الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تكون بداية النهاية

البتول الهاشمية

2004 / 8 / 20
الارهاب, الحرب والسلام


كان ذلك في عام 1776 عندما أعلن هاو بت مؤسس جمعية النورانيين اليهودية انه من اولويات العمل هو السيطرة على الصحافة وأجهزة الأعلام الأخرى بالإضافة إلى الذهب والسلاح وتوالت السنين لتثبت إن هاوبت المعتنق لليهودية لم ينطق إلا الصواب حيث تأكد للجميع إن ثالوث القوة الذي يعترف به القرن العشرين هو آلة العسكرة المتطورة وجيش الإعلام وماكينة المال ...الأولى من اجل تصفية الخصوم والثانية للظهور بثياب الشرطي الذي يضنيه البحث عن القاتل والثالثة لدعم الاثنتين وقد تنبه اليهود لهذه الثلاثية وخاصة الإعلامية في القرن المنصرم حيث يبدو للدارس إن الوجه اليهودي قد تغير تماما خلال الفترة الممتدة من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى بداية القرن الواحد والعشرين أو الألفية الثالثة كما يحلو للبعض تسميتها فلم يعد اليهودي ذلك الماكر البخيل بل أصبح رجل الأعمال والممثل والمدافع عن الحق والاهم من هذا العالم وقد استفادوا من تطور وسائل الأعلام على هذا النحو المخيف في تهويد المعرفة وخذ مثلا أفضل ثلاث علماء للقرن العشرين تجدهم فرويد وماركس واينشتاين وهم جميعا يهود مع إن العلم لم يرتبط يوما بالجنسية الدينية فمن يعرف ما هو دين أديسون مخترع الكهرباء أو غرا هام بل مصمم الهاتف ولكنهم للأمانة لعبوها كما يجب أن تلعب وصرفوا نقودهم كما يجب أن تصرف وغلطتهم الوحيدة أنهم لم ينصتوا إلى الكاتب اليهودي الإنكليزي نعوم تشو مسكي الذي حذرهم من أن صعوباتهم القادمة تتلخص في كيفية استمرار خداع الشعوب في ظل المتغيرات الجديدة وصدقت نبوءة تشو مسكي الثقافية فمن يراقب الأربع سنين الأخيرة يجد أن خيوط دمية الإعلام قد بدأت تفلت من الأيد الصهيونية فقارن على سبيل المثال بين عام الثلاث وسبعين حيث وصلت أرقام الدعم الأوربي لإسرائيل مستويات صاعقة وبين سنة الألفين وثلاثة حيث صنف الشعب الأوربي دولة إسرائيل بأنها الأولى على سلم الإرهاب الدولي والسبب في أن ناقل الحدث الممول يهوديا لم يعد له أي عمل في وجود الصورة الموثقة وتقلصت مساحة النفاق والتزوير ويمكن بقليل من التفاؤل أن نعتبر ذلك بداية جيدة لإمبراطورية الصورة ومجرد تنبؤ لا يخلو من الصحة لنهاية سيطرة الصوت والكلمة على مسرح الأحداث والبرهان على صحة هذا الطرح هو أن إسرائيل احتجت على تصوير فيلم الآلام لميل غيبسون والذي يحمل اليهود دم المسيح بطريقة غير مباشرة أكثر مما عارضت عشرات الصحف العربية والعالمية التي تهاجمها
وأخر الأخبار غير المؤكدة أنهم وبعد عرض الفيلم في الولايات المتحدة يشترون معظم التذاكر ويرسلوها كبطاقات دعوى شرف لكبار رجال أعمالهم ودينهم المتعصبين لهم وبدل أن يعمل الفيلم على تأجيج مشاعر الحقد المسيحي ضد اليهودية يلهبون مشاعر طائفتهم ضد العالم الذي يلفق عنهم الأساطير مما من شانه أن يزيد الدعم لدولة إسرائيل ..صحيح أنهم لم يقدروا على إيقاف عمليات التصوير ولكنهم عرفوا كيف استفادوا من الواقعة انطلاقا من الحكمة اليهودية القديمة التي تقول ..إذا لم تستطع أن تغير وجهة الريح فحرك الأشرعة بالاتجاه الذي يناسبك فهل فكرنا نحن بشراء بعض تذاكر العرض كمنافس لهم وإرسالها إلى عامة الشعب المسيحي ..الجواب تعرفونه انتم ...وما أن تنفس الاسرائيلون بعض الصعداء من ضبط حركة الفيلم حتى جاءتهم الضربة الثانية وكانت هذه المرة من فرنسا وبالتحديد من المؤلفين سمير عبد الله من اصل مصري وجوزيه ريناس ومن خلفهم المخرج مكرا بي المعروف بتأييده لإقامة دولة فلسطينية وجديد الفيلم هذه المرة انه يعتمد في معظم مشاهده على وقائع حقيقية بعيدا عن تقنيات الديكور وفن الخدع فالجرافات الإسرائيلية التي تقتلع أشجار الزيتون هي نفسها المصورة وكذلك الأطفال اللذين يرددون بان العرب مجرد كلاب.. ولم يكتف الفيلم بإظهار حقائق بل بكسر ثوابت سابقة فالإسرائيلي كولد شتاين الذي ارتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي ببربرية لم يعرف لها التاريخ مثيل والذي حوكم على أساس انه مجنون تظهر زوجته في الفيلم لتؤكد انه كان عاقلا حتى اللحظة الأخيرة وحتى لا ننكر إبداع المؤلفين ومن خلفهم المخرج فان قصة الفيلم غاية في التشويق فهي تحكي عن ثمانية كتاب دوليين انطلقوا لزيارة الشاعر محمود درويش المحاصر في رام الله وهناك شاهدوا الحقائق على أرضها والتي تم شرحها بالفيلم وأمام هذا فان رجال الأعلام اليهودي في فرنسا وإسرائيل ربما في دول عديدة حائرون حيال الفيلم فهو في اغلبه يتخذ منحى الوثائقية المصدقة كما أن كثرة التهجم والتطبيل قد تقود إلى اتساع الرقعة الدعائية للفيلم ..والأكثر طرافة في الموضوع هم نحن العرب كالعادة ,فالأمر لا يعنينا نهائيا إذ أن جيل الشباب العربي يتحرق انتظارا لفيلم مصطفى قمر الغنائي الجديد وبعد ذلك يطل عليك كبار مسؤلي السينما المصرية ليعبروا لك عن تخوفهم من أن عدد الأفلام المصرية انخفض من مائتي فيلم في العام إلى ثمانين وها أنا استحلفهم بكل المقدسات الدينية التي يؤمنون بها أن يعملوا جاهدين لتقليص العدد للصفر إن أمكن مادامت قضية صراعنا مع إسرائيل وبعد خمسين سنة تتلخص على الساحة الفنية بان شعبان عبد الرحيم يكره إسرائيل فيما قاتلة كاظم الساهر ترقص حافية القدمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما مبرّرات تكوين ائتلاف لمناهضة التعذيب؟


.. ليبيا: ما سبب إجلاء 119 طالب لجوء إلى إيطاليا؟ • فرانس 24




.. بريطانيا: ما حقيقة احتمال ترحيل مهاجرين جزائريين إلى رواندا؟


.. تونس: ما سبب توقيف شريفة الرياحي رئيسة جمعية -تونس أرض اللجو




.. هل استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لفض اعتصامات الطلاب الداعمة