الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكك الائتلافات..وانحدارالمساومات..وقمع نشوء التحالفات؟!

محمود حمد

2010 / 7 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في مقال سابق اشرنا الى أن المرحلة المقبلة ستتمخض عن بروز قوى عاقلة داخل الكتل السياسية الرئيسية وستتميز تلك المرحلة بتبلور عوامل تغير موضوعية وأخرى ذاتية..تتجلى في:
1. تفكك الائتلافات التي بنيت على لهيب حرائق التخويف من الآخر!
2. نشوء التحالفات من قوى داخل جميع الائتلافات المتفككة وفق مبدأ الاتفاق والاختلاف حول البرامج والمشاريع والرؤى داخل وخارج المجلس النيابي!
3. استئساد أمراء المحاصصة ورموزها المتطرفين على المخالفين معهم داخل ائتلافاتهم لقمع نشوء بؤر ديمقراطية عاقلة داخل تلك الائتلافات الطائفية والعرقية وتخوين دعاة التغيير الوطني وتحريض الفئات المجتمعية المتخلفة والمتطرفة عليهم!
4. تنامي دور الطبقات والفئات الشعبية الواسعة المنتجة والمبدعة ( بشكل مباشر أم من خلال النقابات المهنية والجمعيات التخصصية ومنظمات المجتمع المدني) في الضغط المطلبي على الحكومة ومؤسسات الدولة الخدمية؟!
5. بروز ميل شعبي لابتداع أشكال تنظيمية غير تقليدية لقوى المجتمع الواعية الساعية لإقامة (دولة الوطن والمواطن) كحل لازمة التخلف والفشل والفساد الحكومي الذي انتجته دولة المحاصصة الطائفية والعرقية؟!
6. تنامي دور (المثقفين) بالمعنى الواسع للمفهوم ( التكنوقراط) لإعادة تشكيل الدولة وفق متطلبات التمدن الحضري ، من خلال الضغط على السياسيين الطائفيين والعرقيين (الريفيين) المتطرفين الممسكين برأس وجسد الدولة وإرادتها..!
7. تعثر وانكشاف وفشل دور مندوبي المحتلين والحكومات المجاورة داخل مجلس النواب وداخل مؤسسات الدولة التنفيذية..
(إن تَمَسَكَ العراقيون بحرية التعبير وإرادة التغيير!!!)
8. انفضاح رموز التخلف الإداري و شبكات الفساد المالي..
(إن لَمْ يتفشَ الفساد في هيئة النزاهة ويسود الإذعان في ضمير الإعلام؟!).
9. تشكيل وحل اكثر من حكومة خلال الدورة الانتخابية للسنوات الأربع المقبلة بسبب انتزاع الثقة النيابية المتبادل بين الكتل المتساومة؟!
ومن الاسباب الموضوعية والذاتية لتفكك الائتلافات التي تشكلت من قوى وشخصيات متنافرة داخل كل ائتلاف ..والمتمايزة فيما بينها بـ:
1) تناقض الرؤئ!
(المتدافعة..بين الرؤى التنموية المتمدنة..وبين رؤى الردَّة الظلامية المتخلفة!)
2) تناقض المصالح!
( المتنازعة..بين التمسك بالمصالح الوطنية..وبين التخلي عنها للمحتلين وانظمة الجوار المتورطة بخراب الانسان والوطن العراقي!)..
3) تناقض المنهجيات!
( المتناحرة..بين الاساليب التغييرية المعاصرة المُنتجة..وبين التشبث بالنصوص السلفية العقيمة!).
4) تناقض المفاهيم!
(المتنافية..بين المفاهيم المضيئة للوعي والمحفزة للإرادة..وبين المفاهيم الصدئة الناخرة للعقل!).
5) تناقض الجذور المعرفية!
(المتنابذة..بين المنابع الجدلية العقلية الخلاّقة..وبين النصوص والخرافات الصنمية الكابحة للتساؤل والتغيير!).
6) تناقض النوايا!
( المتذابحة..بين التشطير والاقصاء الطائفي والعرقي والعقائدي المتطرف..وبين النزوع نحو تطهير الفرد والمجتمع من أسباب الإنكفاء الانعزالي وإزالة مبررات الخوف من الآخر!).
7) تناقض الولاءات الخارجية!
(المتزاحمة..بين مبدأ التعامل بالمثل مع الآخر الخارجي..وبين الإنحدار نحو التماهي في الآخر الخارجي!).
8) تباين مستوى الكفاءات الشخصية!
(الشاسعة..بين ـ شخصيات رجال دولة !ـ وطنيين واعدين..وبين الزمر الانتهازية المتخلفة والفاسدة والمتطرفة!).
ان اخطر مايميز المساومات الجارية بين (الائتلافات) المتدافعة في دهاليز المفاوضات هو:
1) ان تلك (الائتلافات) تستميت للحصول على مقومات تحقيق نواياها الطائفية والعرقية والعقائدية أكثر من سعيها للحصول على مستلزمات نجاح خطط التنمية للشعب..ومقومات السيادة للوطن!!
2) ان هذا النهج يحظى برعاية ودعم من المحتل رغم نأيه عن مشروع التقسيم الطائفي والعرقي الجغرافي..الاّ انه لم يتخلَ عن نهج التقسيم الطائفي والعرقي المجتمعي لانه اللغم الضروري الذي سيبقى بيده لتفجيره متى شاء لانتاج (الفوضى الخلاّقة)..وللإبقاء على قمة الدولة العراقية هشة وضعيفة ومتنافرة الاركان..وبحاجة دائمة الى وصاية المحتل!
( في مؤتمره الصحفي الاخير داخل السفارة الامريكية ببغداد في العاشر من يوليو 2010 قال السفير الامريكي كريستوفر هيل:
على الكتل السياسية توزيع المناصب الرئاسية بين المكونات الثلاث، الى جانب توزيع الوزارات بشكل عادل بين تلك المكونات!!!!)..
مما يؤكد النهج الامريكي لتكريس دولة المحاصصة الطائفية العرقية..(كعرف غير دستورى يرقى الى قوة مادية تفوق الدستور كما هو سائد في لبنان).. نقيضاً لـ(الدولة المدنية العاقلة..والوطن المستقل ذو السيادة الكاملة..والمواطن الحر المُرَفَّه..ورجال الدولة الكفوئين والنزيهين)!!
• وتتفاقم تلك المساومات الى حد التنابذ والقطيعة بين هذا الطرف او ذاك نتيجة لعدة اسباب:
1) الخوف مما يُضمره الشريك الآخر من نوايا لتغيير موازين القوى التي قد تفضي إلى إقصاء وتصفية الشركاء الاخرين!
2) الخضوع لإرادة الآخر الخارجي الذي يفرض مشاريعه على المُستَأجَرين او المُتَخادِمين له داخل (الائتلافات) النيابية،تلك المشاريع التي تشكل عوامل تنافر وتنازع على المصالح في العراق بين تلك الدول بدماء العراقيين وثرواتهم..بالضد من المصالح الوطنية للعراقيين!
3) الحرص على عدم التخلي عن السلطة عند الوصول إليها خوفا من مواجهة القوانين الاستجوابية التي قد تُخضِع حكام الأمس للقوانين التجريمية التي حكموا بها خصومهم الذين تسلموا السلطة اليوم بدلا عنهم؟!
4) السعي لإنشاء وترسيخ ركائز مالية وتسليحية وإعلامية ومعنوية ودبلوماسية للاحتماء بها عندما ينقلب الشريك الذي يتسلم الحكم عليهم؟!
5) انشاء مقومات تنظيم سياسي ( قبلي) بالترغيب والترهيب او كيان (جغرافي) ذو مضمون طائفي او عرقي او مناطقي (متطرف) للارتكاز إليه في الصراع المحتمل مع الحكومة المركزية في المستقبل؟!
6) البحث عن ضمانات وضامنين للتعهدات التي يعرضها الشريك الآخر كي ( لا يمحو الليل حديث النهار!).ووفق رؤية وعقيدة أمراء المحاصصة:
• لا ضمانات سوى اقتسام الثروة والسلاح والسلطة بين أمراء الطوائف والأعراق؟!
• ولا ضامن للجميع يلجأون إليه سوى المحتل؟!
• ولا سبيل للحصول على رضا هذا الضامن سوى المزيد من الإذعان له ولمشاريعه؟!
وفي هذه المرحلة التي تبدو ملتبسة على المراقب ، نشأت عوامل موضوعية واخرى ذاتية تدفع نحو تشكيل التحالفات..ومنها:
• فشل الدولة الطائفية والعرقية في حل اي من الازمات الموروثة او التي انتجها الاحتلال اوالتي افرزتها دولة المحاصصة!
• تفاقم الاحتياجات الاساسية للمواطنين في جميع انحاء العراق!
• انحدار الوطن الى حافة التفتت والشعب الى هاوية التمزق والفرد الى منزلق اليأس!
• تنامي الوعي الديمقراطي بين مختلف النخب السياسية والقواعد الشعبية وان بدرجات متباينة
لكن العوامل الخارجية لعبت دورا اساسيا في تشكيل الائتلافات وستعيق نشوء التحالفات الداخلية ذات المضامين الوطنية التنموية ، لانها تتعارض مع مشاريعها وتعمق مخاوفها من قيام عراق قوي اقتصادياً ومستقل سياسياً ومتماسك مجتمعياً وديمقراطي ادارياً ؟!
فمن غرائب هذا العراق الذَبيح..إن بعض الإئتلافات فيه:
• نشأت خارج جسده؟!
• وتتغذى من خارج جسده؟!
• وتخدم مُنهِكي طاقات جسده وروحه؟!
• وتَحْتَكِم الى خارج عَقله وضميره؟!
• وتفوز برضا مُمَزِقي جسده!؟
• وتحتفظ لامرائها بملاذات آمنة خارج جسده؟!!!!
ولم يعد خافيا ادراك استراتيجية المحتلين في رسم الخارطة السياسية الداخلية..ومن هي القوى التي يراهنون عليها؟!
• وليست (فطنة) خارقة معرفة مغزى القول بان ( فرق تسد) هو السلاح الأخطر في أي صراع في كل زمان ومكان؟!
• ولكن (الفطنة!) تكمن في القدرة على إحباط ذلك السلاح..
بإيجاد وتطوير(المشتركات) التنموية بين القوى المجتمعية الديمقراطية المتحضرة البَنّاءة الناشئة ، كطاقة للحاضر ومشروع للمستقبل على إمتداد العراق.. وكبديل تاريخي لإطفاء عوامل الفتنة التمزيقية المستعارة من تأريخ الكراهية الموروثة..
وليست (المشتركات) المقصودة تلك التي تُهَيِّجْ (المتطرفين في كل الجحورالمعتمة) لسفك الدماء وإهدار الطاقات وإستنزاف الثروات وقَبر الاوقات؟!!
• وليست (فطنة) ان يعرف المرء ان الشعب (اي شعب) هو نسيج من اعراق وديانات وطوائف وعقائد واحزاب وطبقات وتيارات مختلفة..
فليس على الارض شعب من عرق واحد ودين واحد وطائفة واحدة وعقيدة واحدة وطبقة واحدة وتيار واحد..الخ؟!!
وليست حال اهل العراق نموذجٌ ناشزٌ في خصائص الشعوب على كوكبنا..لكنه ابتلى بأشباه سياسيين إنهالوا عليه كأشد السيوف قَطعاً وغَدراً!!
وجاءت الانتخابات الاخيرة كسابقاتها..
سيناريو تكميلي للاحتلال لرسم الخارطة السياسية الإدارية الإستراتيجية للعراق التي تلبي متطلبات تنفيذ مشاريعه ومصالح حلفائه في المنطقة؟:
1. ابتداء من (قانون الانتخابات) الذي أُعِدَّ لإقصاء الأصوات الديمقراطية القليلة عدديا والشاسعة تنمويا..الذي ضمن استلاب أصوات الناخبين الديمقراطيين لممثليهم وإضافتها لحصة ممثلي الطائفيين والعرقيين!
2. مرورا بالقائمة ـ المفتوحة ـ على نوايا أمراء المحاصصة الطائفية أو العرقية ، والداعمة لنهجهم الانكفائي ، وفي نفس الوقت..منغلقة عن مصالح الناس ومطالبهم واحتياجاتهم الأساسية..
3. استنشاقاً لمداخن الكراهية الطائفية والعرقية التي كتمت انفاس الديمقراطية.. وانتجت القوى الاكثر انكفاءً!
4. استقراءً للتقسيم الجغرافي للمناطق الانتخابية ـ العراق مناطق انتخابية متعددة بدلا عن منطقة انتخابية وطنية واحدة ـ (الذي جاء كلمة حق أريد بها باطلا)..فكانت تكريسا للطائفية والعرقية الانعزالية الضيقة الأفق بدلا عن أن تكون تعبيرا عن المصالح الأساسية والاحتياجات التنموية الشاملة الملحة لجميع مواطني كل محافظة!؟
5. توغلا في نتائج الانتخابات ـ المعلقة !ـ ( توزيع الأصوات بين المتحاصصين المتنازعين بنسب تجعل الجميع بحاجة إلى الاستنجاد بالمحتل للاحتماء به من الشريك المتوعد وغير الموثوق )..
تلك النتائج التي جاءت بفعل حرفية ومهارة وإرادة واضعيها..وليست محض صدفة انتخابية .. أو تعبيرا عن نزاهة القائمين عليها!
(بعد تنحيته عن رئاسة مجلس النواب كشف الدكتور محمود المشهداني :
إن الأمريكان قدموا لائحة بالنسب التي يجب أن تعلن كنتائج للانتخابات المحلية في الانبار بديلة لتلك التي أفرزتها صناديق الاقتراع..بهدف دعم إستراتيجية الجنرال بترايوس العسكرية في المحافظة!!!)
ولاشك إن هذه ليست حالة فريدة ولا إجراء استثنائي..بل هو استراتيجية ـ انتخابيةـ مكملة للجهد العسكري..ونتائج الانتخابات النيابية الاخيرة ليست بعيدة عنها؟!
وتبقى الاسئلة في ايام العراقيين..كالعويل في سكون الليل:
• الى اين يدفع (المتحاصصون) العراق وشعبه..بعد كل تلك المآزق والأزمات التي صنعوها بأفعالهم وفاقموها بنواياهم؟!!
• هل بإمكان حكومة ( إن شُكِلَّتْ ) وهي تقف على رمال داخلية متحركة ، وتتكئ على دعم خارجي تتنازع أطرافه على مصالح متناقضة..الاستمرار في السلطة؟!
• وان اخفقوا في إقتسام الغنائم..الى اين الطريق؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما شكل المقاربة الأمريكية للدفع باتفاق سياسي لإنهاء الحرب في


.. خلافات معلنة بين بايدن ونتنياهو.. ما تأثيرها على الانتخابات




.. واحات جنوب المغرب -الساحرة- مهددة بالزوال!! • فرانس 24 / FRA


.. السفينة الأميركية -ساغامور- تحمل أولى شحنات المساعدات من قبر




.. #متداول.. مستوطنون يقطعون الطريق بالحجارة أمام شاحنات المساع