الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعلام يخاطب نفسه وآخر يسمع نفسه !

بشير زعبيه

2010 / 7 / 14
الصحافة والاعلام


في أكثر من فعالية اعلامية عربية أحضرها حكومية أو أهلية يحضر الحديث عن الخلل القائم في مساق علاقتنا بالآخر ودور الاعلام في امكانية تغيير الصورة النمطية للعرب في منظور الآخر وما يستوجبه ذلك من اعادة النظر في الخطاب الاعلامي الموجه اليه الى حد يحمّس البعض على اطلاق الدعوة لانشاء منابر اعلامية تخاطب هذا الآخر بلغته ، ويبدو أن هذه النقلة في التفكير العربي ربما دللت على أن العرب بدأوا يكتشفون بعد عقود طويلة أنهم كانوا يخاطبون أنفسهم ، وقد كان ذلك قائما بالفعل في زمن الاعلام الأرضي لكنّ الملفت أن الاعلام العربي ظلّ مستمرا في مخاطبة نفسه حتى مع ظهور الاعلام الفضائي وتطوره وتوسع مداه وتأثيره ، والملفت أيضا أن الذين استحدثوا في منظومتهم الاعلامية قنوات مرئية فضائية تحت عنوان (مخاطبة الآخر) لم ينجوا من المطب نفسه ، اذ أن هذا التغير في الآلية لم يواكبه تغير في المضمون ، وقد يكتشفون قريبا أنهم لا زالوا يخاطبون أنفسهم ولكن هذه المرة بلغة أجنبية ..
على كلّ فان مسألة التخاطب مع الآخر في اطار حوار منشود لترتيب الرؤى ورفع الالتباس وتصحيح المفاهيم المغالطة لا تتعلق بنا نحن العرب فقط فهي مرتبطة بالآخر أيضا ومدى استعداده للاستجابة لهكذا خطوة ، وهناك ما يجب أن يقوم به في هذا الاتجاه ، وقد كان هذا محور مشاركة لي في احدى ورش العمل الاعلامية التي نظمتها في القاهرة ( المنظمة العربية للتعاون الدولي ) وهي منظمة أهلية تعمل من أجل تحسين صورة العرب في الغرب بحضور ممثلين عن الاعلام العربي والاعلام الغربي ، ولقد كان رأيي : ان البشرية دفعت على امتداد القرن الماضى تقريباً وخاصة نصفه الأول ثمناً فادحاً نتجية نزعات ثقافة الصدام والحروب والعنصرية والاقصاء .وكان لمنطقتنا – منطقة البحر المتوسط – التي تتقابل فيها على ضفتي هذا البحر شعوباً عربية وأوروبية النصيب الأكثر تدميراً وخراباً طال البشر والأرض جراء حربين عالميتين متتاليتين خلفت ملايين الضحايا وأكبر مشاهد للدمار والخراب .
واستناداً الى ذلك فإن شعوبنا جديرة اليوم بجني ثمار تجاوز تلك الحروب وتحقيق السلام القائم على الوعي بمخاطر ثقافة الصدام والحاجة الملحة إلى ثقافة حوار مستمدة من إرث حضاري مشترك وتواصل مهم تفاعل عبره نتاج حضارات شعوب المنطقة أعطى البشرية عامة تاريخاً مشرفاً من الإبداع والابتكار .
ان ثقافة الحوار هذه لابد أن يعبر عنها بالضرورة خطاباً من أساساته تهميش وتجاوز نقاط الاختلاف واستحضار نقاط الاتفاق والتلاقي واستثمار المشترك بينننا فى إطار خال من العقد والمواقف المسبقة وضمن مسلك تحترم فيه تجارب الآخر وخصوصياته .. سمته الدعوة إلى التواصل والتفاعل لا القطيعة والانغلاق ..
إن الثورة العلمية التي تحققت فى ميدان الاتصال والمعلومات والإعلام يمكنها أن توصل خطابنا المتبادل إلى مداه الأٌقصى وتختصر مسافة التواصل بيننا .
إن ربط مؤسساتنا الإعلامية والثقافية والمعلوماتية فى هذا السياق ببرامج عمل في خدمة حوارنا هي الآن متاحة وملحة في الوقت نفسه .
إن تمكين شعوبنا العربية من التعامل مع ثكنولوجيا الاتصال والمعلومات أمرا ضروريا ومفيداً أيضاً .
إن التدقيق في استفتاء المعلومات والأخبار وفق مصادرها وكيفية عرضها على الرأي العام مسألة أساسية لتفادي أي حساسية قد تؤثر على الحوا ر.
إن الموضوعية واعتراف كل منا بحق الآخر فى الرأى والنقد الشفاف البناء واحترام كلّ للطرف الآخر يجب أن يتجاز النخبة ليعم الرأى العام بمختلف شرائحه توصلاً إلى حوار أكثر شعبية وفعالية .. ويجب أن نخرج من تلك الصورة المتناقضة : أعلام يخاطب نفسه وآخر يستمع لنفسه !.
ان حوارا كهذا من شأنه أن يختصر الوقت لتخليص شعوب المنطقة من عقد وتوابع أخطاء الماضي المتجسدة حاليا في الأزمات والتوترات المزمنة في هذه المنطقة .
ان نسبة كبيرة من فرصة الاقتراب من هذا الانجاز تظل مرهونة بأن يكون الآخر أيضا مهيأ نفسيا وموضوعيا ومستوعبا لأهمية وضرورة مثل هذا الحوار في بناء وخدمة اسقرار حقيقي آمن ليس في المنطقة فقط بل في العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح