الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(الحلقة الثالثة ) يوميات سكين

باسم محمد حبيب

2010 / 7 / 23
الارهاب, الحرب والسلام


كان الذهاب إلى بيت الشيخ مرهقا بعض الشيء فهو يسكن في مدينة أخرى تبعد مسافة لا باس بها عن المدينة التي اقطن فيها و خلال الطريق لم يكن بإمكاني التحدث مع أخي لأنه فور جلوسه في السيارة اخذ يغط في نوم عميق وكأنه لم ينم أبدا ليلة أمس فهل يا ترى كان يفكر في قضية السكين والكوابيس التي تنتابني من جرائها ؟ أم هو لم ينظر للأمر مثلما انظر إليه لأنه لم يشعر أن في الأمر شيء مهم فقد كان في ابعد ما يكون عن المبالاة فيما يجري لي على غير عادته بالطبع ومن حقه أن يشعر أن ما يحصل لي هو ابعد ما يكون عن المعقول وهو اقرب إلى الأوهام منه إلى الحقيقة لكنه لا يعلم أني أعاني من ذلك معاناة كبيرة إلى درجة لم اعد أطيق حتى النوم أو السكون لبرهة .
لفت انتباهي وأنا في تلك الحالة منظر أثار عواطفي وأجج مشاعري وذكرني بما كنت عليه عندما كانت والدتي على قيد الحياة رجل يضع إحدى يديه مسندا لامرأة عجوز عرفت فيما بعد أنها أمه ويده الأخرى لفتاة شابة حسبتها زوجته لكني علمت بعد ذلك أنها أخته فهو منظر ذكرني بأمي وأسرتي التي أحبها حبا جما لكن الكوابيس لم تتركني حتى في غمرة اهتمامي بذلك المنظر ففي لحظة شعرت إنني أقف مع مجموعة من الملثمين عند احد الطرق حيث أوقفنا سيارة يستقلها شاب مع أسرته المكونة من أم وبنتين حيث أنزلنا الشاب وطلبنا من النساء ترك المكان لكن النساء رفضن رفضا قاطعا وأخذت العجوز تتوسل بنا للإبقاء على ولدها ماذا لو كانت أمي هي التي تتوسل ؟ أارتضي لها ذلك ؟ أليست كل أم ستفعل مثلما تفعل هذه المرأة المسكينة التي قررنا أن نثكلها بولدها ؟ تعلقت المرأة بولدها الذي بدا ثابت الجنان حتى لا يفزع أمه فيما البنتين كانتا تبكيان بصوت واطئ وهو أمر ذكرني بأخواتي كأني أراهن في هذا الموقف حاولت أنا الذي لا ادري ما الذي جمعني بهؤلاء التدخل لصالح الشاب لكن دون جدوى فقد أصروا على تنفيذ ما عزموا عليه ولو أمام ناظري الأم وبنتيها ، كلم احدهم العجوز :
- اذهبن بسلام ليس على النساء جناح
- وولدي
- سننفذ به حكم الله
- وما هو حكم الله
- الموت
- اقتلوني معه
- لم يأمرنا الله بذلك
- وهل أمركم بقتل ولدي
- انه مارق ولابد من إنزال العقاب به
- انه لم يقترف أي أثم
- أثمه انه ضال عن السبيل
- وما أدراك انك لست كذلك
صمت الرجل بعد أن سمع هذه العبارة كأنه استرجع ذاته لكن رجلا آخر بدا أكثر عدوانية عندما هدد المرأة وابنتيها بالقتل أن لم يغادروا المكان لكن المرأة ردت
- سأموت مع ولدي
- ألا تخشي على ابنتيك
- سنموت معا
تقدمتا البنتين نحو أمهما كأنهما قبلتا بهذا المصير الذي اختارته لهما الأم التي كانت متشبثة حتى النهاية بولدها فيما بدا الملثمون مصرون على موقفهم كل الإصرار فجأة تكلم الشاب :
- افعلوا بي ما شاتم ولكن اتركوا أمي وأخواتي لا تلمسوهن بسوء
- لك ذلك أيها الشاب هذا عزمنا منذ البداية أقنعهن بالمغادرة
ثم توجه الشاب بالكلام إلى أمه :
- أمي أرجوك خذي أخواتي واذهبي فإذا كان لابد من الموت دعيني أموت وأنا مطمئن عليكن
- لن أتركك سأموت معك
ثم اعتنقت ولدها في منظر مؤثر وأجهشا بالبكاء تأثرت كثيرا بهذا الموقف العاطفي وتمنيت أن يعيد الملثمون النظر بقرارهم بشان الشاب لكن هذا الأمر كان بعيد المنال فقد صمت الملثمون برهة حتى بدا لي للحظة إنهم يفكرون في هذا الأمر وهم في الحقيقة يعدون أنفسهم لقتل الشاب حتى وان اضطروا أن يفعلوا ذلك أمام أنظار النساء وفعلا سحب احدهم الشاب الذي اخذ يقاوم مقاومة شديدة حتى انه طرح مهاجمه أرضا ما دفع الآخرون إلى إعانة زميلهم حاولت الأم وابنتيها التدخل لكن احد الملثمين كان لهن بالمرصاد حتى انه ضرب احد البنتين وأوقع المرأة العجوز أرضا تكاثروا على الشاب والقوه أرضا حيث أطبقوا على يديه ورجليه صرخوا بي :
- ماذا تفعل عندك تعال وانظم لنا
وكان علي أن أنفذ رغبتهم فقد كنت كالأسير بينهم أكاد لا أقوى على مخالفتهم سحبت سكينا كانت في حزامي كانت نفس السكين التي أثارت لي كل هذه الكوابيس قربت النصل من رقبة الشاب وأنا مثل المخدر لا أقوى على المعارضة فيما كانت صرخات المرأة العجوز تدوي في أذني وبكاء ابنتيها يملئ سمعي ويشق قلبي نصفين وبينما كنت على تلك الحال أواجه هذا الموقف الصعب سمعت صوت أخي وهو ينادي علي :
- لقد وصلنا
- هل وصلنا فعلا
- ما بك هل كنت نائم ؟
- يبدوا ذلك
ثم ابتسمت لأخي وقلت :
- كدت اذبح شخصا وأنا في الحلم
- ماذا ؟ .. كدت !
- ولكنك خلصتني من هذا الموقف كما تفعل زوجتي دائما
- يبدوا أن الكوابيس لا تفارقك
ثم غادرنا السيارة ومضينا سيرا إلى بيت الشيخ الذي استقبلنا بترحاب كبير ولم يقبل أن يسمع منا قبل أن نتناول الطعام الذي اعد على شرفنا .


يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا