الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في قضية العالِم النووي الإيراني مَنْ غَلَبَ مَنْ : إيران أمْ أمريكا ؟؟

عبد الرزاق السويراوي

2010 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


أخيراً ًوبعد إختفاءٍ دام قرابة 14 شهراً, عاد يوم 15-7- 2010 لبلاده العالِم النووي الإيراني شهرام أميري . ولكنها عودة صاحبتها وسبقتها , تصريحات متناقضة من لدن كبار المسؤولين في البلدين , إيران وأمريكا , على السواء .
ويُذكر بأنّ شهرام أميري إختفى في شهر حزيران من العام الماضي 2009 في المملكة السعودية أثناء ذهابه لتأدية مناسك العمرة .حينها وجّهت إيران ما يشبه التهمة للسعودية فقامت الأخيرة بحسب الأخبار , بتعقب القضية فلم تعثر له على أيّ أثر .وفي 14 من حزيران الماضي , عرض التلفزيون الإيراني شريط فديو ظهر فيه شهرام أميري وأعلن من خلاله , بأنه أفلت من قبضة عملاء الاستخبارات الامريكيين في فرجينيا وقد يُعتقله الامريكان في اية لحظة وأنه لجأ في هروبه , الى مكتب رعاية المصالح الايرانية في السفارة الباكستانية بواشنطن . ويذكر بان خبر هروب اميري ووصول هذا الشريط للحكومة الايرانية , أثار شكوكا لدى المحللين, حتى أنّ أميري عندما سُئل بعد عودته الى طهران عن كيفية هروبه من الامريكان رغم الحراسات المشددة وعن كيفية وصول الشريط الى الحكومة الايرانية لم يجب عن هذا السؤال ,وربما تُبرر عدم إجابته بدواعي أمنية تتطلب عدم الكشف عنها في الوقت الحاضر.المسؤولون الامريكيون , وعلى النقيض من ذلك , أفادوا بأنهم هم الذين سمحوا لأميري بالتوجه الى مكتب السفارة الباكستانية , كونه لم يكن مختطفا كما أدعى بل هو أساساً كان عميلاً للـ ( سي آي ايه ) منذ أعوام وقد زوّدهم بمجموعة من المعلومات المهمة عن خفايا بعض أسرار الملف النووي الايراني . وهذه النقطة مهمة جداً , فعلى فرض عدم صحة عمالة اميري لهم , فان امريكا تهدف من وراء هكذا تصريحات , الى هدف مهم , هو إثارة الشك لدى الايرانيين بنزاهة اميري وبالتالي سوف يتعامل الايرانيون معه بحذر , أكثر من ذلك , ربما سيحول هذا الشك بهذا العالم دون الإستفادة من قدراته العلمية وبالمحصلة تكون امريكا قد ربحت كثيرا بتهميش هذا العالم في الوقت الذي تخسره ايران كعالِِم له أهميته . وهو اسلوب قديم من اساليب الحرب النفسية . وبالفعل , فأنّ وزير الخارجية الإيرانية , وضمن إشارة تسْتبْطن هذا المعنى , صرّح لوكالة الانباء الفرنسية قائلاً :" علينا أوّلاً النظر الى ما حدث خلال العامين ـ في إشارة الى مدة إختفاء أميري ـ وبعد ذلك نقرر , هل هو بطل أمْ لا , ويجب على ايران ان تنتظر فيما إذا كانت مزاعمه عن تعرضه للإختطاف صحيحة أمْ لا " . أكثر من ذلك فأن الامريكان , أدّعوا ايضا , بأنّ أميري زوّدهم بمعلومات عن تحول إحدى الجامعات داخل ايران , الى مقر سري للجهود النووية الايرانية فضلا عن تزويده كما يقولون , بمعلومات هامة عن بعض الخصائص السرية في البرنامج النووي الإيراني .وبطبيعة الحال ان تصريحات الجانبين لا يمكن الوثوق بها تماما , غير أنّ إسلوب الدس واضح لدى الجانب الامريكي في طريقة عرض التصريحات , خصوصا ما أدّعتْ به مِنْ أنّها لم تخطف أميري وانما هو الذي ذهب اليهم من تلقاء نفسه كما انه سبق له وان زار السعودية في وقت سابق , وهذا الإدّعاء بحدّ ذاته لا يصمد أمام المنطق , فعلى فرض صحته , وانه طلب اللجوء الى امريكا , فليس من المعقول ان يفعل ذلك ويترك زوجته وطفله الوحيد في ايران فعملية اخراجهما معه سهلة جدا وفقا لفرضية انه عميل قديم لهم ,فكيف نبرر ذلك بل كيف نبرر عودته لايران بعد هذه المدة , هذا إذا تناسينا قوة الاستخبارات الايرانية وكيف أُخْتِرقتْ طيلة هذه الفترة دون ان تستشعر ذلك ؟؟ فلربما تكون ايران على فرض صحة ادعاء الامريكان انها جندته لصالحها , أنها ـ ايران ـ هي التي جندته لصالحها وليس العكس .عموما ان هذه القضية هي فعلا وكما وصفها بعض المحللين , هي لغز كبير .
من جانب آخر فأن أميري صرّح للصحافيين بعد عودته لطهران , أنّه عُرضَ عليه " 10 ملايين دولار مقابل أنْ يخبر الـ سي أن أن انه وصل الولايات المتحدة طالبا اللجوء السياسي " وقبيل رحيله الى ايران , عُرِضَ عليه 50 مليون دولار وفرصة جديدة داخل دولة اوربية يختارها هو اذا قرر البقاء .
ويمكن أخذ هذه النقطة على محمل الموثوقية بقدر ما . إذْ من المعلوم ان موضوع الملف الايراني , اثار وما زال , جدلاً كبيرا لدى عموم الغربيين وامريكا وإسرائيل بشكل خاص , فضلاً عن دول المنطقة . ففي حال نجحت ايران بإمتلاكها للسلاح النووي , وبغض النظر عن الابعاد السياسية لهذا الجانب , فان هذا يعني من ضمن ما يعنيه , ان ميزان القوى سيتغير تماما وبزاوية حادة , ليس في المنطقة حسب , وانما في عموم منطقة الشرق الاوسط وبالذات اسرائيل .
ثمة نقطة مهمة لابد من الاشارة اليها أيضا , أنّه في حال صحة الادعاء الامريكي من ان اميري هو احد عملائها , فان كشف الامريكيين ذلك وبهذا الاسلوب , سواء صحّ الادعاء المذكور أمْ لم يصح , فاّنه بمثابة رسالة سيئة لكل عملائها في العالم فمن المؤكد أنهم يفكرون بانهم سيلاقوا نفس المصير , أيْ انّ الامريكان لا يردعهم رادع في الكشف عن عملائهم اذا تطلبت مصلحتهم ذلك , وهذا الامر وفقا لبعض المعايير هو نجاح للجانب الاستخباراتي الايراني في قبال خسارة الجانب الاستخباراتي الامريكي , وايضا يعكس مدى خسة البراغماتية المقيتة التي لا تستطيع امريكا التخلي عنها يوما ما .ومع ذلك نقول بان قضية العالِم النووي الايراني شهرام أميري هي كما قال عنها بعض المحللين , لغز مفاتيحه في الخزائن الخفية لدى ايران وامريكا , وربما سيأتي اليوم الذي تُكْشفُ فيه الاوراق الحقيقة لمغاليق هذه القضية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كيف سيتغير ميزان القوى ؟
الياس بادي ( 2010 / 7 / 20 - 17:33 )
ففي حال نجحت ايران بإمتلاكها للسلاح النووي , وبغض النظر عن الابعاد السياسية لهذا الجانب , فان هذا يعني من ضمن ما يعنيه , ان ميزان القوى سيتغير تماما وبزاوية حادة , ليس في المنطقة حسب , وانما في عموم منطقة الشرق الاوسط وبالذات اسرائيل .
ارجو من السيد الكاتب توضيح وبإسهاب كيف سيتغير ميزان القوى في حال امتلاك ايران السلاح النووي ،فلطالما سمعنا و قرأنا عن هذا ولكن دون اي توضيح لماهية التغيير الذي سيحدث ولماذا بالضبط شرط امتلاك ايران السلاح النووي حتى تحدث تلك التغييرات
شكرا استادي الكريم

اخر الافلام

.. قصة نجاح حلوانية سورية بمدينة غازي عنتاب التركية | عينٌ على


.. إسرائيل ترسل مجددا دبابات إلى شمال قطاع غزة وتزيد الضغط العس




.. السودان: سقوط 27 قتيلا واستخدام - أسلحة ثقيلة- في معارك الفا


.. مصر: التنمر الإلكتروني.. هل تكفي القوانين لردعه؟ • فرانس 24




.. رئيس الوزراء اليوناني في أنقرة في زيارة -حسن جوار-