الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


14 تموز.... نوري السعيد .....حكايات سمعتها من اصحابها !!

ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)

2010 / 7 / 16
الصحافة والاعلام



14 تموز من جديد ..
ويكتب العراقيون عن الذكرى كعادتهم خاضعين لعقلية ( حب واحجي واكره واحجي)* التي ربتهم عليها الاحزاب القومية والاممية سواء بسواء بعيدا عن الموضوعية .....
خصوم تموز لم يتركوا سلبية الا والصقوها بالحدث بحيث يحملونه كل مآسي العراق ، ويلعنون بكتاباتهم (سنسفيل) اجداد ضباطها فردا فردا ودون استثناء وهم يصورون النظام الملكي بأنه جنة الله على الارض ....(جمهورية افلاطون) دون اي اخطاء او خطايا فلا احتكار للسلطة من قبل طبقة محددة من السياسيين ولاتجاوز على الحريات ولا ...ولا ..الخ
أنصار تموز يكتبون بالطريقة ذاتها فكل ماقبل تموز خراب في خراب وليس هناك ولا ايجابية واحدة لذلك النظام الذي اطيح به صبيحة الحدث ... اما مرحلة مابعد تموز فمحبوا عبدالكريم قاسم يحولونه الى ملاك بلا اخطاء ويتناسون مسوؤليته في عدم عودة الحياة المدنية البرلمانية للبلاد، اما كارهوه فيشيطنونه وينسبون له ماليس من سلوكه ولااخلاقياته وهذه محنة العقل العراقي الذي يراوح في مكانه سياسيا منذ نصف قرن ، حزب البعث على سبيل المثال اصدر بيانا بالمناسبة اتهم فيه قاسم بالشعوبية!! والوقوف بوجه الوحدة والرئيس جمال عبدالناصر ونسي معدوا البيان انهم وقفوا ضد جمال عبالناصر في مراحل كثيرة وانهم غيروا اليافطة التي كانت تحمل اسمه (شارع جمال عبدالناصر ) في الصالحية ببغداد ووضعوا تحتها عبارة ( ابو رغال الخائن) اثر قبوله بمشروع روجرز بيان البعث يسرف في الحديث عن دكتاتورية قاسم وكأن مرحلة حكمهم في العراق كانت (تنافس) بديمقراطيتها ديمقراطية السويد !! هكذا هو العقل العراقي
سأكتب هنا عن بعضا من حالات كثيرة سمعتها من اصحابها ورواتها الذين عاصروا نوري السعيد والتي يبدو فيها تصرفه كرجل دولة مهما اختلفنا في تقييم سياساته ..
في الاذاعة
روى لي الصحفي شاكر علي التكريتي الذي عمل لفترة طويلة في رقابة المطبوعات بمعية ناجي القشطيني انه كان يداوم مساء احد الايام في مقر الاذاعة بالصالحية حين جاءه الشرطي المكلف بحراسة البوابة راكضا وقال له :
عمي شاكر الباشا بالباب !!
يقول شاكر هرولت باتجاه الباب لارى نوري السعيد وسائقه وبعد ان رحبت به قال لي : شاكر ابني انا جاي ضيف مو بصفة رسمية اليوم حفلة زهور حسين مو تمام ؟
وحين اجبته بنعم باشا قال لي : اكدر اكعد على كرسي على جنب الاستوديو واسمع الحفلة ؟
فقلت له : انت تؤمر باشا !!
اجاب بعصبية : لا انا ماامرهنا الان ، انا اسأل اكو مانع قانوني ؟
يقول شاكر قلت له ابدا ياباشا فسحب الرجل كرسيا من الخيزران من الكراسي التي نستخدمها في الاذاعة وجلس واستمع لحفلة زهور حسين المنقولة على الهواء وغادر الاذاعة بعد ان شكرها وشكر اعضاء فرقة الاذاعة الموسيقية !!
حادثة اخرى رواها لي شاكر نفسه قال :
ذهبت ذات مساء بصورة اضطرارية الى بيت نوري السعيد مصطحبا معي بيانا طلب مني مدير الدعاية العام عرضه على الباشا قبل اذاعته ...ادخلني الشرطي المكلف بحراسة الباب الى صالة المنزل وانتظرت دقائق لياتي الباشا بملابسه المنزلية وبعد ان صافحني واوصى لي بقدح شاي بدأ بقراءة البيان وماهي الا دقائق حتى جاء من يبلغه بان معالي احمد مختار بابان قد جاء لزيارته فطلب منهم ادخاله على الفور وكنت اعرف الرجل فتبادلنا التحية وجلس بمحاذاة السعيد وحين سلمني الاخير البيان بعد اكمال قراءته نهضت للانصراف فاجلسني لانتظر الشاي ثم قال لبابان تفضل اذا كان لديك اي موضوع اطرحه فشاكر ليس غريبا ...
قال بابان : والله ياباشا انا خجل منك هناك شاب كردي من معارفنا حاصل على بعثة حكومية لانه متفوق والمفروض ان يسافر ولكنه اعتقل في تظاهرة منذ اسابيع والايام تمضي وسيسقط حقه بالبعثة وامه المسكينة كانت تنتظر ان يعود بشهادة عالية
وهي تبكي عندنا في البيت .... نادى الباشا على الشرطي وطلب منه ان يطلب له مدير الامن على التلفون وهكذا كان فطلب من مدير الامن فاعطاه اسم الشاب الذي سلمه له بابان وطلب ارساله الى منزل السعيد على الفور يقول شاكر : نهضت مستأذنا فطلب مني السعيد ان ابقى جالسا في مكاني وبعد حوالي النصف ساعة ادخل شاب بملابس رثة ويبدو انه يعرف احمد مختار بابان فقد سارع للسلام عليه باللغة الكردية بينما بادر بابان لتانيبه فطلب منه السعيد الذي كان يفهم الحديث كما قدرت حينها ان يترك الشاب وخاطبه السعيد قائلا : اصعد على سطح هذه المنضدة وكان هناك منضدة متوسطة الحجم تردد الشاب قليلا فنهره السعيد قائلا: اذا لم تصعد ساعيدك الى الامن ...وبعد ان اضطر الشاب للصعود وقف مترقبا ماسيحصل ووقفنا نحن مذهولين فقال له السعيد ( يلا هوس نفس الهوسة اللي جنت تهوسها من لزمتك الشرطة ) توقف الشاب مذهولا فصرخ فيه السعيد (هوس) لو ارجعك للامن !! فبدا الشاب مضطرا نكس راسه وبدأ يردد ( نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانها ) وكان السعيد يضحك ثم طلب من الشاب ان ينزل فاقترب منه وامسك باذنه وقال له : لك ابني روح كمل دراستك وخذ الشهادة وبعدين تعال اشتمني اني وصالح جبر !! وكتب ورقة صغيرة سلمها للشرطى يامر فيها باطلاق سراح الشاب واتمام معاملة بعثته !! وخرج بابان وخرجت معه وانا احمل بذاكرتي حادثة لاتنسى !!
الحكاية الاخرى رواها لي الصحفي الاخر محمود الجندي الذي قال : كنت خارجا لتوي من السجن في نهاية الاربعينات جراء اتهامي مع عدد من عمال المطابع بالانتماء للحزب الشيوعي حيث حكم علينا بالسجن ثلاث سنوات وكنت قد استأنفت عملي كمرتب للحروف في مطبعة تقع في جديد حسن باشا كانت تطبع جريدة يصدرها سعيد السامرائي وسليم طه التكريتي واسمها (الشباب) ومساء احد الايام وحينما كنت جالسا في احد مقاهي منطقة المهدية سمعت رجلا يروي حكايات عن معرفته بنوري السعيد ومن بين ماقاله ان نوري في شبابه كان صديقا ( للقرم بارية) اي ( الشواذ) وقد التقطت الجملة وبنيت عليها تعليقا صغيرا دفعته لسليم التكريتي الذي كان شديد الكره لنوري السعيد فدفعه للطبع وفي اليوم التالي لظهور الجريدة جاء رجال الشعبة الخاصة الى المطبعة وسالوا صاحبها عني فناداني وكنت بملابس العمل واصطحبني هؤلاء في سيارة جيب عبرت بنا الجسر القديم واذا بي امام دار نوري السعيد سلمني الجماعة الذين اصطحبوني الى شرطي الحراسة الذي ادخلني للمنزل وكانت رائحة سكرة الليلة الماضية تفوح مني وجاء نوري السعيد فنهضت للوقوف سالني : انت اسمك محمود الجندي؟ قلت له نعم ياسيدي !!
اجابني بالسؤآل كم عمرك ؟ فقلت له عشرون عاما !!
اجابني ضاحكا: يعني انت ماجنت جاي للدنيا من اني جنت مصادق (القرم بارية) شلون كتبتها لعاد ؟
قلت له لقد سمعتها من شخص في مقهى بالمهدية !! فضحك وقال لي : لازم جنت شارب عرك قجغ وكتبت مقالتك ؟
حاولت ان اعتذر له فمد يده في جيبه واعطاني ربع دينار وقال لي : ابني اشرب عرك مستكي احسن ترة القجغ يخليك تشحط بعيد !! ونادى الشرطي وقال له : هاك هاي درهم ركبه بالعربانة يروح لشغلة !!
حادثة اخرى رواها لي عبدالله بكر آخر رئيس للديوان الملكي قبل 14 تموز في الحوار الصحفي الوحيد الذي ادلى به منذ 14 تموز وحتى رحيله نهاية التسعينات حين سالته عن آخر مرة التقى فيها بنوري السعيد فأجاب :ظهر يوم 13 تموز وكنا نتهيأ للسفر في اليوم التالي الى تركيا لحضور اجتماعات حلف بغداد فقد جاء الى الديوان حاملا طلبا مكتوبا موجها لجلالة الملك يطلب موافقته على تغيير بطاقة سفره بالطائرة بحيث تصبح (بغداد – انقرة –لندن – بغداد) بدلا من ( بغداد – انقرة – بغداد)
فقد كان ينوي الذهاب الى لندن لمرافقة زوجته ام صباح لاجراء فحوصات طبية هناك وكان بامكانه كرئيس للوزارة ان يحول التذكرة ولكنه فضل ان يطلب الاذن من الملك .....
واخيرا
في الثمانينات حين كنت مسوؤلا عن جريدة ( الاتحاد) البغدادية اقنعنا رشيد الرماحي سكرتير التحرير وانا الصحفي الكبير صادق الازدي صاحب مجلة (قرندل) الساخرة بنشر مذكراته وفعلا بدأنا النشر وكانت تحت عنوان ( خمسون سنة صحافة) ولم تعجب المذكرات وزارة الاعلام يومها واضطر الازدي لحذف الكثير منها وقد حدثني الازدي يومها عن نوري السعيد وتحمله للنقد فقال : كان الرسام غازي الذي يرسم اغلفة قرندل قد تمكن من تجسيد كاريكاتير لنوري باشا يظهره قصيرا جدا بشكل قزم وهو يرتدي السدارة البغدادية وكرشه يتدلى امامه من قميص تفتحت ازراره وصادف ان نشر له غلافا بهذا الكاريكاتير وهو يحاور فاضل الجمالي الذي اعتنى غازي كثيرا برسمه واظهار اناقته وصادف ان كنت مدعوا في حفل دبلوماسي لاحدى السفارات وجاء الباشا وشاهدني ومعي ناصر جرجيس محاسب المجلة فناداني :
ابوجعفر اشلونك ؟ ورددت له التحية الحمد لله باشا ..
ابو جعفر شنو القصة يبين اخونا غازي مالاكي احد يشتغل بي غيري ؟ وضحك واستطرد كله يتوصى بيه مثل مامتوصي بمعالي فاضل الجمالي ترة اني هم حلو !!

ماينطبق على مرحلة نوري السعيد ينطبق على المراحل اللاحقة فالذين دبجوا مقالات المديح لصدام حسين حين وقع بيان 11 آذار مع الملا مصطفى البارزاني ولم يتركوا كلمة طيبة الا واطلقوها بحق ذلك البيان الذي اعترف بالحقوق القومية للاكراد لاول مرة صاروا يتجاهلونه تماما حين تمر ذكراه!! و اللذين صفقوا طويلا لقرار تاميم النفط واعتبروه قرارا تاريخيا باتوا يتجاهلونه اليوم حين يكتبون عن مرحلة حكم صدام حسين ولايستطيعون ان يذكروا له ايجابية واحدة في اي ميدان من الميادين هكذا هو العقل السياسي العراقي لايتعامل بموضوعية مع التاريخ والاحداث ومصر على التمسك بقاعدة ( حب واحجي واكره واحجي) وهي قاعدة معادية للتاريخ كله!
• ( حب واحجي واكره واحجي) مثل شعبي عراقي يشير الى الذين يغطون عيوب من يحبونه ويبرزون عيوب من يكرهونه .
• حكم البعث العراق اكثر من ثلاثة عقود اختلف فيها مع الانظمة العربية وشتم الكثير منها ولم يستطع ان يوحد جناحي حزبه في العراق وسوريا ولكنه ظل مصرا على شعاره امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة فلماذا لم يحقق الوحدة التي عاداها عبدالكريم قاسم كما يشير في بيانه !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رجال في ذلك الزمان
شمران الحيران ( 2010 / 7 / 16 - 22:39 )
استاذنا الفاضل الحمداني ..قصة الشاب الهاتف؟؟أؤيد لك وقعهاحيث استمعت لها من انزه روًاد التاريخ الاخ خالد القشطيني في برنامج ايام الخير يبث على اذاعة العراق الحر اسبوعيا وقد اكد الراوي تلك القصه بعد ان كان يتحدت عن وقائع في التاريخ العراقي...وليس هناك اي شك من الانتقاص من اخلاقيات المرحوم نوري السعيد والملك ...المشكله اليوم باخلاقيات الجماعه الذين يمتلكون المؤهلات من تعفير وتسبيح وصلاة ليل وتراويح ولكن(بالشفط والفط)حطهم على يمناك...رحم الله الملك ونوري السعيد


2 - تظهر الحقائق شيئا فشيئا
Showan Khurshid ( 2010 / 7 / 16 - 23:02 )
ان ما قلته عن نوري سعيد يدل على طبيعة انسانية لم تتوفر عند من جاء بعده من حكام
ان المحيط الديقراطي وان كان نسبيا كان يتطلب اناسا اذكياء ويمتلكون حسا اجتماعيا
الثقافة الثورية التي اتت فيما بعد احتاجت فعلا الى مفترسين فلا غرابة ان صدام تفوق عليهم
شكرا لك


3 - العهد الملكي
منذر عبد الجبار جاسم ( 2010 / 7 / 18 - 09:04 )
كان العهد الملكي من أكثر العهود توجها للديمقراطية مقارنة بالعهود التي تلته حيث شطت
إلى الحزبية والقومية والدكتاتورية والطائفية والفساد بل والتطرف في توجهاته وفي مسارها

اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في