدور في ذهن الكثير من الساسة وأصحاب دور النشر ( كثر الله من أمثالهم ) والذين يعملون وفق القاعدة ( ................ السكوت من الذهب ) , لذا اقدم جل اعتذاري إن كانت المقالة أدناه تعود لفترة تزيد عن أربعة أعوام خلت ولكن أرى إن فيها الكثير مما يهم القارئ الكريم .
مع فائق التقدير م. ف
تموز / 2002

دفاعاً عن الوطن أم دعم النظام

أفرزت الأزمة الأخيرة التي افتعلتها الطغمة الدكتاتورية مع الأمم المتحدة ولجان تفتيشها والتي توجت باتفاق مـا سـمي ( عنان - بغداد ) " وان كانت في واقع الحال أزمة مفتعلة بين النظام العـراقي والولايات المتحدة الأمريكية وفق سياسات مخطط لها مسبقاً في أروقة البيت الأبيض بغض النظر عن من يمتلك سلطة القرار في المكتب البيضوي " أفرزت عن جملة من المعطيات الإيجـابية لأطراف الأزمة ذاتها ، دون الشعب العراقي الخاسر الوحيد في كل الصراعات والأزمات السابقة واللاحقة للنظام ومتحملاً دوماً نتائج السياسات الكارثة التي تنتهجها الطغمة الدموية .
فاتفاق ( عنان - بغداد ) قد أعاد الى حد ما للأمم المتحدة بعض هيبتها وقدرتها على إعطاء بعض المهدئات للأزمات الدولية والإقليمية بعد أن حامت حولها الكثير من التكهنات بوقوعها تحت التخـدير الأمريكي وخضوع اغلب قراراتها لصانعي السياسة في واشنطن خاصة بعد غياب الدور السوفيتي عن الساحة الدولية . رجع عنان من بغداد ملوح براية الانتصار المؤقت بوجه الولايات المتحدة الأمريكية ومشيراً في الـوقت ذاته بأن الحرب مازالت مستمرة آلا أن الجولة الحالية تحسب لصالح النظام العراقي وان إمكانية عقد الهدنة المؤقتة ليست مستحيلة في كل الحروب وان اختلفت أشكالها .
آما الولايات المتحدة الأمريكية وان خسـرت الجولة الحالية ( شكلياً ) ، بنظر الكثيرون من المحللين ، ألا أنها في واقع الحال مازالت ماسكة بكل خيوط اللعبة وان مفهوم الربح والخسارة يحـدد في سياق عملية المراهنة على تحقيق أهداف الحروب والصراعات . فالإمبريالية الأمريكية لم تراهن على إزاحة صدام حسين ولم تهدد كيان حكمه وهذا ما جاء عن لسان المسئولين الأمـريكيين سواء في تصريحات الوزيرة اولبرايت أو وليام كوهن . وليس من المنطق أن تهدم أمريكا ركيزة هي صانعتها ، خاصة في منطقة تعتبر وفق القراءات الأمريكية ضمن مصالحها الحيوية والإستراتيجية. وبما أن المرء لا يمكن أن يلدغ من جحر مرتين ، فليس من الحكمة على الولايات المتحدة الأمريكية التفريط بنظام كالنظام العراقي الذي يعتبر البديل الأقوى في الوقت الحاضر بعد انهيار شاه إيران الذي كان يلعب دور الشرطي المخضرم والحامي الأمين للمصالح الأمريكية في المنطقة عقب انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية في شباط عام 1979 .
أن الإمبريالية الأمريكية التي اندفعت الى ساحة الحرب ( رعد الصحراء ) بأساطيلها الجوية والبحرية والبرية مدعومة بعدد اقل بكثير من الدول التي ساهمت في عملية ( عاصفة الصحراء ) بهدف تحرير الكويت من القوات الصدامية الغازية ، قد أدركت في اللحظات الأخيرة بأن ما بين أعـوام 1991 - 1998 قد طرأت جملة من التطورات على كافة الأصعدة ، دولياً وإقليمياً وعربياً و ليس من اليسير تجاهلها والاستهانة بالمتغيرات خاصة وان المصالح هي التي تتحكم في تهافت الدول من كل الجهات على المنطقة . ومن هذا المنطلق ، عاد الدور الأوربي والروسي ليزاحم الدور الأمريكي في محاولة أيجاد مواطئ قدم في هذه المنطقة الحيوية من العالم .
أما عربياً ، فان تشرذم الصف العربي واشتداد هيمنة الإمبريالية الأمريكية بفاعلية أقوى جراء مغامرات النظام العراقي المتعددة والفاشلة دوماً فقد عرضت ثروات وطاقات البلدان العربية للهدر والنهب والاستغلال من قبل الدول الإمبريالية و خلقت جملة من التداعيات هي بالضد من مصالح وطموحات تلك الشعوب.
فالقضية الفلسطينية ، والتي طالما تستر بها النظام العراقي لتمرير سياساته وجميع مغامراته مازالت تراوح في مكانها رغم التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الفلسطيني البطل ، واستمرار إسرائيل في احتلالها للأراضي العربية على الرغم من القرارات الدولية في هذا الشأن . بل دخلت عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية في أكثر من مأزق خطير نتيجة السياسة الاستيطانية الإسرائيلية المتواصلة والمدعومة علناً من الإدارة الأمريكية . وليس من السهل على الحكومة الاسرائيلية تجاهل كل الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني لولا وجود الضوء الأخضر من اللوبي الصهيوني في الإدارة الأمريكية .
كـل هذه العوامل جعلت الإدارة الأمريكية تعيد النظر في حساباتها وتكتيكاتها في المنطقة غيـر متجاهلة للدور الذي يمكن للنظام العراقي الاضطلاع به .

أمـا على صعيد المعارضة العراقية ( وهذا ما نتوقف عنده قليلاً ) لنكشف عن المتاهات التي سلكتها منذ الغزو العراقي للكويت في آب عام 1990 وأثناء الأزمة الأخيرة وما بعدها .
تبـاينت مواقف الكثير من قوى المعارضة العراقية نتيجة انجراف بعض أطرافها وراء تأييد العدوان الإمبريالي على العراق وتعويلها على العامل الخارجي ( الأمريكي - الغربي ) في الإطاحة بالنظام العراقي إلى درجة إباحة ارتباطها بأجهزة مخابرات تلك الدول والعمل وفقا لتوجيهاتها . منطـلقين من نظرة وحيدة الجانب تفصل بين مغامرات النظام العراقي وسياساته الإرهابية داخل العراق وخارجه عن سياسات الإمبريالية الأمريكية ودول العدوان الغربية الأخرى . وأطراف أخرى ترى بأن النظام العراقي اصبح ضحية للدسائس والمكائد الإمبريالية الأمريكية والغربية وليس منفذاً لسياساتها ( وبخصوص مغامرة احتلال الكويت في آب / 1990 ، فعلى الذين انطلقوا من حكمهم فيما جرته من مآس على العراق ، أن لا يجردوها عن كونها الشـرك الذي نصب للعـراق أساسـاً لتدميـره . ) " باقر إبراهيم - صفحات مـن النضال . ص 135 " . في حين عولت أطراف أخرى من المعارضة الوطنية العراقية على العوامل الإقليمية في تحقيق بعض المكاسب الذاتية الضيقة والتي لا تمت بصلة لقضية الشعب العراقي عامة .

فالصراع الكردي - الكردي لم يلحق الضرر بالحركة القومية الكردية وطموحاتها المشروعة في تمتع الشعب الكردي بحياة حرة كريمة ضمن عراق ديمقراطي فيدرالي حر، فحسب وإنما شوه مصداقية الحـركة الكـردية خاصة والمعارضة الوطنية العراقيـة المناهضة لحكم الدكتاتورية والإرهـاب في بغداد عامة ، وخـلق أرضية خصبة لتدخلات خارجية سافرة للقوى الإقليمية لتمرير مخططات الدول الكبرى وبالذات الإمبريالية الأمريكية لإبقاء حالة اللا حرب واللا سلم سائدة في كردسـتان وبما يخدم الأهداف الاستراتيجية لهذه القوى في المنطقة. ناهيك عن المحاولات الدكتـاتوريـة في تأجيج الصراعات وتحويل كردستان لبؤرة توتر دائم نظـراً لتواجـد المعارضة الوطنية العراقية فيها .

بين هذا الطرف وذاك من الأطراف المعارضة العراقية يتميز التيار الديمقراطي والذي يشكل الحزب الشيوعي العراقي المحور الأساس فيه ، بمواقف بعيدة عن التأثيرات الخارجية والسياسات الدولية والإقليمية وإنما تتحدد مواقفه بالأساس وفق تطلعات الجماهير العراقية الكادحة والفئات التي تضررت نتيجة لسياسات الطغمة الدموية ونهجها الإرهابي .

والحـزب الشيوعي العراقي الجهة الوحيدة التي عكست الصورة الواقعية للأوضاع المتعلقة سواء بالشـأن العراقي أو الأوضاع العربية والإقليمية والدولية ، وحللت ارتباط سياسات النظام العراقي المغـامرة وافتعال الأزمات بكل ما آلت وتؤول أليها الأوضاع بالمشروع الأمريكي .
وكانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وقبل أن يتحول الحزب إلى صفوف المعارضة عملياً ، قد شخصت في اجتماع تموز 1979 اتجاه الحكم في افتعال الأزمات في المنطقة ، خاصة وانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية في شباط 1979 اصبح حقيقة قائمة .
جاء هذا الانتصار للشعوب الإيرانية ضربة قاصمة لمرامي الإمبريالية الأمريكية في تلك المنطقة المتاخمة للحدود السوفيتية ، ولابد للإمبرياليين من أيجاد مخرج للورطة الإيرانية والبحث عن البديل لشرطي فقدوه .
كانت الحرب العراقية - الإيرانية ضمن مخطط مباشر للإمبريالية الأمريكية لمعاقبة الشعوب الإيرانية. خاصة بعد أن عرضت الدكتاتورية الصدامية خدماتها كبديل لشاه إيران يمكن الاعتماد عليها ، بوجود سجلها المعروف على صعيد القمع والإرهاب ومخادعة الحلفاء ونقض العهود والاتفـاقيات حتى وان كانت ذات صفة قانونية ودولية ولا تنافسها في ذلك أية قوة أخرى .وعلى تلك الأسس فالدكتاتورية الصدامية كانت وقتها المرشحة الوحيدة دون منازع لأخذ هذا الدور في المنطقة .
أدان الحزب الشيوعي العراقي الحرب العراقية - الإيرانية منذ اندلاعها في أيامها الأولى وطالب بإنهـائها فوراً في بيان صادر في 24 أيلول 1980 ، فاضحاً الطبيعة العدوانية للحرب وأهدافها التـي تتفق مع مصالح وأهداف الإمبريالية الأمريكية في المنطقة . في ذات الوقت أعتبرها خيانة للمصالح الوطنية والقومية سواء على نطاق العراق أو المنطقة العربية وهدر متعمد للطاقات العربية والإقليمية في مواجهة التحديات وأعباء التنمية والصراع مع المعتديين الإسرائيليين ونواياهم التوسعية .
ومن منطلق الوطنية الحقه والتمسك بوحدة التراب وحماية الاستقلال والسيادة الوطنية تبنى الحزب الشيوعي العراقي دون قوى المعارضة العراقية الأخرى شعار (من أجل إنهاء الحرب فوراً وإسقاط النظام الدكتاتوري) ، في الوقت الذي كان الكثير من أطراف المعارضة تعول على الحرب لتحقيق مكاسب ذاتية دون اخذ حالة الدمار والهلاك المحدقة بالشعب والوطن بالحسبان. ولم تكن عنجهية النظام لتسمح في وقف الكارثة الدموية . أن تقديم شعار إنهاء الحرب فوراً على مسألة إسقاط النظام الدكتاتوري عرض الحزب الشيوعي العراقي للكثير من الانتقادات بل وهجمات شرسة على سياسته ومواقفه تجاه النظام الدكتاتوري من قبل تلك الأطراف ( وما أشبه اليوم بالبارحة !!) .
ومنذ المؤتمر الوطني الرابع للحزب الشيوعي العراقي الذي انعقد في النصف الأخير من عام 1985 والى المؤتمر الوطني السادس الأخير عام 1997(السابع لاحقاً م.ف ) وسياسة الحزب خاضعة للتدقيق والدراسة والتطـوير من قبل ملاكات الحزب ، تبعـاً للتطورات الجارية ووفق متطلبات النضال الوطني والمستجدات على كافة الأصعدة ، لتجسد هذه السياسة الرؤيا الصائبة للمصالح الحقيقية والأساسية لشعبنا ووطننا بعيداً عن كل المزايدات وخلط الأوراق والعواطف الموسمية التي تطلق بين حين وآخر دفاعاً عن الوطن الجريح !!! من قبل الذين لم يبقى لهم رصيد على الساحة السياسية !!.

(الغزو العراقي للكويت في آب 1990 . الحصـار الاقتصادي الجائر على شعبنا العراقي بحجج الشرعية الدولية وبجريرة ما اقترفته الطغمة الدموية في العراق . الدفاع عن الوطن ضد العدوان الخارجي . الحوار والمصالحة مع النظام الدكتاتوري .. إسقاط الدكتاتورية الفاشية ). كل هذه المفردات أصبحت شائعة في الخطاب السياسي للكثير من الأطراف سواء في معسكر النظام أم معسكر المعارضة وأيضا في مفردات خطاب دول العدوان . آلا أن المواقف من هذه القضايا تتباين وتتقاطع بين الأطراف تلك وهذا التباين ظاهرة طبيعية نتيجة لاختلاف وجهات النظر لكل طرف من الأطراف المعنية بالشأن العراقي. ناهيك عن درجة المصداقية لدى هذه الأطراف في تعاملها مع هذا الآمر.
فالنظام العراقي يحاول جاهداً الظهور وكأنه ضحية وقع في شرك نصب له من قبل الدوائر الأمريكية.ويقدم للعالم صورة بشعة عن نتائج الحصار مستغل الأمر لدفع المسؤولية المباشرة له عن حالة الحصار مستفيد من التعاطف الدولي مع ضحايا الحصار لفك العزلة العربية والإقليمية والدولية المفروضة عليه جراء مغامراته الطائشة .
وكثير من الأطراف المعارضة تحاول أيضاً الاستفادة من ورطة النظام وحالة الحصار لتحقيق بعض المكاسب الذاتية واللهاث وراء حفنة من الدولارات , ولا تخفي ارتباطاتها المشبوهة مع أجهزة المخابرات الغربية وبالذات الأمريكية مقابل التفريط بالسيادة الوطنية ومباركة جميع الإجراءات المتخذة لثلم سيادة العراق مثل اتفاقيات ترسيم الحدود العراقية - الكويتية وغيرها. والقسم الآخر لا يخفي مطامعه في حصة اكبر من النهب للموارد الجمركية مقابل الارتماء في أحضان القوى الإقليمية والقبول بانتهاكاتها للسيادة الوطنية . ( واستخفافاً بهذه العملية ، أطلقت تسمية أم الجمارك من قبل أوسـع قاعدة شعبية في داخل الوطن ) وفي معمعة هذه المزايدات على الوطن والوطنية والدفاع عن السيادة والاستقلال ورفع الحصار عن كاهل الشعب العراقي ، ظهر نشاط لمجموعة تدعي اليسـاريـة ( في واقع الحال لا يخرج عن نطاق اليمين المزمن في الحـركة الوطنية العراقية ) أطلق على نفسه ( التيار اليساري الماركسي - أبطاله ، باقر إبراهيم الموسوي وآرا خاجادور وركيزتهم في بغداد ماجد عبد الرضا ) للمساهمة في هذا الهرج والالتباس الحاصل في الساحة السياسية . متبعاً أسلوباً جديداً ( قديم من حيث المحصلة النهائية ) ، منادياً بالدفاع عن الوطن ومطالباً بالحوار والمصالحة مع النظام لصد العدوان الخارجي على العراق. لكن هذا التيار ينطلق أساساً على ركيزة الهجوم على الحزب الشيوعي العراقي والتعرض لمواقفـه الوطنية والسياسية تجاه الشعب والوطن لتمرير غاياته ومراميه. في وقت الذي يغض النظر عن مواقف النظام وسياساته المغامرة ، بذريعة تحول النظام الى الضحية في ورطته الحالية !!.

أن عمـلية خلط الأوراق التي مورست وتمارس من قبل الطغمة الدموية في بغداد وأيضا من قبل أطراف أخرى محسوبة على المعارضة الوطنية العراقية استمرت لتزيد اللوحة تعقيدا.
الفرق بين طرفي الخلط هو أن الأول استطاع وبمباركة الإمبريالية الأمريكية تمرير اللعبة على بعض دول المنطقة وأيضا تجنيد البعض لإيجاد لغة حوار !؟ مع الإدارة الأمريكية لإعادة صياغة اللعبة وفق متطلبات الظرف الراهن ، في حين يسعى الطرف الثاني جاهداً لخلق البلبلة والإرباك الفكري في صفوف المعارضة عسى أن ينال رضى الطغمة الدموية ومكرمة بطـل ( يوم الراية !) للتكفير عن ذنب اقترفوه عند ابتعادهم عن النظام في أيام المحن !! .
ولا يسـعني إلا العودة الى مداخلة الأستاذ د. مجيد الراضي في ( نقاش حول الموضوعات - طـريق الشعب العدد 12 أواسط تموز 1996 ) ، عندما يتحدث حول " مصالحة وطنية أم عودة الى خيمة الثورة ؟ " :
( وإذا انتقلنا الى مسألة أخرى أساسية هي " المصالحة الوطنية " فان الأوساط التي عنتها الوثيقة والداعية الى " المصالحة الوطنية " ليست أوساطاً مخولة بمثل هذه الدعوة ، أي أن حكم صدام حسين لم يدعها للتوسط لإنجاز مثل هذه المصالحة المزعومة . واكبر الظن انهم متبرعون في " مسعاهم الحميد " على آمل أن يثابوا على تقواهم وتمسكهم "بالقيم الوطنية " . فنظام الحكم على الرغم من أزمته الخانقة ، لا يزال بعيداً جداً عن قبول بفكرة مثل هذه ، أو قريبة منها . وكل ما يتصـور عن مثل هذه " المصالحة " هو عودة " الابن الضال " الى بيت أبيه ، عودة غير مشروطة الـى صفه من قبل " خونة ! " أدركوا " خيانتهم " و " عاقبتها الوخيمة " فعادوا نادمين الى " خيمة الثورة " وهذه بيانات العفو أمامكم ، فأقرأوها جيداً ) .
ألا أن العقل المبصر في " التيار اليساري الماركسي المزعوم " يحاول عكس صورة مغايرة لهذه العودة لـ" الابن الضال " ، عندما يفتخر وبعد مرور ما يزيد عن 18 عاماً ، بأنـه هـو بالـذات صاحب المقال ( فلنواجه الشعب دوماً بما هو مشترك ) ، وانه هو بالذات ومازال على عهده :
( ... وحققت ثورة 17 - 30 تموز 1968 بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي ، تحولات تقدمية عميقة ، سياسية واجتماعية واقتصادية ... " و " ... فبالإضافة الى التحول التقدمي في سـلطة الدولة وأجهزتها ، ازداد نفوذ الأحزاب الثورية والمنظمات الجماهيرية واكتسبت خبرة اكبر في تنظيم وتعبئة الجماهير وارتفع الوعي الشعبي … ) . ويا لسخرية القدر أن يأتي توقيت المقال في وقت كانت الاعدامات و الاعتقالات وتحطيم قواعد الحزب الشيوعي وحملات القمع والتعذيب الوحشي لأعضائه وبمعرفة صاحب المقال . وكان محقـاً !! عندما أشار في مقالته ... " الى التحول التقدمي في سلطة الدولة وأجهزتها !! " . بل يريد باقر إبراهيم من ذلك تذكير حكم صدام حسين ، بان هناك الكثير مما هو مشترك بينه وبين النظام ! .
يشير الرفيق الفقيد زكي خيري في معرض تقيمه لتلك الفترة :
( وفي فترة الائتلاف مع البعث هذه اعتبر الأساس في الاصطفاف الكادر الحزبي وتقديمه هو مـوقفه من هذه العلاقة وليس بالنظر الى وعيه الطبقي أو صلابته الثورية . وفي المؤتمر الوطني الثالث كان ينظر الى كل رفيق يكثر عن تبيان السلبيات " اضطهاد البعث للشيوعيين وغيرهم من الديمقراطيين " نظرة سلبية ، كشخص معارض لسياسة الحزب . واعتبر التأييد بلا تحفظ لسياسة الحزب الراهنة هي الأساس وليس الوعي الطبقي والثبات الأيديولوجي والمبدئي والصلابة الثورية . وكانت هذه المفاهيم ، هي السائدة في سكرتارية اللجنة المركزية التي غدت القيادة الفعلية " اليومية " للحزب . أن اللجنة المركزية قررت إقامة سكرتارية اللجنة المركزية " سـلـم " وانتخبتها لتكون القيادة اليومية التنظيمية والإدارية للحزب ولكن " سـلـم " لم تقف عند هذا الحد قط بل كانت تمارس دورها كقيادة سيـاسية وتنظيمية موازية للمكتب السياسي . وبسبب تساهل المكتب السياسي أو تردده غدت " سـلـم " القيادة الفعلية والأشد تأثيراً ولاسيما في حياة الحزب الداخلية ) " صدى السنين في كتابات شيوعي عراقي مخضرم ، إعداد : سعاد خيري ص 65 " . ويذكر أن باقر إبراهيم كان في تلك الفترة في قمة " سـلـم " .
وفي مكان أخر من مذكرات الرفيق الفقيد زكي خيري :
( ومـع انتهاء المؤتمر " المؤتمر الوطني الثالث للحزب " تصاعد الإرهاب ضد الشيوعيين وشملت حملات الاعتقالات وتصفية المنظمات الحزبية من مدينة الى أخرى . أما مقترحاته في اتخـاذ تدابير الصيانة والتحذير من ارتداد البعث الذي كان واضحاً جداً فضلا عن صرخات أعضاء الحزب من كل أنحاء العراق التي تعبر عنها رسائلهم ووفودهم التي تشرح للحزب مخططات البعث لتصفية الحزب ومواعيد القضاء عليه فقد كانت تهمل من قبل " سـلـم " وتوصـف بالتطير ومن ثم بمحاولات استفزاز الحلفاء !! ومع ذلك استطاع وبمساعدة لجنة التنظيم المركزية من فرز بعض الخطوط السرية . ولكن بعد فوات الأوان وتعذر على اللجنة المركزية عام 1978 حتى إيجاد مكان لعقد اجتماعاتها سرياً . وحتى بعد سفر عزيز محمد وعملية إبادة الشيوعيين تحت التعذيب بالمئات بقي باقر إبراهيم متمسكاً بموقفه من إمكانية تراجع البعث واستمرار التحالف ويعرقل كل ما من شأنه اتخاذ مواقف مبدئية لاستعادة استقلالية الحزب ودفاعه عن كيانه . وبقي باقر إبراهيم يداوم في مقر اللجنة المركزية حتى بعد إغلاق الجريدة ومقر بغداد ... ) " المصدر نفسه ، ص 76 " .
وفي الآونة الأخيرة تصاعدت وتيرة الدعوات الى الحوار والمصالحة مع النظام على لسان ممثلي هـذا التيار بذريعة ( الانهماك الشعبي والرسمي لإعادة بناء الوطن ) " باقر إبراهيم ، القدس العربي ، العدد 2725 - 14/15 شباط 1998 " أو إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية لمواجهة العدوان الخارجي المبيت ضد العراق ، دون التعرض الى سلطة الطغمة الدموية. وإنما عرض تمنيات لأقدام النظام على تقديم ( بعض ) التنازلات أمام القوى الوطنية أحزاب وجماعات و" أشخاص " ( كما أن النظام الذي استجاب لمطالب " المجتمع الدولي " ، وبعد فليس من المعيب أن يتنازل النظام أمام القوى الوطنية ، أحزاباً وجماعات وأشخاصاً ويجري تقويماً حقيقياً للأوضاع الراهنة أمام الشعب تعزز بإجراءات ملموسة ) . " آرا خاجادور ، القدس العربي ، العدد 2779 - 18/19 نيسان/ أبريل 1998 " .
ووفق سياسة " عفا الله عما سلف " يتوسل آرا خاجادور من الحكومة العراقية للتراجع عن سياسة البطش بالخصوم السياسيين وهي التي تستطيع بجرة قلم صدام حسـين من فرض القمـع أو رفعه . ( قلنا ونقول بوضوح تام بان الحكومة العراقية لم تغير سياستها السابقة في التسلط والهيمنة وقمع الآخرين . وهي لم تقدم أية إشارة تشير الى استعدادها للتراجع عن سياسة البطش بالخصوم السياسيين . وأكدنا بان المسئولية الأولى في إعادة إصلاح الحياة السياسية في البلاد تقـع على السلطة لأنها هي المطالبة موضوعياً بتقديم المبادرات ، وهي التي تستطيع فرض القمـع أو رفعه ). "آرا خاجادور ، المصدر نفسه " ، أو تقبل النظام الاجتهاد في الرأي والاجتهاد الفكري ضمن مؤسسة الطغمة الحاكمة ( ... أن هناك فراغاً سحيقاُ في البلاد بالنسبة للديمقراطيين ومنهم الحزب الشيوعي العراقي ، الأمر الذي يستلزم وجودنا في الداخل للمشاركة المتواضعة الفعلية وليست وهمية أو الغوغائية ، لإيجاد حلول عملية لمشاكل البلاد . والمنطلق الأساسي بهذا الصدد هو التجمع في الداخل أولا وقبل كل شيء ، ومن ثم تقبل الاجتهاد في الرأي اختياراً أساسياً لنا . " من رسالة المرحوم خليل الجزائري ( والذي اصبح هو الأخر ضحية
النظام لاحقاً ، نتيجة لهذا الاجتهاد في الرأي ) ، وخالد السلام الى باقر إبراهيم حول العودة الى بغداد . باقر إبراهيم - صفحات من النضال ص 120 - 121 " . أو ( وتزداد مأساتنا هولا وبلاء في الحالة الراهنة أمام إصرار النظام الدكتاتوري العراقي على خنق حرية الفكر وعدم السماح لأي اجتهاد فكري أو أي مساهمة أو تعبئة حـرة تنقذ مـا تبقي من لمام وطننا المدمر. ولا يبدو في الأفق ما يشير لانفـراج قريب . ) " طلال شاكر - أبو ميلاد ، مجلة تموز العدد 1 السنة 98 والصادرة عن جمعية بغداد ، مالمو/ السويد " . بل ذهب التطرف بهذا التيار الى الدعوة لقيام حملة دولية لإعادة أعمار العراق لتنصب في نهاية المطاف في خدمة النظام ، لتخفف من عبأ الأزمات عن كاهله وبالتالي دعمه وديمومة سلطته الدموية على رقاب الشعب العراقي . ( هذا التيار لا يدعو الى الرفع الفوري وغير المشروط للحصار فحسب بل ويناضل من اجل تعويض الشعب العراقي عن جميع الأضرار التي لحقت به وبمنشأته المدنية ، من خلال الدعوة الى قيام حملة دولية لإعادة أعمار العراق ، وتعويضه عن كل آثار الظلم الأمريكي الذي لحق بهذا الشعب العظيم ) . " آرا خاجادور ، المصدر نفسه " .
ويبقـى هذا المطلب من صلب الوطنية الحقة وواجباً مقدساً أمام كل قوى شعبنا المناضلة ، لكن ليس في ظل النظام الدموي الحالي الذي استغل ويستغل كل حملات الدعم والتعاطف مع شعبنا العراقي في محنته الكارثية ، ليعزز أركان حكمه ويطور أجهزته القمعية .

وبعـد كل هذه الطروحات الجوفاء والتي لا تستهدف خلاص شعبنا من الكابوس المزمن عليه ، وإنما التودد للنظام والتقرب منه . لماذا إذن كل هذا الهرج في معاداة الشيوعية والحزب الشيوعي العراقي والتعرض والنيل من مواقفه الوطنية والسياسية ؟.
فالحزب الشيوعي العراقي لم يقف يوم ما عائق أمام الذين يريدون سلوك طريق الانتحار السياسي ، لكـن سلوك هذا الطريق بالنسبة لذلك التجمع ينطلق بالضرورة من رفع شعار معاداة الحزب الشيوعي والتشكيك بوطنيته أولاً. إلى درجة طلب باقر إبراهيم وبعد مرور ما يقارب نصف قرن من انتسابه للحزب الشـيوعي ، طلب الصفح من روح الشهيد الوطني يوسف سلمان ( فهد ) عن مخالفات !!؟ من يخلفه اليوم في قيادة حزبه ". باقر إبراهيم ، القدس العربي ، العدد 2725 - 14/15 شباط 1998 " .
أليست تجربة النظام الدكتاتوري الحالي حية وماثلة أمام أنظار الجميع بمن فيهم أبطال التيار اليساري الماركسي المزعوم !؟ في معاداة الشيوعية والحزب الشيوعي وانطلاقتها من التشكيك بمواقف الحزب الشيوعي الوطنيـة والقومية والأممية . أظن أن ذاكرة العقل المبصر في هذا التيار مازالت تحتفظ بالاتهامات التي وجهت للحزب ومواقفه من قبل جريدة الراصد العراقية أيام المقالة الشهيرة ( لنواجه الشعب دوماً بما هو مشترك ) !!.

الحزب الشيوعي العراقي لا يحرم مبدأ الحوار وليس من حقه أن يمنعه عن الآخرين . لكن السؤال الذي يفرض نفسه ألان هو ، الحوار مع من ؟!
النظام الحالي أيها السادة غير مهيأ أخلاقياً وسياسياً في أن يكون طرفاً في الحوار ، لسجله الدموي في مجال حقوق الإنسان وقمع الحركات السياسية وتصفية الخصوم السياسيين بمن فيهم أعضاء بارزين في قيادة البعث الحاكم الى جانب انتهاجه لسياسة افتعال الأزمات وإدخال العراق وشعبه في حروب مدمرة ومهلكة وخاسرة ، دفع أثمانها الآلاف بل الملايين من أبناء شعبنا بمختلف قومياته وأديانه وطوائفه ، شباباً منهم وأطفالاً ، سواء في الحروب الداخلية ( ضد شعبنا الكردي أو قمع الانتفاضة في الجنوب عام 1991 ) أو الإقليمية ( الحرب العراقية - الإيرانية ) وأخيرا وليس أخراً غزوه للكويت واستباحة الشعب الكويتي الشقيق على أيدي قوات الحرس الجمهوري . إضافة الى لتشويهه قيم وأعراف المجتمع العراقي وارتكابه افظع الجرائم بحق الإنسان والبيئة وتحويل الشعب العراقي الى حقل تجارب لجميع الأسلحة المحرمة دولياً .
أما إذا كان الغرض من كل هذا الضجيج هو الحوار كهدف للوصول الى الحلول الجوهرية والفعلية لدرء الخطر عن الشعب والوطن حسب الإدعاء، فاغلب الظن أن الطريق الى بغداد سالك للتيار اليساري الماركسي ذاك. وباستطاعة ركيزتهم في بغداد توفير الضمانات الأمنية لهم على الحدود .
والحوار أيها السادة كأي قضية علمية وحضارية لابد أن تتوفر له الشروط الموضوعية والعقلانية من حيث مصداقية الأطراف المتحاورة ، الى جانب أهمية الطرف الداعي للحوار ومنطلقاته الفكرية والفلسفية ودرجة الثقة والمصداقية من وراء هذه المنطلقات .
وليس خافياً على أحد ولا حتى على أبطال التجمع اليساري الماركسي المقصود ،بان النظام العراقي مازال يستـخف بالمعارضة العراقية ، فكيف به يدعو للحوار والمصالحة وهو في وضع لا يحسد عليـه من حيث تحقيق الانتصارات !! للشعب والوطن ، ابتدأ من حرب ( تحرير القدس عبر عبادان ) !؟ الى ( عودة محافظة كاظمة الى شقيقاتها ) !؟ و ( أم المعارك والمنازلة الكبرى ) !؟ وأخيرا ( يـوم الراية وحماية القصور السيادية ) !؟ . من يتجرأ في منح الثقة بالنظام العراقي بعد كل هذه الويلات والمآسي ؟ واعتقد جازماً بأنه حتى الأغبياء لا يتجرأون في الأقدام على هكذا خطوات ، فكيف بالسياسيين المخضرمين والمتنقلين ما بين اليمين واليسار في الحركة الوطنية !.
فأي حديث عن الحوار والمصالحة وبغياب الشروط أعلاه ، ليس ألا ضرباً من الأوهام ومحاولة لتجميل وجه النظام وتحويله ضحية وليس جلاد .
فالنظام العراقي لا يخفي قلقه من تفعيل قرار 688 بعد أن يتم إغلاق كافة ملفاته من قبل الأمم المتحدة ومجلس أمنها والمتعلقة بأسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والجرثومية .
وما " حملة تنظيف السجون " التي أطلقتها السلطات الإرهابية في العام الماضي إلا دليلاً على هذه المخاوف والقلق من فتح الأمم المتحدة ولجانها المختصة لهذا الملف.
فقد أشارت التقارير الواردة من المقرر الخاص لحقوق الإنسان ماكس فان ديرشتويل ، عن العديد من حالات الإعدام التي تعرض لها المعارضين السياسيين في سجون النظام . وقال ديرشتويل في معرض تقريره المقدم الى الأمم المتحدة ( لدينا أسباب وجيهة للاعتقاد بأن مئات السجناء اعدموا في سجنـي أبو غريب والرضوانية منذ أغسطس / آب الماضي . وانه ، من المرجح جداً أن يكون اكثر من 1500 شخص اعدموا في العراق بلا محاكمة معظمهم في شهري نوفمبر / تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول خلال حملة لتطهير السجون ) . وقال انه تم في بعض الحالات إرغام أشخاص على دفع ثمن الرصاصات التي استخدمت في إعدام أقربائهم .
في حين أطلقت السلطات العراقية سراح العديد من المهربين وتجار الحصار الاقتصادي والمجرمين العاديين من الأردنيين والمصريين وغيرهم " ولأغراض سوقية بحتة " .
ومن هنا يأتي ضمن الأهداف تصعيد وتيرة الدعوات من قبل ( المتبرعين الجدد في مسعاهم ) لاستباق الزمن وتوفير الأدلة والقرائن لتبرئة ساحة النظام ،ولربما التخفيف من الصدمات المحتملة التي من الممكن أن يتعرض لها النظام في حالة تفعيل قرار مجلس الأمن المرقم 688.

أما المسألة الملتهبة الآنية والمتعلقة بالحصار الاقتصادي الجائر والظالم المفروض على رقاب شعبنا بجريرة أفعال الدكتاتور المريض . فليس من الحكمة والمنطق لأي وطني غيور يناضل ويكافح من اجل حرية الوطن وإسعاد الشعب أن يتخذ موقفاً مؤيداً لكارثة الحصار ، باستثناء النظام العراقي المستفيد الوحيد من حالة استمرار الحصار .
أثبتت تجربة سنوات الحصار الماضية بان النظام لم يتضرر قط من فرض هذا الحصار وإنما العكس أستغل هـذه الحالة لتطوير أجهزته القمعية لحماية أركان حكمه من الانهيار بالدرجة الأساسية ، وتكديس الأموال الطائلة من عائدات النفط المهرب عبر تركيا وإيران ودولة الإمارات العربية المتحدة في البنوك السويسرية والنمساوية وبأشراف برزان التكريتي الإداري المختص بشؤون مالية أفراد عائلة صدام حسين . الى جانب إطلاق اليد لأبناء صدام " عدي وقصي " والمقربين من العائلة للتحكم في السوق الداخلية وحركة العملات الصعبة وإنشاء العديد من الشركات الوهمية والمتعددة الأغراض النهب والسطو على ما تبقي لدى فئات المجتمع العراقي ، ناهيك عن البذخ في بناء القصور الرئاسية الأسطورية ذات السيادة والتي لم تصمد إلا في " يوم الراية " ، وكعكات أعياد الميلاد في حين يتضور الملايين من أطفال العراق وشيوخه من الجوع ويعيشون سوء التغذية ونقص الأدوية .
هذه القليل من الكثير لشيم وسلوكية الطغمة اللصوصية في ظل الحصار الاقتصادي . فبأي منطق يمكن فهم الدعوات المتصاعدة لـ " قيام حملة دولية لإعادة أعمار العراق " مع استمرار بقاء النظام الحالي ، حتى وان جرت بعض العمليات التجميلية عليه ؟!.مع الجزم بأن المجرم المعتوه لا يتخلى بيسر عن طبعه وإنما يبتدع الأساليب المتنوعة والماكرة لسلوكياته المستقبلية .
ومن هذا الفهم للأشكال ينطلق شعار الحزب الشيوعي العراقي الداعي للرفع الفوري للحصار الاقتصادي دون قيد أو شرط عن الشعب مع توفر الضمانات الدولية للحد من إمكانية النظام في استغلال ذلك لاستمرارية ديمومته .
وليـس خافياً موقف الحزب الشيوعي العراقي من خلال أد بيـاته وبياناته وسياسة مؤتمراته ، حول الحصار والنضال من اجل رفعه عن كاهل الشعب ، بل كان الحزب من بين قلة من قوى المعارضة المبادر لوضع هذا المطلب في صلب شعاراته المركزية ، وتعرضت دعوته هذه للكثير من الانتقادات والمعارضة ، في حين يحتل ألان هذا الشعار مركز الصدارة في سياسات اغلب القوى الوطنية المعارضة بمن فيهم منتقدي هذا الشعار بالأمس القريب .

أذن ما هي الأهداف والغايات من وراء هذه الصيحات الهستيرية وإشهار السيف بوجه الحزب الشيوعي والشيوعيين والتعرض لمواقفهم وسياساتهم الوطنية بالتشويه والإساءة والطعن. أهي دفاعاً عن الوطن أم دعماً للنظام الدكتاتوري الإرهابي ؟! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الذي يحول دون وقف إطلاق النار في غزة ؟ • فرانس 24


.. سيدة بلا تذكرة تتجاوز أمن المطار وتصعد للطائرة دون اكتشافها.




.. شاهد| سيطرة المعارضة السورية على مطارات عسكرية بإدلب وحلب


.. مقاتلو المعارضة السورية داخل قصر الضيافة بمدينة حلب




.. قراءة في دلالات كمائن القسام في رفح وعمليات سرايا القدس وسط