الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدول المتوسطة القوة

محمد سيد رصاص

2010 / 7 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


خلال أربعة أشهر وعشرة أيام من عام 1965جرى انقلابان عسكريان على اثنين كانا مشتركين بفعالية في التحضير ل"مؤتمر القارات الثلاث"الذي كان مقرراً عقده بالشهر الأول من عام1966في هافانا،هما الجزائري أحمد بن بيلاَ(19حزيران)والأندونيسي أحمد سوكارنو(30أيلول)،وجرى خطف وقتل ثالث بباريس هو المهدي بن بركة(29تشرين أول) في عملية كانت أبعد من قدرات أجهزة الجنرال المغربي محمد أوفقير،حيث كان بن بركة كمنسق لأعمال التحضير للمؤتمر(سافيريو تيتينو:"تاريخ الثورة الكوبية"،دار الحقيقة،بيروت1971،ص 288) "قد وجد صيغة تسوية تضمن اشتراك الصين والاتحاد السوفياتي في مؤتمر القارات الثلاث...وكان هذا هو السبب في اغتياله".
لحق الغاني (نكروما) بنظيريه الجزائري والأندونيسي في عام1966،ثم جرت حرب 5حزيران1967ضد عبدالناصر الذي كان مشتركاً بفعالية في عملية التحضير لذلك المؤتمر. في تلك الفترة اختفى تشي غيفارا من المشهد الرسمي الكوبي ذاهباً إلى الأدغال البوليفية ،في وقت كان المنشقون عن الحزب الشيوعي الفنزويلي يخوضون حرب عصابات بزعامة دوغلاس برافو مع دعم من هافانا. كانت موسكو مترددة كثيراً تجاه ذلك المؤتمربحكم خوفها ،إن تضافرت قواه الرئيسية مع ديغول المتمرد على نظام العلاقات الدولية المتشكِل بحكم مؤتمر يالطا(شباط1945) ،من أن يكسر ثنائية العملاقين في مرحلة مابعد الحرب العالمية الثانية. بالمقابل كانت واشنطن متخوفة وتنتابها الهواجس من أن يؤدي ذلك المؤتمر،مع احتمال تلاقي بكين وموسكو فيه بعد نزاعهما البادىء عام 1960 ،إلى جو دولي غير مؤات لها في وقت كان نصف مليون جندي أميركي غائصون في أوحال الغابات الفيتنامية.
أنشأ ماجرى، خلال أعوام1965و1966و1967، بداية لميلان ميزان القوى الدولي لصالح الأميركان،رغم هزيمتهم الفيتنامية في عام1975وبالرغم من الإنتصارات السوفياتية في أنغولا(1976)وإثيوبيا(1977)وأفغانستان(1978)ونيكاراغوا(1979)،وقد شكلً ذلك مساراً لايمكن من دونه تفسير انتصار واشنطن على موسكو وتحولها إلى القطب الواحد للعالم منذ عام1989.
هنا،يلاحظ ،خلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين،تداعي وتراجع مكانة الدول المتوسطة القوة ( مصر،الهند،أندونيسيا،،الجزائر، يوغسلافية)على صعيد التوازنات الدولية بخلاف ماكان عليه الوضع في الفترة الفاصلة بين مؤتمر باندونغ(نيسان1955)وحرب حزيران1967،وحتى عندما حاول الخميني ذلك ايرانياً فشل،فيماكان تعزز مكانة الدول الكبرى مبنياً على تقاربها مع احدى الدولتين العظميين ضد الأخرى كماحصل من الصين مع الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفياتي منذ عام1978.بالمقابل فإن ميتران بدءاً من عام1981قد رمى تراث الديغولية الاستقلالي وراءه وكذلك فعل الألماني هيلموت كول(1982-1998) بسياسة المستشار برانت(1969-1974)التقاربية مع موسكو ووارسو وبرلين الشرقية التي أغضبت هنري كيسنجر كثيراً،وهو شيء تعزز كثيراً في فترة عالم مابعد الحرب الباردة حيث كانت اعتراضات باريس وبرلين على حرب عراق2003فاصلاً قصيراً ليعود شيراك مع القرار1559(2أيلول2004)للإنتظام في تشاركية مع واشنطن قبل أن يبدأ ساركوزي في منافسة بريطانية على الإلتحاقية بالسياسة الأميركية،وهو مافعلته برلين إنجيلا ميركل منذ أيلول2005،فيماكانت موسكو وبكين في وضعية غير مواجهة أومعرقلة للقطب الواحد خلال عقدين من الزمن .
في هذا السياق،يلاحظ أن نمو الدول المتوسطة القوة قد كان في فترة القطب الواحد للعالم بالتشارك مع واشنطن:الهند المتلاقية مع الأميركان ضد الأصولية الاسلامية والمشتركة معها في الخوف من ترجمة العملاق الصيني لقوته الاقتصادية إلى المجالات الأخرى. ايران المتحالفة مع واشنطن في غزوي أفغانستان2001وعراق2003. تركية أردوغان.برازيل لولا دا سيلفا منذ عام2003. جنوب افريقية المتشاركة مع الأميركان في معالجة ملفي زيمبابوي2008وحرب شرقي الكونغو بالنصف الأول من 2009.
كانت ايران أول من تمرد من الدول المتوسطة على القطب الواحد منذ شهر آب2005 مع استئنافها لبرنامج التخصيب النووي مستفيدة من التعثرات الأميركية في بلاد الرافدين ومن كونها كانت الرابح الأكبر من سقوط العراق. بمواجهة هذه الحالة الايرانية اتجهت واشنطن نحو تعويم الدور التركي في المنطقة بدءاً من عام2007،وخاصة إثر فشل سياسة"معتدلين ضد متطرفين"التي أعلنت عنها الوزيرة رايس أثناء زيارتها للمنطقة بعد شهرين من انتهاء حرب2006،التي قلبت التوازن الشرق الأوسطي لغير صالح واشنطن بخلاف ماكان عليه الأمر بين يوم سقوط بغداد وبداية تلك الحرب.
بدون هذه التغيرات في منطقة الشرق الأوسط ،بين صيفي 2006و2008،ماكان للحرب الروسية على جيورجيا(آب2008)أن تنشب بوصفها بداية استعادة موسكو للنفوذ في نطاقها السوفياتي السابق،معلنة استيقاظاً روسياً غير مألوف بالقياس لأعوام مابعد عام1989. حصل تشدد عند بكين خلال العامين الماضيين في ملفات تايوان وبورما،في قراءة عند العاصمتين لضعف أميركي ازداد مع أزمة أيلول2008المالية-الاقتصادية: في شهر حزيران2009بادرت روسيا والصين مع الهند والبرازيل إلى تأسيس ماسمي بمجموعة(بريك)، حيث أعلن رئيس الوزراء الهندي في قمتها المنعقدة في العاصمة البرازيلية بشهر نيسان2010أن هدف هذه المجموعة هو"انشاء نظام عالمي جديد أكثر ديمقراطية وعدالة ومتعدد القطب".
مايلفت النظر،هنا،أن تبادر البرازيل بعد شهر من تلك القمة نحو مبادرة ذات طابع أبعد من اقليمها،بإتجاه عقد اتفاق مع طهران حول برنامجها النووي كانت تركية طرفه الثالث،وهو ماجعل برازيليا وأنقرة لأول مرة في حالة صدام مع واشنطن كانت ذروته المشهدية يوم9حزيران2010 بمجلس الأمن لما صوَتتا لوحدهما ضد القرار1929 الذي جعل اتفاق طهران حبراً على ورق. حصلت روسيا على الكثير مقابل عدم تغطيتها لتلك الحركة البرازيلية- التركية:موافقة ضمنية أميركية على كل المكاسب الروسية الأخيرة في النطاق السوفياتي السابق بمافيها وضع أوكرانية منذ شباط الماضي تحت المظلة الروسية.أيضاً كسبت الصين في مواضيع تايوان والتبت.
في ذلك الصباح بنيويورك،ظهرت كل الدول الخمسة الكبرى(زائد واحد هي ألمانية)متحدة في وجه دولتين متوسطتا القوة أرادتا المبادرة في موضوع برنامج نووي لدولة متوسطة القوة أصبحت خلال الأعوام القليلة الماضية أقوى دولة اقليمية بمنطقة الشرق الأوسط.قبل عشرة أيام من قرار مجلس الأمن 1929كان هناك هجوم اسرائيلي على سفينة تركية وقتل مقصود لمواطنين أتراك، وقبل هذا بساعتين حصلت عملية على قاعدة بحرية قرب مدينة الإسكندرونة قتل فيها ستة جنود أتراك:ماذا يعني كل هذا؟....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن