الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أنوثة المعصية
ياسر اسكيف
2004 / 8 / 20الادب والفن
التعين بدلالة الآخر والأنوثة الضّاجة , لان ذكورة تسدّ المنافذ وتلوّح بالمفاتيح , هو مالا نجده في ( ظلّك الممتد في أقصى حنيني ) للشاعرة (رشا عمران ) الصادر عن دار الينابيع – دمشق 2004 . إنما نجد أنثى تختبر أنوثتها وتكتشفها في العلاقة لا في التصوّر . في التجربة لا في النمط . وبهذا لا يكون الاختلاف دافعا إلى ردّ الفعل على الطغيان والسيطرة , أي فاعلا في التعيّن
السلبي , بل خصيصة لاكتمال التجربة في فضائها اللامحدود .
الحزن والشك والموت , المفردات التي تشير إلى التحوّل والقلق , هي المفاتيح التي قد تكون الأصلح للولوج إلى نص ( رشا عمران ) . هذا النص الطفل الذي يتحسّس مفرداته في عماء قاموسيّ لافت , مؤكدا أن اللغة إحساس ونبض , ومنتصرا للكتابة بالجسد .
( الحقيقة / وميض يبتعد بسطوعه / عن الجسد الآخذ في الحضور . _ ص54 )
إن حضور الجسد هو النص بذاته , وهو الحقيقة التي لا يعود لها من معنى غير مغامرة الشك .
( لم يكن في البدء / إلا الوهم . _ ص13 )
والجسد بحضوره يلغي كل متحقق ونهائي , ذلك أن الحضور _ الجسد هو سفر بين التشكل والانمحاء حيث :
( الشعر / والموت / يعلوان / فوق سماء مظلمة . _ ص13 )
وحيث ( المعنى الأصيل / لا يمكنه أن يكون الخطيئة . _ ص14 )
ما من أنثى يمكن تعريفها أو تأطيرها في هذه النصوص , وما من ذكر . مادتان تعودان إلى الغمر, حيث العتمة وانتفاء الصفات , لتبدآن معا , في ألم الاتصال والانفصال , انتقالها من كون إلى كون , ومن معنى إلى معنى آخر
وكأنما الغاية هي اكتشاف الجديد للاستدلال به على الأكثر جدّة حتى التلاشي أو العدم :
(لم يعد لازما أن أسأل / ما أنت ..؟ / وكنت لا أفعل / سوى أن أرافقك / نحو ذلك الغامض ... _ ص16 )
أو ( نحو موت اعتدت عليه ._ ص32 )
ومن المثير للانتباه والتوقف أن ذاتا لا تحدّدها القطبية الجنسية هي التي تنكتب . فعلى صعيد اللغة , وحده التشكيل هو الذي يدلّ وليس صفة الفعل أو خصائص الفاعل , باستثناء مقاطع قليلة تتأكد فيها المرأة ك (امرأة ) ومنها :
( لست سوى امرأة واحدة / لكنّك / متماهيا مع الكون / رفعتك / إلى حقيقتي . ص25
وحتى في هذا المقطع , لا توحي لفظة امرأة بالمعنى العضوي الوظيفي بقدر ما تشير إلى الفرد المكتنز بهذا الكون والمغرق في عاديته بذات الوقت .
وفي العودة إلى عنوان المجموعة ( ظلك الممتد في أقصى حنيني ) ثم الحاقه بالعنوان الفرعي ( إذ تقاسمني حنيني ) مضافا اليهما المقطع الأول :
( محتشد بالدهشة / مثلي تماما / ذلك البيت شبه المضاء / في شارع / شائخ . ص7 )
ثمّ الثاني :
( الرجل الذي غادر منذ وقت قريب / الرجل المؤطّر على طاولة / ......... أو / ذلك الرجل / برحيله الصامت / ترك بعض الزيت / في مصباحي /
لأراك / . ص8 ) .
نجد أن الحنين الذي يشير إليه العنوان ليس حنينا شخصيا , أي ليس إحالة إلى ماض يمثل حصنا منيعا في مواجهة الحاضر , أو شكلا من أشكال التعبير
عنه , بقدر ماهو رغبة في العودة إلى البدء الحسي للمعرفة بعيدا عن طاغوت المقدّس والأبدي . كما أن أداة الشرط في العنوان الفرعي تقدّم إشارة واضحة إلى استحالة تحقيق الرغبة في تلك العودة دون حضور الآخر كراغب وفاعل في آن . وهنا يتجلى الابتكار والانزياح في الدلالة لكلمة طالما تعرّضت للابتذال
أما بالنسبة للمقطعين السابقين فأرى , من ناحيتي , أنّهما مفتاحان ضروريان للتماس مع التجربة وإعادة إنتاجها . ف ( البيت شبه المضاء / في شارع
شائخ . ) يشير إلى لحظة فاصلة تخص النزع الأخير للضوء وتؤكدها شيخوخة الشارع التي تدل على كهولة الضوء لا طفولته . انه تعبير يعرض ببراعة
حالة استنزاف الطاقة المتّجهة بالكائن إلى الفناء والعدم . والعدم هنا هو المحدّد والنمطي . هو الرجل المؤطّر ، أو المفهوم المطلق المقدّس .
إن شبه الضوء وبقية الزيت في المصباح كافية للرؤية والدهشة , كما أنها كافية لوضعنا أمام مفردات الاختلاف وأدوات التجربة التي لا تنتهي , ومنظار الرؤية لا يتشكل قبل أو بعد إنما في الآن وكأنما الرؤية هي التجربة ذاتها .
وفي التجربة تلتبس المعاني, وتتلعثم اللغة في عيش التحوّل وابتكار الرعشة .
هو شيء مما تفعله وتحرّضه هذه المجموعة الشعرية , شيء من رد ّجميلها مقابل حملها لوزر فضيحتنا جميعا .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تأملات - كيف نشأت اللغة؟ وما الفرق بين السب والشتم؟
.. انطلاق مهرجان -سماع- الدولي للإنشاد والموسيقي الروحية
.. الفنانة أنغام تشعل مسرح مركز البحرين العالمي بأمسية غنائية ا
.. أون سيت - احنا عايزين نتكلم عن شيريهان ..الملحن إيهاب عبد ا
.. سرقة على طريقة أفلام الآكشن.. شرطة أتلانتا تبحث عن لصين سرقا