الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الأهداف الإنمائية للألفية- بين الأمم المتحدة والمجتمع المدني

عماد الدين رائف

2010 / 7 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لم يعد لتقرير "الراصد الاجتماعي" السنوي ذلك الأثر الإيجابي المنتظر مع التراجع الكبير في الآمال التي كانت معقودة مطلع القرن على ما سمي بـ "الأهداف الإنمائية للألفية". فالتقرير الذي يفترض به أن يترجم بالأرقام والرسومات البيانية جانباً من حركة التطور الإيجابي في مؤشرات التنمية العالمية، بما يجسد تلك الأهداف التي أخذت الأمم المتحدة على عاتقها تنفيذها بحلول العام 2015، نراه بات يعكس مستويات الانحدار والابتعاد المضطرد عن الوصول إليها. بات تقرير ازدياد مسافة الابتعاد عن تحقيق الأهداف المعلنة.
تلك الأهداف التي كانت سبعة، وهي القضاء على الفقر المدقع والجوع، تحقيق تعميم التعليم الابتدائي، تعزيز مساواة الجنسين وتمكين النساء، خفض وفيات الأطفال، خفض وفيات الأمهات، مكافحة الأمراض، الاستدامة البيئية. ثم أضيف إليها هدف ثامن رأت منظمات المجتمع المدني الدولي فيه أهمية كبيرة وهو تطوير شراكة عالمية من أجل التنمية، بما يضمن تعاون المجتمع الدولي بشكل فاعل على التنفيذ.
وكان قد سبق إطلاق تقرير "الراصد الاجتماعي - 2009"، الذي أطلقته "شبكة المنظمات العربية غير الحكومية" و"الراصد الاجتماعي، الجمعة الماضي من بيروت، نعي آخر لمسار التنمية من الأمم المتحدة نفسها الشهر الماضي بعد إطلاق "تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الأهداف الإنمائية للألفية لعام 2010"، بعد انقضاء مدة عشر سنوات على إعلانها، تمهيداً لاجتماع جديد قادة العالم في أيلول المقبل "لاستعراض التقدم المحرز وسدّ الفجوات التي تعترض الأهداف الإنمائية للألفية".
وفيما يتضح من أرقام المنظمة الدولية ازدياد "نسبة السكان الذين يعيشون في فقر مدقع، أي الذين يعيشون على أقل من 1.25 دولار في اليوم، زيادة كبيرة بين عامي 1990 و2005، من 2 بالمئة إلى 6 بالمئة، مما يجعل منطقة غربي آسيا (كمثال) ضمن مناطق العالم الثلاث التي تعد خارج المسار الصحيح"، فيما يتعلق بـ "القضاء على الفقر المدقع والجوع"، يبدو أن "الوفاء بالعهد" مرتبط بتحقيق "إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية"، وهو بعيد المنال إذ تشير نسب الأمم المتحدة إلى أن "نسبة مدفوعات خدمة الدين الخارجي بالنسبة إلى التصدير قد انخفضت بشكل ملحوظ بين عامي 1990 و2008".
أما تقرير "الراصد الاجتماعي – 2009"، أي "تقرير الظل الملامس للواقع"، الذي يعكس حصيلة "أكثر من 75 تقريرا وطنيا من بينها سبعة تقارير عربية بما فيها تقرير عن لبنان، ويتضمن أيضاً تقريراً اقليمياً يتوقف عند انعكاسات الأزمة على المنطقة العربية ككل"، كما يقول المدير التنفيذي لـ "الشبكة"، زياد عبد الصمد، فقد "تناول الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وانعكاساتها على سياسات التنمية وحقوق الإنسان". وأفضى إلى تقرير ثان أعدته الشبكة "عن أهداف الألفية للتنمية في المنطقة العربية ينقسم إلى ثلاثة أجزاء وقد تناول السياسات المعتمدة لتمويل التنمية في المنطقة العربية، ويشير بشكل أساسي إلى ضعف التمويل المستمد من الموارد والمصادر الذاتية محلياً وإقليميا".
وأشار عبد الصمد إلى "أن بعضهم اعتبر أن طريق الخروج من الأزمة إنما يتم من خلال بعض الإصلاحات الشكلية في النظام العالمي وفي ادوار المؤسسات المالية الدولية وعبر ضخ الأموال في بعض أسواق الاقتصاد العالمي، وهو ما يحصل بالفعل منذ عامين تقريبا". فأين نحن من أهداف الألفية للتنمية والمفروض تحقيقها بحلول العالم 2015؟. فعدد "الفقراء يتزايد في العالم ويتضاعف عدد العاطلين عن العمل، وعلى الرغم من التحسن الكمي في مؤشرات الصحة خصوصا في مجال صحة الأم والطفل، وفي مجالات التعليم، لاسيما لجهة إزالة التفاوت بين النساء والرجال، إلا أننا نشهد تزايدا في أعداد الفقراء والأميين، بالإضافة إلى التحديات التي تمليها الأمراض المتفشية والمعدية". ورأى عبد الصمد "أن تحقيق أهداف الألفية للتنمية يتطلب استراتيجيات اقتصادية وطنية وسياسات اجتماعية شاملة تأخذ في الاعتبار إعادة توزيع الدخل بشكل عادل على المجتمع وتخفف من تمركز الثروات في أيدي نسبة محددة من المؤسسات والأفراد وتؤدي إلى المزيد من تهميش الفئات الاجتماعية الأخرى. وهي بالتالي لن تتحقق الأهداف من خلال اعتماد عدد من برامج التدخل المباشر".
أما في العالم العربي، حيث تتكثف هذه الأزمات وتتداخل في ما بينها، فتغيب الرؤية الاقتصادية الوطنية والسياسات التنموية الشاملة التي تحدد الأهداف الوطنية وتواجه التحديات الراهنة التي تتمثل بمعدلات البطالة المرتفعة ونسب الفقر المتزايدة والمؤشرات المتدنية للتنمية، في وقت باتت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية تلقي بظلالها وتضاعف من أخطار تفاقم الأزمات الوطنية والإقليمية. ورأى عبد الصمد أنه "يخشى في ظل غياب مراجعات جدية للخيارات والأولويات أن يكون المستقبل أكثر صعوبة، وهو ما يجعلنا نؤكد، مرة ثانية، ضرورة إشراك المجتمع المدني في تقويم المرحلة الراهنة التي تتصف بالهشاشة، وبالتالي المساهمة في الخفض من حدة هذه التحديات والدفع نحو الانتقال إلى وضع أفضل".
ولعل المثال الأكثر وضوحاً في ذلك، هو أبرز الغائبين عن "تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الأهداف الإنمائية للألفية لعام 2010"، المشار إليه، يتمثل في "مؤشرات فئة الأشخاص ذوي الإعاقات"، وهي من أكثر الفئات فقراً وتهميشاً، والتي تتخطى نسبة عشرة بالمئة من سكان العالم، فلم تدرج قضاياهم تحت عنوان "هدف" كون الحراك المدني الذي خاضته حركة الإعاقة العالمية مطلع الألفية مصحوباً بدعم "المقرر الخاص للإعاقة في الأمم المتحدة" السابق، الشيخة حصة بنت خليفة لم يكتب له إضافة هذا الهدف، كما أن التقرير الأممي لم يلحظ هذه النسبة في توزيع هذه القضايا على الأهداف الثمانية، وألمح إليهم في "تعميم التعليم". وأشار "رئيس شعبة التنمية الاقتصادية والعولمة في الاسكوا" نبيل صفوت أن قضايا الإعاقة ستدرج في ورقة ترفع في اجتماع أيلول المقبل.
على الجانب الآخر، وإشراك المجتمع المدني المحلي في أكثر من 75 تقريراً وطنيا وإقليمياً، حفظت حقوق الفئات المهمشة، التي أهملها عن غير قصد تقرير المنظمة الدولية. فإن كانت هذه إحدى الإيجابيات، أي القياس الأكثر دقة لعدم نيل الحقوق، فعلام يمكن التعويل فعلاً في تحقيق التنمية المرجوة في بلداننا، ونحن على بعد خمس سنوات من "الوفاء بالعهد"؟ هل سنعول على قادة العالم الذين سيجتمعون في نيويورك خريف هذا العام في "تجديد الالتزام بهذه الأهداف" لتنفيذها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من