الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاهرة ... و الخنوع

سيد حسين

2010 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


بدو أن الخضوع قد أصبح فضيلة فى مجتمع كافح وناضل وضحى بدماء الكثيرين من أجل الحرية بعيداً عن سقف الاستعمار وشبح الظلم والاستبداد فلم يكن الشعب المصرى مسالماً تجاه من ينزعون منه حريته والتاريخ وحده يشهد على صمود هذا الشعب العريق بداية من ثورة عرابى حتى "انتفاضة الحرامية" كما أطلق عليها البعض فى حكم السادات. لم تبخل مصر على حريتها بدماء أبنائها... ظلت شامخة تدافع عن كرامتها غير آبهة بالمقابل... ولكن ما يحدث الآن على الساحة المصرية يدعو للتساؤل هل أصبح الشعب المصرى خاضعاً لا يثور حتى وإن كان هناك جور على حقوقه أم أن هناك أسبابا وعوامل قد تسببت فى تغيير نمط الشخصية المصرية المعروفة بشجاعتها وكفاحها أمام الظلم والاستبداد عبر سنين رصدها التاريخ. فى الواقع انقسم المفكرون السياسيون المهتمون بأحوال المجتمع المصرى تجاه هذه المشكلة إلى فريقين الفريق الأول يرى أن المصريين غير قادرين على القيام بالثورة من أجل تغيير واقعهم الأليم وقد برر أصحاب هذا الرأى باستعراضهم لأحداث التاريخ التى تؤكد أن الشعب المصرى ظل محكوماً بحكام أجانب لمدة تزيد عن ألفى عام ولم يقوموا بثورة حقيقية ضد أى حاكم أما الفريق الثانى فيؤكد على أن الشعب المصرى قادر على التحرر والتمرد والقيام بالثورة رغم وجود القهر والاستبداد ودليلهم على ذلك الثورات التى قام بها المصريون وسجلها التاريخ مثل ثورة عرابى وثورة 19 وثورة 1968 التى قام بها الشعب من أجل محاكمة قادة سلاح الطيران فى الجيش المصرى إثر حدوث النكسة، وكانت آخر المظاهرات الشبيهة بالثورة ما قام به الشعب المصرى أثناء حكم السادات إثر ارتفاع أسعارالخبز حيث كانت مظاهرة قوية وصلت لدرجة العنف والتى أطلق عليها البعض "انتفاضة الحرامية. هناك عوامل كثيرة أدت إلى حدوث نوع من السلبية فى سلوك المصريين أبرزها نشأة الحكم الاستبدادى الذى يصنعه الشعب بيديه فعوامل ظهور الاستبداد تتمثل فى حب الحاكم للزعامة والسيطرة وسيكولوچية الخضوع للشعب والتى تأتى عادة نتيجة القهر والقمع واستخدام الأساليب الأمنية وبالتالى ينتشر الشعور بالخوف وبالتالى السلبية التى تعوق المجتمع عن صنع الحضارة ليصبح مجتمعا تقليديا غير مبدع... بعيدا عن الابتكار نتيجة الضغوط التى تمارسها السلطات. وعلى الرغم من الشائعات التى روجها كثير من المفكرين عن تسلط فرعون وحكمه الديكتاتورى فإن دلائل التاريخ تكذب ذلك لأنهم صنعوا أعظم حضارة فى الإنسانية فالعبيد لا يمكن أن يصنعوا حضارة.. فكيف يبدع رجل يشعر بالقهر... وكيف يبتكر رجل ناله الظلم، مما يؤكد على الرفاهية التى عاشها المصريون فى عهد فرعون وقد جاءت مقابر الفراعنة من البسطاء أو العامة لتدلل على تلك الرفاهية. أما عن القدرية فقد أصبحت تمثل عاملاً هاماً من عوامل السلبية التى نالت من المصريين بجميع طوائفهم حيث يعتقد الكثيرون أن الاستسلام لما هو كائن الذى هو قدرهم شىء طبيعى يحث عليه الدين ولكن من الخطأ أن نعتقد فى هذه الأفكار لأن الدين نفسه قد حث المسلمين على المشاركة فى إدارة شئون البلاد حين أشار النبى صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فى حديثه "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" إلى جانب حديث آخر قال فيه "من رأى منكم منكراً فليغيره" فالدين يحث على استئصال الفساد ومشاركة المسلم أولى الأمر فى شئون الأمة ومن الغريب أن تظهر بعض النصوص القرآنية التى تُأول لخدمة أغراض سياسية منها اقناع الشعب بالقدرية وبالمصير المكتوب. وعن تركيب الشخصية المصرية يشير الدكتور جمال عبد المطلب أستاذ الاجتماع أن الشعب المصرى شعب مسالم بحكم طبيعته التى أثرت فيها كثير من العوامل مثل المكان والجغرافيا والحرفة حيث يعد الشعب شعبا زراعيا يميل إلى الاستقرار وعدم التنقل وبالتالى فهو شعب مسالم لا يميل إلي العنف بخلاف المجتمعات الرعوية والصناعية فالشعب المصرى يسعى دائماً إلى الاستقرار بعيداً عن أسلوب المغامرة ولكن على الرغم من ذلك قام المصريون بالعديد من الثورات وحركات التمرد نتيجة شعورهم بالظلم وانتهاك الحريات ولكن جاءت هذه الثورات فى ظل وجود الطبقة الوسطى المثقفة التى دائما ما كانت المحرك الأول لكل الثورات وفى ظل اختفاء هذه الطبقة شيئاً نادراً في الشارع المصرى فالطبقة الفقيرة تعانى من ضيق المعيشة وسبلها وبالتالى انشغال أصحاب الياقات الزرقاء أو العمال بالعمل من أجل توفير نفقات الحياة لهم ولأبنائهم فلا وقت لديهم فى التفكير لا فى ثورة ولا فى تمرد وإنما من الممكن أن يحدث هذا فى حالة حدوث مجاعة أو كارثة تستوقفهم عن كسب قوت يومهم. وعلى النقيض يرى البعض الآخر أن المصريين قد تأثروا بالعديد من الثقافات الدخيلة التى جعلت من عقولهم مرتعاً لفئات ثقافية مجهولة الهوية تدفعهم وتحرك أفكارهم فيما تراه يوافق أهوائها ومصالحها فنجد على سبيل المثال ثورة عارمة ضد وزير الثقافة لمجرد التصريح عن رفضه للحجاب ومظاهرات احتجاجية من أجل إيقاف الحرب على العراق أو لبنان فى حين لم يسجل الشعب المصرى أى موقف احتجاجى بعد حوادث الموت الجماعى المأساوى سواء فى عرض البحر أو على قضبان السكك الحديدية فهل هناك أيادٍ خفية تحرك الشعب وتعبث بأقدار البلاد؟ أما الدكتور فتحى شرقاوى أستاذ علم النفس فيشير إلى أن القهر والقمع لا يمثلان عاملاً من عوامل السلبية وانما يمثلان عاملاً مهماً من عوامل الثورة والتمرد ولكن فى مصر تستخدم الفئات القمعية ضد طائفة معينة دون الأخرى وبالتالى لا تقع سلبيات هذه السياسة على كل طوائف الشعب فتكون هناك فئات كثيرة محايدة وغالباً ما تكون عامة الشعب ترى فقط ما يحدث للمطالبين بالإصلاح أو الساعين إلى التمرد والثورة وبالتالى يصبح عقاب هؤلاء القلة عاملاً مهمة من عوامل الأحجام عن المشاركة فى الحياة السياسية خوفاً من العقاب ولعل الاحصاءات الأخيرة التى رصدتها كثير من أجهزة الدولة فى الانتخابات الأخيرة تشير إلى انخفاض معدل المشاركة السياسية بين عامة الشعب، وكذلك كانت أجهزة الدولة الإعلامية تقوم بمحاولات جادة من أجل تنمية وعن المواطنين لأهمية المشاركة السياسية وفى ظل انهيار الاقتصاد وانتشار البطالة بدأت العديد من التيارات الفكرية فى اقتحام عقول المصريين منها ما يخصهم على المشاركة السياسية الفعالة والثورة ان احتاج الأمر لذلك ومنها ما يجعلهم يقتنعون بفكرة الاحجام عن هذه المشاركة حتى أصبح المجتمع المصرى مشتت الفكر ما بين مؤيد للتمرد ومعارض له وبالتالى أصبح هناك تناقض فكرى داخل طوائف الشعب نفسها هذا إلي جانب الدور المؤثر الذى يقوم به أصحاب النفوذ ومحاولة إبقاء المجتمع المصرى على حالته وخلق حالة من الاستقرار الأمنى من أجل مصالحهم التى تتناقض تماماً مع وجود دولة جديدة تقوم على الديموقراطية والليبرالية حتى أصبحت مصر تعيش حالة من الجمود السياسى أمام استسلام الشعب واقتناعه بالقدرية على الرغم من محاولة فئة محدودة مثل الصحافة والإعلام إثارة الرأى العام من أجل مزيد من الاصلاح السياسى ولكن هذا لن يتم إلاّ بمشاركة جميع طوائف الشعب .. فأين أبناؤك يا مصر....!!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قهرت من القاهرة
محمد البدري ( 2010 / 7 / 22 - 09:51 )
لقد اطلقوا عليها القاهرة كمسمي معكوس يعكس امانيهم وليس ما هو واقع. فالواقع ان المصريين تمت هزيمتهم دائما علي ارض القاهرة التي هي امتداد لمدينة منف القديمة جدا في التاريخ المصري. اسم القاهرة هو امنية وليس واقع، لكنه اسم واقعي غذا ما حاولنا البحث عمن هو المهزوم. لاحظ يا عزيز ان القاهرة هذه ضمت جميع الاديان وعاش شعبها في ظل كل الالهة صلاة وصوما وحجا وتعبدا وتنسكا ومعهم كل الحكام المجرمين الاتين من الخارج او الذين افرزهم الداخل. وظل القهر هو السمة الوحيده السائدة. تحياتي وشكرا لمقالك.

اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا