الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة الحقيقة وسياسة الحقيبة

حميد المصباحي

2010 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


سياسة الحقيقة وسياسة الحقيبة

إن الفكر السياسي كان دائما يؤسس لكيفيات امتلاك السلطة,ومع تطور المجتمعات البشرية تغيرت الرهانات ولم يعد الفوز بالسلطة أهم من استخداماتها التنموية والحضارية مما عمق رهانات الرغبة في تحقيق التقدم من خلالها بغية إرضاء المجتمع وخدمته بالبرامج التنافسية,تلك التي يتعلم بها الساسة قبول قواعد اللعبة والعمل على إنتاج الأفكار لاافتعال الصراعات والخصومات التي قد تعطل التنمية أو تعوقها على التحرك بل ربما وجهتها وجهة غير صحيحة,فما نعرفه في المغرب يختلف كثيرا عما حدث في الكثير من الدول المتقدمة أما المشابهة لنا في لا تحصى ولاتعد,كانت الصراعات في أوجها بين الأحزاب السياسية من جهة ,حيث الإيديولوجيات تفعل فعلها,ومن جهة أخرى الصراعات ضد الدولة,بحيث اختفت الطموحات الشخصية في مثل هده المواجهات,ولم يكن يقبل من المناضل الكشف عن طموحاته,فقد تدجج بسلاح خدمة الشعب والتضحية,فأحبه الناس,وتغنوا ببطولاته,ولم يشكك في رغباته أحد,حتى صار هو نفسه لا يتعرف على إسمه إلا من خلالهم,أو حزبه,تحول كخادم للحقيقة وحدها,هو وقود الثورات,ومحدد زمنها,كأنه الكاهن في عصر الأساطير,لا هم له إلا الجماهير,العارية,المعاتبة لكل من تنازل أو تراجع عن أهدافها السامية,
لكن هده التربية تعمقت أكثر من اللازم في الوجدان والعقول,فالحزب عليه أن ينتصر لعدد الحقائب التي يحملها,فتلك ليست إلا نتيجة لقوته الإنتخابية,وهو أمر طبيعي في السياسة,لكن الأجيال التي تلقت التربية السابقة تمردت على هدا المفهوم للحزب,لأنها لم تجد من يقنعها بصحة اختيار الحزب لما يساعده على تجسيد برنامجه,بحيث بدا مناضلوه وكأنهم يتدافعون لتحصين مواقعهم ضد بعضهم وليس انتصارا لما يحمله الحزب من سياسات تنتصر للوطن والمواطن,فازداد الغضب من القادة وأحزابها,وهو استياء مضر بالتجربة السياسية التي يحاول المغرب بناءها,فقد تلقاها المناضلون ولم يراجعوها واكتفوا بالدعوة لمراجعة كل شيء,إلا تلك الأفكار المترفعة عن المصالح,والطموحات,وكأن المناضلين آلات مجردة من كل الأحلام,حتى تلك الصغيرة والبسيطة,فكيف نقنع المصوتين وبين ظهرانينا,شباب لايعتبر السياسة سياسة إلا إن كانت رفضا أو تمردا؟وهم في كل الأحزاب السياسية,يطلون من خلف القادة مشجعين لكل رفض ومنتظرين له,صائحين ألا مناضل إلا من يعلن العودة إلى المعارضة ورفض المناصب والحقائب التي ورطت الكثير من النزهاء والرافضين وضاربي الطاولات في وجوه الجشعين,إنه فكر قلق,لايقبل الحوار,شديد الحساسية لكل ما هو رسمي في الحزب والدولة وحتى اللغة,هؤلاء هم الأولى بالتغيير والإقتناع بالمشاركة قبل البعيدين من الحزب والسياسة,,فكيف يتم إقناع الناس بأن الحزب مآله المشاركة ودوره تمثيل الناس لا تحريضهم أو حثهم على الرفض,لكن قبل الدعوة لابد من إعلان البداية,أي التأهل لسياسة بالمتسيسين أولا,المنخرطين في الأحزاب السياسية وهم كثر,لكنهم في حالة انتظار غريب,لاينصتون إلا لآلامهم وحسراتهم.
لكن من الملاحظ أن الحزب في الغرب لا تحرجه مسألة الدفاع عن الحقائب التي يريد بها إثبات قدراته على حسن تسيير أمور المجتمع,لكنه يختار من بين منخرطيه القادرين على تفعيل البرامج التي أعلنوا عنها في الحملات الإنتخابية,بعيدا عن الولاءات العائلية أو القبلية,فالمهارات والإبداعية مقاييس ومعايير لتحمل المسؤوليات الحكومية,كما أن هناك مساءلة دائمة لمن يختارهم الحزب لتجسيد برنامجه الدي نال رضى الناخبين واستمالهم,فالحزب قد يضحي بأي مسؤول يهدد علاقته بالناخب حتى لو كان أمينه العام,وليست في الغرب هناك عقدة التمسك بإدارة الحزب وتزعمه طيلة العمر,فما أن يصل الكاتب العام لمنصب الوزارة حتى يعلن استقالته,أما في عالمنا العربي,فلا يمكن لمشعل القيادة أن ينتقل إلا بموت الزعيم أو التمرد عليه من خلال تدبير عمليات الإنشقاق السياسي والحبث عن المبررات الإيديولوجية لهده الحركة الإنقلابية,مما يضعف الحركة السياسية سواء كانت يسارية أو حتى يمينية,ولا يوجد تفسير لهده العمليات إلا سياسة الحقيبة والرغبة في الوصول إلى الحكم كمجد واعتبار رمزي,عجز الساسة على تحقيقه اقتصاديا أو معرفيا وفنيا فركبوا مخاطرة الفعل السياسي في صيغتيه المعارض أو الداعم للحكومات والأنظمة العربية,التي لا تزعجها مثل هده التفاعلات بل تطيل سلطتها ويثبتها أمام المجتمعات العربية التي تقتنع عمليا بأن الساسة مراوغون يبحثون عن مجدهم ومجد دويهم باسم شعوب أتعبتها الوعو والإنتظارت الطويلة لآمال مشحونة إيديولوجيا بحلم الثورة أو التغيير وغيرها من الشعارات التي أنجبت ما لا يحصى من الأحزاب دون أية مبررات تاريخية أو اجتماعية.
حميد المصباحي عضو اتحاد كتاب المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا


.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق




.. خليل العناني: المنطقة العربية في حالة اشتعال بسبب الإدارة ال


.. وزير لبناني يخشى -غزة ثانية- بعد القصف الإسرائيلي العنيف




.. بايدن يحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية