الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحياء لا .......الأموات

البتول الهاشمية

2004 / 8 / 21
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


في الفيلم العربي " مدافن مفروشة للإيجار " تهبط نجلاء فتحي و من خلفها زوجها محمود ياسين الدرج المظلم المؤدي إلى مقبرة مهجورة يقوداهما صاحب الجبانة إلى هناك حيث مسكنهما الجديد بعد أن عجز دخليهما الخجول عن إيجاد مسكن آخر يحفظ لهما و لو يسيرا من كرامتهما ...المنظر كان رهيبا و عندما اشتد الخوف بالزوجة أحكمت القبض على يد زوجها وهمست له بأنها تكاد تموت من شدة الذعر ..و انتهت كلماتها إلى أذني الدليل المتيقظة فالتفت إليها بابتسامته الخبيثة ليخبرها بمصرية قحة : الأموات ما يخو فوش يا هانم ...الأحياء هم بس اللي يخوفوا ..
لعمري إنها الحكمة بعينها ....الحقيقة الحاضرة الغائبة عنا جميعا ....
فاهتمامنا جميعا من وسائل إعلام و مسئولين و محللين و حتى مثقفين ينصب كله في سطل دماء ...ركزنا على النعجة المغدورة و أهملنا القطيع التائه ..
و اختزلت المأساة كلها في عبارة من مات فسقط من حساباتنا المحور الأهم الذي من المفترض أن يتركز على من بقي مع إننا كل يوم نردد أن الحي أبقى من الميت ...
يباغتوك على حين غرة بان عشرة فلسطينيين استشهدوا في قطاع غزة .. و لكن ماذا عن المشردين بلا مأوى و أي خطط أعددناها لإيوائهم ...و ما لدينا بخصوص الشارع الفلسطيني الذي يتربع فوق صفيح ساخن ..حيث البنادق معمرة فهل من الحكمة أن نهمل الموضوع و ننتظر حتى يقع المحظور ثم نقول أن هناك عشرين ضحية في اشتباك جماعات مسلحة فلسطينية ....
مقتل خادمة باكستانية فوق الأراضي السعودية .....نحترم وسائل الإعلام عندما تركز على هكذا حدث فمن واجبنا حمايتها و من حقها علينا أن تتابع القضية للكشف عن ملابساتها و لكن هذا لا يسمح لنا بتجاهل تقرير هيومن رايتس الأخير الذي زيف الحقائق و رمانا بما ليس فينا .. وأكد على انتهاك حقوق الغرباء فوق أراضينا ..مع إن لدينا كل البراهين التي تثبت عكس ذلك و لسنا بصدد ذكرها الآن ...كل ما يحدث فوق العراق الآن همشناه بقلة خبرتنا حيث صار مقتل شيعي من جماعة مقتدى الصدر أو حتى جندي أمريكي أو عراقي أساس المصيبة ..مع ان هناك آلاف المثقفين العراقيين اللذين ينفثون سمومهم لترويج المحتل الأمريكي على انه البضاعة الأكثر جودة في السوق ...فهل توقفنا قليلا لنسال أنفسنا إلى أين نريد أن نصل بهذا الطريق المسدود ..لقد حان الوقت لتفرق وسائل إعلامنا بينها و بين وسائل الإعلان ...ف الإعلام لا يجدر به ان يكون محايدا ينقل أخبارا فقط بل تقع على عاتقه مهام جسام من ضمنها إنارة الزوايا المظلمة حيث يطيب للخفافيش أن تمرح ...
إن من يتتبع أخبار الجيل العربي الحالي لا بد أن يصاب بالدوار إن لم نقل الجنون فالملايين أدمنت الهاوية و غرقت في اليأس و صاروا يفتشون عن الخلاص و لو من خرم إبرة ..و إن يحصل و تجالسهم تشعر انك غريب عنهم تماما ..فأفكارهم غريبة و تطلعاتهم مثيرة للدهشة حتى مفرادتهم منتقاة بأساليب ليست طبيعية
ضياع ........ضياع لا نهاية له ...و اعتقد أن الوقت قد تأخر كثيرا لمصالحته لكنه لم يفت ..و إن كنا لا نشعر بالمأساة الآن فلان موسم الحصاد لم يحن بعد ..و المعزوفة الحديثة الآن تتلخص ب:
أموات تحت التراب ...و أموات آخرون فوقه
أموات لا حراك لهم ...و أموات آخرون يسيرون على قدميهم
و الخوف طبعا من كفة الميزان الثانية لأنها الراجحة و لكن باتجاه القاع ...
فبالله عليكم لا تحدثونا عن ألفا ماتوا من اجل قضية بل عن ملايين تعيش بل قضية .... و ليرحمنا الرحمن جميعا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما مبرّرات تكوين ائتلاف لمناهضة التعذيب؟


.. ليبيا: ما سبب إجلاء 119 طالب لجوء إلى إيطاليا؟ • فرانس 24




.. بريطانيا: ما حقيقة احتمال ترحيل مهاجرين جزائريين إلى رواندا؟


.. تونس: ما سبب توقيف شريفة الرياحي رئيسة جمعية -تونس أرض اللجو




.. هل استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لفض اعتصامات الطلاب الداعمة