الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفاتار - تأويل النص المرئي

كاظم مرشد السلوم

2010 / 7 / 10
الادب والفن





لايكاد يخلو فيلم سينمائي وعلى مدى عمر السينما الذي يمتد لاكثر من قرن من الزمان من اشارات ورموز ورسائل قد لاتكون مباشرة ، وربما تمر على المشاهد دون ان ينتبه اليها ، وهي رموز ورسائل مقصودة ومرسومة بدقة ، وتشترك في الحرص على وضعها جهات عدة وليس المخرج وحده ، وربما يتوقف انتاج فيلما ما بسبب فرض المنتجين لمثل هكذا رموز ورسائل ، الامر الذي يرفضه مخرج العمل ربما ،والفيلم الاخير( أفاتار ) للمخرج جيمس كاميرون واحد من هذه الافلام الذي حمل او كان محملا بالعديد من هذه الرسائل ، وربما يكون الانبهار بالتقنية التكنلوجية الهائلة التي استخدمت في تصوير الفيلم وشكلت سر نجاحه الاول ،قد فوتت على المشاهد الانتباه الى دلالات هذه الرسائل بدليل ان العديد من الكتابات التي تناولت الفيلم تجاهلت هي الاخرى موضوعة الرسائل او الاشارات التي بثها الفيلم وكانت كتابات وصفية تتحدث عن حجم الانتاج الهائل من خلال الميزانية الضخمة التي رصدت له وعن الابعاد الثلاث التي تميزت بها مشاهدة الفيلم ، وكذلك الحديث عما سبق ان اخرجه جيمس كاميرون من افلام ......



ونحاول هنا ان نناقش الاشارات والرسائل التي اراد القائمين على صناعة الفيلم من منتجين ومخرج العمل ارسالها وبثها من خلاله ، وماهو الشيء الذي لم يقله الفيلم بشكل معلن تاركا للمتلقي ان يؤول ما طرحه الفيلم من اشارات قصدية ربما كانت هي ثيمة الفيلم الاساسية ..
اولى هذه الاشارات والتي تبث مع المشهد الاول للفيلم هي تمجيده للجندي الامريكي من مشاة البحرية والذي مازالت الولايات المتحدة تراهن عليه كاقوى جندي في العالم وانه مؤهل لان يصبح الجندي الكوني والمخلص الاوحد للعالم ، حتى ان تبرير اختيار هذا الجندي بدلا من اخيه العالم الذي توفي نتيجة حادث سرقة تعرض لها والذي كانت له دراية كبيرة بصنع او خلق الافاتار ( القرين ) ، في انه جاء بسبب تشابه الجينات ولكي يكمل طريقة فرضه على المتلقي طرحه كمعوق حرب نتيجة احدى المعارك التي يخوضها جنود مشاة البحرية لنشر الحرية والديمقراطية في العالم ، وذلك لكسب تعاطف المتلقي معه كونه معوق ، ولكن بمجرد ان تكتمل فترة اعداده وينتقل الى جسد الافاتار ، نراه ذو قلب حديدي لايخاف حتى في احلك الظروف ،بحيث ان ابنة ملك شعب النافيي في كوكب ( باندورا ) قد اعجبت به لهذا السبب اي قوة قلبه وجرأته ، وهو نفس السبب الذي جعل الشجرة المقدسة ان ترسل بذورها للترحيب به ، كاشارة من الفيلم ان الرب يعرف من يختار كمنقذ ومخلص لسكان الكوكب من الخطر القادم ، لكون ابنائه لايستطيعون ذلك وهو التاكيد الذي تحاول السياسية الامريكية فرضه وبشكل مستمر، لذلك لابد من قائد لهم سواء كان فردا او دولة وفي الحالتين هم اما الجندي الكوني ( جندي مشاة البحرية )او تدخل الولايات المتحدة الامريكية ، وهو الامر الذي نفذته الولايات المتحدة في العديد من دول العالم بحجة حماية باقي شعوب العالم غير القادرة عن االدفاع عن نفسها حتى من الانظمة الدكتاتورية الوطنية التي تحكمها . ورغم ان الفيلم يطرح المجموعة التي تغزو الكوكب بانها مجموعة مرتزقة تدفعهم شركة معينة للحصول على معدن ثمين ، لكن يبث رسالة تؤكد التطور المستقبلي الهائل للالة العسكرية الامريكية والتي بامكانها ان تصل الى اي مكان في الكون .......

ينتقل ابطال الفيلم الى كوكب ( باندورا ) من خلال صندوق اعد لهذا الغرض متحولين او منتقلين الى جسد ( الافاتار) وهو موضوع ليس بالجديد على السينما ، فقد شاهدنا انتقال مشابه لذلك تقريبا او يحمل نفس الفكرة في فيلم المصفوفة ( الماتركس ) حيث يتم الانتقال عبر قابس كهربائي ويعاد من خلال تدخل المراقب له ،وسبقهم الى ذلك المسلسل الشهير ( ستار تريك ) . حتى ان امكانية موته نتيجة هذا الانتقال او التحول هي نفسها في كل من الفيلم والمسلسل..

الهة الكوكب ومعتقد سكانه ماخوذ من فكرة ارضية محضة تطرحها الديانات السماوية كلها وهي ان كل من يموت ينتقل الى الاله ( الرب ) وكون الرب شجرة تحاكي السكان وله ملائكته( البذور) التي تسبح في فضاء الكوكب قريبة من فكرة الملائكة الذين يحاسبون الانسان ويحصون عليه حسناته وسيئاته ، ولم يستطع كاميرون ان ينأى من طرح جنس في كوكب اخر يختلف كليا في عاداته وسلوكه وحتى شكله عن انسان الارض الا باختلافات بسيطة مثل اللون الازرق والذنب والاذان الطويلة ، لكن الاحاسيس هي نفسها ، كذلك ردود الافعال التي تشابه رد الفعل الانساني ، ولهم قادتهم ودورياتهم التي تحرس الكوكب ولولا الخيول الطائرة التي تشبه التنين وغرابة شكل الحيوانات التي تعيش في الكوكب لكان سكانه اقرب الى الكثير من القبائل التي تعيش في العديد من الغابات والاماكن المنعزلة لحد الان ( الفيلم صور في غابات نيوزلندا )، خصوصا وان الفيلم يطرح سكان الكوكب ( باندورا ) قريبي الشبه بالهنود الحمر من خلال طريقة عيشهم وملبسهم وطقوسهم الدينية وكذلك الاصوات التي يطلقونها اثناء تجمعاتهم الدينية او من خلال اجتماعاتهم الحربية ، وهي اشارة او رسالة ذات قصدية واضحة في ان كل شعوب العالم وحتى شعوب الكواكب البعيدة باستثناء الشعب الامريكي والشعوب الاوربية هي قريبة من الهنود الحمر ومن عاداتهم وهي نظرة دونية غير معلنة ولكنها تمرر من خلال السينما بطريقة سهلة ولطالما اشتغلت عليها العديد من الافلام ،حتى ان العديد من الافلام مازالت تتعامل او تصف العرب بالبدو غير المتحضرين والذين يعيشون مع جواريهم في الخيام بالقرب من ابار النفط ويمتازون ببشرة سوداء اقرب الى الزرقة ، وبالتالي لابد لهكذا نوع من الشعوب لقائد يقودهم لمواجهة مايتعرضون له من اخطار وهذا القائد هو جندي البحرية ( المارينز ) ، الذي حاول الفيلم اضفاء لمسة انسانية عليه من خلال طرحه كمتعاطف مع قضية سكان الكوكب (باندورا ) وبالتالي وقوفه ضد ابناء جنسه ، وهو امر ممكن باعتقادي ان يحدث لدى المدني الامريكي وليس مع الجندي ، ورفض بعض المشاهير في الحروب الامريكية دليل على ذلك ، الفيلم يظل متمسكا حتى المشهد الاخير بطرح رسالته على امكانية هذا الجندي الكوني حتى مع زوال الخطر وانتصار سكان الكوكب على الغزاة بحيث ان الحاجة اليه كما يطرحها الفيلم تجعل حكيمة الكوكب تتمكن من اعادته الى الحياة وهي اشارة الى رغبة سكان هذا الكوكب ببقاءه الى جانبهم ولكي يبرر تلك الرغبة يطرح الفيلم موضوعة زواجه من ابنة الملك في منتصف الفيلم لخلق جو من التعاطف لاستمرار هذه العلاقة ، لكن في الحقيقة هي اشارة الى النجاح الامريكي من السيطرة على الكوكب من خلال بقاء واحد من اشجع جنوده قائدا لكوكب ( باندورا ) والذي ربما يكون بالامكان الاتصال به ثانية والسيطرة على الكوكب ومعدنه الثمين بدليل سماحه للمرتزقة من العودة الى كوكب الارض وهو امر فيه قصدية واضحة . وهو ما اراد الفيلم طرحه على مدى امتداد زمن الفيلم ، رغم ان الفيلم لم يطرح الكيفية التي سيستمر بها في العيش على هذا الكوكب هل مع الصندوق او بدونه ، ام ان اعادته للحياة من قبل حكيمة الكوكب كان قد خلصه من تبعية الصندوق الذي يرتبط استمراره بالحياة فيه.


اللقطة الاخيرة التي ينتهي عندها الفيلم وهي فتح الجندي ( الافاتار ) لعينيه باتساع كانت هي الرسالة الاخيرة التي بعثها الفيلم وهي امكانية مقاومة الجندي الكوني لكل الظروف ، وان كان البعض بررها بانها لقطة ربط لجزء ثاني من الفيلم ربما يعمل المخرج جيمس كاميرون عليه ..
الفيلم قدم دهشة بصرية هائلة وممتعة من خلال التقنية العالية والمتطورة المستخدمة التي وفرتها الميزانية الضخمة التي رصدت له ( 500 مليون دولار )،وهو مايميز افلام المخرج جيمس كاميرون ،كذلك وتقديمه كوكب افتراضي جميل ومدهش ، لكن المضمون الفكري والرسائل والشفرات التي بثها الفيلم والتي ربما فرضت بعضها على مخرج العمل جيمس كاميرون ( كندي الجنسية ) لسبب ما قد لايتفق الكثيرون عليه .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل رائع
قاسم محمد مجيد الساعدي ( 2010 / 7 / 11 - 04:17 )
الاستاذ كاظم تحياتي وتقديري لك
تلك الاشارات والدلائل التي ركزت عليها هي الرساله التي تريد امريكا ان تعممها على العالم بانها المنقذ والمخلص
تحليل رائع نحتاجه بعيدا عن الانبهار بنصوص وصفيه كتبت عن الفلم
دمت بخير صديقي العزيز

اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان