الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا عرب السك..ك، تعرّوا

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2010 / 7 / 21
الادب والفن


التكرار يقتل الأفكار و يلغي الإبداع، لكنه يريح ملايين الأدمغة التي أقسمت على حياة للأكل و الشرب..و الجنس.

حدث ( هذا) في أواخر ثمانينات القرن الماضي، في بلد المليون شهيد الذي ما كان ليتوقع عدد الرؤوس التي ستُحصد مجددا ..هذه المرة بيد أولاده!

و (هذا) حدثٌ دخل عقل طفلة الثامنة( أنا) بصعوبة .. ف(هذا) كان جديداً، مهولاً، و يشبه الأشباح.

قبيحة هي سذاجة الأطفال التي جعلتني أصفّر رعبا من منظر النساء الجزائريات الملفوفات في ملاءات صفر، و غبيّة تلك اللحظة التي تخيلتهم فيها أشباحا لمن كنا ندعوهم في سوريا (قرباط) حيث يتشحن بنفس الملاءات ، لكن بلون أسود.
الشباك الضيق لمنزلنا الجزائري المستأجر، كان شاهد العيان على الرعب الذي حلّ بروحي الصغيرة و أنا أرى الشارع يحفل بالعديد من ( القرباط) الصفر.
استرقت النظر، و قلبي الصغير يطرق بتساؤلات كثيرة.

إنه لمن المستحيل بمكان التصديق بكون "الله" قد أفتى بجواز ما لا يقبله عقلٌ طفلٌ لم يتجاوز الثامنة.
**********


-أكره الطائفيّة..و السنيّة-
(نكتة عربيّة على لسان طوائف الأقليات).


- سمعت..قال منعوا النقاب في سوريا.
- فقط في الجامعات...
-خبرني (شو ) سر الهجمة على (السنّة) .
-يا عمي (مين قربكون).
- لكنْ أنت أقليّة مثلهم (إسماعيلي )، و تراك (مبسوط).
-يا لطيف، (ليش) كل نساء( السنّة ) منقبات؟
-لا..(بس مو أحسن ) لو منعوا التعري بالشوارع!
-هي (مو متل) هي.
- لا (متلا..متلا) ..بس الغضب الأعظم (جايي..منتواجه).


تدور اليوم مشابهات هذا الحديث في الشارع السوري البسيط، و تُغذّى روح الطائفية طبعا من قبل الغالبية العظمى من رجال الشريعة، و المتنقبين بالدين.

و بغض النظر عن الأصول اللادينية السياسيّة و الاجتماعيّة التي تلف نقاب المرأة المسلمة بنقاب آخر عقلي و غير قابل للإزالة لا في الجامعات و لا حتى في أسرّة النوم، فإن الوسواس القهري الديني يشكل سببا جوهريا لتغييب العقل، و مجتمع القطيع.

إن الحقد الطائفي الموروث هو الخطر الأهم الذي يهدد المنطقة العربية التي يتوجه إعلامها إلى الحروب الخارجية، متجاهلا صهاينة الداخل.
**********

عصافير كثيرة تلك التي قتلها الموروث الضاج بملايين الغربان.
(نكتة حزينة)


أذكرها مع أني لا أعرف شكلها..زميلتنا في الجامعة و التي كانت تلبس النقاب و الكفوف السوداء، و عندما طلب منها أحد الاساتذة خلع الكفوف في إحدى الجلسات العمليّة، جاوبته بحدة : ديني لا يسمح لي.

و مع أنها قامت بخلع الكفوف لاحقا، لكنني أحسست أنها لا تصلح منقذة في مكان أعدّ لإنقاذ البشر، بل إنها مسكينة تحتاج إعادة (فرمتة) للجزء العقلي المسؤول عن الممنوع و المحرّم، و الذي يتضخم عند من يقدسون المكررات، و الأوثان، مبتعدين كل البعد عن الإنسانية.

إن الطريقة الطائفية التي ينظر بها إلى قوانين منطقية جدا، و واجبة التعميم، ليست سوى نتيجة متوقعة لواقع إقتصادي فقير، عديم الثقافة، يحكمه أصحاب فتاوى و تشريعات لا يعرفون شيئا عن اللغة العربية، لكنهم يفسرونها، و إذا ما خطر في بالك العودة لماضي أحدهم فسترى النقاب العقلي الحقيقي الذي حجب الشهادات المدرسيّة، و أنزل العلامات في الإبتدائية ...

**********


-نحن نعيش في بلدان عربيّة.. غالبيتها أشباح، من الضروري أن نتأقلم-.
(نكتة واقعيّة)


صديقي اللاديني من أصول مسيحية، و من أكثر الأشخاص الذين احترمتهم في حياتي، كان من الذكاء بمكان ليذهب بخوفي الطفولي من الأشباح الصفر.

فهنا و في إحدى مكتبات العم سام، كان يتحدث إليّ بالمصريّة عندما اقترب أحدهم منّا محيّياً و بالمصريّة أيضا
-(إزيكم..حضرتك من مصر).
- (أيوه..أنت من فين من الاسكندرية؟!).
- لا أنا من مصر الجديدة، (ما تعرفتش بحضرتك).

و بعد أن أعطاه صديقي اسمه الذي يعلن بوضوح عن هويّة قبطيّة مسيحيّة، لمعت عيناه و هو يسأله:

-(إنت جديد هنا..ما بشوفكش في الكنيسة! )
-( زي ما أنت شايف أنا راجل عجوز، بقالي هنا أربعين سنة..بس ما برحش الكنيسة).
- (ما بترحش) الكنيسة!!
-لا ما (برحش.)..
-(ليه)
-أصلي (مش )متدين ..
- إنت مسلم ؟!

ضحك و أجاب:- لا أنا مسيحي، و موحد بالله..


بعد أن رحل الشخص مندهشا قال لي صديقي:
-(شوفي يا بنتي، النقاب مش بس تياب علينا، النقاب فينا من أعمق بكتير، أنا هنا بيسبوني علشان بحب الكل، وأنت كمان حيسبوك عشان كده)..
لأني لا أتحزب مع طائفة دون أخرى..كرهتني الغالبية، و هذا من سنين.

المحبة دائما تحاط بعلامات الاستفهام، بينما تسود الكراهية بقانون فرّق تسد.
**********


-ياه ..على شاطئ عراة عقل! -
(نكتة النهاية)


نحن لا نرى من الغرب إلاّ عريّ الأجساد، و نتجاهل العقول العاريّة التي تتقبل الآخر، و تعمل ليل نهار.
العدو المشترك للجميع ليس دينا بذاته، و لا طائفة بعينها..عدونا المشترك هو( التعصب) الديني أو الطائفي..الذي نرثه، ثم نقفل( النقاب )عليه.

بانتظار يوم لا نقاب فيه ..لنحلم معاً.


يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اروع مما كتب على الاطلاق
عبد الوهاب المطلبي ( 2010 / 7 / 21 - 18:05 )
ارق التحتيا الى الاديبلا الرائعة لمى محمد ورائعتها هذه الفصيدة ...القصة ..المقاله.. اللوحة ..المعزوفه؟؟؟!! لا ادري من الصعوبة تصنيف هذا النص...لكني اقول وعلى يقين من وعيي قرأت نصا أروع ما كتب في المروج على الاطلاق
مودتي وتحترامي


2 - تحية واحترام
فاهم إيدام ( 2010 / 7 / 22 - 02:13 )
ما تكتبينه ممتع وذكي، سأقرأك دائماً

لم تعد الملابس في الغرب الكافر لتغطية الاجزاء التي من القبح ـ ربما ـ إضهارها
إنها إضافة الجمال على الجمال


3 - ايتها الموناليزا شكلا ومضمونا
سرمد الجراح ( 2010 / 7 / 22 - 07:45 )
من السهل ان يتقبل الانسان الفكره عندما تكون منطلقة بهذه الرشاقة من قلمك. يتقمصنا نحن الشرقيون وحش من الكره والاحقاد نعرف مصدره ونعي ما يمكن ان يحيقه من دمار فينا. الادهى رغم ادراكنا لخطورته فاننا ليس فقط ساكتون ولا نفعل شيئا لتقليم اظافره, بل اننا نشجع ونطري من يغذي ويسمن هذا الوحش فينا وفي اولادنا. مقولة قديمه تفيد بأن الحضارات تحمل معها بذور دمارها وهذه هي بذور الدمار. هذا اذا كنا نسمي مانحن فيه حضاره.


4 - الـمـغـول الـجـدد
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 7 / 23 - 08:43 )
يا سيدة لمى
كلما قرأت لك مقالا أو قصة في الحوار (المتمدن) أتصالح معه فترة. لأنني لما أرى اجتياح المغول الجدد يجتاحون صفحاته..أشك في علمانيته.. تابعي ..تابعي يا سيدتي..لأن كلماتك الصريحة أقوى من تفسيراتهم المغولية السلفية الوهابية.. سميها ما شئت..
ولك مني أصدق تحية مهذبة...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


5 - عودة إلى : لمى محمد
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 7 / 23 - 09:05 )
نسيت.. نسيت أن أقول لك أن كتابتك شاعرية ناعمة رائعة..
وأنك كاتبة كاملة.. وإنسانة كاملة.. آملا ألا تأبهي لرشق الحجارة والشتائم وأن تتابعي الكتابة.. هذا النوع من الكتابة.. من يدري قد يسمعك بعض المغول.. ويفهم.. ويقنع بالعودة إلى الإنسانية والحضارة!...
ولك من جديد أطيب تحية مهذبة...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة...


6 - لك مني تحيه
حسين البلداوي ( 2010 / 7 / 23 - 18:20 )
ياسيدتي لمى اول مره اقرا لك اعجبتني جراتك والمواضيع التي تكتبين عنها نحن بحاجه الى هكذا كتابات متفتحه تخرج مجتمعنا العربي من الضلمات الى النور نعم ضلمات الطائفيه والتعصب والافكارالتي اخرتنا عن العالم سوف اتابع المزيد من كتاباتك ولك السلام

اخر الافلام

.. الكاتب علي الموسى يروي لسؤال مباشر سيطرة الإخوان المسلمين عل


.. بيت الفنان الليبي علي غانا بطرابلس.. مركز ثقافي وفضاء إبداعي




.. العربية ويكند | جيل بايدن تقود الرئيس بايدن إلى خارج المسرح


.. سهرة لبنانية بامتياز في كازينو لبنان مع النجم سعد رمضان والف




.. العربية ويكند | ترمب يغادر المسرح وحيدا بعد مناظرة بايدن..