الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انتهت مرحلة التسوية للصراع العربي الاسرائيلي؟

محمد سيد رصاص

2010 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لم يكن العرب في حالة ميل لتسوية الصراع العربي الاسرائيلي بين حربي 1948و1967،وقد أعطى ماجرى لاقتراحات الرئيس بورقيبة في عام1965،نحوالقبول بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول تقسيم فلسطين عام1947،مؤشراً كبيراً على ذلك.
كانت أول المؤشرات على تبدل هذا المزاج العربي هو قبول الرئيس عبدالناصر بقرار مجلس الأمن242(22تشرين ثاني1967)ثم قبوله في 23تموز1970بخطة روجرز المطروحة من قبل وزير الخارجية الأميركية "والتي انبنت على وقف اطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد على جبهة القناة،ثم الدخول في محادثات على أساس القرار242". هذا أعطى اتجاهاً عاماً في هذا المنحى،رغم أن ماذكره وزير الحربية المصري الفريق محمد فوزي في مذكراته يوحي بأن هذا القبول بالخطة الأميركية لم يكن أكثر من عملية تكتيكية من أجل تمرير جدار صاروخي عازل مؤلف من صواريخ سام سوفياتية استعداداً لشن حرب عبور للضفة الشرقية للقناة واستعادة سيناء كانت مرسومة خططها للتنفيذ في عام1971.
على كل حال،ساهمت خطة روجرز في احداث خلاف بين عبد الناصر و قيادة منظمة التحرير الفلسطينية من خلال رفض المجلس الوطني الفلسطيني بدورته الاستثنائية المنعقدة بعمان أواخر آب1970" لقرار مجلس الأمن رقم242....ورفضه القاطع ومقاومته الحازمة للمؤامرة الأمريكية المسماة خطة روجرز"،لايمكن عزله عن تحرك الملك حسين في أيلول1970من أجل تصفية الوجود العسكري الفلسطيني في الساحة الأردنية،وهو أمر قاد إلى فتح مشهد عربي جديد،منذ خريف1970الذي شهد بأواخر أيلول وفاة الرئيس عبد الناصر،كانت أهم سماته هو الإتجاه نحو التسوية للصراع العربي الاسرائيلي وهو مايشمل حرب تشرين أولأوكتوبر1973التي لم يكن تفكير الرئيس المصري السادات متجاوزاً حدود جعلها "حرب تحريك"للتسوية وليس حرب تحرير.
هنا،كانت غاية الرئيس المصري ليس فقط التسوية،والتي أعطت مؤشرات السنوات اللاحقة على أنها ذات منحى انفرادي مصري وليس شاملاً للصراع العربي الاسرائيلي،وإنما أيضاً نقل القاهرة من موقع الحليف لموسكو نحو الإرتماء في أحضان واشنطن. الملفت للنظر،في هذا الصدد ،هو انتقال منظمة التحرير الفلسطينية منذ (برنامج النقاط العشر)الذي أقره المجلس الوطني في حزيران1974 نحو اتجاه (إقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة على أي جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها) بدلاً من (الدولة الديمقراطية...في فلسطين المحررة من الاستعمار الصهيوني) كما هو منصوص عليه في (برنامج العمل السياسي)بشباط 1971 الذي وافقت عليه كل الفصائل الفلسطينية،وهو ماكانت ارهاصاته في(البرنامج المرحلي)للجبهة الديمقراطية بآب1973الذي اعترضت عليه كافة الفصائل بمافيها فتح،وهنا لايمكن عزل هذا التوجه الفلسطيني عن قرارات القمة العربية في الرباط بعد أربعة أشهر بتبني اعتبار"م .ت.ف.بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"وقرار القمة الثاني ب"حق الشعب الفلسطيني...في إقامة سلطة وطنية مستقلة تحت قيادة م.ت.ف.على كل منطقة محررة".
كل تسوية سياسية تتطلب طرفان مثل رقصة التانغو: كان تجاوب اسرائيل "منفرداً"فقط مع اتجاهات الرئيس السادات للتسوية،فيماتجاهلت ذلك الاتجاه الفلسطيني،حيث يبدو في هذا الصدد أن التفكير الاسرائيلي نابع من استراتيجية في"التسوية" تقوم على عزل الرأس (=مصر) من أجل أن تنفرد بمعالجة باقي الجسم العربي نحو التهام وهضم مااحتلته من أراضي في الضفة الغربية والجولان ونحو اخضاع العرب الآخرين الذين رأت اسرائيل أن جسمهم سيتعفن وسيتلاشى من دون الرأس المصري. من دون هذا،لايمكن فهم اصرار رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغن على تجاهل مطالبات الرئيس المصري في كلمته بالكنيست الاسرائيلي(20تشرين ثاني1977)وصولاً حتى مفاوضات كامب دافيد(أيلول1978)بتسوية شاملة يكون أساسها الموضوع الفلسطيني وقبوله بدلاًمن ذلك بكل المطالبات المصرية الخاصة بتسوية انفرادية مصرية- اسرائيلية(26آذار1979).أيضاً،بدون هذا لايمكن فهم كيف أن اجتياح لبنان الأول(آذار78)كان بعد أربعة أشهر من زيارة السادات لاسرائيل ليكون بروفة أولى للإجتياح الثاني في حزيران1982الذي أتى بعد أربعين يوماً من اكتمال الإنسحاب الاسرائيلي من سيناء في25نيسان لتكون أهدافه ليست مقتصرة على محاولة تصفية الوجود العسكري-السياسي للفلسطينيين وإنما أيضاً اخراج الجيش السوري من لبنان كطريق مزدوج نحو إقامة حكم لبناني في قصر بعبدا(وليس فقط في مرجعيون عند سعد حداد) كماحصل مع عملية "انتخاب"بشير الجميِل رئيساً في يوم23آب1982يكون مربوطاً بإسرائيل من خلال اتفاقية كالتي جرى توقيعها في 17أيار1983. طبعاً،يجب إضافة تدمير اسرائيل للمفاعل النووي العراقي في يوم 9حزيران1981 لاكتمال صورة هذه الاستراتيجية الاسرائيلية في موضوع(الرأس)و(الجسم)العربيين.
هذا مايفسر لماذا كانت عملية رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي ل(مشروع ريغان)، المطروح من الرئيس الأميركي في اليوم التالي لخروج ياسر عرفات من بيروت (31آب1982)والمستند للقرار242، توازي قوة رفض قوى الرفض الفلسطينية للمشروع الذي واجهه عرفات بكلمة(لعم). بالمقابل يمكن عبر هذا تفسير رفض اسرائيل لمشروع"المملكة العربية المتحدة "المطروح من الملك حسين في15آذار1972كاتحاد كونفدرالي بين شرقي الأردن"والضفة الغربية وأية أراض فلسطينية يتم تحريرها"ثم قبولها باتفاقية وادي عربة (26تشرين أول1994)مع المملكة الأردنية بعد قرار الملك حسين بفك الارتباط بين الضفتين (31تموز88)وتسليمه بقرار مؤتمر الرباط بخصوص منظمة التحرير الفلسطينية. من هنا،لايمكن القول بأن(اتفاقية أوسلو) في13أيلول 1993بين رابين وعرفات كانت تسوية مثل التسويتين المصرية أوالأردنية وإنما كانت أقرب إلى ماطرحه بيغن في عام1980 حول الحكم الذاتي "الذي يشمل السكان وليس الأرض" إذالم تكن سلطة (أوسلو)أقل من ذلك خلال مسار سبع سنوات من عمرها قبل أن يقرر شارون منذ عام2001تحويل "السلطة الفلسطينية" إلى حدود أقل من سلطات رئيسي بلديتي غزة ورام الله المحتلتين بالسبعينيات رشاد الشوا وكريم خلف،فيما تجاوز الاستيطان في القدس والضفة بمرحلة مابعد أوسلو حدود مرحلة 1967-1993.
هنا،أعطت(أوسلو) ،خلال مايقارب العقدين من عمرها،صورة واضحة عن حدود "التسوية" التي تريدها اسرائيل مع الفلسطينيين،وهي في الحقيقة ليست تسوية وإنما شيء آخر،فيماهي دخلت في تسوية انفرادية مع القاهرة وعمان. هذا،يعطي، بعبارة أخرى ،أن تل أبيب لاتريد تسوية للنزاع العربي الاسرائيلي الذي نشب في يوم15أيار1948بسبب اعلان قيام دولة اسرائيل باليوم السابق على التراب الفلسطيني،وهو ربما أمر لم يكن واضحاً للبعض في زمن"الحمائمي"رابين إلاأن ماظهر بوضوح عبر السلسلة البادئة بشارون2001وصولاً إلى ناتنياهو2009-2010يعطي صورة جلية عن اقتراب مرحلة التسوية من الوصول إلى الحائط المسدود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن