الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس مانديلا البليغ يا قادة العراق

سامي المالح

2010 / 7 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قال بان كي مون الامين العام للامم المتحدة:
"ان نلسون مانديلا شخصية عملاقة تجسد اسمى القيم الانسانية وقيم الامم المتحدة، ان انجازات نلسون مانديلا تحققت بثمن باهض دفعه هو ودفعته اسرته، واليوم في يوم مانيلا الدولي الاول، نوجه اليه الشكلر لكل ما فعله من اجل الحرية والعدالة والديمقراطية."

أحتفل الملايين في جنوب افريقيا، في 18 من يوليو/ تموز الجاري، بعيد ميلاد الثاني والتسعين لنيلسون مانديلا الملقب شعبيا بـ(ماديبا) Madiba وتعني العظيم المبجل، حبا ووفاءا وأعتزازا وتقديرا، بعفوية وبساطة وتطلع وثقة بالمستقبل – المستقبل الذي كرس له مانديلا الانسان المناضل والقائد كل حياته .
فمنذ ان كان طالبا يافعا في المدرسة تعلم مانديلا مقارعة العنصرية ومواجهة الظلم والاضطهاد، ليستمر متحديا كل الصعاب والعوائق في دراسته الجامعية التي طورت قدراته الفكرية والسياسية واهلته ليساهم في النضال في صفوف المجلس القومي الافريقي، وليدافع عن الناس مهنيا كمحامي للفقراء والمهمشين والثوريين الذين كانوا يرفعون راية التحرر من التمييز العنصري في الشوارع ويكافحون من اجل حق المواطنة المتكافئة وبناء نظام ديمقراطي يضع جنوب افريقيا، وطنا وشعبا، على طريق الحياة الحرة والتطور والنمو والامن والسلام.
وفي خضم الصراعات المريرة ومواجهة السياسة الدموية لنظام الاقلية العنصري تطور مانديلا الى قائد شعبي لمقاومة المجلس القومي الافريقي و جموع الشعب الاعزل بأيمان وصدق وشجاعة بعيدا عن قيم الكراهية والانانية والانتقام والفوضى والعنف المنفلت.
اما سنوات طويلة من المواجهة والصمود والاصرار من خلف القضبان الحديدية (من عام 1962 الى 1991) التي صلبت عوده وصقلت مواهبه ورسخت أيمانه بالانتصار، أكسبته المرونة والحنكة والصبر والتأمل والفكرالاستراتيجي، ليخرج من السجن قائدا محنكا متواضعا، ولينهي مع رفاقه وفرقائه ومع الكادحين والمحرومين والمؤمنين بالحرية والعدالة والمساوات بين البشىر، والى الابد، التمييز العنصري المقيت وسيادة البيض ونظام التسلط والارهاب، وليدشن مرحلة تاريخية جديدة في حياة جنوب افريقا، وليصبح اول رئيسا اسودا منتخبا للبلاد، وبالتالي يكلل مسيرته بتعزيز التقاليد الديمقراطية من خلال وفائه وفلسفته التي تمتد جذورها الى اعجابه بحياة وقيم وتواضع "مهاتما غاندي" وفهمه الراقي لدوره ومكانته ومسؤوليته في قمة هرم السلطة ليغدو رمزا، ليس فقط لوطنه وشعبه فحسب بل وللعالم كله، رمزا للنضال والصمود والحرية ومواجهة المصائب والصعاب بكرامة وكبرياء وانتصار الامل والسلام.
و مانديلا الذي حاز على جائزة نوبل للسلام 1993 مع دي كلارك الذي شاركه مشروع انهاء النظام العنصري، عينته الامم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة عام 2005، وكرمته ولا تزال مئات المؤسسات والحكومات والجامعات والشعوب. اذ بمبادرة من حكومة جنوب افريقيا سمت الامم المتحدة يوم الثامن عشر من يوليو/تموز " يوم نلسون مانديلا الدولي" ودعت للاحتفال بهذا الحدث . كما لقد بادرت مجموعة من الشخصيات العالمية وفي اطار العمل مع الامم المتحدة تنظيم مجموعة من الفعاليات والنشاطات المختلفة تكريما واحتفاءا بهذه المناسبة. وفي هذه المناسبة قال الرئيس الفلندي السابق مارتي أهتيزاري وهو احد المبادرين لتنظيم نشاطات يوم مانديلا الدولي: " ان مانديلا وهب 67 عاما من حياته للنضال، وما يتعين علينا فعله اليوم هو تخصيص 67 دقيقة من حياتنا، والعمل على تغيير العالم نحو الاحسن".
ما احوجنا نحن في العراق الى دراسة وفهم درس مانديلا البليغ. ما احوج نخب العراق وقادة الاحزاب والقوى السياسية، التي تشلها الصراعات على المواقع والكراسي والمصالح الضيقة والانانية، ان تتعلم وان تستمد العبر والحكمة من حياة انسان عادي يمجده شعبه وتحتفي به الشعوب وتمنحه الحب وتعتبره بطلا ورمزا تاريخيا. ما احوج العراق لرجال يقتدون بمناضل التزم، دائما، في كل الظروف والمراحل، قيم النضال والديمقراطية الحقيقية، برجل بقي وفيا لمبادئه لم يلطخ تاريخه بمجد السلطة الزائف وبالمال الكثيرالحرام وبالتشبث بمفاسد الكراسي العاجية، بأنسان كرس حياته من اجل العمل وزرع الامل والانتصار للسلام والمحبة والمساوات بين الناس والعدالة والتغيير نحو الاحسن.
ياقادة العراق، يا من تتطلعون لتولي المسؤوليات وادارة البلاد، يا من تتصارعون من اجل السلطة والنفوذ والمزيد من الصلاحيات والثروات، امنحوا لنفسكم ولوطنكم وشعبكم 67 دقيقة، كما يدعوا هارتيزاري، كاسرين قيود الانتماءات الصغيرة محطمين اغلال مصالح العشيرة والحزب والطائفة، لتنطلقوا نحو الانسان المواطن العراقي مهما كانت ديانته او قوميته او طائفته والوطن كله من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه، ولتتأملوا وتخططوا بهدوء ومسؤولية وبضميرحي ولتتخذوا المواقف التاريخية الصائبة وصولا للعمل الجدي من اجل تغيير حياة شعبكم ووضع بلدكم نحو الاحسن.
ايها السادة، تأملوا وقارنوا! مانديلا يحتفي به العالم ويمجده ويكرمه الملايين في كل مكان وهو يحتفل بعيد ميلاده بتواضع مع اسرته، وصدام الذي تلقفته مزبلة التاريخ ولم تسعفه السلطة والثروات واجهزة القمع والمخابرات والاعلام المزيف والحزب القائد. ايها السادة، تأملوا وقارنوا، ثم لكم الخيار. حيث انكم جميعا امام خيار. الخيار بين العمل بجد واخلاص وصدق وامانة وكفاءة وعدل ومسؤولية بعيدا عن الفساد والعنف والكراهية والانتقام والتقوقع في القوالب العصبية والطائفية والحزبية، وبين التشبث بالكراسي واستغلال السلطة وتحقيق المكاسب الانانية والفساد وجمع الثروات والابتعاد عن امال الناس وبالتالي الاختناق والموت ولعنة الشعب والتاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا