الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منع النقاب في سورية : ماذا عن الطائفية ؟

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2010 / 7 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


المجتمع السوري من أكثر المجتمعات الشرقية اعتدالاً ووسطيةً وانفتاحاً على الرأي الآخر ، كما أنه الأكثر مدنية وتعايشاً مع الآخر ، ونتيجة لذلك ، فهو الأكثر انسجاماً مع مفرزات الحداثة والعولمة .
هذه المقدمة ليست تبريراً ، لفعل أقدمت عليه سلطات النظام السوري ، قبل بضعة أيام ، كان نتيجته منع ارتداء النقاب في الجامعات والمدارس ، تمهيداً لمنعه في الأماكن العامة ، وليس تهويماً لعقل القارئ ، فثلاثية الاعتدال والوسطية والانفتاح ، حقيقة واقعة ، تشهد عليها مخرجات الحياة الثقافية والاجتماعية التي قدمت نموذجاً فريداً ، دلت عليه مدنية الإنسان السوري القاطن في الريف أو المدينة على حد سواء.
فالواقع ، أن المجتمع السوري ، قبل أو بعد تزييف وعيه السياسي والثقافي ، لازال يدرك ويميز بين طبيعته الإنسانية والاجتماعية التي نشأ عليها ، وبين كل جديد طارئ أو مستورد من خارج منظومة قيمه .
فلم يكن النقاب ( البرقع) جزءاً من حياة المجتمع السوري بأغلبيته الساحقة ، ولا يرقى إلى مستوى الثقافة الشعبية ، لكي يستحق منا نعته بثقافة النقاب ، فهو لا يتعدى صفة الظاهرة ، حتى في أكثر المجتمعات تشدقاً وتقديساً له .
الآراء ووجهات النظر حول منع النقاب أو عدمه في بلدان عُرِفت شعوبها بالانفتاح والمدنية ، كمصر وسورية ، متعددة ومتفاوتة بين مؤيد لمنعه ، بداعي الحفاظ على قيم المجتمع من أي مظاهر مستوردة من خارج بيئته الأصلية ، وآخر معارض بحجة حماية الحرية الشخصية ، لهذا كله ، لن نقف كثيراً عند تلك الآراء التي تؤيد أو تعارض منعه ، نظراً لأنها ليست فقط آراء بعض الإسلاميين المعروفة مسبقاً ، بل هي وجهات متفاوتة التقدير بين العلمانيين أنفسهم .
في هذا السياق ، لا يسعنا سوى التأكيد على اعتبار النقاب ظاهرة دخيلة على ثقافة المجتمع السوري وغيره من المجتمعات ، وأن منعه أو الحد منه ، خطوة أولى تستدعي تحركاً موازياً لمنع كل الظواهر الشاذة ، وعلى رأسها ظاهرة الطائفية السياسية التي تنخر جسد المجتمع السوري ، مثلما يحجب النقاب النور عنه .
فالمنع ، ينبغي أن يكون متوازياً وفي كلا الاتجاهين ، طالما أن خطر النقاب لا يقل عن خطر الطائفية ، فالأول ( النقاب ) ينشر ثقافة التشدد والتطرف والانغلاق ، والثاني ( الطائفية ) تقسّم وتشرذم المجتمع إلى كيانات وهويات تستأثر بكل أسباب القوة والعنف في سبيل السيطرة والهيمنة على غيرها من الكيانات .
فالنقاب والطائفية ، ظاهرتان مستوردتان من خارج العرف الاجتماعي السوري ، خطورتهما تبرز في مجال استخدامهما كسلاحين متضادين ، ينشران ثقافة العنف والكبت في أوساط المجتمع ، ومنع أحدهما ( النقاب ) دون الآخر ( الطائفية ) يعني تعزيز وغلبة أحدهما على الآخر ، وهذا ما تريده السلطة في سورية ، على الأقل حتى الآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التفكير المنكوس
MAHMOUD MADDAH ( 2010 / 7 / 22 - 00:05 )
قال تعالى : (( ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيما ))

لقد أصبحنا في زمن تبرر فيه الفاحشة والرزيلة والعري من باب الحرية الشخصية التي لا تؤذ أحداً !!!، بينما يخلع حجاب المتحجبات في أوروبا ويمنع النقاب وغيرها فلماذا لا يتعبروه أيضا من باب الحرية الشخصية

لقد أصبح تفكير بعض الناس منكوسا كتفكير قوم لوط : (( أخرجوا... آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ))
لقد أصبحت العفة جريمة والفاحشة حرية شخصية فالله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل


2 - العفة سلوك وقيم وليست مظاهر خارجية
أبو أيمن ( 2010 / 7 / 22 - 03:44 )
قال الله عز وجل -وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير- وقال أيضا - ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب وإنما البرمن آمن بالله ... الآية- .. ويستفاذ من قوله تعالى أن السلوك الإيماني الصادق الصرف ، لايتمظهر من خلال المظاهر الخارجية ، وإنما في الإيمان الصادق الذي موطنه القلب . ومن هنا نجد الله في كتابه العزيز يؤكد على الإيمان في العديد من الآيات سواء منها تلك التي كشف فيها المنافقين - وقد تكاثروا في يومنا الراهن - أو غيرها من الآيات . علما أنه - عز وجل - خص في خطابه في القرآن الكريم الذين آمنوا فنجد سورا و آيات تبتدئ بقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا . فالإيمان هو الثابت وهو مسألة موضوعها القلب أما ما تبقى فهو مجرد مظاهر خارجية لا تعكس الإيان الصحيح والصادق ؛ ولذلك نجده تعالى يؤكد في قوله : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما ذون ذلك ... أود القول من خلال هذا أننا نكون قد أسأنا فهم الخطاب الديني الصرف كما ورد في الكتاب بالدرجة الأولى ثم في الأحاديث النبوية فأصبحنا نخلط بينما هو ناتج عن أعراف متوارثة عن أوضاع مجتمعية ناتجة عن ظواهر و وظائف سياسية خاصةمع التوظيف السياسي للدين


3 - اخى ثائر
مازن على ( 2010 / 7 / 23 - 11:13 )
قد اعذرك لم تزر سوريا منذ فتره ولا ترى بام عينك كم هذه الضاهره اى ضاهرة النقاب متفشيه فى المجتمع السورى المتعدد النقاب واللحيه والدشداشه القصيره مؤشرات مخيفه تمهد لحرب اهليه قذره قد لاتبقى ولاتذر انا مع النظام قلبا وقلبا لاريد لوطنى افغانستان لاريد لوطنى جزائر لاريد لوطنى عراق لاريد لوطنى العوده من نقطة الصفر صدقنى فى هذه الخطوه النظام فى وطنى يتساوى مع النظام السويسرى فى منع مضاهر الخراب والرعب

اخر الافلام

.. روسيا تعلن بدء مناورات تشمل أسلحة نووية تكتيكية قرب أوكرانيا


.. إسرائيل ترد على طلب الجنائية الدولية بهجوم على الضفة الغربية




.. السعودية وإسرائيل.. وداعأ للتطبيع في عهد نتنياهو؟ | #التاسعة


.. لماذا جددت كوريا الشمالية تهديداتها للولايات المتحدة؟




.. غريفيث: دبلوماسية قطر جعلتها قوة من أجل الخير في العالم