الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة خرق القانون في العراق

ئارام باله ته ي

2010 / 7 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قبل أكثر من 3500 سنة توصل العراقيون القدماء الى وضع قانون يعتبر الأقدم والأشمل في العالم ، تضمن هذا القانون 282 مادة تعالج شؤون الحياة كافة وتحدد بدقة واجبات الأفراد وحقوقهم في المجتمع . كل ذلك مدون في مسلة حمورابي التي لازالت محفوظة في متحف اللوفر بباريس . واذا كانت الحضارة حقا تراكما تاريخيا ، لكان يفترض بالعراق أن يكون بلد القانون بأمتياز ، وأن يتعلم منه الأخرون ، لا أن يعلموه ..
لن نذهب بعيدا ولن نغوض في تجارب الحكومات العراقية المتعاقبة منذ تأسيس دولة العراق الحديثة عام 1921 ، وانما نقتصر الحديث عن هؤلاء الذين عارضوا البعث البائد ، واشتكوا من غياب القانون في عهده وادعوا أن نضالهم من أجل التخلص من الدكتاتورية ، واقامة دولة تحترم القانون والمواطنين ، يخضع فيه الجميع للقانون ولايخضَََََع القانون . والحق يقال ودون أن نغبن حق هؤلاء القادة الأفذاذ ، أنهم اجتمعوا بعد سقوط النظام السابق ووضعوا القانون الأسمى للبلاد (الدستور) . والمواطنون من جانبهم باركوا الخطوة بنسبة تقارب 80% . ومن البديهي أن الدستور هو القانون الأعلى الذي يتفرع منه القوانين الأخرى ، حيث لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الدستور . انه عقد اجتماعي مدني في كل الدول المتحضرة .
في العراق ، لم يكن الحبر الذي كتب به الدستور قد جف ، عندما اخترقه العراقيون وأنزلوه من علياءه الى الحضيض . اذ أن الدستورالأتحادي العراقي ينص على انتخاب رئيس الجمهورية خلال ثلاثين يوم من تاريخ أول جلسة انعقاد لمجلس النواب (المادة 72 فقرة ب ) ، الا أن الجلسة البرلمانية بقيت أثناء تشكيل الحكومة المنصرمة 41 يوم مفتوحة ، حتى جاء الفرج بأنتخاب فخامة الطالباني رئيسا للجمهورية ومن بعده كلف السيد المالكي بتشكيل الحكومة . مرت تلك الأيام وبرر البعض ذلك الخرق بحداثة عهد العراقيين في الممارسة الديمقراطية بعد عقلية تعودت على ثقافة الأنا والواحد الأوحد وارث تاريخي يمتد للمد الأسلامي ، وأجزموا أن النضوج سيتم مع الوقت . لم يمضي الكثير من الزمن ، حتى التف العراقيون من جديد على دستورهم الموقر ، ليتنصلوا هذه المرة من التزام مادة دستورية أخرى ( المادة 140 ) . لم تتوقف الخروقات هنا ، بل أختزل المالكي صلاحيات مجلس الوزراء في شخصه ، مع ان المادة(80) من الدستور تتطرق الى صلاحيات مجلس الوزراء ولاتوجد مادة دستورية تذكر صلاحيات رئيس الوزراء .. هذا غيث من فيض السنوات الأربعة الماضية .
ولأن ثقافة الألتزام بالدستور ضعيفة ، ان لم نقل منعدمة في بلاد حمورابي . ها هو القانون الأعلى يخترق من جديد ن بعد تعذر اتفاق الزعماء والقادة والساسة والشيوخ ، على اختيار الرئاسات الثلاث . بالرغم من مرور أكثر من أربعة اشهر على انتخابات صورية فارغة المعنى والمضمون . اذ تقرر تمديد جلسة البرلمان المفتوحة لأسبوعين اخرين . وعداد الأيام يعد من جديد والدستور في عرض الحائط يتيه .
غالبية أعضاء مجلس النواب الحالي من الأسلاميين الذين يدعون تقوى الله والسير على هدي القران ، مع أنهم لايبالون بهموم المواطن حيث لايهمهم ذلك بعد الأنتخابات ، لكن المهزلة تكمن في أن هؤلاء الأبرار مذنبون أمام الله أيضا لأنهم حنثوا باليمين الذي أدوه قبل شهر ( أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان واخلاص .. والله على ما أقوله شهيد ) (المادة 50 من الدستور الأتحادي) . أيها السادة النواب انكم مخلون بمسؤولياتكم القانوينة ، بل أخللتم بقانون القوانين (الدستور) بتأجليكم الجلسة اسبوعين غير دستوريين .
سبق أن قلت أكثر من مرة وبالفم المليان ، ان العراقيين يحتاجون الى من يرشدهم سبل الحكم الرشيد . انهم يبرهنون كل يوم ، في الماضي والحاضر ، على براعتهم في نكث العهود والوعود وحبهم للفوضى واللاقانون . ان عراقيي اليوم لايمتون بصلة الى سومر وبابل وأكد واشور . انهم بقايا ثقافة الصحراء .

ئارام باله ته ي
ماجستير في القانون
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص