الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهيئة عندما تنتهك إنسانيتنا!

نضال شاكر البيابي

2010 / 7 / 19
حقوق الانسان


لا يمكن أن نختلف، من حيث المبدأ، على أهمية ضبط الأمن ، فهو ضرورة مطلقة يفرضها الواقع والعقل،لكننا، قد نختلف على الآليات المتبعة في حفظ الأمن، وخصوصا إذا كانت سببا في اضطراب الأمن. هذا فضلا أن تكون سببا مباشرا في امتهان وانتهاك كرامة الإنسان وحقوقه!
ثمة نزوع متفاقم في ذهنية رجال الهيئة لتصنيف الناس تحت دعاوى الإرشاد والتوجيه، ورجل الهيئة يصنفك من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال عند أتفه الأسباب ولو كنت على سبيل المثال تمارس سلوكا لا يثير هواجس "الشيطان"نفسه، كنحو ممارستك رياضة المشي على الشاطئ مع زوجتك ، فله رجل الهيئة هنا، أن يستوقفك ،ويزدريك بنظرات الشك والريبة ،ويتفقد زوجتك بنظراته الدبقة، ثم يفاجئك بسؤال فج :من هي هذه "الحرمة" التي معك؟؟
وقد يفتشك ويطلب بطاقة الهوية وورقة تثبت زواجك من "الحرمة" التي معك، ممتهنا كرامتك أمام زوجك وعلى منظر من مرتادي الشاطئ وكأنه في حضرة لص ..!
وإذا تيقن من شرعية" الخلوة" فلا تنتظر منه اعتذارا، بل أنت مطالب بالاعتذار لإبداء امتعاضك من هواجسه المريضة ومن حقه الطبيعي في ممارسة عمله "الشرعي" الذي يقتضي بالضرورة الكشف عن منابت السوء والعفن!
ولو افترضنا أن شابا اختلى بفتاة، وقُبض عليهما في حالة "شبهة".
رجل الهيئة هنا لا يرى سوى "الإثم"، "الخطيئة"، "الفعل الشائن"، ولا يعبأ بحقيقة الدوافع التي جعلت شاب وفتاة يختطفان زمنا في ظلال العتمة كـلصين ، هربا من واقع متشعب بالاحباط ومتخم بالقيود ، واقع جرد الشاب والفتاة من طموحاتهما و استأصل أحلامهما من جذورها ، واقع كرس حالة الخيبات ، وتبدو في أفقه المصائر ضبابية .
لكن رجل الهيئة ينسى الدافع ، يتجاهل المحفز، لا يرى أمامه إلا فعلا منكرا يجب محاربته ،ومحاربة المنكر هي حقيقته ، ودافعه ، فهو مؤمن إيمان مطلق، بأن المجتمع لن يجد خلاصه، ولن يتطهر من نجاساته ، إلا بوجود رجال أمثاله"يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" ولو تطلب ذلك الإكراه،والقسر.
"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.."
رجال الهيئة يجهلون تماما المآسي الوجدانية التي تنهش أعماق الشباب ، ولا يعلمون مدى الخواء الذي يجوفهم ،ولا يفهمون سر الحرائق الروحية التي تشتعل في أجسادهم بفعل الكبت ونكوص الإشباع ، و لا يفقهون أن تداعيات البطالة وتأخر سن الزواج وعدم وجود بدائل أخرى، قد يفضي كل ذلك إلى اليأس من الحياة برمتها، وأن الاستبداد والقسر والإكراه أراض خصبة لإنبات التمرد في أبشع صوره !!
إن قسر الإنسان على ممارسة فعل ما، تحت أي ذريعة، هو تجريد من كينونته وسلخ لإنسانيته وسحق لكرامته وتكريس لحالة العبودية في أقبح صورها . " ولو شاءَ رَبُكَ لآمنَ مَن في الأرض ِجميعاً أفأنت تُكرهُ الناس حتى يكونوا مؤمنينَ " [يونس:99]
" قُل يا أيُها الناسُ قد جاءكمُ الحقُ مِن رَبكمُ فمن أهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضلَّ فإنما يضلُّ عليها وما أنا عليكمُ بوكيل" [يونس:108 ]
رجال الهيئة لا يخطر في بالهم أن سلوكهم الفظ وملامحهم المتجهمة سبب من أسباب نفور الشباب من التدين وتمظهراته . وقُل لِعبادي يقُولوا التي هي أحسنُ " [الإسراء:53 ].
التدين تواضع ..تأمل، سلوك حسن .لا تسافل ،التدين حالة روحية سامقة ،عدل ،محبة، تسامح ، لا مظاهر قشورية جوفاء .
رجال الهيئة لا يخطر في بالهم أيضا، أنهم يحجبون أعراض المرض لا جذوره الضاربة في العمق.
إذا قسرت إنسانا بسلطتك على تكلف الفضيلة، فأنتَ تهزم حريته وتسبي كرامته ، ولا قيمة لـ"فضيلة" مستعارة!!" فذكر إنما أنت مُذكرٌ* لست عليهم مسيطر" [الغاشية: 21 ،22 ]
الفضيلة تحتكر، تؤطر، وتحول إلى ملك خاص ،ومن ثم تستثمر..! و محتكر الفضيلة سجّان .
تنحصر مهماته في مطاردة "شياطين" الرذائل ..!
"الفضيلة قدرة، لا فكرة"
ولنا أن نتساءل:
1- أليست ممارسات الهيئة المتعسفة المتمثلة في قسر الناس على ممارسة سلوك معين يعد خرقا فاضحا لحقوق الإنسان من جهة وإساءة صارخة للدين من جهة أخرى؟
2-لماذا الشعب السعودي دون بقية شعوب الأرض في حاجة ماسة ومستمرة لمن يرشد له سلوكه ؟
3- ألا يحق لنا الخوف من نشوء جيل يمارس الفضيلة تكلفا ورياء حفاظا على أمنه النفسي؟
4-ألا يحق لنا القول أن من يفرض عليك سلوكا معينا بسلطته هو –ضمنيا- يستأصل إرادتك وحريتك؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما


.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش


.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر




.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..