الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضحوكة الديمقراطية ... الحلقة الرابعة

حميد غني جعفر

2010 / 7 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



وجهة نظر شخصية
ومن العوامل الأخرى التي لاتقل أهمية عن العوامل الأساسية الثلاث التي ذكرناها في الحلقة السابقة ، التي ساعدت ومهدت الطريق أمام الامبريالية العالمية ( بزعامة أمريكا ) على استعادت دورها – الدركي الدولي – في الهجوم على الشعوب والدول الضعيفة واحتلال هذا البلد أو ذاك ، بهدف بسط هيمنتها وفرض مشروعها الديمقراطي الليبرالي في محاولة لتبييض وجهها من جهة وتظليل الشعوب بأنها الراعية والحامية للديمقراطية في العالم من جهة أخرى ، وفي ظل ديمقراطيتها المزعومة تبقى هي تتحكم في اقتصاد البلد وموارده وثرواته ، تم تسعى لربط هذا البلد بركائز النظام الرأسمالي الثلاث _ صندوق النقد الدولي _ والبنك الدولي _ ومنظمة التجارة العالمية _ ناهيك عن الاتفاقيات والمعاهدات السرية المبرمة خلف الكواليس – العسكرية منها والاقتصادية .
إن هذا الانتصار (المؤقت ) للإمبريالية العالمية بزعامة أمريكا هو ليس بفعل تفوق قدراتها العسكرية وتطورها العلمي والتكنولوجي ( كما أسلفنا ) بل بفعل العوامل الأساسية المذكورة آنفا ، إضافة إلى تسلط الأنظمة الرجعية الفاسدة والدكتاتوريات الاستبدادية التي تحكم شعوبها بقوة الحديد والنار ، وتمارس أبشع أساليب القمع والبطش والتنكيل ضد شعوبها وضد خصومها السياسيين بصفة خاصة ومصادرتها للحريات العامة والشخصية ومحاربتها للعلم والثقافة والتنوير وتحريم حرية الرأي والمعتقد وحرية التعبير والنشر وزج المثقفين والمفكرين في السجون المظلمة للابقاء على حالة الجهل والتخلف ، وما أكثر مثل هذه الأنظمة المتهرئة التي تعج بها منطقتنا العربية ، أنظمة رجعية فاسدة وعشائرية متخلفة تحكمها العائلة الواحدة بالوراثة ، وهذه الأنظمة مدعومة أساسا من بريطانيا وامريكا بل هي التي جاءت بها وبهؤلاء الحكام الطغاة المستبدين منذ بدايات القرن الماضي لتجعل من هؤلاء الحكام شرطة حراسة لحماية مصالحها الاستعمارية في المنطقة وهذه الأنظمة تشكل ركائز أساسية لحماية مصالح الغرب الامبريالي في المنطقة ، ليس من حيث قمعها لشعوبها وسلب إرادتها ..بل وابضا في قمع أي حركة وطنية تحررية تنهض في المنطقة ، وهذا ما قامت به فعلا بعض الأنظمة في قمع العديد من الحركات الوطنية الناهضة وقمعها بالتدخل العسكري المسلح .
وما زاد في الطين بله (كما يقال ) انه حتى الأنظمة التي جاءت إلى الحكم عن طريق الانقلابات العسكرية بقيادة البرجوازية الوطنية الصغيرة وبضمتها القوى القومية هي الأخرى مارست ذات الأساليب القمعية البوليسية ضد شعوبها وضد خصومها السياسيين ، وكانت أكثر قسوة ووحشية في أساليب القمع مع أنها تتسم بصفة الوطنية ... فيا لبؤس الوطنية قمع فكري وجسدي سجون ومعتقلات وإعدامات وتشريد حتى جلبت هذه البرجوازيات الوطنية ...الويلات والمآسي لشعوبها – بفعل طبيعتها الازدواجية المتذبذبة فهي تارة مع الشعب عندما يشتد ضغط الغرب عليها ، وتارة أخرى مع الغرب عندما يطالبها الشعب في الحرية والديمقراطية أو بتحسين مستواه ألمعاشي وفق مصالحها الأنانية الضيقة بعيدا عن المصالح الوطنية العليا ، وحصيلة هذه الأنظمة البرجوازية الوطنية المآسي والكوارث تدفع ثمنها شعوبها .
وهذا ماأكدته التجربة الملموسة في كل ما يسمى بلدان العالم الثالث ، الأمر الذي يؤكد حقيقة فشل قيادة البرجوازية الوطنية الصغيرة في قيادة المرحلة الوطنية الديمقراطية .
تلك هي العوامل الرئيسية والمهمة التي ساعدت ومهدت للغرب الرأسمالي بزعامة أمريكا استعادة دورها في بسط هيمنتها على الشعوب ، بصيغ وأساليب جديدة _ هذه المرة _ ولكن وكما أسلفنا ليس بدون ذرائع ومبررات تضلل بها الشعوب والرأي العام ومنها ذريعة الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وحماية الديمقراطية في العالم بهدف فرض المشروع الامركي ، وهذا المشروع يخفي وراءه العودة إلى شريعة الغاب التي كانت سائدة حتى بدايات القرن العشرين (ما قبل الثورة الاشتراكية الأولى في التأريخ ) .
وقد استهوت هذه الديمقراطية المزعومة الكثير من تجار السياسة الذين يعيشون خارج بلدانهم وفي الدول الغربية تربوا في مدارس الغرب وجعلوا من أنفسهم قوى معارضة لأنظمة بلدانهم واغدقت عليهم أمريكا الأموال الطائلة وسخرت لهم وسائل الإعلام والدعاية واستغلت أمريكا وهؤلاء السادة المعارضون الآم ومعانات شعوبهم وتسلط الأنظمة الرجعية أو الدكتاتورية المستبدة التي حرمت شعوبها من أبسط حقوقها الإنسانية في الحياة ، حيث الكبت والحرمان من الحريات الأساسية العامة والشخصية وتحريم حرية الرأي والمعتقد وحرية الصحافة والنشر وحيث سلب إرادة شعوبها وامتهان كرامتها الإنسانية .
حتى فقدت الشعوب وقواها المناضلة القدرة على مواجهة تلك الأنظمة الاستبدادية بفعل تلك السياسات ا لقمعية البوليسية التصوفية وباتت الشعوب وقواها المناضلة غير قادرة على مواصلة نضالها من اجل خير الشعب وسعادته لكن ورغم الظروف القاسية التي واجهتها تلك القوى المناضلة لن تفت في عضدها قالت كلمتها ..لا للحرب ..لا للدكتاتورية ، ودعت هؤلاء الساسة – في المعارضة – إلى وحده الأراده والموقف والى تظافر كل الجهود الوطنية المخلصة من اجل إسقاط النظام من الداخل وعلى أيدي الشعب العراقي وعدم التعويل على أمريكا لكن هؤلاء الساسة رفضوا هذه الدعوة ... بفعل ارتباط مصالح البعض منهم بمصالح الغرب وبعضهم الأخر عاجز عن خوض النضال الجماهيري والتضحية من اجل قضية الشعب والوطن ، وبهذا الموقف فقد وضع هؤلاء الساسة تلك القوى المناضلة الحية ذات التاريخ العريق أمام أمر واقع .
ومن هنا اشتدت الصراعات والتناقضات بين مجموع هذه القوى ، وتشابكت المصالح واختلطت الأوراق منهم من ينوح على ليلاه بحثا عن مصالحه الشخصية الذاتية عن (الجاه والمال) أو مصالح حزبية ضيقه وقومية أو فئوية وطائفية ، ومنهم الوطنيون الحقيقيون اللذين ينكرون ذاتهم ويضحون من اجل مصلحة الشعب والوطن وكان لابد لهذه القوى المناضلة من حضور لها في الساحة العراقية كصوت يمثل مصالح الشعب وأرادته إذ لايمكن ترك الساحة .
وقد سعت أمريكا لاستثمار هذه الصراعات والتناقضات وتعميقها أكثر فأكثر بما يخدم مصالحها ومصالح الغرب واحتكارته وكل هذا ناجم أساسا عن سياسات النظام ألبعثي المقبور وحروبه العنصرية الكارثيه ضد جيرانه إلى جانب القمع والبطش والاباده الجماعية لكل خصومه السياسيين بل وللشعب كله الرافض لسياساته وحروبه الطائشة .
وهذا النظام الدموي قدم اجل الخدمات لامريكا ومهد لها السبيل لإنزال اساطيالها العسكرية في منطقة الخليج – بغزوه للكويت- وبكل تأكيد فان شعبنا العراقي وقواه الوطنية التقدمية واليسارية منها بشكل خاص تدرك جيدا هذه الحقيقة – حقيقة إن هذا الانتصار – المؤقت –للامبريالية هو بفعل تلك العوامل التي ذكرناها – وبفعل وجود هذه الأنظمة الرجعية والعشائرية الفاسدة والدكتاتورية الاستبدادية في منطقتنا العربية وهم شرطة حراسة للغرب الامبريالي ومن هنا فأن الديمقراطية الليبرالية وجدت لها صدى واستهوت الشعوب المبتلاة بمثل هذه الأ نظمه القمعية البوليسية التي سلبت إرادة شعوبها وحرمتها من ابسط حقوقها الإنسانية في الحياة .
وفي الحلقة القادمة سنتناول نموذج من هذه الديقراطيه السائبه ومردوداتها السلبية على المجتمع.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اقتلعها من جذورها.. لحظة تساقط شجرة تلو الأخرى بفناء منزل في


.. مشاهد للتجنيد القسري في أوكرانيا تثير الجدل | #منصات




.. نتنياهو: الإسرائيليون سيقاتلون لوحدهم وبأظافرهم إذا اضطروا ل


.. موسكو تلوّح مجددا بالسلاح النووي وتحذر الغرب من -صراع عالمي-




.. تهديدات إسرائيلية وتحذيرات أميركية.. إلى أين تتجه الأمور في