الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غاندي ... هل جئتنا اخيرا؟

ازهر مهدي

2010 / 7 / 16
السياسة والعلاقات الدولية


اثار تصريح الدكتور البرادعي الأخير عندما شبه نفسه بغاندي المصري العديد من ردود الأفعال المتباينة وقد تكون سخرية الفنان عادل إمام الشريرة والمقززة قد كشفت حالة من التعالي والغطرسة لدى أجهزة النظام الحالي التي يبدو انها عينت عادل إمام متحدثا باسمها ولم توفر جهدا في قتل الرجل – اي البرادعي - معنويا وأدبيا وهو الحاصل على جائزة نوبل للسلام وكان يوما بطلا قوميا مصريا باتفاق جميع وسائل الإعلام الرسمي والمعارض - في زمن ضاعت فيه البطولة- وليس واحدا من أبناء الشوارع الذين قدر لهم ان يقودوا دولا او يصبحوا فنانين مشهورين.
اود ان أحاول قراءة تصريح الدكتور البرادعي بمعزل عن الضوضاء الخارجية عندما استعمل رمز غاندي للتعبير عن نفسه وطروحاته التي يحاول النظام المباركي وأزلامه قتلها في مهدها واعتقد ان الدكتور البرادعي كان موفقا كل التوفيق في استخدام هذا الرمز اذ أعطى او حاول ان يرسم صورة مسالمة وراقية للوضع المنشود والمطلوب في مصر بدلا من استخدام شعارات شمولية في مضامينها ناهيك عن ان شخصية الدكتور نفسه وما عرف عنه من تاريخ في ريادي في مجال السلم العالمي وما يشهد له من نزاهة واستقلالية هي خير مصداق لهذا التبني.
مصر وغير مصر بحاجة إلى تغيير الرمز او الرموز التي جثمت على صدورنا عقود سوداء طوال وان شعبية الدكتور البرادعي المتزايدة مؤشر على تحول في فكر الأغلبية نحو حب التعايش وليس التقاتل تلك الاغلبية التي تعتبر ترمومتر شعبي قد يشير الى سخونة او حرقة بقية الشعوب العربية وهو ما يكشف عن كفر بالشخص المخلص والضرورة لينتقل الى التعلق بفكرة الشخص المساند والمرشد والأبوي.
كلنا بحاجة الى رمزية غاندي بعدما مللنا من رمزية عبد الناصر ولينين وجيفارا وضجرنا من رمزية الجيل التالي من القادة – النص كم – مثل مبارك وصدام والقذافي وصالح ،كلنا بحاجة الى (الغاندية ) من اجل بث الروح في جسد الشعوب المحتضرة والمتداعية فهل سينجح البرادعي في الحفاظ على هذه الرمزية كي يجعلها أسلوبا وطنيا وإنسانيا أيضا ؟؟؟؟ اتمنى ذلك
ان – الغاندية – ليست نظام حكم او إدارة بل هي نظام حياة وأسلوب تعايش للشعوب المهمشة وهو ما لم نحلم به ولم نعرفه الا من خلال الكتب والتلفاز وان استشمام نسائم هذه المسيرة قد يفتح نافذة كي يدخل النور ليزيل الظلام المنتشر في أجهزة الحكم العربية والمجتمعات المسحوقة على السواء.
قضية أخرى وليست أخيرة قد تطرحها هذه – الغاندية البرادعية - تلك المتمثلة بمزاعم المباركيين من ان الدكتور البرادعي غير خبير في الشؤون السياسية وان ظل الله في أرضه حامي حمى الشعب والأرض فرعون مصر السيد حسني مبارك ذي الاوتاد دام ظله الوارف هو الخيار الوحيد لهذه الأمة التي تربو على الثمانين مليون نسمة !!!!
لا ادري ان كان عمل البرادعي في المحافل الدولية لعقود من الزمن ليس كافيا كي يكتسب خبرة في هذا المجال الا اللهم ان كانوا يفهمون من ان السياسة هي فن التآمر وقهر الشعوب وإفساد الذمم وخنق الآمال في الصدور ونهب الثروات واذلال البشر !!! ان كانت هذه السياسة في نظرهم فالحق معهم فالدكتور البرادعي قد قاد وعمل في مؤسسات نظيفة وراقية لا تعرف أساليب آل مبارك ولا أساليب الحزب الوطني الحاكم.
وليتني اعرف ما الخبرة التي تمتع بها مبارك عندما جيء به من وسط العسكر وهو لا يجيد شيئا سوى الطيران وارتداء البزة العسكرية لتصل مصر العظيمة الى حالة من التردي لم تشهده خلال قرون ، ام انهم بقصدون ان الثلاثين عاما التي مرت كانت فترة تجربة واختبار تعلم منها السيد الرئيس أصول الحكم وانه اعتبارا من الدورة القادمة سينتشل البلاد من الهوة التي دفعها اليها من دون رحمة او شفقة !!!!!
ان التعتيم والتشويه المتعمدين المقصودين لمحاربة الظاهرة او الحالة – الغاندية البرادعية – سعي شرير فقد فات المباركيين ان غاندي لم يحكم كرئيس دولة بالمعنى المتعارف عليه في الدول العربية المتعرية بقدر ما كان رئيسا رمز الى فلسفة السلام والحوار واللاعنف وهذا ما قصده الدكتور البرادعي من انه يرغب بإصلاحات دستورية تعطي مساحة اكبر من المشاركة والمصارحة والديمقراطية.
ناهيك عن ان غاندي قد مر بمرحلتين مهمتين في حياته السياسية هما مرحلة النضال السلمي من اجل تحرير الوطن واستقلاله ومرحلة التعافي وبناء الوطن الديمقراطي الجديد وقد لجأ هذا الرجل العظيم في المرحلتين أسلوب اللاعنف الشهير الذي وحد شعوبا وأمما متباينة في عقائدها ولغاتها والوانها مقسمة الى كانتونات يحكمها الراجات بمباركة من بريطانيا العظمى وحدهم جميعا تحت راية الهند الواحدة وهو بالضبط ما قصده الدكتور البرادعي في تبنيه لنفس الأسلوب من اجل النهوض بمصر التي تشهد توترات إيديولوجية وطائفية وطبقية متأزمة وهو ما يبرز دور القائد الحقيقي والأبوي الذي جعل من السلم والحوار لبناء امة ووطن وليس مجرد الجلوس على كرسي او استلام السلطة ففي الأمم الحديثة يحكم اهل الاختصاص كل حسب كفاءته والرئيس هو مدير او محكم أكثر من كونه حاكما او إلها.
اود ان انهي كلامي بسؤال الى رئيس مصر المنحوسة ، الا يطرف لك جفن في سنك هذا وأنت ترى الحال الذي أوصلت اليه شعبك ؟ الم تشبع من كل الثروات التي نهبتها وكل الرقاب التي أذللتها ؟ الم تكتف من السلطة والجبروت الذي مارسته كل هذه السنوات؟ اما آن الأوان لشعبك ان يتذكرك بشيء جيد واحد تفعله في حياتك ليس خلال حكمك لكن خلال تخليك عن هذا الحكم ؟
كلنا نتمنى لغاندي ان يحيا بيننا من جديد ونحلم بأن يكون السلام وليس الاستسلام رفيقا دائما للشعوب والافراد فهل سنتقبل غاندي عندما يبعث فينا من جديد ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا