الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على من نطلق الرصاص؟

محمد منير

2010 / 7 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


انتابتنى حالة غريبة من المَنطَقة الذهنية ( من المنطقى ) عندما قرأت عن قيام سائق بشركة المقاولين العرب بإطلاق النيران عشوائياً على زملائه فى الشركة اثناء ركوبهم السيارة خلال الدورة التى تجمعهم به يوميا .. وهو ما ادى الى موت 8 وخلف عدد من الحالات فى المستشفى .
لا أعلم سبب المَنطَقة التى اصابتنى تجاه هذا الحادث الاليم جدا ..ربما لاننى أصبحت عديم الاحساس وجبله .. يمكن.. ولكن هذا لم يمنعنى من التفكير، وبصرف النظر عن الاسباب المباشرة والمعلنة لهذا الحادث وللحوادث التى سبقته حيث قتلت ام ابنها وذبح ابن ابوه وحرق اب ابنائه خشية إملاق أو من إملاق .
والانسان عامة مدرب على مواجهة الفقر والتعامل معه بحكم كافة العقائد والديانات المختلفة ،التى يعتقد بها وفيها كل فرد على وجه البسيطة، والتى ركزت بدقة على تدريب البشر على التعامل مع الفقر وعدم الضجر منه والصبر عليه ! ولكن الجديد هو حالة اللامنطق التى يصطدم بها المواطن المصرى عندما يقدم كل ما تطلبه منه القيم والاديان والمبادئ فلايجد سوى نتائج معاكسه لما وُعد به ، فيصاب بهرش فى النافوخ .
فى حالة ما يفقد الانسان الأمل فى وضع منطقى يستقر عليه فى هذه الحياه ألا يمكن أن يؤدى به هذا الى تصرف عشوائى خطير ؟ .
عندما يجتهد مواطن ويعمل 20 ساعة من 24 ساعة يومياً ثم لا يجد من جَده سوى الفقر والحاجة وعدم القدرة حتى على توفير الحد الادنى لابنائه ألا يفكر فى تصرف يتناسب مع ما يحدث له من عبث ؟.
عندما يعيش محتاج وجائع وعريان وسط ملايين الجنيهات تتطاير من حوله واشخاص متخومين من المتعة وسط مشاهد المال والنساء وليالى الف ليلة ألا يحق له ولو قدر من الحقد ؟.
عندما يجد شريف أو مؤمن أو مخلص مقابل خصاله هذه الجوع والحاجة والمرض والعزلة .. إلا يفقده هذا جزء من عقله ؟.
عندما صرخ ابو ذر الغفارى قائلاً " عجبت لمن لا يجد قوت يومه ولم يخرج شاهراً سيفه " كان يتحدث عن فوارق بسيطة.. فوارق بين من يمتلك ثوب ومن يمتلك ثوبين .. واقصاها عن من لا يجد قوت يوم .. ماذا لوعاش بينا ابو ذر الأن وشهد ما يحدث.. كيف ستكون مقولته ؟!
منذ وقت قريب كتب شاعرنا البائس نجيب سرور محتجا قبل أن يموت محتجاً " وإذا أصبح عذاب الموتى سلعة أو أحجبة أو أيقونة ... فعلى العصر اللعنة والطوفان قريب " فما بالكم وقد اتسعت التجارة لتشمل عذاب الاحياء وآلامهم ومعاناتهم؟.
عندما لا يجد مظلوم أو محروم من لا يعبر عنه بصدق سواء فريق أو حزب أو نادى أو صحيفة أو .. أو .. ويشاهد آلامه وقد تحولت الى موضوعات ومشاهد تدر على مستخدميها الملايين من الجنيهات .. ألا يفقده هذا ولو فص من فصوص مخه البائس ؟
عندما يقف أب امام مرض احد ابنائه عديم الحيلة والوسيلة لضيق ذات يده الكادحة.. ألا يدفعه هذا الى اطلاق الرصاص ربما على نفسه أوعلى ابنائه أوعلى آخرين؟ .
اطلق سائق المقاولون الرصاص دون توجيه بعد أن فقد القدرة على التحديد والتفسير فأصاب وقتل زملاء له يعانون مما يعانيه وربما أكثر.. وقتلت الام المطلقة الجائعة ابنها ليس لانه "شقى " كما قالت الصحف ولكن يأساً من المستقبل وغماً من الحاضر .. وولع الاب فى عياله ليلة العيد لأنه لم يستطع أن يوفر لهم لحظة سعاد فى ليلة مفترجة .
كلها وغيرها احداث تستكمل بقية اللوحة العبثية التى نعيش داخلها حيث يقتل الفقراء والمحرومين والمتألمون بعضهم ويعيش الجباة والناهبون والسارقون فى آمان بعيداً عن مرمى الرصاص .
اصدقائى فى المعاناة... لن اطالبكم بالتوقف عن اطلاق الرصاص ،ولكنى اقول لكم إذا فاض بكم الكيل وقررتم ما قرره سائق المقاولين ، وأم الطفل المسكين ، واب الابناء المحروقين.. فأناشدكم أن تتوقفوا لحظة وتسألوا انفسكم على من نطلق الرصاص .. وعندما تصلوا للأجابة لا تطلقوا رصاصة واحدة بل ملايين من الرصاصات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم