الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسؤولونا لا يقرأون!!

سعد تركي

2010 / 7 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يظن بعضهم، إن أحد أسباب انهيار حكم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، يعود إلى أن حاشيته ومقربيه كانوا يخفون عنه الصحف تعمداً ـ سواء بحسن أم سوء نيةـ، فجهل ما يدور تحت السطح سياسياً وشعبياً.. ولهذا ـ يضيفون ـ فإن نظام البعث المقبور كان يولي ما يُنشر في الصحافة عظيم عنايته، على الرغم من سيطرته وإشرافه التام عليها، وعلى الرغم من أنها كانت جميعا ـ باختلاف تسمياتها ـ تابعة له وتمجده وتسبح بحمده..
في سنوات ما بعد التغيير، ومع العدد الكبير من الصحف التي تصدر يوميا وأسبوعيا، فإن من النادر جداً أن يقرأ مسؤول ما يُكتب فيها من مواضيع وشكاوى، ومنها طبعاً ما يخص وزارته أو مؤسسته أو دائرته، ولا علم لنا بنشاط المكاتب الإعلامية في هذه الوزارة أو تلك المؤسسة، ويبدو أن الجيش الضخم من العاملين في هذه المكاتب لا يحسن عملاً باستثناء الحديث وتغطية فتوحات معالي الوزير وتبرير أكاذيبه!!
يُنشر يومياً في الصحف مئات الشكاوى وعشرات المقالات والأعمدة التي تتحدث عن حجم الفساد المستشري في مفاصل الحكومة، ولم نسمع أو نر مسؤولاً ـ إلا فيما ندر ـ قد فتح تحقيقاً حول شكوى أو مقال، أو تكرم مكتبه الإعلامي برد على صحيفة.. لكن سلوك المسؤول ومكتبه الإعلامي يتغيرا، تغيراً شديداً لو كانت هذه المقالات قد وردت في صحيفة أجنبية، ولدينا العشرات من الأمثلة، ومسألة أجهزة الكشف عن المتفجرات( السونار) واحدة منها، ولعل أقرب قضية الى الأذهان: البنزين الملوث بنسب عالية من الرصاص.
الصحافة المحلية بصفتها سلطة رابعة لا تثير اهتمام مسؤولينا أبداً، فلا النقد يزعج المسؤول، ولا التوجيه يقّومه، ولا عشرات المقالات والشكاوى يمكنها أن تلفت نظره فيؤجل سفراً أو حجاً ( مسؤولونا كلهم حجاج ومعتمرون) ليعالج فساداً أو يصوب خطأً، أو يقوّم معوجاً في وزارته العتيدة.. لكن مقالاً صغيراً يُنشر في الواشنطن بوست أو الغارديان يقيم الدنيا ولا يقعدها، وتفتح من أجله مجالس التحقيق، وينبري المكتب الإعلامي ليبرر أو يفند أو يخطّئ ما ورد.
بعد سنوات التغيير، كان لزاماً علينا( نحن الصحفيون) أن نفهم حقيقة بسيطة وواضحة كالشمس، كان علينا أن نعرف أن سياسيينا( وجلهم يحملون جنسية أخرى) لا يقرأون ولا يهتمون بكل ما هو محلي، لا يقرأون إلا صحفاً تصدر في بلدان حازوا جنسيتها أو يأملون بحيازتها، ولا يستثمرون أموالا استباحوها إلا في مشاريع خارج أوطانهم الأصلية.. كان علينا أن نفهم أن العسل الذي يسيل من خيرات الوطن وكدحنا وجهدنا وعرقنا لا تمضغه أفواه صانعيه، وأننا كالعاملات في خلايا النحل ليس لنا غير الكدح والموت.. وفي أفضل الأحوال الشمع ليس إلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتشدد يتقدم في استطلاعات الرأي في بريطانيا.. والعما


.. بشأن مطار -رفيق الحريري-.. اتحاد النقل الجوي اللبناني يرد عل




.. قصف روسي على خاركيف.. وتأهب جوي في ست مقاطعات أوكرانية | #را


.. موسكو تحمّل واشنطن «مسؤولية» الهجوم الصاروخي على القرم




.. الجيش السوداني يوافق على عقد لقاء تشاوري مع تنسيقية -تقدم-