الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في زمن الشعير نلجأ الى الحمير

شوقية عروق منصور

2010 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


في زمن الشعير نلجأ الى الحمير
شوقية عروق منصور

الكاتب" توفيق الحكيم"من أوائل الكتاب العرب الذين جعلوا من الحمار قيمة فكرية وأدبية وحولوه الى جسر لنقل الأفكار وايصالها للأنسان وأيضاً وسيلة للهروب من الرقابة ، وعلاقة الكاتب توفيق الحكيم بالحمار علاقة قلمية نابضة بكل المشاعر المشتركة بين الانسان والحيوان ، حتى اصبح الحمار مقروناً بمسيرة الحكيم الأدبية ، وقد تباهى الحكيم بتلك العلاقة التي فضلها على الصديق مطلقاً عنوان ( حماري قال لي) على كتابه الفلسفي الذي صدر عام 1938 .
وحمار الحكيم يملك حرية الكلام والقدرة على النقاش ، في الكتاب اظهر"الحكيم "الجانب الخفي للحمار مثل الذكاء والاحساس وبذلك فند ما كتب عنه على مر التاريخ حيث الحمار صورة للغباء وعدم الاحساس والخضوع التام والاستسلام دون تذمر وثورة .
هناك ادباء آخرون مثل الكاتب التركي "عزيز نسين" الذي الف عدة كتب عن الحمار واشهرها ( اه منا نحن معشر الحمير ) و (الحمار الميت لايخاف الذئب ) وايضاً وضع عزيز نسين الحمار في مرتبة المفكر والقوي وصاحب المقالب الذي يخدع الانسان .
وجاء في التوارة ان شمشمون الجبار قال ( بفك حمار كومه كومتين ، بفك حمار قتلت الف رجل ) أي قتل شمشون الف مقاتل بفك حمار !! وفي رسالة بطرس الثانية ( ان الحمار الابكم نطق بصوت بشري ) أي الحمار قادر على النطق .
هذا الحيوان المتعب الشقي( ابو صابر ) صاحب المعاناة على مر الوجود البشري ، ارتفع شأنه في امريكا عندما اصبح الشعار المميز للحزب الديمقراطي ، وفي مواسم الانتخابات تكون صور الحمار فوق رؤوس المرشحين والجماهير تحملها دون ان تتسلل ابتسامات الاستخفاف والاستغراب .
وفي ادبنا العربي الكثير من صور الحمير من كتاب ( رجوع الشيخ الى صباه ) الى( الف ليلية وليلة ) الى الهجاء المصنوع من المعايرة واشهرها – وابيك خلف اتانه يتقمل – من عجز بيت الشعر الذي هجا فيه الفرزدق جريراً .
هذه الأفكار روادتني عندما قرات عن الحزب الذي اقيم في كردستان العراق ويستقطب العديد من الشباب ، كان هناك انتقاماً من الوضع السياسي الدامي واستهتاراً بوجوه السياسين ،تحت اسم حزب (الحمير ).
وقد (اقيم سابقاً مثل هذا الحزب في فرنسا وموجود الآن في سوريا وفي لبنان )، ولكن الحزب في العراق من يشترط على المنتسب ان يحمل الرتب الحزبية الاولى (حمار) ثم (اتان) ثم (جحش) و(الرفسة ) من أجل الدخول والآنضمام اليه .
قد نضحك ونملىء الدنيا ضجيجاً من هذا العبث الساخر والموغل في الضحك الحزين ، لكن اليس وصولنا الى اقامة حزب" الحمير" نتيجة الياس من الاوضاع السياسية التي سئم منها المواطن العربي الذي يجد نفسه يوماً بعد يوم بين فكي الكماشة –انظمة قمع وفقر وزنازين - وحكومات تتاجر بكل شيء من القضايا الانسانية الى العسكرية الى الاقتصادية . دون ان تتاجر بالكرامة .
ان اللجوء للحيوانات طريقة قديمة لبث الشكاوى والعجز ومازال في هذا العصر من يفضل كلابه وطيوره وباقي حيواناته على مجتمعه وهذا مسالة فيها نظرة فلسفية اجتماعية لم يحلها علماء الاجتماع على مر التاريخ .
غير ان اقامة حزب خال من المعنى البشري واعلان الحمير تيجاناً على رؤوس البشر فهذه قمة الهروب وعلى الانظمة الانتباه وعدم الاختباء في زوايا الكراسي والضحك على هؤلاء ، بل يجب دراسة هذا الحزب لانه عندما يكون الحمار هو الشعار معناه ان هناك من ينافس الزعيم والقائد انه الحمار واذا وصل الامر الى الحمير وليس الاسود والخيول ! فماذا بقي للحاكم في عيون شعبه ؟؟.
تعلمنا في التاريخ ان سد مارب العظيم انهار بسبب فارة صغيرة كانت تقرض في السد ، وقد تنهار انظمة سياسية بفضل (حمار ).
وفي زمن الشعير السياسي ، وحصاد الشعير "المحبط" ماذا تتوقعون غيراللجوء الى الحمير ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انتفاع
حمورابي سعيد ( 2010 / 7 / 23 - 17:48 )
يا ست شوقية.....الحمير اكثر فائدة من الكثير من الناس ,وكما قيل في الامثال......الجاهل لا هو انسان مفيد ولا حيوان ينتفع به .تحياتي

اخر الافلام

.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع اليابانية رفضا لشراء طائرات مسيرة م


.. عادل شديد: مسألة رون أراد تثير حساسية مفرطة لدى المجتمع الإس




.. دول غربية تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف داخل رو


.. ما دلالات رفض نصف ضباط الجيش الإسرائيلي الاستمرار بالخدمة بع




.. أهالي جباليا يحاولون استصلاح ما يمكن من المباني ليسكنوها