الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم لتقنين الخمر في ليبيا

الفيتوري بن يونس

2010 / 7 / 11
حقوق الانسان


أثار تصريح السيد سيف الإسلام القذافي في مقابلته مع إحدى الصحف الانجليزية بأن بلاده تدرس تشريعا بشأن التصريح ببيع الخمور فيها ردود فعل اتسمت بالعنف أكثر منها بالقوة والعاطفية أكثر منها بالعقلانية في أوساط المثقفين الليبيين وشكل بعضهم لوبيات للوقوف في وجه هذا التوجه عبر موقع الفيس بوك أو شبكة التواصل الاجتماعي كما يسميها المهووسين بالتعريب، فما بالك بالشارع العام.
وفي هذه العجالة لا أريد أن أدافع عن تصريحات السيد سيف الإسلام لأنه ليس في حاجة إلى دفاعي أولا ولاختلافي معه في مبرر الإباحة ثانيا وفي الوقت ذاته ليس الأمر تصديا لتهمة السطحية أو ركوب الأمواج وما إلى ذلك من أوصاف رماني بها البعض لا لشيء إلا لمعارضتي لموقفهم الرافض للترخيص ببيع الخمور ، وترحيبي بهذا الأمر لأنني أرى أن المسألة اكبر من الدفاع عن شخص أو الانتصاف للذات ، فهذه المسألة – التصريح ببيع الخمر مما يعني عدم العقاب على تناولها إلا في حالة محددة قانونا – شأنها شأن أقدم مهنة في التاريخ – البغاء – كانت دائما محل جدل وتباين في الآراء بين فريقين كل يقول بعكس الآخر منذ فجر الإسلام حتى الآن وان كان النظام السياسي في الغالب وتحت وطأة البحث عن شرعية إلهية يستمد منها وجوده في سدة السلطة انتصر للفريق الرافض لشرعنة تداول الخمور وتعاطي المهنة الأقدم نظريا ، إلا أن الواقع كان دائما يشهد بأن هذا الحذر الرسمي قابله انتشار واقعي لشرب الخمر ، وممارسة البغاء بل أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف عنهم مقارفة هذه الأشياء أبرزهم أبو محجن الثقفي احد أبطال القادسية الذي قال في الخمر قولا لم يبلغه بعده احد في بيته الذي مؤداه أنني إذا مت لا تدفنوني في الفلاة إنما ادفنوني تحت كرمة تسقيني عروقها خمرا بعد وفاتي و المغيرة بن شعبة الذي شهد عليه جماعة من المسلمين باقتراف كبيرة الزنا فأقام عليهم عمرا حد القذف حتى بلغ الأمر في أواخر عصر بني أمية وعصر بني العباس شأوا لم يبلغه في أي عصر من عصور البشرية درجة انتشار اللواط وازدهار تجارة الجواري والغلمان بمباركة من المؤسسة الحاكمة ذاتها بل بمشاركتها كما تروي كتب التاريخ الإسلامي .
ومع بدايات القرن الماضي ونتيجة لتخلي الدول الأوربية عن مستعمراتها السابقة وإنابة أهلها في إدارتها نيابة عنها خاصة في الشرق الإسلامي ظهر ما عرف بالدول التي كان من مستلزمات قيامها وجود تشريع أساسي تستند عليه التشريعات الأخرى التي تنظم الحياة وعلائق الناس فيما بينهم في هذه الدول الورقية ، ورغم أن المشرعين لم يجدوا صعوبة تذكر في النص في المواد الأولى من دساتير هذه الدول على أن الإسلام دين الدولة وانه المصدر الأساسي للتشريع أو على الأقل احد مصادر التشريع ، إلا أن الصعوبة واجهتهم عند سن التشريعات الفرعية ، فانقسم العالم الإسلامي إلى فريقين كعادته دائما فريق تجاهل الواقع وجرم شرب الخمر والدعارة وتقاضي الفوائد ليستمد شرعيته من الله كما في دول الخليج العربي وفريق آخر قننها إن تحت ضغوط المستعمر السابق أو منطلق رغبته في تنوع مصادر الدخل أو من باب الحرية الشخصية أو منطلق فشل حذرها حتى في دولة مثل أمريكا ، وبالتالي عليها أن تتعامل مع الأمر على انه واقع يجب أن تتعامل معه ما دامت لا تستطيع القضاء عليه وكانت ليبيا إحدى الدول التي قننت الخمر والدعارة والفوائد واذكرها هنا لسببين أولهما انه لا احد يجادل في ورع وتقوى مؤسسها المغفور له إدريس السنوسي رحمه الله و لا في خلفيته الدينية و منطلقاته باعتبار احد ابرز رموز حركة دينية إصلاحية مجددة هي الحركة السنوسية وثانيهما أن الأمر هنا متعلق بها .
وقد ظلت الخمر والدعارة والفوائد مقننة ، لا يعاقب عليها إلا في حالات حددتها القوانين النافذة حتى قيام الثورة في الأول من سبتمبر و حذرت هذه الأمور من باب حماسة الشباب ربما ، ومن حق الدولة الليبية أن تراجع هذا الموقف الآن بعد أن وصلت إلى قناعة مؤداها انه من المستحيل القضاء على هذه الأشياء وبالتالي عليها أن تعيد تقنينها من جديد ، وهو الأمر الذي أؤيده ليس من باب الرضوخ للضغوط الخارجية أو الحاجة إلى دخل منها ، إنما منطلق القناعة بحرية الإنسان في أن يمارس حياته بحرية بعيدا عن أي قيد إلا قيد انتهاء هذه الحرية عند أنوف الآخرين ، ولو رأى فيها آخرين خروجا عن تعاليم الدين لأنه ليس ثمة وصي على العلاقة بين الله و الإنسان ، فلا تزر وازرة وزر أخرى وان شارب الخمر سيحاسب عليها وحده أمام الله إن شاء عقابه وان شاء عفا عنه ما لم تؤذ هذه الخمر آخرين
أما عن اللذين تحدثوا الآثار الاجتماعية ، فعليهم أولا أن يدركوا أن الآثار الاجتماعية لمنع الخمر أكثر كارثية من آثار إباحتها وليرجعوا إلى إحصائيات المحاكم ونوعيات القضايا قبل منع الخمر وبعدها .
و أخيرا فإن التشريعات التي لم يعد لها محل بعد إلغاء الخمر كفيلة بمعالجة مظاهرها السلبية إذا أبيح تعاطيها وفعلت تلك التشريعات .

والله من وراء القصد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اؤيد تقنيين الكحوليات
libya ( 2012 / 5 / 30 - 12:20 )
الحقيقة اؤيد هدا الطرح في تقنين بيع الكحول واعطاء حريات اكبر في مجالات الترفيهوالسيلحة ولكن المشكلة ان المجتمع اليبي يعيش حالة من التناقض الفكري فبعد ان استعانو يالناتو والغرب ليحررنا من القدافي تجدهم اليوم يتهمون كل من يريد الحرية وحقوق الانسان بالعمالة للغرب العلماني وكأن كلمة علماني هي مسبة والحقيقة امر الكثير من الليبيين غريب وخصوصا المتشددين الاسلاميين فهم استحلو الاستعانة بالغرب بك الوسائل ليصلو لمتغاهم واليوم يتحرجون عندما تدكر كلمة حرية وحقوق انسان وهدا عبدالجليل يعدالليبيين بتعدد الزوجات اي تخلف هدا؟؟ ادا سيطر الاسلاميون في ليبيا فالمسؤول هو الناتو الدي يجب ان يخلصنا منهم

اخر الافلام

.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم


.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #




.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا