الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحتضار حل الدولتين

عبد اللطيف حصري

2010 / 7 / 16
القضية الفلسطينية


قبل ست سنوات في مثل هذه الايام اتخذت المحكمة الدولية في هاغ قرارا اعتبرناه في حينه تاريخيا ومنصفا، واعني قرار عدم شرعية جدار الفصل العنصري الذي يتمدد كالاخطبوط في اراضي الضفة الغربية المحتلة. فرغم القرار والسنوات الست والحملات الدولية والمحلية المناهضة للجدار، اسرائيل ماضية في بنائه وتعزيزه بهدف ابتلاع المزيد من الارض، واتاحة المساحات الضرورية لمزيد من الاستيطان.
لقد سقطت منذ زمن بعيد كل ذرائع الامن في تبرير بناء الجدار، ويدرك الجانب الفلسطيني تماما كما يدرك الجانب الاسرائيلي، ان استيلاء الجدار على نحو اربعين بالمئة من اراضي الضفة الغربية، له دوافع كولونيالية عنصرية وليس امنية، ففي السنوات الست الاخيرة تسارعت وتيرة الاستيطان بنفس الوتيرة التي عملت بها اسرائيل من خلال الجدار على عزل التجمعات السكانية العربية في مدن وقرى الضفة الغربية، وتحويلها الى كانتونات اشبه بمعازل عرقية، منها ما أحيط بالجدران ومنها ما هو قابل للاحاطة بحسب ضرورات الاستيطان و "امن" او جشع المستوطنين.
والمفارقة انه كلما امعنت اسرائيل في الاستيطان والتوسع داخل الاراضي المحتلة، كلما اتسعت دائرة "المعترفين" بمبدأ حل الدولتين. وللوهلة الاولى قد يبدو الامر متناقضا، لكن حين يقترن هذا الاقرار او الاعتراف يالتشديد على "دولتين لشعبين"، بمعنى نحن هنا على الجزء الاكبر من فلسطين، وانتم هناك داخل تلك المعازل العرقية، ففي ذلك ما يفسر جنوح الاحزاب الصهيونية وحتى اشدها يمينية وتطرفا الى "قبول" الفكرة بشرط اشتراط الشرعية الدولية بالجزمة العسكرية الاسرائيلية، أي ان يفرض الاحتلال حدود الشرعية الدولية وسقف المطالب الفلسطينية التي يمكن للمؤسسة الصهيونية ان تتعايش معها.
لكن ينبغي في نفس السياق طرح السؤال الاخر، بمعنى ما هي حدود الشرعية الدولية التي تستطيع المؤسسة الفلسطينية التعايش معها، وهل يملك اي فلسطيني، بأية صفة كانت حق استبعاد مسألة اللاجئين وحقهم بالعودة، وهو الامر الذي تسعى اسرائيل الى شطبه وحذفه نهائيا من خلال الحديث عن دولتين مع التاكيد انهما لشعبين، وبذلك تضع اكثر من علامة سؤال ليس فقط على مستقبل مناطق احتلال عام 67، واعتبار المعازل العرقية في غزة والضفة هي الدولة الفلسطينية، وانما على مستقبل نحو مليون ونصف المليون فلسطيني مواطني دولة اسرائيل ايضا. فليس صدفة ان يتزامن الحديث عن الدولتين مع الحديث عن الترانسفير والتبادل السكاني.
في حقيقة الامر لا ينسجم حل الدولتين، ولا حتى في صيغته الممسوخة، مع جشع المؤسسة الصهيونية وشهيتها التوسعية الكولونيالية، وما تسعى اليه اسرائيل ليس اقل من دولة يهودية كاملة السيادة على كامل تراب فلسطين التاريخية، وليس اكثر من بضعة معازل عرقية عربية، منزوعة السيادة، لا تمانع اسرائيل في تسميتها "امبراطورية فلسطين العظمى". فبخلاف الهرج عن حل الدولتين، تسير الامور على الارض في اتجاه دولة واحدة هي الدولة اليهودية، وقد يقول البعض التوراتية، لكن مهما قيل او يقال ستكون حتما دولة ابارتهايد، تقمع اهل البلاد الاصليين، ما يدعو الى اعادة النظر في طروحات باتت محتضرة وغير قادرة على تقديم الحل وتقريب السلام، واعني تحديدا طرح "الدولتين لشعبين" بصيغته الاسرائيلية الممسوخة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟