الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن النقد والفن في مصر .. حوار

يوسف ليمود

2010 / 7 / 22
الادب والفن


هذا نص حوارٍ نشرته مجلة روزاليوسف بمناسبة فوز المحاوَر بالجائزة الثالثة في النقد التشكيلي عن مسابقة كان موضوعها “مسار الفن التشكيلي المصري في سنوات الستينيات والسبعينيات”، وقد طُبعت الدراسات الثلاث الفائزة في كتاب صدر حديثا عن المجلس الأعلى للثقافة يحمل نفس العنوان المذكور.
يوسف ليمود
أجرى الحوار: أحمد سميح
:
ـ كيف كانت بداياتك في مجال النقد التشكيلي؟
لا أعتبر نفسي ناقدا بالمعني الأكاديمي، لكني أكتب من منطلق رؤيتي كفنان ممارس ومتفرغ للفن. نزعة الكتابة موجودة عندي منذ صغري، كما أن اهتمامي بالأدب والشعر جزء لا يتجزأ من تكويني بشكل عام. بدأتُ الكتابة عن الفن منذ سبع سنوات تقريبا بسبب إدراكي أهمية نقل صورة عما يحدث في عالم الفن الغربي من خلال المعارض المتحفية الكبيرة التي تقام في سويسرا حيث أقيم وأعمل، أو ما يصادف أن أراه في أي بلد أوروبي أزوره. وربما ما شجعني أكثر على الكتابة النقدية هو إصطدامي بحقيقة أن معظم من يكتبون عن الفن في عالمنا العربي إما فنانون لا يمتلكون أدوات الكتابة، ناهيك عن الحس الأدبي؛ وإما أدباء لا يفهمون كثيرا في اللغة البصرية. أنشر ما أكتبه غالبا في جريدة النهار اللبنانية، وكذلك في مجلة “جسد” التي تصدر في بيروت، وفيها بدأت مشروعا، سيكون كتابا في المستقبل القريب، يتناول أهم الفنانين العالميين الذين يتناولون الجسد في أعمالهم. في كتاباتي عن هؤلاء الفنانين أتناول بالتحليل أعمالهم جنبا إلى جنب مع حيواتهم لأخرج برؤية شاملة عن الحساسية الفنية المعاصرة التي تتشكل عبر الواقع المعيش وبالتالي تؤثر هي بدورها في ذلك الواقع بالأشكال الفنية التي تبتكرها.

ـ نبذة عن تاريخك الفني
تخرجت في كلية الفنون الجميلة سنة 1987 في قسم التصوير، ثم أقمت معرضين أولهما كان في قاعة عبد المنعم الصاوي بمصر الجديدة والتي لم يعد لها وجود والثاني كان في قاعة زاد الرمال بالزمالك وهي أيضا لم يعد لها وجود عملي منذ منتصف التسعينات، بعدها سافرت إلى سويسرا سنة 1990 في منحة تبادل ثقافي، ومنها إلى ألمانيا حيث درست في أكاديمية الفن في مدينة دوسلدورف، ثم بدأت سلسلة رحلات إلى الهند ونيبال وبلاد جنوب شرق آسيا دامت خمس سنوات تعرفت فيها على ثقافات وفلسفات تلك المنطقة من العالم كالهندوسية والبوذية والتاوية…الخ، في هذه الأثناء وبعدها كنت أعرض أعمالي سويسرا غالبا حيث أقيم إلى اليوم.

ـ ما هو موضوع مشاركتك في المسابقة وكيف كانت رؤيتك لموضوع المسابقة؟
عنونتُ دراستي في تلك المسابقة بـ” الفن التشكيلي المصري في الستينيات والسبعينيات، إلى أين كان وإلى أين وصل؟”. تحمست للكتابة والمشاركة بسبب الزمن الذي يؤطر الموضوع ألا وهو سنوات الستينيات والسبعينيات. زمن خصوبة وأمل وبناء وتكاتف وروح جماعية صاعدة على كافة المستويات الاجتماعية والمؤسسية وليس في الفن فقط، في السنين السبع الأولى من الستينيات؛ ثم اندحار وروح جماعية منكسرة بسبب هزيمة يونيو، ثم نصر ومعاهدة سلام فانفتاح اقتصادي فموجة تدين غمرت المجتمع المصري وتجذّرت في أعماق تربته… تحولات سريعة، حادة متلاحقة تقلب معها المجتمع المصري بنفس السرعة وبنفس الحدة. الفن، بجميع أشكاله، هو مرآة عاكسة للتحولات التي تحدث في الواقع المحيط به والذي منه يخرج. كما أن العشرين سنة المذكورة، على المستوى العالمي، كانت سنوات بدء التنفس الانساني والتحرر والثورة الجنسية والصعود الى القمر والاكتشافات الكبيرة في العلم والتقنية ومفاهيم مابعد الحداثة في الفكر والفن… الخ. عنصر آخر أهم وهو ما يحدث الآن في مصر في المنظر الفني بشكل خاص والثقافي بشكل عام ومقارنة اليوم بالأمس، كل هذا جعلني أقدم على هذه الدراسة التي أردت لها أن تكون قراءة فنان في الانتاج الفني للفترة موضوع البحث، أكثر منها بحثا أكاديميا جافا يجتر بلغة أكاديمية جافة بعض الحقائق المعروفة مستشهدا بمراجع وأرقام صفحات لا تهم أحدا. كانت خطتي هي أن أتعامل مع الموضوع بمعطيات الموضوع وهو الانتاج البصري نفسه، من خلال عين فنان، وطبعا مع ربط قراءتي لأعمال الفنانين الذين أتيت عليهم كرموز لتلك الفترة، بمجريات ما مر به المجتمع وقتها من تغيرات وما حصلت فيه من أحداث.

ـ كيف ترى حال النقد التشكيلي في مصر؟
أخشى أن أقول الجملة نفسها التي تقال اليوم في مجالات فنية عديدة أكثرها الأدب، وهي “لا يوجد نقد”! إذا كان هذا يقال عن الأدب الذي له جمهور أكثر بكثير من جمهور الفن التشكيلي فلا بد أن وضعية النقد الفني في مصر حرجة بالفعل. أنا أعيش في الخارج منذ عشرين سنة، لكني أتابع بشكل أو بآخر ما يحصل في المنظر الفني في مصر، وأشعر بأن هناك فراغا موحشا فيما يخص حركة النقد. ما يؤكد احساسي هو الحالة العبثية التي تحكم الانتاج الفني المصري اليوم، ناهيك عن الجو الثقافي العام الذي يزداد ظلامية وتراجعا يوما بعد آخر، ويؤثر حتما على المنتج الثقافي والفني. رجوعا إلى كلامنا عن البحث موضوع المسابقة، رغم أنه كان هناك، في تلك المرحلة الستينية والسبعينية، نقاد جادون لهم وزنهم، لم أجد لدى معظمهم من العلمية في التحليل ما يشجعني على اعتمادهم مرجعية لبحثي، وقد ضربت مثلا، تبريرا لموقفي، وهو ما كتبه، في عام 1963، ناقد جاد كمختار العطار، حين وصف معرض منير كنعان في تلك السنة، بأن الأعمال الفنية فيه تنتمي إلى الدادية، في حين أن الفنان المذكور لم يكن يقصد من معرضه ذاك سوى تجريب خامات وأدوات جديدة. هذا كان الحال في زمن خصب وجميل مضى، فما بالنا بما يحدث اليوم من تخبط فني في اتجاهات وتوجهات وعولمة وضياع تام لمفهوم الهوية ورجعية ووسائط فنية ليست نابعة من المكان بل هي نتاج حساسية جغرافيا وثقافة آخريين، تم استقطابها كرد فعل عنيف على ما هو محلي سواء أكان مادةً أم مفهوماً أم تراثاً أم ذاكرة وطن… ولو حسبنا أن هناك ما يزال بقية من نقاد جادين، فالواقع يقول بأنهم متجمدون في نقطة في الماضي ومستنكرون للمحاولات المعاصرة للفنانين الشباب الذين استقطبتهم مؤسسات لها صلة بالخارج، فنراهم يتشنجون حين يكتبون عن تلك التجارب ويهاجمون صانعيها بالشتائم والاتهامات وكان الأحرى بهم أن أن يحللوا تلك الظواهر والاتجاهات والأعمال ويقدموا قراءة علمية تقودنا إلى فهم ما يجري وما يُنتج من فن.

ـ كيف ترى حال الحركة التشكيليلة المصرية؟
هناك حراك وتعددية في المنظر الفني المصري اليوم لم يسبق لهما مثيل منذ نشأة الفنون الجميلة في مصر منذ أكثر من قرن، وهذا شيء ايجابي ورائع في حد ذاته. لكن في الوقت نفسه يفتقر هذا المنظر إلى الأصالة، إلا فيما ندر من أصوات هي في الغالب مكتومة أو منسحبة. ما لاحظته في زيارتي الأخيرة الطويلة لمصر هو وجود جبهتين أساسيتين لكل منهما توجه: الفن الرسمي، وهو في وضعية جمود، بل تراجع واجترار لأشكاله المتوارثة التي هي مسخ لنتاج الخمسين سنة الآخيرة، والتي لم يعد لها صلة بالزمن ولا أدنى شعور بروح العصر؛ والنتاج الذي تدعمه المؤسسات الأجنبية وهو متوجه للخارج أكثر مما يخاطب الداخل، وهو منبهر وغارق في وسائط النيوميديا التي يستخدمها بسطحية ومن غير حساب غالبا. الاحساس بالمغالاة هذا نابع، كما ذكرت، من عدم تطور العلاقة بين الفنان وتلك الوسائط بشكل طبيعي حسب قوانين البيئة والثقافة المحيطة وعلاقتها بالجذور، الأمر الذي يعكس حالة الاغتراب المريعة التي يعيشها الفنان المصري اليوم: اغتراب يعيشه الفنان وينتجه في الوقت ذاته. هذا، عودةً إلى ما بدأنا به حوارنا، هو تحديدا ما جعلني أشعر بأهمية كتابتي الدراسة التي قمت بها عن الفن المصري في تلك الحقبة البائدة، ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع


.. هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية




.. إعلام إيراني يناقض الرواية العراقية حيال -قاعدة كالسو- وهجما