الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجمهورية الأولى

حسين علي الحمداني

2010 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


في الكثير من الكتابات والمقالات التي تنشر هنا وهناك نجد من يحاول اتهام الضباط الأحرار ومنهم الزعيم عبد الكريم قاسم الذي ولد عام 1914 وأعدم عام 1963 بأنهم مهدوا لتأسيس (ثقافة الانقلابات العسكرية) وجر العراق إلى ويلات حكم العسكر متناسين بأن الدولة العراقية الحديثة التي تأسست بعيد ثورة العشرين وكأحد انجازات هذه الثورة انها كانت قائمة على العسكر وان دور العسكر في الدولة العراقية لم يبدأ صبيحة 14 تموز 1958 وإنما كان ذلك موجودا قبل هذا التاريخ فأغلب المساهمين في تأسيس الدولة العراقية كانوا من العسكر، سواء الضباط الذين تسنموا رئاسة حكومات عراقية وهم خريجو الكلية العسكرية التركية ومنهم نوري السعيد الذي كان برتبة جنرال والذي تولى رئاسة الحكومة 14 مرة.
كذلك الفريق جعفر العسكري والفريق نور الدين محمود، كانوا عسكريين وتسنموا رئاسة الحكومة في العهد الملكي، أم غيرهم من الضباط العراقيين الذين كانوا جزءا من الجيش العثماني المهزوم في الحرب العالمية الأولى. من هنا نجد بان العسكر وجد قبل وجود الدولة العراقية بدليل أن تاريخ تأسيس الجيش العراقي في 6 كانون الثاني 1921 وتأسيس الدولة العراقية في نهاية آب من نفس العام وبالتالي فان الجيش كان مهيأ لقيادة الدولة ولم تكن الدولة قادرة على قيادة الجيش وهذا ما ادى إلى حدوث انقلاب بكر صدقي عام 1936 وتلته انقلابات عسكرية أخرى ليس آخرها أحداث مايس 1941 التي قادها العقداء الأربعة والتي عرفت تاريخيا بحركة رشيد عالي الكيلاني , ناهيك عن الكثير من الحركات والانقلابات العسكرية التي لم يكتب لها النجاح وبالتالي فان ما حدث في 14 تموز 1958 هو أمر ليس بالجديد في تاريخ العراق الحديث حيث كان الناس دائما يستيقظون على انقلاب عسكري يزيح حكومة ويأتي بأخرى مع بقاء العراق ملكيا مرتبطا بالتاج البريطاني ، لكن هذه المرة استيقظ الناس ليس على وقع انقلاب عسكري يستبدل جنرال بآخر بل عبارة عن ثورة غيرت ملامح العراق ونظام الحكم فيه من الملكية إلى الجمهورية وفرضت واقع حال جديد على المنطقة برمتها وأنهت الكثير من التحالفات السياسية والعسكرية التي أرادت ربط العراق بأحلاف واتفاقيات عسكرية منها حلف بغداد وغيره خاصة وأن بريطانيا آنذاك كانت تخطط لأن يكون العراق جزءا مهما من الكومنولث البريطاني لسنوات طويلة ، إذن هي ثورة وليست انقلابا خاصة وان هنالك تعريفان ومفهوميان للثورة، فالتعريف التقليدي القديم الذي وضع مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة الفرنسية وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة. وقد طور الماركسيون هذا المفهوم بتعريفهم للنخب والطلائع المثقفة بطبقة قيادات العمال التي اسماها بديكتاتورية البروليتاريا. أما التعريف أو الفهم المعاصر والأكثر حداثةً للثورة هو التغيير الذي يحدثه الشعب من خلال أدواته «كالقوات المسلحةأو من خلال شخصيات تاريخية لتحقيق طموحاته لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية. أما الانقلاب العسكري فهو تحرك ثلة من الجيش بقيادة أحد الضباط للاستيلاء على السلطة لتحقيق طموحات واطماع ذاتية بغية الاستفادة المادية من كرسي الحكم كما حصل في شباط 1963 وتموز 1968، والشيء الآخر الذي لم ينتبه له الكثير من الذين تناولوا ثورة 14 تموز 1958، هو إن قادة هذه الثورة ليسوا من الضباط المترفين المقربين من العائلة المالكة بل هم مجموعة ضباط شاركوا في حرب فلسطين عام 1948 وشهدوا نكبة العرب في فلسطين وباتوا على علم ودراية بأن تلك الأنظمة التي نصبها المستعمر بغية امتصاص ثورة الشعب العراقي في 30 حزيران 1920 لا تخدم الشعب وطموحاته بقدر ما هي تنفذ أهداف ومرامي المستعمرين وما حرب فلسطين العام 1948 الا دليل قناعة ترسخت لدى هؤلاء الضباط بأن يتصدوا لهذا ويحاولوا إنشاء وتأسيس حكم وطني وإنهاء حالة التبعية للأجنبي وتحرير القرار العراقي المكبل بمعاهدات مع بريطانيا ومنها معاهدة بورتسموث ، أما الجانب الآخر الذي لم يشر إليه أحد وهو إن العراق جزء مهم جدا من محيطه العربي وبالتالي فأنه يؤثر ويتأثر ولا يمكن تجاهل ما حصل في بعض اجزاء الوطن العربي من ثورات وإنهاء للحكم الملكي خاصة ثورة 23 يوليو 1952 في مصر وازالة حكم الملك وما تلا ذلك من تأميم لقناة السويس وحرب 1956 ووقفة الشعب العراقي والتظاهرات المؤيدة لمصر ضد العدوان الثلاثي ، وبالتالي فأن الأرضية في العراق كانت مهيأة لقيام ثورة تطيح بالنظام الحاكم المرتبط بشكل أو بآخر بالأجنبي ، لذا نجد بأن ثورة 14 تموز هي امتداد طبيعي لرفض الشعب العربي في كل مكان للتواجد الأجنبي المباشر أو غير المباشر ومحاولة السيطرة على القرار الوطني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وترامب وجها لوجه | #أميركا_اليوم


.. منذ 7 أكتوبر.. أميركا قدمت مساعدات أمنية لإسرائيل بقيمة 6.5




.. السباق إلى البيت الأبيض | #غرفة_الأخبار


.. بدء الصمت الانتخابي في إيران.. 4 مرشحين يتنافسون على منصب ال




.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات استمرار احتجاجات كينيا رغم تراجع ا